ملف أحداث المجمع الكيميائي بقابس: أحكام سجنية وتتبعات لمواطنين    جلسات استماع بخصوص تنقيح المرسوم 54    صفاقس: تكرّر الاعتداءات على المعاهد والأساتذة يحتجّون    سيدي بوزيد .. افتتاح موسم جني الزيتون والصابة قياسية    دعوة الى إيجاد أسواق جديدة    الدوري الاوروبي.. نتائج مباريات الجولة الثالثة    بنزرت الجنوبية .. وفاة شاب تعرّض لحادث شغل    أولا وأخيرا: «مبروك هالحصان»    ترشيح فيلم «قنطرة» لجوائز الأكاديمية الإفريقية للأفلام    فلسفة الإسلام في الإصلاح بين الناس    خطبة الجمعة ..حذار من موت الفَجأة    اسألوني .. يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    سيف الإسلام القذافي ينشر تعليقا ناريا بخصوص سجن ساركوزي    النادي الصفاقسي يفوز وديا على نادي اولمبي الزاوية الليبي 2-0    يوسف البلايلي يتبرّع ب20 ألف دينار لفائدة هذا النادي التونسي    عاجل/ السوق التونسية تشهد نقصا في اللحوم الحمراء يناهز 65%    قابس: تظاهرات عديدة تؤثث احتفالات المدرسة الوطنية للمهندسين بقابس بالذكرى الخمسين لانبعاثها    الليلة: أمطار متفرقة ورعدية بهذه المناطق..    عاجل/ العثور على إمرأة وطفل مشنوقين في مستودع.. والنيابة تحقّق    بالارقام: إنخفاض في حجم الدين الخارجي لتونس.. #خبر_عاجل    بوتين يحذّر: أي استهداف للأراضي الروسية بصواريخ "توماهوك" سيواجه برد "مدوٍ وقوي"    الأستاذ محمد بن عباس: الجامعة التونسية باتت اليوم مؤهلة لتكون شريكا متكافئا في مشاريع البحث والتكوين مع نظيراتها الفرنسية والدولية    عاجل/ نتنياهو يجمّد مشاريع قوانين "فرض السيادة" على الضفة الغربية    عاجل/ ترامب: مروان البرغوثي في قيادة غزة ما بعد الحرب    بعد 10 سنوات: إنطلاق أشغال مستشفى غار الدماء.. #خبر_عاجل    لاعبة الترجي الرياضي تحقق رقما قياسيا في المسابح الفرنسية    بنزرت الجنوبية: وفاة شاب تعرض لحادث شغل    مشاركة أكثر من 1000 متسابق ماراطون "القلوب الشجاعة"    بطارية تدوم لخمس سنوات وأداء ثابت: ابتكار OPPO الجديد يغيّر المعادلة، قريبًا في تونس    أريانة: إبرام اتفاقية تعاون بين مندوبية الفلاحة والمعهد العالي للبيوتكنولوجيا بسيدي ثابت في مجال الفلاحة البيولوجية    الاتحاد الإفريقي يحدد موعد قرعة دور المجموعات لدوري الأبطال وكأس الكونفدرالية    بشرى لطلبة الهندسة الاتصالية: شهادة دكتوراه تونسية – يابانية لأول مرة...هذه التفاصيل    شنيا صاير: فيضانات وانقطاع كهرباء واسع في فرنسا؟ ...وهذا هو السبب    خطوة بخطوة: كيفاش تجدد؟ ''CARTE SEJOUR'' في تونس    زحل المهيب: أمسية فلكية لا تفوت بتونس    عاجل: القضاء يبرّئ شيرين عبد الوهاب نهائيًا من هذه القضية    أول رد من حماس على قرار محكمة العدل الدولية ضد الكيان الصهيوني..#خبر_عاجل    عاجل/ الموت يفجع حركة النهضة..    عاجل/ اصابة تلاميذ في حادث حافلة نقل مدرسي بهذه الجهة..    العثور على جثة متحللة داخل منزل منذ عام بالقيروان    التونسيتان بيسان وبيلسان كوكة تتوجان ببطولة مسابقة تحدي القراءة العربي في موسمها التاسع    معلمون وأساتذة نواب يعلنون تنفيذ وقفة احتجاجية أمام رئاسة الحكومة للمطالبة بإدراج أسمائهم ضمن الدفعة الثانية للانتداب    تونس تصنف ضمن افضل 25 وجهة سياحية في العالم ينصح باكتشافها سنة 2026    جامعة كرة القدم: الكشف عن مواعيد انتخابات الرابطات    بمناسبة العطلة المدرسية: رحلات ترفيهية على ذمة التونسيين    نابل تحتضن يوم 25 أكتوبر اليوم الوطني البارلمبي: "مناسبة متجددة لنشر ثقافة ممارسة الرياضة لدى ذوي الاعاقة وفرصة لاستكشاف المواهب"    ضغط الدم المرتفع؟ إليك الأعشاب الطبيعية التي قد تساعد على خفضه بأمان    الدورة الخامسة للمعرض الوطني للصناعات التقليدية بولاية بنزرت من 24 أكتوبر الى 02 نوفمبر 2025    المسرح الوطني التونسي وبيت الحكمة ينظمان بتوزر ندوة فكرية حول "أسئلة الهوية والغيرية وتمثلات الذاتية في المسرح التونسي"    الصحة العالمية: إجلاء طبي ل 41 مريضا بحالة حرجة من غزة    نابل : التوصّل إلى حل نهائي لإشكالية فوترة القوارص وتسهيل نشاط صغار التجار ( فيديو )    رابطة أبطال أوروبا: ريال مدريد يواصل التألق وليفربول وبايرن ميونيخ وتشيلسي يحققون انتصارات عريضة    بذور اليقطين أم الشيا.. أيهما أغنى بالألياف والمغنيسيوم والبروتين؟..    وزارة الصحة: إطلاق مشروع التكفّل بحالات التوقف القلبي خارج المستشفى    المنستير ولمطة في عدسة التلفزيون الإيطالي: ترويج جديد للسياحة التونسية    العلم يفكك لغز تأثير القمر على النوم والسلوك    ما معنى بيت جرير الذي استعمله قيس سعيّد؟    عاجل: نحو حفر 10 آبار نفط جديدة في البُرمة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رائف بن حميدة يكتب لكم : هل الإنتخابات ضارّة أم نافعة ؟!
نشر في الصريح يوم 28 - 01 - 2019

الإنتخابات ليست المدخل الوحيد لتشكيل السلطة،فتوجد تصورات ومداخل بديلة،لا سيما حين يتبين ضرها بوضوح. فلو نعتمد المنهج العلمي التجريبي،ومنه أساسا التجربة والملاحظة التي بها نعرف مدى صحة الفروض لكان الإستنتاج : الديمقراطيةُ خرابٌ ودمارٌٌ!
الآن أكثر من سبع سنوات مرت على أول انتخابات ديمقراطية ( طبعا هذه الكلمة نعني بها فقط هيئة الإنتخابات، أما الخروقات من كذب ورشوة ووعود واهية وقصف اعلامي..فهذه نجاسة لا يطهّرها حتى "نهر الغانج"...) أقول والبلاد تزداد كل يوم غرقًا والشعب يزداد سخطًا وانحدارا نحو الهمجية والبدائية حتى كره وطنه وصار يهدد بمغادرته برا وبحرا رافعا اعلام دول أخرى!!...أما النخب السياسية وكذلك "الفكرية" فهي وحدها الضاحكة المستبشرة "بالإنتقال الديمقراطي" رغم أنها هي بدورها تتشاتم وتتلاكم في كل المنابر وحتى بالبرلمان( بل وتهدد احينا حتى بالإلتجاء الى القضاء الأجنبي حين لا يتم انصافها في بعض القضايا..).ولقداستمعنا أخيرا الى الفضيحة التي كشفها وزير التربية عن اساليب سلفه الدعائية الهابطة عبر الفايسبوك التي كان يعتمدها لتلميع صورته او تقبيح المتحامل عليه..وكذلك مزاعم مقاومة الفساد بينما هو في تزايد مضطرد وكذلك العفو الخاص الصادر أخيرا عن رئاسة الجمهورية لصالح احد القياديين بحزب النداء(ب.ب) الذي لم يقض سوى شهرين من حكم سجني بات بسنتين جزاء انتفاعه بجملة رواتب زمن بن علي بلغت 300ألف دينار( 500 بحساب الدينار الحالي!) دون ان يباشر العمل الفعلي بإعتباره كان مكلّفًا ب"عمل آخر" ( ولقد استنكرت هيئة القضاة هذا العفو المنحاز واعتبرته مخالفا حتى للقانون، اما منظمة- أنا يقظ- فقد رفعت دعوى ضد رئيس الجمهورية نفسه!!)...كل هذا ونخبتنا السياسية و"الفكرية" مازالت تهلل للإنتقال الديمقراطي.."العجوزْ هازها الوادْ وتقولْ العامْ عامْ صابه"..!..وطبعا هذا العناد نابع من مصالح متداخلة فردية وفئوية وايديولوجية..إنه الإستبداد الديمقراطي!
