هذه الصّورة تذكّرني بتلك الفترة الجميلة التي نلت فيها شرف العمل مع صديقي و أستاذي الفنّان الكبير الطّاهر غرسة ، رحمه الله ، في الحفلات الخاصّة و أجوائها الرّائقة أين كنت أفتتح السّهرات بوصلة غنائية شرقية أقدّم فيها ما لذّ و طاب من الموشّحات و القصائد و الأدوار و أجمل و أطرف "الكلثوميات" إلى حين وقت الرّاحة أين كان حبيبي الطّاهر يسلّمني أجرتي و زيادة قائلا لي : هذه أجرتك و هذه هديّة لك إضافية لأنّك أطربتني و سلْطنْتني يا عدنان... وفي سهرة من السّهرات طلب منّي ، قبل صعودي على الرّكح ، بلطفه المعهود و بشاشته النّاعمة ، بإفتتاح الحفل بوصلة تونسية عتيقة يغنّيها طفل صغير فاجأني بأدائه المُتقَن الحسن و حضوره الرّكحي الثّابت المتّزن.. وكان عمّ الطّاهر ، على غير عادته ، واقفا بجانبنا فوق الرّكح يتابع غناء هذا الطّفل الوسيم الفنّان الصّغير بإهتمام كبير و سرور فيّاض بنجاح إبنه و فلذة كبده "زياد" في هذا الإمتحان الغنائيّ المباشر العسير... و شاءت الأقدار أن تُحفَظ تلك اللّحظات الحسّاسة المثيرة و تُخلَّد بهذه اللّقطة المصوّرة المعبّرة النّاطقة الجميلة ... رحمك الله يا سيّدي و حبيبي يا عمّ الطّاهر يا غالي يا فنّان، و حفظك الله و أسعدك و رعاك يا صديقي زياد يا حامل و حامي مشعل أصالة و روح فنّ هذه البلاد....