هذه كلمة او عبارة يقولها القدماء من عوام التونسيين بسرعة وعلى عجل لما تنزل باحدهم مصيبة مرض او موت او شيء لا يطاق من هذا القبيل ولا يحتمل في الرد على الشامتين الذين فرحوا وابتهجوا لما نزل بساحة ذلك المبتلى وذلك المسكين... ولقد طافت بعقلي ولهج لساني تلك الكلمة الموجزة الدقيقة المعبرة لما سمعت ولما علمت بما قاله الذين فرحوا وابتهجوا ورقصوا وزغردوا و شمتوا في الرئيس المنتخب المعزول محمد مرسي اثر علمهم بوفاته يوم محاكمته التي امتدت ست سنوات بعد عزله في ظروف ما زالت لدى العقلاء محل تساؤلات ومحل تعليقات ومحل مناقشات ومحل اختلافات... ولئن كانت الشماتة والسخرية والاستهزاء والتشفي بصفة عامة من الأموات علامة ودلالة ثابتة من علامات ومن دلالات ضعف العقل وقسوة القلب وسوء التفكير وغيرها من رديء الصفات الا انني اريد ان اقول لهؤلاء الشامتين وارد عليهم اضافة الى تلك العبارة التي يرددها عامة التونسيين في الرد على الغوغاء من ذوي النظر القصير والتفكير الضعيف الحقير ليتكم تاملتم وليتكم تدبرتم في تلك النهاية التي انتهى عليها كتاب حياة الرئيس المنتخب المعزول محمد مرسي وليتكم تساءلتم فقلتم هل نهايته كنات سيئة حقا كما تزعمون ام كانت حسنة وانتم جاهلون ولا تعلمون؟ وهل تتصورون او تعتقدون او تظنون انه لو تواصل سجنه سنوات اخرى وخرج بعد ذلك وعاد بطريقة او باخرى الى منصب الرئاسة وربما عزل بعد ذلك مرة اخرى فانه سيعرف نهاية افضل من تلك النهاية؟ ام سيموت كاغلب الرؤساء المعزولين او المغادرين نسيا منسيا في فراشه وتنتهي قصته وحكايته بصفة عادية كاي قصة او كاي حكاية تنتهي وتختم يوميا؟ الم تروا ايها الفرحون المبتهجون الشامتون الغافلون السطحيون ان موت محمد مرسي بتلك الشاكلة وبتلك الطريقة في ساحة المحكمة وفي تلك الظروف القاسية العصيبة قد جعلت اغلب العقلاء حتى من غير جماعته ومن غير انصاره يتعاطفون معه ويدعون له ويعتبرون ميتته بتلك الصفة سابقة لا ترضي اصدقاء الحق والعدالة فضلا على ان ترضي رب الأرض ورب السماء الذي قال قديما ومنذ الأزل (واذا حكمتم بين الناس ان تحكموا بالعدل) ؟ فهل من العدل وهل من الأنصاف وهل من الانسانية ان يبخل وان يقصروان يتخاذل الحكام وذوو السلطان في مداواة وفي مواساة رجل عندهم محبوس و مسجون مهما كانت عداوتهم له ومهما تكون ؟ وليس الحفاظ على صحته ومراعاة ظروف سلامته باليد من ابسط مبادئ الديمقراطية حتى يتبين وجه الحق ويظهر ويرتفع بين كل وجوه الكذب والخيانة والظلم والباطل والعدوان؟ الم نعلم الم نسمع ان المناضل الفلسطيني محمد البرغوثي مازال قابعا وقائما في السجون الاسرائلية منذ سنوات ولكن لم نعلم انه قد ناله شيء من الاهمال ومن التشفي مثل الذي نال هذا الرئيس المسلم المسجون في سجن بلد من البلدان الاسلامية يعتبر نفسه عريقا كما يقول في مجال الحضارات والعلم والثقافة الانسانية ؟ الم تروا تلك الصلوات وتلك الدعوات وتلك الابتهالات وتلك التضرعات التي ارتفعت في جميع انحاء العالم تقريبا وخاصة في الارض الفلسطينية المظلومة المنكوبة داعية لهذا الرجل بادعية مؤثرة صادقة قد تفتح لها بلا شك ابواب السماء وقد تشق عباب السحاب كما علمنا وابلغنا ذلك رسول الاسلام عليه الصلاة والسلام عندما قال للناس في اصدق وابلغ كلام منذ سنوات ما زال يحفظه الو النهى واولو الألباب (ان دعوة المظلومين ليس بينها وبين الله حجاب)؟ وعلى كل حال فقد تاكد الناس ان محمد مرسي الرئيس الشرعي المعزول قد انتقل الى جوار خالقه وربه واستراح من اتعاب وماسي هذا السجن ومن كل اتعاب وخزعبلات واكاذيب وسفاسف واطماع هذه الحياة ولا شك انه كان بامكانه ان يتنازل عن حقه في الرئاسة ويستسلم ويستكين ويؤثر النجاة و السلامة لكنه اختار واثر ان يمتثل لقول ربه وهو من الحافظين والعاملين بكتاب ربه الكريم(يا ايها الذين امنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون)ولقد سمعنا المنصفين يذكرون ان محمد مرسي كان من المرابطين الصابرين فلماذا لا يكون عند الله من المفلحين ومن الفائزين؟ ولا شك انه قد مر يوما وهو المعروف بثقافته العربية الاسلامية بقول المتنبي رحمه الله الذي امن وتعمق وتكلم عن ارفع واجمل وانفع مبادئ هذه الحياة عندما قال وهو يشجع الصابرين الثابتين الصامدين الشجعان(واذا لم يكن من الموت بد فمن العجز ان تموت جبانا )ولا شك ايضا ان محمد مرسي عند ربه اليوم في احسن وارفع مقام مادام اغلب المسلمين فضلا عن غيرهم من الناس اجمعين قد شهدوا له بالخير وبالصلاح غير قلة قليلة تكلمت فيه بشبه العواء والنباح بالسوء دون حياء او ادب اوحتشام وقد نالت من الرد العنيف المقرع ما جعلها تسارع باخفاء اصواتها واخفاء رؤوسها تحت الرمال كما يفعل النعام اذا خاف النزال اوخشي الصدام...ولم يبق لي في الختام الا ان ادعو للشامتين الحاقدين كما علمنا دين الاسلام بالغفران وبحسن الخاتمة التي من الله بها على هذا الرجل والتي لم يكن يتصورها اكبر المنجمين ولا اذكى المتوقعين ولا حتى ابرع او اخبث السياسيين في اليقظة ولا في المنام هذا الرجل الصابر الصامد الشجاع الذي قضى اخر سنواته حزينا مريضا منهوكا الى الأخمصين والى النخاع ولكنه كان ثابتا محتسبا وهو مكبل في القيود وقابع محبوس من وراء القضبان كما لا شك عندي ان موته هذا سيبقى لاعوام واعوام مخيفا مرعبا لاعدائه ومن والاهم وناصرهم من الأحياء الذين شهد اغلب عقلاء العالم بل كلهم انهم كانوا من الظالمين ومن المعتدين ومن المغتصبين لاسس وقوانين الديمقراطية التي ترفض بكل دين وبكل شريعة وبكل لسان ان يعزل رئيس منتخب بصفة قانونية شرعيه من منصبه ومن كرسيه ومن سلطانه بتلك الطريقة وبتلك الكيفية التي سيحاسب عليها مدبروها ومنفذوها يوما مهما طال الزمان اولم يترحم الناس على ذلك القائل الحكيم الذي اذعن الكل وشهدوا لحكمته وقوله( وهل يعجبك في الزمان غير طوله)؟