علمت أن سي حمة الهمامي قد قال (أحلم بثورة وطنية لاسقاط النظام الحالي) اما ابوذاكر فيساله السؤال التالي في هذه الكلمات (وهل مازلت تعتقد يا سي حمة أن كل الثورات ستاتي حتما بالنعم وبالخيرات؟) كما ازيد فاذكر سي حمة بشيء من تاريخ السياسة التونسية حتى اعينه في إدراك الجواب بصفة عاجلة فورية دون ان يتعب ذاكرته وقواه الذهنية، فأقول له أ لم يثر بورقيبة أو لم ينقلب على نظام البايات أو لم يَعِد التونسيين بالنعم وبالخيرات لكنه ما إن وصل الى الحكم وقضى على حكم البايات حتى سرعان ما اصبح بايا آخر جديدا اقصى وقضى على كل خصومه وكل معارضيه واغدق وانعم فقط على انصاره ومؤيديه ومؤلهيه، بل اصبح بين عشية وضحاها دكتاتورا لا يقل بطشا عن الحكام الباطشين الحاكمين بامرهم ممن قرأنا عنهم في القصص وفي الروايات وشاهدنا فصولا من حياتهم في المسلسلات وفي المسرحيات؟... ثم وبعد سنين أ لم ينقلب ابن علي على بورقيبة واصبح بين عشية وضحاها حاكما على التونسيين ووعدهم بعهد جديد سيغير فيه سياسة بورقيبة وسيهب للتونسيين حياة ديمقراطية عادلة كريمة فاذا به يعض على منصب الرئاسة بأسنانه وأضراسه ونواجذه ويخطط ويُقسم انه لا ولن يفرط فيه ابدا وسيجعله إرثا لأهله ولعائلته؟...ثم وبعد ربع قرن تقريبا من حكمه ومن سياسته يثور عليه التونسيون بصفة مباغتة فجئية ثورة اطلقوا عليها ثورة الكرامة والحرية وبعد ان ظن التونسيون انهم قد استراحوا من سياسة القمع والكبت والحديد والنار والبؤس والحرمان والعناء وانهم قد تنفسوا الصعداء اذا بهم يستفيقون على واقع وعلى حقيقة أشبه شيء بالتيه والسراب لم يقرؤوا لها اي حساب واي عقاب واذ بهم يرون ثورتهم قد ادت الى صراعات والى خلافات والى تجاذبات والى مشاحنات عنيفة شديدة هستيرية جعلت التونسيون يتساءلون هل يعيشون حقا حياة هادئة مطمئنة ناعمة كما توقعوها وكما تصوروها؟ ام اصبحوا يعيشون كابوسا من الفوضى ومن التسيب ومن الاستهتار من المغالطات ومن الخزعبلات لم يكونوا يحلمون ان يشاهدوها يوما في حلم اليقظة ولا في حلم النهار؟ ... فهل انك بعد كل هذه الحقائق الثابتة وكل هذه الدلائل الواضحة الناطقة مازلت تعتقد يا سي حمة هداك الله ووقاك من الوقوع في كل ما لا يحبه ولا يرضاه ان التونسيين سيجارونك في رايك وسيفرحون بحلمك وسيصدقون رؤيتك وسيثقون في دعوتك الى اسقاط النظام ام سيعتبرون ذلك عندك مجرد اضغاث احلام؟ خاصة اذا تذكروا بكلامك سياسة والاعيب اقطاب وزعماء ودعاة الشيوعية كلينين وستالين الذين وعدوا الناس في زمانهم بانهار اللبن واودية العسل فاذا بهم يجدون انفسهم لا يصلون حتى الى اكل الخبيزة و الفجل والبصل ...ولم يبق لي يا سي حمة الا ان اذكرك ولعلك لم تنس بعد انك قد رشحت نفسك لرئاسة وقيادة سفينة التونسيين لكنهم رفضوك رفضا من النوع الواضح المبين رغم ما قدمته لهم من الرؤى ومن الأحلام فلو كنت بربك اليوم في منصب الرئاسة هل كنت ستدعوهم الى اسقاط النظام الذي اوصلك الى ذلك المقام؟ ام كنت ستدعوهم بحزم الى الهدوء والانضباط والطاعة في كل فعل وفي كل كلام حتى في مجرد الرؤى والأحلام؟ ولا بأس في الختام يا سي حمة يا ايها الحالم ويا ايها الداعي الى اسقاط النظام ان اذكرك وقد غزا الشيب مفرقي ومفرقك ان حكماء التونسيين قد قالوا قديما كلاما موزونا من النوع الحكيم المحكم اولم تسمع انهم قد قالوا وقد نصحوا كل من يريد ان يتعلم وان يفهم (شد مشومك لا يجيك ما اشوم)؟ وكل عام وتونس بخير وأمن وسلام بعيدة ومحفوظة من وساوس دعاة الفوضى و الهدم والاسقاط وناجية من رؤوس التشويه والبلبلة والاحباط واضغاث الأحلام..