مشروع قانون المالية 2025: المصادقة على تسوية وضعيات إطارات عاملة بالبلديات والهيئات المستقلة    وزيرة المالية: مشروع قانون خاص سيطرح قريبا على البرلمان لضبط آليات استعمال 'الدرون'    عاجل/ البرلمان يصوت على تسوية وضعية الأساتذة النواب..    بالتفصيل: الفصول التي صادق عليها مجلس النواب في جلسة الأربعاء    صابة الزيتون 2025 – 2026: وفرة مرتقبة... وأسعار تُربك الفلاح والمستهلك    لوحة للقذافي ملطخة بالدماء في اجتماع الدبيبة مع وفد أميركي تثير ضجة    مادورو: أجريت مكالمة "ودية" مع ترامب.. وأهلا بالدبلوماسية    ترامب يجمع رئيسي رواندا والكونغو لدفع اتفاق سلام استراتيجي    ماتش تونس وفلسطين: الوقت والقنوات الناقلة    هل تشكيلة تونس اليوم باش تشهد تغييرات؟    ثنائية مبابي تنهي معاناة ريال مدريد في الليغا بالفوز على بيلباو    بطولة انقلترا – آرسنال يتغلب على برينتفورد بهدفين ويستعيد فارق النقاط الخمس في الصدارة    اليوم: طقس بارد مع أمطار... التفاصيل    الطقس اليوم..امطار غزيرة بهذه المناطق..#خبر_عاجل    كأس العرب 2025: برنامج مباريات اليوم الخميس 4 ديسمبر    تعليق صرف الأدوية بصيغة الطرف الدافع بداية من 8 ديسمبر: نقابة الصيادلة تحذّر من "انهيار وشيك" لسلسلة توزيع الدواء    ترامب: بوتين يريد إنهاء الحرب في أوكرانيا    الخارجية الفلسطينية : الاحتلال الصهيوني يتعمد استهداف المواطنين بهدف القتل أو التسبب في إعاقة دائمة لهم    الفيفا تقلص فترة السماح الإلزامي للاعبين بالانضمام لمنتخباتهم بالكان    إعادة فتح المتحف الروماني والمسيحي المبكّر بقرطاج بعد أشغال صيانة شاملة    تعال ولا تتعالى    شمس ديسمبر    بهدوء .. على حافة الظلام    يوميات أستاذ نائب...أيّ وجع !    خلال ديسمبر 2025: تونس من أبرز الوجهات السياحية العالمية    محمد بوحوش يكتب .. الهويّات الزّائفة    عاجل/ كميات الأمطار ستتجاوز 100 مم خلال هذه الأيام..    المسروق يباع في الجزائر...مُهرّبون وراء عصابات سرقة السيارات    تألقوا في أيام قرطاج المسرحية .. سجناء لكنهم مبدعون ...    مع الشروق : انتصار جديد للشعب الفلسطيني    كأس العرب قطر 2025: المنتخب القطري يسعى لتصحيح المسار في مواجهة نظيره السوري غدا الخميس    وزارة المالية تفتح مناظرة خارجية لانتداب 250 عريفا بالديوانة التونسية    سيدي بوزيد: تنظيم يوم تكويني بالمعهد العالي للدراسات التكنولوجية تحت شعار "من الذكاء البشري الى الذكاء الاصطناعي التوليدي"    مدنين: اعادة فتح مكتب بريد المحبوبين بجربة ميدون بعد استكمال اشغال تهيئته وتعصيره    مونديال كرة اليد سيدات: المنتخب التونسي في المجموعة الثالثة بالدور الرئيسي الى جانب منتخبات فرنسا وهولندا والنمسا وبولونيا والارجنتين    صادرات الزيت التونسي توصل 280 ألف طن!    المهدية: إمرأة تُضرم النار في جسدها من أجل زوجها المريض    تونس تحتضن المؤتمر ال49 لقادة الشرطة والأمن العرب لتعزيز التعاون الأمني العربي    قانون المالية 2026/ المصادقة على الفصل الإضافي عدد 109المتعلّق بنظام الراحة البيولوجية في قطاع الصيد البحري    عاجل/ طالبان تكشف: مرتكب هجوم واشنطن درّبه الامريكان أنفسهم    نقابة أصحاب الصيدليات الخاصة تقرر تعليق صرف الأدوية بصيغة الطرف الدافع لمنظوري "الكنام" بداية من 8 ديسمبر الجاري    احذروا هذا القاتل الصامت..