بقيادة بوجلبان.. المصري البورسعيدي يتعادل مع الزمالك    قضية منتحل صفة مسؤول حكومي.. الاحتفاظ بمسؤول بمندوبية الفلاحة بالقصرين    مخاطر الاستخدام الخاطئ لسماعات الرأس والأذن    صفاقس تُكرّم إبنها الاعلامي المُتميّز إلياس الجراية    سوريا... وجهاء الطائفة الدرزية في السويداء يصدرون بيانا يرفضون فيه التقسيم أو الانفصال أو الانسلاخ    مدنين: انطلاق نشاط شركتين أهليتين في قطاع النسيج    في انتظار تقرير مصير بيتوني... الساحلي مديرا رياضيا ومستشارا فنيّا في الافريقي    عاجل/ "براكاج" لحافلة نقل مدرسي بهذه الولاية…ما القصة..؟    الاحتفاظ بمنتحل صفة مدير ديوان رئيس الحكومة في محاضر جديدة من أجل التحيل    الطبوبي في اليوم العالمي للشغالين : المفاوضات الاجتماعية حقّ ولا بدّ من الحوار    ملف الأسبوع.. تَجَنُّبوا الأسماءِ المَكروهةِ معانِيها .. اتّقوا الله في ذرّياتكم    خطبة الجمعة .. العمل عبادة في الإسلام    انهزم امام نيجيريا 0 1 : بداية متعثّرة لمنتخب الأواسط في ال«كان»    نبض الصحافة العربية والدولية... الطائفة الدرزية .. حصان طروادة الإسرائيلي لاحتلال سوريا    الوضع الثقافي بالحوض المنجمي يستحق الدعم السخي    أولا وأخيرا: أم القضايا    المسرحيون يودعون انور الشعافي    إدارة ترامب تبحث ترحيل مهاجرين إلى ليبيا ورواندا    المهدية: سجن شاب سكب البنزين على والدته وهدّد بحرقها    الجلسة العامة للبنك الوطني الفلاحي: القروض الفلاحية تمثل 2ر7 بالمائة من القروض الممنوحة للحرفاء    الكورتيزول: ماذا تعرف عن هرمون التوتر؟    انتخاب رئيس المجلس الوطني لهيئة الصيادلة رئيسا للاتحاد الافريقي للصيادلة    لماذا يصاب الشباب وغير المدخنين بسرطان الرئة؟    وزير الإقتصاد وكاتب الدولة البافاري للإقتصاد يستعرضان فرص تعزيز التعاون الثنائي    مصدر قضائي يكشف تفاصيل الإطاحة بمرتكب جريمة قتل الشاب عمر بمدينة أكودة    عاجل/ تفاصيل جديدة ومعطيات صادمة في قضية منتحل صفة مدير برئاسة الحكومة..هكذا تحيل على ضحاياه..    الطب الشرعي يكشف جريمة مروعة في مصر    تونس العاصمة وقفة لعدد من أنصار مسار 25 جويلية رفضا لأي تدخل أجنبي في تونس    ارتفاع طفيف في رقم معاملات الخطوط التونسية خلال الثلاثي الأول من 2025    بالأرقام/ ودائع حرفاء بنك تونس والامارات تسجل ارتفاعا ب33 بالمائة سنة 2024..(تقرير)    إقبال جماهيري كبير على معرض تونس الدولي للكتاب تزامنا مع عيد الشغل    وزير الصحة: لا يوجد نقص في الأدوية... بل هناك اضطراب في التوزيع    عاجل/ مجزرة جديدة للكيان الصهيوني في غزة..وهذه حصيلة الشهداء..    الطبوبي: انطلاق المفاوضات الاجتماعية في القطاع الخاص يوم 7 ماي    نحو توقيع اتفاقية شراكة بين تونس والصين في مجال الترجمة    يوم دراسي حول 'الموسيقى الاندلسية ... ذاكرة ثقافية وابداع' بمنتزه بئر بلحسن بأريانة    البطولة العربية لالعاب القوى للاكابر والكبريات : التونسية اسلام الكثيري تحرز برونزية مسابقة رمي الرمح    بطولة افريقيا للمصارعة بالمغرب: النخبة التونسية تختتم مسابقات صنفي الاصاغر والصغريات بحصيلة 15 ميدالية منها 3 ذهبيات    توقيع عدد من الإصدارات الشعرية الجديدة ضمن فعاليات معرض تونس الدولي للكتاب    عاجل/ المُقاومة اليمنية تستهدف مواقع إسرائيلية وحاملة طائرات أمريكية..    