كنت منذ 7 سنوات من السبّاقين الى تأييد الاستاذ قيس سعيد في هذه الأفكار الإصلاحية الطيبة.لكن وللأسف كثيرا ما تتعرض الى المهاجمة والتحامل و"التشليك" سواء في المحاورات التلفزية او ببعض المقالات الصحفية، ناهيك عن شبكات التواصل المليئة بالمغرضين المندسّين... فكرة المجالس المحلية ابتكرها الاخشيدي، لكن أرجّحُ انه سبقني إليها بقليل، بشكل يكاد يكون متزامن (راجع مقالي بصحيفة الصباح اكتوبر 2013، الذي كتبته في اوج - اعتصامات الرحيل: ضرورة تحصين البلاد من شرور الحزبية).وهو مقالٌ طويلٌ ضربتُ به عصفورين بحجر واحد: بدأت بالتحامل عل الحزبية.وأنهيتُ بالدعوة الى -المجالس المحلية-. إنّ هذه المقترحات الاصلاحية بعيدة كل البعد عن الشعبوية والفوضوية. وبدلًا من الدفاع عن نفسي سأكتفي بالدفاع عن الاخشيدي الذي هو رجل قانون من الصنف المحافظ و "التقليدي" (بدليل مناهضته لما يسمى مساواة !) فهو بعيد عن الشطحات الثورجية ورصين وشديد الانضباط الى حد الافراط احيانا (وقد روى بنفسه بعض الوقائع عن سيرته بالجامعة!)، فمن الحيف ادراجُه ضمن الفوضوية او الشعبوية التي يتهمه بها البعض.وطبعا من بين هذه التهم و التحاملات مجهوداتٌ فكريةٌ فيها اضافة (راجع المقال منذ اسبوعين بقلم نوفل سلامة: الصريح، الحركة "الفوضوية" الجديدة) لكن اغلب التحاملات سطحية مغرضة خاطئة كاذبة (وربما ممنهجة!). فهي اصلا مناقضة للواقع وللمزاج العام الذي اضحى ينفر من الاحزاب ويطعن في مصداقيتها وحتى جدواها مستدِلًّا بتردي الاوضاع نتيجة انانيتها وصراعاتها. ولهذا يحق لنا القول : لو كانت البلاد في سمن وعسل لجازت " دسترة تجريم كل من يتحامل على الحزبية" !!.. أما فكرة المجالس المحلية فهي ايضا بريئة من الفوضوية والشعبوية ،وإنما هي مساعدٌ للبرلمان لسدّ ما به من ثغرات. فالبرلمانات تجاوزها الزمن بفعل ارتفاع منسوب وعي المواطنين وبفعل عصر الاتصالات وحرية التعبير ،وايضا بفعل تشعّب المطالب والاحتياجات. فالشعوب زمن البرلمانات قديما كانت مطالبها محدودة لا تختلف كثيرا عن مطالب "القطيع".ثم شيئا فشيئا تشعّبت الحياة فصارت البرلمانات تشكو من عجز على مواكبة وعي الجماهير ومطالبَها واهتماماتِها، وأكبر دليل على هذا هي الاحتجاجات والاضرابات!فلو كانت البرلمانات تفيء بإيصال صوت الجماهير الى السلطة، فما الدّاعي الى الاحتجاجات !؟؟.ولهذا فالمجالس المحلية تفرض نفسها فرضًا لسد هذه الثغرات!هي اذن ليست حركة فوضوية وانما ضد الفوضى اصلا!! ختاما وبما أنني كثيرا ما حرّضتُ الرئيس قيس سعيد على تأسيس "حزب"، وفي هذا ضربٌ من التناقض، لكن ينقصني ان ابيّن انّ الحزبية على صنفين: صنف حميد و صنف خبيث. فالحزبية التي تُشتّتُ الشعبَ انما هي حزبيةٌ خبيثةٌ.والحزبية التي تّجمّعُ الشعبَ حزبيةٌ حميدةٌ! فمثلا الحزب الدستوري حين تأسس منذ قرن ( وقس عليه حزب الوفد المصري..او الاستقلال المغربي ...او جبهة التحرير الجزائرية.. او حزب البعث السوري.. او هيئة التحرير زمن عبد الناصر...الخ..) كانت غايتها توحيد الشعب وتوحيد ارادته.ولهذا يصح ان نقول عنها حزبية حميدة. اما الحزبية الحالية التي فرّقت الشعبَ وشتّتت ارادتَه، فإنّما هي الحزبية الخبيثة بعينها !... ختاما وفي رأي الشخصي لو يؤسس قيس سعيد "حزبا" فسيكون من الصنف الحميد ، لأنه بعون الله سيكون موحّدًا للشعب الذي شتّتته الأحزاب. (انظر مقالي :الصريح، قيس سعيد وعدم لزوم ما يلزم).