وللتذكير،نحن هنا لا نتحامل على الديمقراطية بمعناها الإنساني الإصيل التي نعتبرها فطرة (أنظر نهاية مقالي:الصريح، نقد ومقترح)وإنما نتحامل على الإستنساخ والتقليد الأعمى بمزاعم مواكبة روح العصر واللحاق بالأمم المتقدمة [قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا ،الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا ].. ..
وفي الحقيقة خطورة الديمقراطية واضحة جلية تُدرك حتى بالتجريد العقلي دون الإلتجاء الى تجربة او تقديم شواهد، ولقد سبق لي قبل انتخابات11 إن تكهنت تقريبا بكل ما نعيشه اليوم من صراعات( انظر مقالي: الصريح- ماأشبه الليلة بالبارحة)...إن جميع عقلاء وحكماء العالم الجادين كلهم ضد الديمقراطية التي تهدم ولا تبني، فمثلا كوريا ،بما فيها حتى الشق الجنوبي، لم تكن نهضتها نتيجة للديمقراطية وإنما بالدكتاتورية العسكرية اصلا، هذا ناهيك عن الصين وروسيا ووو... .وفي اقطارنا العربية جل الزعماء البناة رفضوا الديمقراطية بإعتبارها مصدرا ل" التّشُوشْ" كما كان الحبيب بورقيبة يقول.وكذلك جمال عبد الناصر الذي يعتبر الديمقراطية الحقة في العدل الإجتماعي(- في الحاجة تكمن الحرية- وهي المقولة التي تبناها الشهيد القذافي.. ) ونذكر ايضا طلعت حرب باعث الإقتصاد المصري ومحرره من التبعية ( كان معارضا حتى لقاسم امين في - تحرير المرأة- بكتاب - تربية المرأة- وفي هذا أيده أيضا باعث الوطنية المصرية الزعيم مصطفى كامل...) وفي رأيي جل هؤلاء الذين ذكرناهم ومعهم محمد كرد علي وشكيب ارسلان اوالطاهر الجزائري اوالثعالبي او مالك بن نبي وو..هم تلامذة لمنهج الأمام المصلح المناضل محمد عبده بكلمته الشهيرة - الشرق لا ينهض به إلا مستبدٌ عادلٌ- !..
أما على محك التجربة فيكفي مثال العشرية الدامية بالجزائر التي كانت لعبة الإنتخابات شرارتها!..وحتى ليبيا المشتعلة الآن بلا توقف رغم كل المبعوثين الدوليين والوساطات والإتفاقات، كانت الشرارة فيها انتخابات 14 حين رفض المسلحون الهزيمة الإنتخابية ..( بل وحتى مصر التي بدأ خرابها حين استحوذ الحنش الإخواني على البلاد عن طريق لعبة الصندوق..)..
إن أكبر مغالطة يتعلل بها النخب والسياسيون عندنا ،وقد تنطلي على الكثيرين،هي "ضرورة الإحتكام الى كلمة الشعب"!..لكنهم يتجاهلون أن ثلاثة ارباع الشعب لا ينتخبون، والعدد في تناقص مستمر!..
وإذا كانت الإنتخابات سببا في الخراب ،وهي حقيقة ذهنية وتجريبة كما ذكرنا، فالحقيقة الأخرى التي يتغاضى عنها هؤلاء الحزبيون( ومعهم "المفكرون"أدعياء الحداثة التغريبة ) هي أن الذي إنقذ بلادَنا من الإحتراب ،خلاف غيرنا من الأشقاء، إنما هو الوفاق! ( وإنْ بشكل جزئي منقوص..).وهذا يعني بوضوح لا يجادل فيه إلا عنيد : الديمقراطية تُغرِق والوفاق ينقذ،الديمقراطية تشعل والوفاق يطفئ !..فما الوفاق!؟
طبعا للوفاق تعريفات عدة والذي يعنيني هنا أكثر هو أنه من صميم روحنا الشرقية التي تضع مصلحة الجماعة فوق مصلحة الفرد( على نقيض الفكر الغربي الذي يُعلي من شأن الفرد بدواعي"الحرية") ففي الجاهلية العربية نذكر حادثة النزاع القبلي الشهيرة حول نقل الحجر الأسود التي إنتهى التحكيم فيها الى سيدنا محمد، فبسط الحجرَ على ردائه وأمرهم بأن يحملوه مجتمعين كل من طرف!..حدث هذا قبيل بعثته الشريفة ببضعة سنوات صلى الله عليه وسلم !...أما في الإسلام فيكفي الحديث الشريف - يد الله مع الجماعة- والآية [واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا..] والآية [ ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم..]..
