مثلت الكلمة التي ألقاها الأمين العام لاتحاد الشغل نورالدين الطبوبي في ساحة محمد علي بالعاصمة تصعيدا غير مسبوق من قبل المنظمة الشغيلة ضد الحكومة بل ان ما استخدم من مصطلحات وجمل يذكر بالأزمة التي حصلت في 1978 ولو أن الوضع السياسي مغاير والظروف ليست نفسها. ففي ذلك الوقت كانت الدولة قادرة على فرض كلمتها وسطوتها في نظام حكم فردي رغم أن أمين عام الاتحاد حينها الحبيب عاشور كانت له كاريزما لكن أيضا رأس السلطة التنفيذية والسلط عموما في الحقيقة الحبيب بورقيبة يمتلكها أكثر أي أن الاتحاد كان يتعامل حينها مع الزعيم الأوحد والمسيطر على الدولة. أما الاضراب العام الذي حصل هذا اليوم فهو يأتي في ظروف مختلفة حيث تمر الدولة بمرحلة ضعف نتيجة فترة الانتقال الديمقراطي التي تمر بها والأمر قد يكون طبيعيا لكن رغم هذا فان ما يحصل من خلافات حادة بين الاتحاد والحكومة ليس بجديد ولا يمكن أن نحمل الأوضاع مسؤوليته بل رصد الفشل الحكومي في جميع الأصعدة تقريبا وخاصة الاقتصادية والاجتماعية وأهم ما يرصد هو تدمير المقدرة الشرائية للمواطن ونسفها . فما يحصل اليوم له أسباب كثيرة لكن اهمها الاختلال الكبير بين الأسعار والمدخول لأهم شريحة في المجتمع وهي الطبقة المتوسطة فما بالك بالفقراء. من هنا فان التصعيد الخطير الذي ظهر به الاتحاد وتجلى في كلمة أمينه العام يفهم في هذا السياق أي أن الاتحاد يقول كونه المدافع الوحيد حاليا عن المواطن وحماية مقدرته الشرائية . لكن في خضم هذا استخدمت مصطلحات شديدة جدا من قبيل " التسخير ابلوه ويشربو ماه " و " حكومة العمالة والخضوع للخارج وصندوق النقد الدولي " وأيضا اتهامها بالتحايل أثناء المفاوضات . وأيضا قوله "سنقلم أظافركم قبل أن تقلموا أظافرنا". ورغم أن الحكومة لم ترد على خطاب الاتحاد الى الآن فان القادم سيكون تصعيد أكبر مما حصل وما الاضراب العام الا جولة أولى وهو ما عبر عنه الاتحاد بإعلانه عن اجتماع لمركزيته لاتخاذ خطوات تصعيدية أخرى. محمد عبد المؤمن