تونس العاصمة مسيرة للمطالبة بإطلاق سراح أحمد صواب    صادم: أسعار الأضاحي تلتهب..رئيس الغرفة الوطنية للقصابين يفجرها ويكشف..    التوقعات الجوية لهذا اليوم..طقس حار..    قيس سعيد: ''عدد من باعثي الشركات الأهلية يتمّ تعطيلهم عمدا''    محمد علي كمون ل"الشروق" : الجمهور على مع العرض الحدث في أواخر شهر جوان    توجيه تهمة 'إساءة استخدام السلطة' لرئيس كوريا الجنوبية السابق    منذ سنة 1950: شهر مارس 2025 يصنف ثاني شهر الأشد حرارة    كأس أمم إفريقيا لكرة القدم داخل القاعة للسيدات: المنتخب المغربي يحرز لقب النسخة الاولى بفوزه على نظيره التنزاني 3-2    وفاة أكبر معمرة في العالم عن عمر يناهز 116 عاما    منظمة الأغذية والزراعة تدعو دول شمال غرب إفريقيا إلى تعزيز المراقبة على الجراد الصحراوي    معز زغدان: أضاحي العيد متوفرة والأسعار ستكون مقبولة    زراعة الحبوب صابة قياسية منتظرة والفلاحون ينتظرون مزيدا من التشجيعات    مباراة برشلونة ضد الإنتر فى دورى أبطال أوروبا : التوقيت و القناة الناقلة    في تونس: بلاطو العظم ب 4 دينارات...شنوّا الحكاية؟    اتحاد الفلاحة: أضاحي العيد متوفرة ولن يتم اللجوء إلى التوريد    رابطة ابطال اوروبا : باريس سان جيرمان يتغلب على أرسنال بهدف دون رد في ذهاب نصف النهائي    سؤال إلى أصدقائي في هذا الفضاء : هل تعتقدون أني أحرث في البحر؟مصطفى عطيّة    أذكار المساء وفضائلها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المنجي الكعبي يكتب لكم : متابعات نقدية لتفسير السلامي 1
نشر في الصريح يوم 11 - 11 - 2019

كنا نقدنا تفسير الشيخ محمد المختار السلامي، المفتي السابق للجمهورية التونسية والخبير الشرعي في المالية الإسلامية، المسمى «نهج البيان في تفسير القرآن»، بعد شهر من صدوره، في مقال مطول بالصحافة، ثم نشرنا المقال فيما في كتاب بعنوان «تقويم (نهج البيان) تفسير الشيخ السلامي»، وجمعنا اليه ردوده علينا وردودنا عليه وأتبعنا ذلك كله بمراجعات وعدْنا القراء بالوقوف فيها على تلك المواضع من تفسيره التي ادعى فيها أنه خالف عامة المفسرين في رأي لهم أو رجح رأياً له على آرائهم في فهم آيات بعينها، حتى قال هو نفسه في مقدمة الكتاب:«سيجد الناظر في هذا التفسير أنني فسرت بعض الآيات على وجه ما رأيت أحداً سبقني اليه».
وقلنا في مقالنا إن كتابه من حيث الإخراج الفني لا يرقى الى أدنى ما ينشر من كتب في تونس، فضلاً عن مقارنته بالتفسير الذي نشرناه قبله بسنتين للشيخ المرحوم الصادق بلخير السياري على تواضع إمكانياتنا، وقلنا كذلك وهو الأهم إنه مليء بالأخطاء المطبعية وغير المطبعية، وأن الآيات في عدد كبير منها لم تسلم مع الأسف من التحريف، سواء في رسم المصحف أو في كتابتها في سائر التفسير، وهو ما دعانا الى اقتراح سحب الكتاب من التداول تأدباً مع القرآن وحرمة للتفسير، بنية تصحيحه في طبعة لاحقة، وأشرنا الىبيتالحكمةعندناالتيلهاقسم للعلوم الاسلامية، لعلها تساعد عليه.
