بعد أن طفت على سطح المشهد السياسي أكثر من 70 حزبا وبعد أن تراكضت هذه القوى لإيجاد موطئ قدم في الساحة السياسية، بات أمر تمويل هذه الأحزاب مدعاة للحيرة والاستغراب والاستنكار... * فهل يعقل أن نمول أحزابا لا نعرفها ولا تعرفنا ولا نعرف برامجها أو مخططاتها من المال العام وفي هذه الظروف الحرجة التي تمر بها البلاد!؟ * هل يعقل أن تضخ أموالا من المفترض أن تذهب إلى تنمية الجهات المحرومة وتشغيل الشباب لفائدة تشغيل الأحزاب!؟ * هل يعقل أن نصرف ميزانيات مادية على أحزاب سياسية تعتبر الثورة غنيمة اجتماعية!؟ * هل يعقل أن نعامل أحزابا ضعيفة وخفيفة مواليد 15 جانفي وما بعده ونحن نبصر هرولتها المضحكة للالتحاق بركاب الثورة لتأمين ثروة!؟ لا أعتقد أن مواطنا تونسيا حرا يقبل بهذا النزيف ويرضى بهذا التزييف، إلا أن يرى أحزابا فاعلة في المجتمع المدني، مؤثرة في كامل أطيافه، موجهة للرأي العام، دافعة للعمل والإنتاج والإبداع وحاصلة أخيرا على أصوات محترمة من منتخبين موالين لها... لذلك يبدو أن التمويل قبل إجراء الانتخابات هو تمويه على قدرات هذه الأحزاب المهزوزة التي لا تخجل من أن تمد يدها لتقبض تسبقة للدفع بالتي هي أحسن بإمضاء تصريح على شرف التمعش من خيرات الانتقال الديمقراطي وثمرات الإصلاح السياسي...