إن الإصلاح في كل وقت، وفي كل زمان حتى أولئك الذين كانوا في السجن والذين تم اختيارهم بالصدفة فتمركزوا في أعلى مناصب الدولة ورفضوا قطعا التخلي عنه، مهما يكن ثمن الكلفة للبلاد، لقد أصبحت بلادنا منذ الانقلاب الطبي بلد البذخ لكن كل شيء عابر، فهو سحابة صيف، وكل شيء هو حساب سياسي ، وكل هو صراع على السلطة، وبالتالي يصبح كل شيء ممكنًا ، حتى أكثر تصورات الرجعية وهما، كل بيان سياسي يدعمه هدف، ووراءه تطلعات دائمًا هي نفسها، ترمي إلى جذب وسائل الإعلام وإعطاء "فايس بوك"، مساحة اختيار المظهر، للتحدث عنها للخير بإطناب أو للشر بإيجاز، لا يهم، "من أجل الخير حيث كل شيء يسير على ما يرام سيدتي "لاماركيزة" "ولسوء الحظ حيث يكون كل شيء سيئًا للغاية مدام "لاكومتس "، مع الانهزامية التي تغمرنا على قدم وساق من هذا السلوك غير المسؤول للسياسيين، لا يمكن إخراج البلاد من أزمتها المستمرة، ولو طال الزمن، لان المظلة التي تحمي الفاسدين لا تزال مفتوحة على مصراعيها، والقرارات الشجاعة غاب انتظارها، ولن يتم اتخاذها في أي وقت قريب للإقناع، علينا أن نبدأ بالكنس أمام باب بيتنا وتنظيف أرضها على أمل استعادة الثقة، من يتحدث عن هؤلاء المراهقين العالقين في فوضى ثورية حيث يعدهم المجندون المعينون بكل أنواع الأشياء بحفنة من اليورو أو الدولارات مقدمًا؟ من أرسل هؤلاء الضحايا الأبرياء إلى فم الذئب ليموتوا في خدمة قضية لا يعرفون مخاطرها؟ من الذي يصرخ طوال اليوم أثناء تصفح وسائل الإعلام تحت ضغط، ليخبرنا عن المهام التي كلفها بها مرشدهم الأعلى؟ من الذي يعرقل مسيرة البلاد إلى الأفضل؟ من المسؤول عن الوقت الضائع؟ من يراقب مئات الوزراء وكتاب الدولة التي تواردت على الحكم دون فائدة ولا روية؟ هل الشعب صاحب السيادة قبر مع الإدلاء بصوته؟ هل الحصانة التي بناها الشهداء بأرواحهم الزكية تلاشت في مهب السياسة؟ هل السفينة أغرقت في اليم بدون رجعة؟ أين قائدها ومعاونيه لإيصالها إلى شاطئ الأمان؟ أين نحن من "الشعبوية البائسة" التي ستلحق بنا الدمار، إذا تواصلت كما هو الحال عليه؟ أسئلة وأخرى تطرح والتاريخ لا يرحم من أساء في حق تونس وكرامتها، والأجيال المتوالية تذكر ذلك، وتطلب في يوم ما من أين لك ذلك، ولا مفر من المسائلة طال الزمان أو قصر؟ ووضع بلادنا اليوم حرج للغاية وخاصة الاقتصادي، وقد راهن الوزير المكلف على الحقوقيين والمهندسين وترك أهل الذكر جانبا لأمر في نفس يعقوب، وكان من الأجدر بالبلاد الإحاطة بهم، والاستفادة من خبرتهم، وهم أهل مكة أدرى بشعاب الاقتصاد، وقد استنجد البنك العالمي بالبعض منهم، وتقريره "الثورة غير المكتملة"شاركت فيها أقلام تونسية، حتى ولو كانت تنتمي للشق الليبرالي، ولا أشاطرها شخصيا المنهج، ولا النقد الذي أوردته في صفحات التقرير بمقابل مادي ومعنوي (خبراء) ، ولا يمكن إدراك الهوة بين السياسي المتطفل، والجاهل للاقتصاد ومفاتيحه، ولما لا بعث منابر مفتوحة، متعددة الاختصاصات، تحت إشراف الوزرة الأولى، لدراسة الوضع من كل جوانبه، واقتراح حلول للحكومة، في ظرف مدة وجيزة (ثلاثة أشهر) ، و بإدارة أستاذ جامعي في الاقتصاد، نذكر الأستاذ الشاذلي العياري على سبيل المثال، له الخبرة المطلوبة، وهو الذي كرس حياته في نداء الواجب، ويمكن اذا الاستعانة