ولكننا لم نستغرب بعد حملته الهوجاء علينا في ردوده على تصحيحاتنا التي أوحينا له بها في مقالنا أن يصم أذنيه عن كل دعوة حق، ويمتنع عن تأثيم الناس بقراءة عمله في تلك الطبعة السيئة الإخراج والكثيرة الأخطاء. ثم لم يجد بداً حين أجبره مقالنا للتكلم والرد من الكشف عن تصويبات له كان قام بها في مرضه كما قال لرفع الملامة عنه، وألحقها بالكتاب لعناية القارئ. ولكن لماذا تأخرتْ هذه التصويبات عن توزيع الكتاب في الأول؟
وبالتحقق من الأمر تبين لنا أنها أولاً تصويبات بالمئات في أوراق طيارة غير معنونة باسم التفسير، وهذا غريب وفي ظرف غير معنون كذلك. وأكثر من ذلك أنها لا تُعطى إلا لمن يطلبها فقط بمكتبات البيع، أي من بلَغهُ العلم بها من خلال رده علينا! وهذا أشبه بفنون الغش في التعامل مع القارئ. وتبين لنا ثانياً أنها بنسبة تسعين بالمائة منها أخطاء مطبعية لا أهمية لها، من نوع موقع الفاصلة وتصحيف حرف، وتشكيل كلمة غير مشكلة أصلاً. ولكننا تفاجأنا بخلو تلك التصويبات من كل خطإ أشرنا اليه في مقالنا من الأخطاء الكثيرة التي ألمحنا الى قليل منها دون استقصاء، مما يدل على إخفائه لتلك التصويبات قبل ذلك لعدم إلقاء ظل على عمله، وربما على تقدير استدراكها في طبعة لاحقة بعد توقعه نفاد طبعة الكتاب بسرعة غير مسبوقة، رغم كمية السحب الكبيرة منه التي بلغت ستة آلاف نسخة، وهو رقم قياسي بنسبة السدس مقارنة بطبعتنا من تفسير الشيخ السياري، مع فارق الثمن الزهيد بينهما رغم قرابتهما نسبياً في الحجم. فقد حدد سعره للأجزاء الستة بأربعين ديناراً! أي بالثمن المعهود للجزء الواحد في سوق الكتاب تقريباً.
ولا شك أن هذا النفاد الذي عرفه تفسيره يرجع الى سعة دائرة علاقاته وأعماله في عالم المصارف الإسلامية وغيرها. وهو ما عوّل عليه وقدّره في مقدمة كتابه عندما قال طَلب إليّ كثيرٌ من المهندسين والأطباء والصيادلة والحقوقيين أن أؤلف لهم تفسيراً يلبي رغبتهم بعد أن لم أجد من أدلهم على تفسير له يفي بحاجتهم!
ومضى الآن الى رحمة الله، ولكن ليس قبل أن يصدر طبعة ثانية من الكتاب يحقق بها عزمه ويكتحل بها نظره. وكان أملنا منذ عِلمنا بانكبابه عليها أن نجده قد أحسن فيها لنفسه وللقرآن الكريم، فوفى حقوقهما عليه ووفى حقوق غيره عليه، فأصلح جُهدَه ما نبّهنا اليه في مقالنا وفي كتابنا من أخطاء واستدراكات. ولكنه لم يفعل وخيب الظن، أو أعجزه المرض وتقدم السن عن الوفاء بحقوقه بيد من أَوكل له مراجعة كتابه وإعداده لهذه الطبعة الجديدة. وإن كان لم يصرح في مقدمة هذه الطبعة بما سوى ما جاء في طالعها بأنها طبعة ثانية.
