سمعنا اليوم ومنذ ايام بل منذ شهور من يقولون ان حركة النهضة تطبخ الطبخة وتعد العدة ليترشخ شيخها وزعيمها الغنوشي في ذلك السباق المحموم لنيل منصب وكرسي الرئاسة ولئن كان ذلك طبعا من حقه كمناضل ذي تاريخ سياسي معروف لا يقبل الشك ولا الجدال وباتعبار ان من سينافسونه على هذه المنصب ليس فيهم جميعا تقريبا من له رتبته ومبلغه واسمه ورصيده وتاريخه في الكفاح وفي النضال وخاصة اولائك الذين ظهروا وبرزوا بعد ثورة الربيع والياسمين كما يبرز وكما يظهر فجاة الفقاع وكما ينبت وينمو سريعا البقدونس والكرفس والنعناع والذين سمعناهم ومازلنا نسمعهم يدعون ويقسمون ان لهم في عالم السياسة اكثر من باع واكثر من ذراع بينما يعلم الجميع انهم لم يكونوا سيلتفتون الى عالم السياسة المخيف المريع لو لم تهب على تونس فجاة نسمات الربيع التي ادخلت تونس وغيرها من البلدان العربية في صراع سياسي حاد محموم محير مريع..اعود بعد هذا التقديم لاقول ان من حق زعيم حركة النهضة التاريخي راشد الغنوشي ان يقدم اوراق اعتماده المطلوبة في الترشح للانتخابات الرئاسية فضلا عن التشريعية ولكن هل سينسى الغنوشي وهو الرجل المعروف بالحنكة وحسن قراءة الدروس السياسية وعمق التفكير قبل اتخاذ اي قرار في المسائل المصيرية اقول وهل سينسى الغنوشي نهاية محمد مرسي الذي رحل عن هذه الدنيا وترك جميع ما فيها منذ ايام بعد ان عزل بطريقة غريبة عجيبة عن منصب رئاسته الشرعية والتي رفعته اليها ومنحته اياها ذات يوم ديمقراطي تاريخي مشهود اصوات عدد كبير من الجماهير المصرية؟ الم ير الغنوشي وهو ذو العيون النافذة والبصيرة الثاقبة وذو الحسابات المضبوطة المحبوكة الكبيرة ان محمد مرسي قد جاء الى منصب الرئاسة بالنصر وبالتاييد وبالتكريم وبالعز ولكنه غادر قصر ومنصب الرئاسة بطريقة عجيبة ملخصها وعنوانها الخروج بالعزل وبالطرد وبالدز؟ وانني لست اظن ان الغنوشي او غيره من العقلاء يجهلون واو يغفلون عن السبب الاول والحقيقي الذي عزل واطرد وسجن واهين من اجله محمد مرسي ولكني اريد فقط ان اقول ان انتماء محمد مرسي السياسي وولاءه لجماعة الاخوان كان له ما كان في تحديد مصير محمد مرسي النهائي رغم وصوله الى منصب الرئاسة وجلوسه على كرسيها ومسكه للعصا الحكم وللصولجان ولا اظن ان انتماء الغنوشي المعلوم وماضيه المعروف لدى التونسيين والعالم اجمعين رغم محاولته ومحاولة حركته التملص منه في كل ظهور وفي كل بيان اقول لا اظن ان تاريخه هذا او ماضيه السياسي والفكري سيكونان الى جانبه وسيخدمانه او سيساعدانه في الفوز بسباق الوصول الى كرسي الرئاسة وحتى ولو فرضنا جدلا انه تمكن من الوصول اليه كما وصل من قبله محمد مرسي فلا اظن انه سيفرح وسيتمتع كثيرا او طويلا بقصر قرطاج بل اظن بل عتقد جازما ان رياح الشهيلي التونسي المعروفة بقسوتها وبلفحتها الشديدتين ستعصف به وبمن حوله من مريديه من كل جانب ومن كل مكان وقد يخرج منه مهزوما مغلوبا بعد ان كان من قل ذلك الحال في ثوب المنتصر وفي ثوب الغالب وفي ثوب ونخوة الفارس المغوار لكل هذه الاسباب ولكل هذه الاعتبارات اظن بل اعتقد ان الغنوشي لن يجازف ولن يغامر بالترشح الى منصب الرئاسة ولا اظن ايضا ان مريديه واصدقائه وقدماء رفاقه في النضال سيشجعونه على ان يقدم على تلك الخطوة التي تعتبر منطقيا قفزة ومغامرة غير مامونة الجانب وغير مامونة العواقب اما ان وقع عكس ما ارى وعكس ما اقول فان ذلك يدخل طبعا في حكم وفي بوتقة مشيئة القدر الذي لا يستطيع الانسان مهما فعل ان يهرب منه اوان ينجو اوان يفر... اني اقول للغنوشي وليتاكد اني له ناصح امين ليتك تتذكر تلك القولة العربية الحكيمة وانت استاذ وشيخ حنكته التجارب وطول السنين التي قالها قبلنا بقرون ذلك الحكيم العربي العاقل الرشيد(انج سعد فقد هلك سعيد) اما عن الفقهاء وهم طليعة العلماء في عالم الشريعة وفي مجال الدين والذين اشك ان الغنوشي لا يريد ان يستفيد منهم في شؤون الدنيا وفي شؤون الدين فقد نصحوا وحذروا ونبهوا وقالوا منذ سنين مذكرين كل ذكي وكل لبيب وكل عاقل وكل نبيه(العاقل من اتعظ بغيره والغافل من اتعظ الناس به)