ابراهيم بودربالة يحضرعرض بوشناق في مهرجان سوسة الدولي    غوغل تتحدى آبل وسامسونغ بواحد من أفضل الهواتف الذكية!    الف مبروك .. الطالبتان وجدان العباسي ومريم مباركي تتألّقان    عاجل/ رئيس الجمهورية يؤدي زيارة غير معلنة الى هذه الجهة..    تاريخ الخيانات السياسية (43) القرامطة يغزون دمشق    المهدية: حجز 552 كغ من المواد الغذائية غير صالحة للاستهلاك    عاجل/ الهيئة الإدارية الوطنية لاتّحاد الشغل تقرّر تنظيم تجمع عُمّالي ومسيرة..    رئيس الجمهورية يستقبل الامين العام لاتحاد المحامين العرب و رئيس اتحاد المحامين العرب    تنصيب مدير وكالة التحكم في الطاقة    فاضل الجزيري في ذِمَّة اللَّه...المسرحي الذي غيّر مسار الفرجة في تونس    الأمين النهدي يودّع الفاضل الجزيري: لن أنسى فضله ما حييت    في سياق التنافس الإقليمي والدولي...تطوير موانئنا ... الورقة الرابحة    وأخيرا.. كريستيانو يعرض الزواج رسميا على جورجينا    إحذروا.. هكذا يتحوّل المكيّف إلى خطر يهدّد صحتكم    وزيرة المرأة: المرأة التونسية الأولى عربيا وافريقيا في مجال البحث العلمي    فرصة لذوي الإعاقة البصرية: فتح باب الترشح لشعبة العلاج الطبيعي بتونس    ملف انستالينغو: إحالة يحي الكحيلي على أنظار الدائرة الجنائية    ترامب يكشف عن أهدافه من لقاء بوتين.. #خبر_عاجل    وزارة التربية ترصد 239 مليون دينار لتهيئة وإحداث مؤسسات تربوية    قروض موسمية بقيمة 4.5 ملايين دينار لفائدة الفلاحين بهذه الولاية    الليلة: الحرارة تتراوح بين 24 و35 درجة    القصرين : الدورة الثالثة لمهرجان "التفاحة الذهبية" بفوسانة تجمع بين الفلاحة والثقافة والترفيه والتنمية    توننداكس ينهي أولى جلساته الأسبوعية على تراجع طفيف    الصناعات التقليدية: رافد للتنمية وعامل جذب سياحي    عاجل -إسبانيا : إجلاء أكثر من ألف شخص واتهامات بإشعال متعمّد    عاجل/ إنهاء مهام هذه المسؤولة..    موجة حر 2021.. تونس سجلت قياسات غير مسبوقة.. تعرف على التفاصيل!    النادي الإفريقي: بسام الصرارفي يلتحق بالمجموعة    في مثل هذا اليوم: سجّلت تونس الرقم القياسي المطلق للحرارة    عاجل/ حادث مرور قاتل ببنزرت وهذه التفاصيل..    نقابة الصحفيين تدين اغتيال الطاقم الإعلامي لقناة الجزيرة في غزة    عاجل/ محذّرا من حرب لا نهاية لها: ماكرون يدعو لتشكيل تحالف دولي لاستقرار غزّة    سامي الطاهري: ما نستبعدوش حتى خيار الإضراب    تحذير هام من "مياه الشاحنات".. #خبر_عاجل    الألعاب العالمية "شينغدو 2025": المنتخب الوطني لكرة اليد الشاطئية ينهزم أمام نظيره الكرواتي    اليوم: انطلاق دورة إعادة التوجيه الجامعي..    عاجل/ وزارة الصحة تحسم الجدل وتوضح بخصوص ما تم تداوله حول فيروس " Chikungunya "    الموز أو التمر.. أيهما أفضل للقلب والهضم وضبط سكر الدم؟    5 غلطات في شرب ''التاي'' تخليك تضر صحتك بلا ما تحس!    