وهي التي لم يمكن الرجوع اليها قبل الآن للتعرف على كيفيته في التعامل مع تصحيحاتنا ومراجعاتنا العلمية لجوانب في طبعته الأولى، لا نعتقد أنه أهمل التنويه بها في مقدمته لهذه الطبعة الجديدة دأْبَ العلماء والمحققين الذين يَعْلُون على حساسية النقد وآثاره المدمرة لأعمالهم إذا غضوا منه أو تجاهلوه.
***
وطبعاً قدّرنا أن تكون هذه الطبعة قد استوعبت تصويباته تلك التي أشرنا اليها قبل قليل، فلم يَعْنِنا أن نتحقق من استيعابها وغيرَها بالكامل في عمله، فقط أردنا أن نقف على مجموع الآيات التي أشرنا اليها في مقالنا وفي كتابنا للخطإ الواقع فيها. كما لم يسعنا الوقت لاستقصاء ملاحظاتنا العلمية الكثيرة التي أبديناها في سائر كتابنا المنشور إنْ كان أخذ بها أو أهملها، إلا في موضع أو اثنين تحققنا من كونه لم يعد اليهما لتوضيح ما أوضحه، أو على الأصح ما اضطر الى توضيحه في ردوده علينا بشأنهما.
ولم يُشغلنا كون هذه الطبعة الثانية جاءت من حيث التسفير أفضل من الأولى وأفخم، ولكنها في الشكل لم تختلف عن الأولى كتابة وإخراجاً إلا بالأخذ ببعض ملاحظاتنا المتعلقة فيها بما يُدوّن عادة بأعلى صفحات الكتاب من العنوان الفرعي ومن الترقيم للصفحة بالرقم فقط كالمعتاد لا بشكل «صفحة عدد 80»- مثلاً - كما درج على ذلك سابقاً في كامل الكتاب.
ويجد القارئ بعد قليل بيانات بمواضع الاستفادة من عملنا لإصلاح ما لفتْنا نظره اليه في تفسيره، نضعه تحت نظر القارئ للمقارنة إن كانت بيده نسخة من الطبعة الثانية منه، أو يعالج بها نسخته من الطبعة الأولى على الأقل. وأكبر أسفنا أننا، على ما رأيناه من استقصاء للاستفادة من نقدنا لكتابه لم نوجّه الجهدَ لإجالة نظرنا في أجزاء تفسيره الستة جميعها، وإنما الأخطاءُ التي سجلناها عليه اقتصرتْ فقط على المائتي صفحة (مجموعها) تقريباً التي نظرنا في تفسير آياتها حسبما قال هو على نحو خالف فيه جميع المفسرين، أو أتى برأي أرجح من آرائهم. ليعلَم القارئ أننا لو أجلْنا النظر في غير تلك المئتين من الصفحات في تفسيره لوقعنا على أخطاء أكثر مما أوردنا في كتابنا بناء على ما تقدم.
لأن إخفاء كل أثر لنقدنا لتفسيره ليس غفلة أو سهواً من وكيل أو ناشر، وأعظم منه أن يكون عن قصد وتعمّد من المؤلف إسوة بما قاله قبل وفاته في أحد ردوده على نقدنا إياه، وهو:«كنت مشفقاً عليه من الحلقة الأولى الى الحلقة الثالثة وهو يلهث لنقد نهج البيان في تفسير القرآن. وذكّرني بما قام به أحد الموثقين «العدول»(والظفرين له) إثر نشر الشيخ سيدي محمد الطاهر ابن عاشور للمقدمات العشر من تفسيره فكتب رسالة سماها البشر في نقض المقدمات العشر:
كناطح صخرة يوماً ليُوهِنها ** فلم يضرها وأوهى قرنه الوعل
مرت قافلة التحرير والتنوير ومقدماته العشر وبلغت أقصى آفاق العالم، تمثل خلاصة المعارف الإسلامية في التفسير واللغة، مضافاَ اليها العلم العميق، والتحقيقات المهمة، والتدقيق المتميز، المفتوح به على الشيخ ابن عاشور رحمه الله. ولم يضرها الأصوات النشاز التي ولدت للموت» (نظركتابنا«تقويمنهجالبيان…»ص13).