#خبر_عاجل    تطاوين: تواصل موسم جني الزيتون بإنتاج واعد وارتفاع ملحوظ في الغراسات المروية    تونس: 3 مؤسسات عمومية تنتفع بالطاقة الشمسية    عاجل/ قرار إسرائيلي جديد بشأن معبر رفح..    وجبة خفيفة يوميا/ تؤدي إلى قوة الذاكرة..تعرف عليها..    عروض فنية متنوعة وورشات ومعارض ومسابقات في الدورة الثانية للأيام الثقافية بجامعة منوبة    وزير الفلاحة: قانون الاستثمار التونسي يوفّر امتيازات هامة للمشاريع التي تعتمد التكنولوجيا الحديثة تصل إلى 50 بالمائة من قيمة الاستثمار    ابنة نور الدين بن عياد توضّح: "المنجي العوني أوّل من قدّم لي التعازي"    عاجل/ السجن لأجنبي وزوجته بتهمة ترويج المخدرات..وهذه التفاصيل..    الشيخوخة تبدأ من "البنكرياس".. فحاول الابتعاد عن 3 عادات شائعة..    تقدّم أشغال بناء عدد من المستشفيات، أبرز محاور لقاء رئيس الجمهوريّة بوزير الصحة    طقس اليوم: أمطار بهذه المناطق    انتخاب المديرة العامة للخطوط التونسيّة نائبة أولى لرئيس اتحاد شركات الطيران الإفريقي    عاجل: مدينة العلوم بتونس تكشف موعد ''رمضان'' فلكيّا    بدأ العد التنازلي..هذا موعد شهر رمضان فلكيا..#خبر_عاجل    الدورة 36 لأيام قرطاج السينمائية تكشف عن قائمة المسابقات الرسمية لسنة 2025    وزارة الثقافة تنعى صاحب دار سحر للنشر الأستاذ محمد صالح الرصّاع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رجب حاجي يكتب لكم: لا يمكن أن يكون هناك فريق دون قائد!
نشر في الصريح يوم 16 - 12 - 2020

ترد علينا، من حين الى آخر، مقالات تلفت الانتباه، لان اصحابها مارسوا الحكم في ما بعد الثورة، وخابوا في تأديته بكل المقاييس، من رئيس جمهورية لا يعرف مسؤولياته، زرع من الحقد والذميمة في ما ارساه زعماء تونس الابرار، من بناء وتشييد، وبعث دولة مدنية، ولمزيد الحديث عنه وعن تصرفاته، فللقارئ العودة الى كتاب احد المقربين اليه، ومستشاره في قيادة البلاد، بما فيه كفاية، و رئاسته في الواقع هي قاب قوسين في تاريخ تونس، دفع بها الى الظلمات، ومكن اعدائها من الانقلاب عليها، والاطاحة بما شهرت به من رصانة تفكير، وتصور للأفق، و الغريب انه تنكر لكل نصيبه من الموروث، اذ كان له ولعائلته الكثير منه، ولو كان له راي سداد، لما تمتع بالجراية والرعاية التي يحظى بها اليوم، يدفعها الشعب بمقابل انحيازه لأعداء تونس، ومحاولة تشويه تاريخها، لأمر في نفس يعقوب، وكان من الافضل ركونه الى الصمت، او اعادة تصفح فيلم تاريخه، وطلب العفو من الشعب لقلة انجازاته، في مدة رئاسته، ولما ساهم فيه من تشتت قوى البلاد، وتدمير مسارها بقيادة "ترويكا"، لم تكن كمثله، مهيأة لمعرفة خفايا السياسة، لتسيير البلاد الى الافضل من ما كانت عليه، زمن حكم المتآمرين وازلامهم، اذ اتخذ مسارهم، و نسج على منوالهم، وواصل سياستهم في تغريق البلاد بالديون الخارجية، وتركها لقمة سائغة للمؤسسات المالية العالمية بأصنافها، وشارك عن طواعية في حكم، يقوده مال الترضية ذهب بالبلاد الى اسفل السافلين، وادرك الشعب النوايا، وعدم الانجاز، وذهب بالترويكا الى مزبلة التاريخ، ووصمة العار لعدم احتضان الثورة، وانقاذها من الرجعية، ومن الظلامية التي كبلتها، و من سيطرة من لا نضال له، سوى البحث عن الثروة الحينية، والامتيازات العينية مهما كانت مصادرها