تونس تشارك في بطولة إفريقيا لرفع الأثقال للأواسط والأصاغر في غانا بتسعة رباعين    أفرو باسكيت "أنغولا 2025": برنامج مباريات المنتخب الوطني التونسي    ماهر السرولي يخلف نفسه على رأس الجامعة التونسية للرياضات الالكترونية    المخرج التونسي الفاضل الجزيري في ذمة الله    برشلونة يفوز على كومو بخماسية ويحرز كأس خوان غامبر    تجربة سريرية تثبت فعالية دواء جديد في مكافحة سرطان الرئة    ارتفاع مقلق في وفيات حوادث المرور: 9.13% زيادة منذ بداية العام    فوربس الشرق الأوسط تكشف عن قائمة أبرز 100 شخصية في قطاع السفر والسياحة لعام 2025    خزندار: الإطاحة بمنحرف خطير محل 6 مناشير تفتيش    عاجل/ دولة جديدة تقرر الاعتراف بدولة فلسطين خلال هذا الموعد..    نجوى كرم تحطم الأرقام في قرطاج وتكتب فصلاً ذهبياً جديداً مع الجمهور التونسي    عاجل: وفاة صاحب''الحضرة'' الفاضل الجزيري بعد صراع مع المرض    الرابطة المحترفة الاولى (الجولة الافتتاحية-الدفعة الثانية والاخيرة): النتائج و الترتيب    نابل: انطلاق فعاليات الدورة 63 من مهرجان العنب بقرمبالية    قتله جيش الإحتلال.. الصحفي أنس الشريف يترك وصية مؤثرة عن حياته وعائلته وغزة    تاريخ الخيانات السياسية (42) .. ظهور القرامطة    يحدث في منظومة الربيع الصهيو أمريكي (2 / 2)    القمر يضيء سماء السعودية والوطن العربي ببدر مكتمل في هذا اليوم    كيفاش الذكاء الاصطناعي يدخل في عالم الفتوى؟ مفتى مصري يفسر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تعلموا "الدمقرطة" من سيف القذافي
نشر في الصريح يوم 08 - 03 - 2011

تتوالى المهازل التي تغرق العالم في أتون من الفوضى بشكل يضحك ويبكي، مهازل من أوروبا التي توحي إلينا أخبارها بأنها تتعامل في أتعس الظروف الإنسانية التي تمزق المشاعر وتنهش في لحم الإنسان وتدمّر أعلى القيم، فتتصرف مع مأساة الليبيين تصرف الانتهازيين، تتغاضى عن الدم المستباح وتفتح عينها جيدا على النفط، وترتب الحسابات السياسية على أولوية النفط، ولم تغير قائمات القتلى المدنيين معادلة "النفط قبل الدم".
هذه إحدى المهازل التي تُضحك وتُبكي، أما المهزلة التوأم، فهي أن تشترك إحدى قلاع العلم في بريطانيا في أن تجعل من سيف الإسلام القذافي الزعيم الذي يحمي "الدمقرطة" ويفرّخها بأن منحته، تحت غطاء رشوة مالية، أعلى مراتب العلم في مجال "دور المجتمع في الدمقرطة". ولأن عيون المراصد لا تغفل وتتفتّح أكثر بمناسبة الأحداث، فإن الكشف عن فضيحة جامعة لندن "سكول أوف إيكونومكس" جعلت فرائص المجتمع العالمي الإنساني ترتعد وقد بات سيف الإسلام القذافي حامل دكتوراه هذه الجامعة رائدا للدمقرطة لاسيما أنه يروّضها اليوم وينشرها في المجتمع الليبي بجحافل دباباته ومدافعه وحتى طائراته المقاتلة تجسيما لحمام الدم الذي وعد به أبوه شعبه، "شعب الجرذان والكلاب الضالة"، طبعا حسب رأيه السيئ.
كان الأحرى بالجامعة اللندنية صاحبة الصيت العلمي الواسع في دنيا العلوم السياسية لتكون أكثر نزاهة أن تدبلج الشهادة التي منحته إياها بعبارة مثل: "دكتوراه الأفكار السيئة" أو "دكتورا الأفكار القمعية المبيتة" أو "دكتوراه في فنون الرشوة"، وإلا أن تمنحه شهادة "رئيس ورشة جامعية لتفريخ القمع". هكذا ترضي التطلعات الحقيقية للرجل وأبيه، وإلا فلن يرتاح لهما ولأمثالهما ضمير. عندما يتحول العلم إلى قمع، وعندما تنزل أعلى الشهادات الجامعية إلى السوق لتباع وتُشترى يتوارى ضمير العلماء، ويحمرّ العلم خجلا، وتمتلئ الدنيا بالعناكب والحشرات التي تمتلك سطوة المال والتي لا تشم إلا رائحة النفط وتزهق روح الإنسانية.