فهو مجبول على إنكار كل نقد لتفسيره تيمناً بالشيخ ابن عاشور الذي أهمل كما رآه كل إشارة الى نقْض «مقدماته» ممن تعثَّر لسان الشيخ السلامي عن تسميته بالواضح، وإنما هو الشيخ عثمان بن منصور، وكتابه عنوانه بدقة «البِشْر في نقد المقدمات العشر». ونشرناه بالمناسبة تنويهاً بجهد هذا الشيخ الجليل في نقد أستاذه العلامة ابن عاشور، والذي ألمح الى صفته الشيخ السلامي بالعدول بين ظفرين تهويناً منه. نشرناه في وقت واحد هو وكتابنا «تقويم نهج البيان»، وسميناه «مقدمات الشيخ الطاهر ابن عاشور بنقد الشيخ عثمان بن منصور».
ولم يُصدِّق الشيخ السلامي في آخر ردوده على مقالاتي في نقده أنْ أوفق في الوفاء بوعدي بالعودة الى تفسيره لإطلاع القارئ على جوانب أخرى من تفْييل رأيه فيما اعتبرَه مخالفاته التفسيرية للسابقين أو تفّرده بالرأي الصحيح والأرجح دونهم، حتى قال يُعَرّض بي:«وما جاء في آخر تعليقه أن له عودة وستأتيك الأيام بما لم تزود. أقول له متمثلاً:
زعم الفرزدق أن سيقتل مربعاً ** أبشر بطول سلامة يا مربع
وليكن واثقاً أنني سوف لن أرد عليه في المستقبل ولا أشغل نفسي بتفاهاته التي يدركها القارئ الفطن. والتي تعلن عن شحنة البغض والكراهية التي لفتُّ إليها نظره في فاتحة ردي الأول، كاشفاً عن خبايا نفسه المريضة التي تتميز حقداً وإيذاء. ولا أستثني إلا ما التزمت به في الإجابة الثانية عن سؤاله أين كنت؟ فليواصل ثرثرته لاهثاً».
ولا نقول اليوم إلا أننا كنا نتمنى أن ينسئ الله في أجله ليَعلم أننا أوفينا بما وعدنا ونشرنا مراجعاتنا على تفسيره في أكثر من ثلاثمائة صفحة إشهاداً على تقديرنا للعلم وللتفسير للقرآن الكريم خاصة. ولا ندري بأية عين رأى ذلك وكان لم يزل على قيد الحياة حين نشرنا الى جانبه كذلك كتابنا عن مقدمات الشيخ ابن عاشور بنقد الشيخ بن منصور الذي غض منه وتجشمنا ذلك إنصافاً للرجل وإحياء لذكره.
***
وختمنا اليوم عنايتَنا بطبعته الثانية من هذا التفسير، لتفقد ما أَخذ منا وما لم يأخذ مما هاجمنا من أجله، وحسبنا أن يقف القارئ على حقيقة حركة العلم في بلادنا في ظل ظروف تكاد تكون معدومة في حفظ الحقوق لأصحابها، إذ لو كانت الرقابة العلمية أو القضاء التحكيمي في النزاعات الفكرية أو السرقات الأدبية ونحوها، قائماً كلاهما بدوره قيام السلطات الرقابية والمحاسبية بمختلف المؤسسات في الدولة، لما اشتكينا في هذا القطاع وغيره من الفساد والمفسودية، رعاية للتقدم ورقي العلم.
وسنقتصر هنا على نقل ما دوّناه في كتابنا «تقويم (نهج البيان) تفسير الشيخ السلامي» من تصحيح للآيات الخاطئة في عمله، وإيراد الصفحات المعنية في الطبعتين للمقابلة، والوقوف على التغيير بينهما موضوع الاستفادة من نقدنا دون أدنى إشارة إلينا أو ذكر في كل موضع عرض اليه، وكأن هذه الطبعة مطابقة تماماً لسابقتها دون تغيير. والسكوت عن ذلك فيه مخالفة واضحة لكل الأصول التي تقتضي من صاحبها بيان ما أدخل على الطبعة الثانية في المقدمة أو وصفها في بيانات الطبعة الثانية بكونها طبعة مصححة.