أما الرجل الثاني، وكان شريك الاول في بعث حزب لم يعمر، تحمل مسؤولية الحكم مرتين، وترك اثرا في تجربته الاولى وهو وزير مكلف بالإصلاح الاداري في حكومة الجبالي، قرر بمعية الفريق الذي ينتمي اليه العمل طيلة خمسة ايام في الاسبوع وذلك حسب رايهم "لتحقيق مردودية أفضل للعمل الاداري ...و لخلق المناخ الاجتماعي الملائم للموظف عبر تمكينه من تفرغ أكثر لحياته الخاصة هذا الى جانب إيجاد حل جذري لمشكل حركة المرور والاختناق المروري بالمدن الكبرى خاصة" و العمل الاداري طيلة خمسة ايام في الاسبوع لم يكن مدروسا لبيان فوائده ان كانت موجودة، و تقييم تأثيره على مجرى الاقتصاد الذي كانت كل مؤشراته في اللون الاحمر بل فتح القرار أبوابا اخرى للاقتصاد الموازي، ولم تبين الدواعي ولا المزايا التي دفعت الى اتخاذ هذا القرار الذي كانت من نتائجه ان ساعد على تفشي البطالة بأنواعها، ودفع الميزان التجاري الى الافلاس، وكان من الاجدر بوزير الاصلاح، قبل مغادرة التشكيلة، اللجوء الى تقييم مدة عمله، والاعتراف بفشله، وطلب المعذرة من الشعب لعدم انجاز ما وعد به، اذ ذاك تكون له مصداقية، وتقدير لتصوراته، لكن ما راعنا ان ركب حصان الحكم من جديد في تركيبة اخرى بمهمة وزير دولة، وغاب عليه ان في السياسة، الحقائق فقط هي المهمة، وليس النوايا بل نتائج ادارة الحكم هي محل التقييم، فخاب في المرة الاولى، ويعود ثانية لوصوله لنقطة الانهيار بين الفرقاء بتصدع لحمتهم ، لأنه لا يمكن ان يكون هناك فريق دون قائد، ويصدر التاريخ حكمه لا محالة بالرداءة التي وصلت اليها البلاد، وتعفن مسارها، اذ دفعوا بها من النور الى الظلمات، والتناحر على كرسي الحكم كان الاولوية، وكان الوزير فاعلا في هذا المشهد الكارثي الذي يمثل نقطة الانهيار بين عصر بورقيبة، عصر البناء والتشييد، والعصر الحالي، عصر الجمود والتبعية، واكد الوزير ذلك، وشهد شاهد من اهلها، " أن وضع الدولة اليوم اخطر من اي وقت مضى على جميع المستويات" معبرا عنه بقوله “الدولة داخلة في حيط”، “ ومنها يستخلص وفق قوله "لم تعد لي أي رغبة في أي مسؤولية سياسية، ولم تعد لدي أية قناعة وثقة في قدرتي على تغيير الوضع في البلاد، والذي تبين أن إصلاحه أصعب مما توقعت"، و بالنسبة لحصيلة اعماله يذكر أنه فتح " التحقيق في عديد الملفات من بينها صفقة "الكمامات"، وعمليات تدقيق و رقابة على مسألة رخص التنقيب الاستغلال لعقود النفط، بالإضافة إلى موضوع وتضارب المصالح المتعلق برئيس الحكومة المستقيلة الياس الفخفاخ"، وأكد الوزير على فتحه "التحقيق في مسألة تمويل الأحزاب، و خاصة حزب حركة النهضة، بالإضافة لموضوع التعينات، والمحاباة داخل المؤسسات العمومية"، هذا وايضا "اثارة موضوع الأملاك المصادرة... و ملف الحسابات البنكية و استرجاع الأموال المصادر، كما تحدث على "تقديم الوزارة لعدد من الشكايات بخصوص حادثة السيارة و موضوع تبيض الأموال من قبل 5 نواب، و ابتزاز