بقدرته على التحليل، وكفاءته في الاستنباط، وإدراكه لخطورة الوضع، ومعرفته الدقيقة للموازنات الكبرى، وكيفية إخضاعها لقيود التنمية في مخططات جهوية وقومية، ومن لمساته تصور للمخطط الذي لم ينل حظه في الدرس من الحكومات الماضية، وهو آلية مرقمة، شرفني رئيس المجلس بالتعمق فيها، وإدلاء الملاحظات في شأنها، وهي كفيلة في مجملها، بإخراج البلاد من المأزق، وإعانة الفريق الحكومي على مجابهة المتطفلين على السياسة، وإخراجه من ظلماتهم إلى نور الأمل، للمضي قدما في الانجاز، رهينة الثقة، ورجوع الطمأنينة، ودفع البلاد إلى الأمام، وغريب أن يتشبث بالمسؤولية ويتباهي بها، وهو واجب قبل كل شيء يؤديه الموظف بمقابل من المجتمع، وكفانا من إخفاء الحقيقة عن هذا المرض الخطير حتى أصبح الخوف يرهقنا، ويشتت عزائمنا، لتضارب من يدعون بالمعرفة، وكان من الأجدر منذ البداية، تسمية طبيب مختص "كوفيد 19" يكون في آن واحد رئيس اللجنة الطبية، والمتكلم باسمها، فمهزلة وزير الصحة وهو يمارس الرياضة في بيته، بمعد بدني، فاقت كل التصورات، وأساءت للإطار الصحي بأجمله، ولم يتحصل هذا الأخير، كما نادينا به على الامتيازات المعنوية والمادية، وهو الذي يكافح ليلا نهارا ضد الوباء، فلهم شكرنا والبلاد مدينة لخدماتهم وتضحياتهم، وليتركوهم عشاق الشهرة وعشاق الظهور على الشاشة، وهم غير أدرى بالواجب من غيرهم، ونادينا بتكوين لجنة برلمانية تدرس كيف تعاملت الوزارة مع الكارثة ؟ أين الأموال التي جمعتها؟ ما هو مآلها؟ ما هي في آن واحد الظلمات التي نالت إطارات الصحة نتيجة التشفي وقلة الوعي؟ وتواجه تونس اليوم صعوبة في مواجهة الموجة الثانية من الإصابات بالمرض منذ أن أعادت فتح حدودها يوم 27 جوان في إطار خطوات لتخفيف إجراءات العزل العام، وإنعاش الاقتصاد، خاصة قطاع السياحة، ومنذ ذلك الحين سجلت تونس ارتفاعا كبيرا في حالات الإصابة، حيث بلغ عدد حالات الإصابة المؤكدة 3461 حالة منها 74 حالة وفاة (المصدر: رويترز) ، فهل أهل الذكر ة اعدوا العدة الكافية، وقد نبه المختصون في العالم بثبوت الموجة الثانية، وحتى الثالثة يقولون أنها على الأبواب؟ وأما المرض الآخر وهو عضال أيضا اجمع عليه القوم، وغاب عنهم إلى يومنا الدواء الناجع، لان حقيقة وضعية اقتصادها من المبهمات، وقد توالت الحكومات على إدارتها لكن بدون جدوى، لا نهم لم يكونوا في مستوى الطموحات، وبان للعيان أن الكفاءة المطلوبة تنقصم، وان شغلهم الشاغل الاستمرارية في الحكم، ورفض سواهم، ومحاولة عرقلة غيرهم، ومما يزيد الطين بلة حكومة تصرف أعمال مواصلة في قراراتها كأن شيئا لم يكن، تنشئ الإدارات العامة الموازية بدون جدوى ولا ضرورة لذلك، أما على التسميات فحدث ولا حرج فكلها قنابل موقوتة للخلف وما إلى دلك من قرارات يمكن أن تكون محل إعادة نظر هوامش رجب حاجي: دكتور في الاحصائيات- دكتور في الاقتصاد- شهادة تكوين مستمر بجامعة هارفارد الأمريكية - ألف أربع كتب في علم الاحصاء في المستوى الجامعي- اول رئيس بلدية ملولش- شغل رئيس ديوان المرحوم محمد الصياح عشرات السنين و رئيس ديوان وزيرة الصحة ومكلف بمهمة في اختصاصاته لدى رئيس مجلس نواب الشعب محمد الناصر اطال الله عمره الى غيرها من المسؤوليات الوطنية - وسام الاستقلال - وسام الجمهورية-...