وجاء ذلك في موضعين، الأول في ص 81-91، كالآتي:
« ... أخطاء في الآيات
1- في أول استشهاد له بالقرآن في مقدمته لهذا التفسير (ج1 ص4-5) أخطأ في الآية 29 من سورة ص ﴿كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ﴾، فإنه لما أعاد العبارتين من الآية ﴿لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ) و﴿وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ﴾ رسمهما كالآتي (ويدبروا آياته) و (وليذكر أولو الألباب)، وهو خطأ يُستغفر عليه فما بالك في تفسير. وليس في القرآن (ويدبروا آياته) بواو عطف أما الآية ﴿وَلِيَذَّكَّرَ أُولُو الألْبَابِ﴾ ففي سورة إبراهيم رقم 52 وربما اشتبهت عليه.
2- في أول تفسيره للآية الأولى من سورة التوبة (ج2 ص 495) أخطأ إذ كتب (1- براءة من الله من المشركين) وإنما هي ﴿براءة من الله ورسوله الى الذين عاهدتم من المشركين﴾. فلو التزم بالأسلوب المتبع في الإشارة الى الآية اختصاراً كما أوضحنا سابقاً لما وقع في هذه الإحالة في الكتاب العزيز. لأن الغلط أو السهو حصل له بسقوط النقط الثلاث التي التزم بها بين عبارات الآية.
3- الآية 188 من سورة آل عمران ﴿لاَ يحْسِبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَواْ وَّيُحِبُّونَ أَن يُحْمَدُواْ بِمَا لَمْ يَفْعَلُواْ فَلاَ تَحْسِبَنَّهُمُ بِمَفَازَةٍ مِّنَ الْعَذَابِ وَلَهُمُ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ أولاً كتبها هنا (ج1 ص380) بدون شكل وكان ينبغي أن يميزها على الأقل بالشكل الجزئي لتظهر برواية قالون كما التزم بذلك في مقدمته أي بكسر السين في (يحسبن) وياء المضارعة وبضم ميم الجمع في (تحسبنهم) و (لهم). ولكن الخطأ واقع هنا من جهة المؤلف في لفظ الآية 188 أيضاً فقد كتب:(الذي) والصحيح (الذين)، وخطأ آخر فيها أيضاً هو أنها بدون واو العطف في أولها.
4- وأخطأ أيضاً في الآية 178 من السورة نفسها فالذي أثبته منها يخالف القراءة عند قالون وهي (ولا يحسبن) بالياء لا بالتاء. وإظهار الشكل لو اعتنى به لكانت حركة الضم على الميم في الضمير (لهمُ) و (لأنفسهمُ) تميّزُ قراءةَ قالون هذه من غيرها.
5- المصوّرة للمصحف التي اعتمد عليها نجدها من أول سورة الفاتحة غير مطابقة لرواية قالون، التي من بين ما يميزها على غيرها ضم ميم الجمع مع صلتها بواو ومده قدر حركتين كالمد الطبيعى في قوله تعالى في آخر سورة الفاتحة (عليهمُ ولا الضالين) ولكنها هنا لا نجدها مطابقة لما هو معلوم من رواية قالون. والأمثلة كثيرة في (عليكمُ أنفسكم) المائدة 115 ففي هذا التفسير بتسكين ميم (عليكمْ) وهذه ليست رواية قالون قطعاً. وقالون يهمز الياء في (والنبيين)(سورة النساء 163) ولكنه وقد عرض لذكرها (ج 2 ص329) جاءت على قراءة حفص.