عدد من أعضاء حكومة الشاهد لرجال اعمال" و ينشر ذلك "حتى لا يقع استغفال التونسيين للمرة المليون، وتخديرهم بأمل كاذب بعد عشر سنوات من الثورة"، و الغريب في هذا التمشي انه شريك بارز في هذا المسار بواسطة حزبه، ولم يدرك وهو في الحكم انه من الواجب تدعيم ميزانية وزارة العدل، وجعلها من الاولويات، حتى تدعم النيابة العمومية و تمكنها من القيام بواجبها على الوجه الاكمل لإرجاع مال الشعب الى خزينة الدولة، وهي في امس الحاجة اليه
أما دموع التماسيح فلنتركها لوزارة الصحة وللذين يديروها، فهي لم تأخذ الوباء مأخذ الجد، ولم تعد العدة للتصدي لهذا المرض الجديد الذي دمر حياتنا، وذهب باقتصادها الى حيث لا ندري، ومن حقنا الطلب بتكوين لجنة لتقييم الاختلالات والقصور في ادارة هذه الازمة،
وبكل حسرة، وللأسف الشديد، لم يكن رئيس الجمهورية في الصدارة، يوجه بنفسه النقائص، و يبعث الطمأنينة في المواطن الذي هو على اشده، في حيرة وكابوس وعدم ثقة في المستقبل، واما البرلمان فمشاغله اخرى: الخوف من حله والرجوع الى الشعب ليقول كلمته فيه، وهي الشرعية بعينها، و المناوشات الفردية و الجماعية الناتجة عن قلة وعي بالمسؤولية هي التي اصبحت حديث الشارع ومحل نقاشهم وتلاقح نواياهم، وحتى الاحزاب في مجملها ووزير الدولة مشارك فيها بعيدة عن مشاغل الامة، تتناحر على الظفر بكرسي الحكم، و الحصانة للهروب من العدالة، كل ذلك يغذي غضب المواطن ورفضه، لأنه يشعر ان السلطة في ايادي قادة لم يعودوا من طرازه، ولم يعودوا يفهموه، ولم يعودوا يفكرون في مستقبله، والسياسة تقتضي اذا حسب رايه ضرورة تغيير القواعد، والرجوع الى القانون الانتخابي لتعديله، وحتى الى الدستور لتحيينه، ويجزم من تجربة الحكم، خلال العشر سنوات المنصرمة، ان الأخلاق السياسية، والشعور بالتاريخ، والجودة الإنسانية للقادة الحاليين ليست هي نفسها التي كانت في عهد بورقيبة، ويشعر ان في ممارسة الحوكمة الرشيدة، تكمن معظم التغييرات التي يجب اجراؤها، قبل فوات الاوان، منها تغيير اساليب التصويت، وتعديل شروط التمثيل، واتخاذ تدابير لمكافحة البلبلة التشريعية، وعدم استقرار القواعد، وما الى ذلك من اجراءات تمكن بخدمة البلد أكثر، و بشكل أفضل، وتعيد تونس "الربيع العربي" الى مجراه الطبيعي، وهي بمثال ثورتها ضمانه، و بإحلال العمل التشاركي و التضامني بين فئات الشعب، تحميه من ان ينتكس الى "شتاء عربي"، برعوده وزوابعه واقواس قزحه، وما تقرير محكمة المحاسبات، والسهر على تنفيذه، الا خطوة في هذا الاتجاه الصحيح، ودعوة من جديد لكل من آمن بتونس وتاريخها المجيد، وثورتها السلمية، للتلاقي في الدفاع عنها، وتثبيت خطاها، واعادة ابهتها، وبذلك يعاد لقرطاج عزها ومجدها.
هوامش
رجب حاجي : دكتور في الاحصائيات- دكتور في الاقتصاد- شهادة تكوين مستمر
بجامعة هارفارد الأمريكية - ألف أربع كتب في علم الاحصاء في المستوى الجامعي- أول رئيس بلدية ملولش- شغل رئيس ديوان المرحوم محمد الصياح عشرات السنين ورئيس ديوان وزيرة الصحة ومكلف بمهمة في اختصاصاته لدى رئيس مجلس نواب الشعب محمد الناصر اطال الله عمره الى غيرها من المسؤوليات الوطنية...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.