الوفاق الذي تم اعتماده في تونس إنما هو إقرار ضمني بإستحالة ترك مصير بلاد لصندوقٍ أعمى، وهكذا يلجؤون بعد كل انتخابات إلى الوفاق مقرين علنا بأن "البلاد لا تُحكم إلا به" والمفارقة هنا لمذا لا يدخلون الوفاق من بابه الواسع ويستغنون عن الإنتخابات!؟..لكن بدلا من هذا نراهم يكرّرون التجربة الإنتخابية ثم بعدها يلجؤون إليه لكن حينها يكون الوفاق قد أُفرغ كثيرا من محتواه حيث يبرز شيطان المحاصصات،فلاحوار بين راكب حمار وراكب زرافة ( لا سيما إذا كان صاحب الحمار قامته الطبيعية تفوق بكثير قامة صاحب الزرافة....إنه ال métamorphoseالذي لا يُطاق!)
منذ اكثر من سنة ونحن نستمع ونشاهد تجاذبات هؤلاء الحزبيين وقد سَرَتْ حمى الإنتخابات في عروقهم ..ومنذ اسابيع بدأت الحمى تتزايد وصاروا يمنّون انصارهم بالحكم و يتوعدون غرمائهم بإزاحتهم من المشهد ( وربما ارجاعهم الى السجون.. ولمَ لا إقامة جمهورية ثالثة...).. ولكن لنفترض حصول واحد منهم( أو واحدة منهم) على"70 مقعدا" كما يحلمون (وهو عدد يتيسّر حتى بنصف مليون صوت بإعتبار العزوف الإنتخابي الكبير) فهل بشعبية نصف مليون يمكن إنقاذ "بقرة متردية في جب عميق"؟؟؟ كيف ستفعل مع كارثة البطالة ومطالب الشغل المتزايدة مع نمو اقتصادي صفري ؟؟؟...مع انهيار القدرة الشرائية؟؟ مع الإضرابات؟؟ مع المديونية؟؟؟ مع التهريب والتهرّب؟؟؟مع الإنفلات الأمني والإجرام المتزايد؟؟؟...وخاصة مع المعارضة؟؟؟...ربما الحلم هو عودة القمع والسجون والجواسيس والعيون!؟؟..هيهات!!!...
إنه على كل مواطن جاد وعاقل ان يدرك استحالة تكرار، على الأٌقل في المستقبل المنظور، التجربتين الواعدتين اللتين عرفتهما البلاد: ففي 11 حصلت النهضة على مليون ونصف ناخب الذي مكنها من نصف البرلمان تقريبا.وفي 14 كاد حزب النداء ان يقاربها .ورغم هذه الأرقام المعتبرة فشل كلاهما فشلا ذريعا!... فيتضح إذن أن هؤلاء الحزبيين الذين يعلّلون الشعب بالآمال والقدرة السحرية على الإصلاح إنما غايتهم التموقع عبر إستغفال المغفلين ليس إلا!( قال الطاهر الحداد رحمه الله: المؤمن هوالذي ينفق من ذاته في سبيل إيمانه ، والكافر هوالذي يؤمن بذاتيته فيأخذ لها من إيمان الآخرين بخداعهم!!...)
الخلاصة والخاتمة : بإستثناء الحل العسكري وهو مستبعد ، ليس لهذه البلاد من حل غير إثنين :إما بوفاق وطني مطلق بين جميع التيارات السياسية، بمعنى اجتناب الانتخابات البرلمانية (والإبقاء فقط على الرئاسية بإعتبار ضآلة صلاحياتها) فيتم تقسيم البرلمان بالتساوي بين جملة التيارات الوطنية الستة: اليسار والقوميون والديمقراطيون والدستوريون و"الإسلاميون" واللبراليون ( انظر مقالي الطويل : الصريح، ما أشبه الليلة بالبارحة ..أو في شكله المختصر: تورس،هل يمكن أن نجعل من الأفعى علاجا للسرطان؟ )...وأما إذا رفضت الأحزاب هذا الوفاق، وأصرّت على الشراهة والمغالبة الإنتخابية، فإنه من واجب كل مواطن مخلص أن يقاطع جميع هذه الأحزاب ويطالب ب-هيئة وطنية- ( انظر خاتمة مقالي : الصريح، حول خطاب رئيس الجمهورية الأخير)..إن هذه الدعوة موجهة أساسا الى كل وطني محايد ونزيه لا غاية له سوى المصلحة العامة. أما الحزبيون المتطفلون كلهم على ثورة الشعب، فكلٌ يمني نفسه على حساب الوطن والشعب.....من تحزّب خان


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.