6- خطآ آخر في قوله من تفسير سورة النساء (ج1 ص433):«فمعنى (قليلا ما يؤمنون) أن قلوبهم قد أقفلت... « الخ، فالعبارة في الآية (فلا يؤمنون إلا قليلا) وليس ما ذكر. فقد يكون سبق لسانه الى آية أخرى قريبة منها لفظاً ولكنها تختلف معنى وهذا من معايب الفصل ما بين الآية وبين تفسيرها على طريقته التي بيناها. فهي في البقرة 88(فقليلاً ما يؤمنون). وهناك اختلاف بين التعبيرين في الآيتين من سورة البقرة وسورة النساء (فقليلا ما يؤمنون) على معنى ما يؤمنون بشيء، وأما (فلا يؤمنون إلا قليلاً) فعلى معنى فقليل من يؤمن منهم أو قليل إيمانهم.
5- الآيات من 67 الى 71 العلامة بين الرقمين ليس سهماً (ج1 ص70) كما في الآيات الثلاث من 87 الى 89(ج1 ص318)، والآيتان 105 و 106 بينهما علامة سهم وهما فقط آيتان (ج1 ص483). فهذا من عدم التقيد بمنهج وهو أمر يشوش على القارئ.
...الخ».
وفي الموضع الثاني من نقل ما دوناه في كتابنا (ص 77-81) ما يلي:
«... الآيات
هذه مجموع الآيات موضوع التصحيح في التفسير المسمى ب «نهج البيان في تفسير القرآن» للشيخ محمد المختار السلامي، التي أعثرنا عليها البحث عند الإعداد لهذه المراجعات على اختياراته التفسيرية، دون استقصاء لباقي التفسير:
1-(ج1 ص215)
﴿حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ 238﴾ البقرة.
كتب الآية خطأ بلفظ (الصلاة) في المفرد، هكذا:(حافظوا على الصلاة... قانتين) والصواب:(حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ).
2-(ج1 ص304)
اقتطاع في غير محله في كتابة الآية 54 من سورة آل عمران (ومكروا ومكر الله... والله خير الماكرين). والآية كلها هي: ﴿وَمَكَرُوا وَمَكَرَ الَلَهُ وَاللهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ﴾ ولا موجب للنقط الثلاث دليل الاقتطاع من وسطها.
3-(ج2 ص234)
خطأ في الآية 117 الى 119 من سورة الأنعام وهي قوله تعالى: ﴿إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ مَنْ يَضِلُّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (117) فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَهِ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ بِآيَاتِهِ مُؤْمِنِينَ (118) وَمَا لَكُمْ أَلَّا تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَهِ عَلَيْهِ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ وَإِنَّ كَثِيرًا لَيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ (119)﴾
فقد كتبها على منهجه السقيم في الاقتطاع كالآتي:(117: إن ربك هو أعلم... وهو أعلم بالمهتدين). وكان ينبغي أن يكتبها بالكامل ﴿إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ مَنْ يَضِلُّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ﴾ فهي في أقل من سطر.
وفي الصفحة الموالية كتب ما هو خطأ فضيع، وهو ما يلي:(116-119: فكلوا مما ذكر اسم الله... وهو أعلم بالمهتدين) وإنما بقية الآية 119: ﴿هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ﴾.
4-(ج2 ص288)
﴿قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ﴾ 12 الأعراف.
أخطأ هنا في كتابة الآية بسقوط اللام من ﴿أَلاَّ تَسْجُدَ﴾ فكتبها كالآتي:(قال ما منعك أن تسجد).
5-(ج3 ص73)
سقوط آية من المصحف المصور الذي اعتمده لتفسيره. وهي آية من مجموع الآيات التي أوردها مصورة من المصحف بالخط العثماني وفسرها بداية من ص73 من الجزء الثالث. وهذه الآية هي الآية 66 من سورة يونس وهي قوله تعالى: ﴿أَلَا إِنَّ لِلَهِ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَتَّبِعُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَهِ شُرَكَاءَ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ﴾.
ففي بيان معاني هذه الآيات الست المفسرة في ذلك الموضع جاءت كلمة ﴿يَخْرُصُونَ﴾ دون أن تكون الآية نفسها التي في فاصلتها هذه الكلمة موجودة. فقط أشار المفسر الى تلك الآية التي حصل سهو بإثباتها في مكانها والى رقمها عندما عرض لها بعد قليل بالتفسير (ص 77) ولكن باختصار مخل، حيث لم تذكر تماماً في السابق في موضعها من الآيات الست المبوبة لتفسيرها من مصورة المصحف.
