مفارقة غريبة كانت محلّ نقاشاتنا أثناء جلساتنا اللّيليّة الضّيّقة أين كان صديقي العزيز الهادي حبّوبة يعبّر بألم شديد عن سبب منع أغانيه النّاجحة المنتشرة ، آنذاك ، في كامل أرجاء البلاد و خارجها، من البثّ الإذاعي و التّلفزي من طرف السّلطة ، بينما كانت أسماء و عائلات نافذة في صلب السّلطة،هذه، تتسابق على جلب الهادي وفرقته "ليُحَفِّل" أجواء أفراحها و "يُلهِبَها" و يجعل الحاضرين و الحاضرات يرقصون على إيقاعات أغانيه المحظورة وقتها !!!! صديقي الهادي فنّان جادّ موهوب ، طوّر فنّ الفولكلور و حسّن صورته في الدّاخل و الخارج أين مثّل هذا اللّون الغنائيّ الشّعبيّ الأصيل أحسن تمثيل بفضل توحيد أزياء العازفين و فرض إحترام المواقيت و تفعيل الإنضباط الرّكحي و تجويد العنصر الفرجوي... في أوائل الثمانينات طلب منّي صديقي الهادي تسجيل أغنية "غدّار يا ناس غدّار" و "نواصي و اعتِب" بصوته و بمصاحبة فرقة وَتَريّة فوافقت دون تردّد بما أنّها كانت "شهوة" صديق عزيز و رغبة فنّان أحترمه و أكنّ له كلّ الحبّ و التّقدير... وبفضل تسجيل أغنية "غدّار يا ناس غدّار" بصوت "حبّوبة" إنتشرت بين أهل " المزود" و أصبحت مثلها مثل أغنيتي "إبكي يا عين" تغنّى فى "الرّبوخات" أو حفلات الفولكلور.... الهادي حبّوبة بالنّسبة لي عنوان صداقة حميمة طويلة و رمز من رموز أغنيّتنا الشّعبية المعتّقة الأصيلة... زد على ذلك ، فهو إنسان متواضع لطيف دعوب ظريف قريب من النّاس و محبوب لدى الجميع... ربّي يحفظه و يسعده و يحميه و يبارك لنا و لتونس الولّادة الغالية فيه