وما دام الأمر على هذا الوجه الكالح من تصرف الغرب الأوروبي /الأمريكي يقلّ اللوم على القذافي الأب عندما يدعي أنه يقاوم "القاعدة" وهي أحد أوهام الغرب، بينما هو الصانع الماهر للإرهاب في جميع الأشكال والصور والطرائق التي ظل الشعب الليبي الشقيق يعاني منها الأمرّين على امتداد عقود وراء عقود. ولم يكن الشعب الليبي وحده هو الذي يتكبّد وزر ذلك الإرهاب بمختلف أشكاله وصيغه الذكية و"العبيطة"، بل الشعوب المجاورة أيضا. ألم يصنع لنا معمّر القذافي فتنة قفصة وكانت في برنامجه ستفرّخ ثورة للإطاحة بالدولة التونسية؟ ألم يصنع لنا "إذاعة قفصة" لمعاضدة تلك الفتنة التي خطط لها، ولكن يقظة التونسيين أفشلت الفتنة المسلحة في أربع وعشرين ساعة ولقّنته درسا في اليقظة السياسية، وظلت "إذاعته" تنبح ثم تعوي ككلب مسعور حتى نفق؟ ألم يكن هذا هو عين الإرهاب الذي يتشدق القذافي الآن بأنه يقاومه ويساوم أوروبا عليه لتغطي إرهابه الحقيقي، إرهابه الذي بات الآن "حمّام دم" ضد شعبه؟ ولكن أوروبا فضلت لحد الآن أن تقدم النفط على الدم! لطالما كان الإرهاب توأما لأجمل فكرة يأتيها القذافي، وعندما تتحول عنده الفكرة الجميلة إلى خطة يكون المخطط قد تضمّن موقعا للإرهاب، وحدد سماته وضبط أدواته. وكان أكبر دليل على ذلك بالنسبة إلينا نحن التونسيين خطة الوحدة بين تونس وليبيا، تلك التي تمت بلورتها في معاهدة مشهورة جرى التوقيع عليها في جزيرة جربة في 12 جانفي 1974 . أبرز أدوات الإرهاب في هذه الخطة أن جاء القذافي باقتراح يبدو "بريئا" إذ يركّز تبادلا في المناصب بين الشخصيات التونسية من أجل مزيد من التوازن في حكومة الوحدة، فأسندت وزارة الداخلية إلى الخويلدي الحميدي من ليبيا وإدارة الأمن العسكري إلى زين العابدين بن علي.
وسرعان ما تفطنت المستويات العليا التونسية إلى ما وراء رغبة القذافي في توظيف تونسي على رأس الأمن العسكري الذي يعتبر الهاجس الأول للقذافي وتوظيف وزير ليبي على رأس الأمن الداخلي. ولم تمض عشر ساعات على توقيع معاهدة الوحدة حتى جعلها الطرف التونسي تذهب إلى الأجندات الإغريقية حيث تغيب إلى الأبد. هكذا تم إفشال خطة الإرهاب الأكبر ضد تونس التي تبيّنت لها الصداقة الحميمية بين القذافي وبن علي، فسارعت لدرء المفسدة. وفي كتابي "العسل المر" كنت أثرت الحديث عن هذه المؤامرة في سهرة جمعتني في جدة بالمرحوم الحبيب الشطي الذي كان حين توقيع معاهدة جربة مديرا لديوان الرئيس بورقيبة، وعندما التقيته فيما بعد بجدة كان هو الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي.
وقد أكد لي إجابة على سؤالي أن سبب تراجع الرئيس بورقيبة عن معاهدة الوحدة هو تفطنه لوجود مؤامرة عليه وعلى تونس وعلى كل مشروع وحدة عربية يقترحه القذافي. وهذا كلام صحيح فأين ذهبت مثلا الوحدة الثلاثية بين ليبيا ومصر والسودان، ومن كان وراء إفشالها؟.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.