6-(ج 4 ص 77)
الآية 14 من سورة طه وهي قوله تعالى: ﴿إِنَّنِي أَنَا اللَهُ لَا إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي﴾ جاء رسم كلمة ﴿إِنَّنِي﴾ في المصحف (في مصورة المصحف الذي اعتمده، باللون الأخضر) خطأ، بنون واحدة (إني)، وكذلك في تفسيره للآية.
7-(ج4 ص194)
الآية رقم 106 من سورة الأنبياء وهي قوله تعالى ﴿إِنَّ فِي هَذَا لَبَلَاغًا لِقَوْمٍ عَابِدِينَ﴾ لم يرقم لها في موقعها من مصورة المصحف الذي اعتمده للتفسير.
8-(ج4 ص209)
(وإن كنتم في ريب من البعث) الخ.
والصواب بدون واو في قوله تعالى ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ﴾ الآية 5 الحج.
9-(ج4 ص420)
الآية 48 من سورة الفرقان وهي قوله تعالى:﴿وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا﴾
كتبها:(يرسل الرياح) وإنما هي بصيغة المضارع لهذا الفعل في سورة الأعراف في قوله تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَابًا ثِقَالًا سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَنْزَلْنَا بِهِ الْمَاءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ كَذَلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتَى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (57)﴾ (الأعراف).
10-(ج6 ص643)
سهو عن تفسير آية من سورة عبس، وهي قوله تعالى: ﴿وَمَا عَلَيْكَ أَلاَّ يَزَّكَّى﴾ االآية 7. فقد انتقل من الآيتين 5 و 6 الى الآيتين 8 و 9، بدون ربط مع ما قبلها.
11-(ج6 ص644 السطر الأخير)
أيضاً في سورة عبس نقص الآية 12 فيما كتبه (بين حاصرتين باللون الأخضر) من آياتها الأخيرة من 11 الى 16، وهي قوله تعالى ﴿فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ﴾.
12-(ج6 ص652)
أيضاً في سورة عبس خطأ في ترقيم الآية 38 وهي قوله تعالى: ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ﴾.
13-(ج6 ص787)
خطأ في الآية 253 من سورة البقرة، فقد أوردها في سياق تفسير سورة البينة كالآتي:(ولو شاء الله ما اقتتل الذين من بعدهم من بعد ما جاءهم البينات ولكن اختفوا فمنهم من آمن ومنهم من كفر) والخطأ في الفعل (اختفوا) والصواب ﴿اخْتَلَفُوا﴾ من قوله تعالى: ﴿وَلَوْ شَاءَ اللَهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَلَكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ وَلَوْ شَاءَ اللَهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلَكِنَّ اللَهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ﴾.
14-(ج3 ص225)
أخطأ في معنى السين وسوف في قوله تعالى ﴿قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾ 98 يوسف.
يقول:«فطلبوا من أبيهم النبي الصالح أن يطلب له من الله أن يغفر لهم التجاوزات التي وقعوا فيها وأن يمحو ذنوبهم. فأجابهم أنه سيفعل ذلك. ولاحظ المتتبعون للتعبير القرآني أنه لم يستجب لهم بطلب مغفرة ذنوبهم في الحال ولكنه سيفعل ذلك في المستقبل على ما تفيده السين الداخلة على استغفل (كذا والصحيح استغفر). وخرجوا المعنى على أن يلازم الاستغفار لهم حاضراً ومستقبلا».
وفي كلامه هنا خطآن، الخطأ الأول في معنى السين وسوف، فقد عكس الدلالة على الزمن القريب للسين، والاستمرار في الزمن المستقبل مع الوعيد بسوف. والخطأ الثاني مطبعي في قوله:«السين الداخلة على استغفل» والصواب ﴿سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ﴾ لا كما توهم (سأستغفر).

(يتبع)


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.