لعلني قد كنت من بين أول الذين تولوا الردّ على معمر القذافي عندما تعمد اطلاق أوصاف مخجلة عن المرأة الليبية المقيمة بيننا اليوم وكذلك عن المرأة التونسية.. ولقد كنت أكدت للرجل بأن المرأة الليبية تقيم اليوم بيننا معززة مكرّمة باعتبارها تتواجد بين أهلها.. وفي دارها.. وعليه فلا حاجة لها ولنا معها بأن تعمل خادمة عند المرأة التونسية والتي لا تتراجع ولا تتأخر في أن تقتسم معها رغيف الخبز.. متى لزم ذلك. هذه المسألة قد شغلت بعد ذلك الرأي العام في تونس.. واستحوذت على اهتمامات بعض مكوّنات وعناصر المجتمع المدني بتونس وبليبيا والتي هبّت بكل قوة.. لتعارض مزاعم معمر.. باعتبارها شاهدة على ما تلقاه الاخت الليبية وما يلقاه الاخ الليبي في بلدهما تونس من حفاوة ومن حب.. ومن دعم ومن مساعدة قد لا يمكننا وصفها بالجديدة علينا أو عليهم اعتبارا لما يربط بيننا من أواصر.. ومن علاقات.. لم ينجح الاستعمار.. ولا حتى القادة العرب.. الذين تواطؤوا معه في كسرها.. أو محوها.. من الوجود.. اليوم أعود لهذه المسألة ليس لكي أكرر ما قلته فيها سابقا.. بل لكي أطرح بعض المقترحات التي تخص اشقاءنا وشقيقاتنا المقيمات اليوم بيننا.. وهي اقتراحات قد أمدني بها مجموعة من هؤلاء.. ممن قد أمكن لي التقابل معهم.. خلال هذه الايام.. والذين جاءني بعضهم خصيصا.. من مدن بداخل الجمهورية لشكري على ما كنت كتبته في شأن المرأة الليبية.. هؤلاء.. قد أكدوا لي.. بأن الشعب التونسي قد قام بواجبه كاملا مع أشقائه الليبيين.. ولم يتخلف كعادته.. وهذا ما يحفظونه له.. وبالمقابل فإن الاشقاء الذين حلوا بين ظهرانينا.. هذه الايام وقبلها.. قد بدؤوا يواجهون بعض الصعوبات وهذه حقيقة علينا الاعتراف بها.. ناهيك.. وأن بعضهم قد أنفقوا ما يملكون من أموال.. وليست لهم اليوم الموارد لتوفيرها.. مجددا.. في ظل الظروف التي تمر بها ليبيا. وإذ يلقى هؤلاء كل أنواع المساعدة من أشقائهم في تونس.. ونظرا لمستوى العيش الذي دأبوا عليه في ديارهم.. فإنهم بحاجة أكيدة اليوم لمساعدات عاجلة.. قد تتوفر لهم.. بواسطة جمعيات أو منظمات.. قد تعمل على جمع الاموال من البعض لفائدتهم. في هذا الاطار.. قال لي الجماعة.. بأنهم يأملون في بعث العديد من الجمعيات التونسية الليبية والتي توكل لها هذه المهمة.. فتتعمد بتفقد أحوال العائلات الليبية المقيمة بتونس.. وتعمل على فض الصعوبات التي تواجهها كما تسعى لتوفير ما تحتاجه من طلبات.. مادية أو حتى معنوية.. وفي هذا الاطار قد عبّر لي هؤلاء عن أملهم.. في أن تلقى هذه الجمعيات من الهياكل الرسمية في تونس.. كل التسهيلات اللازمة من أجل الاسراع بتكوينها.. ومن أجل شروعها في ممارسة أعمالها.. بصفة عاجلة وبدون تأخير. وفي هذا الاطار كذلك.. قد أكد لي الذين طرحوا عليّ هذه المسألة من الاشقاء الليبيين.. اعتقادهم.. في قدرة المواطن الليبي.. على دعم ابن وطنه وعلى مساعدته اذا سمعت له ظروفه بذلك.. كما أكدوا لي أن مسألة بعث هذه الجمعيات لا يعني التنكر لدور المواطن التونسي ولا تجاهل ما قدمه وما يقدمه من دعم لفائدة شقيقه الليبي.. على دعم ابن وطنه وعلى مساعدته اذا سمحت له ظروفه بذلك.. كما أكدوا لي أن لكنه قد يحد من عملية اثقال كاهله خاصة وهو يصر دائما.. على تقديم العون لأخيه حتى ولو كانت ظروفه لا تسمح بذلك.. عبدكم المتواضع.. وإذ اعجبت بهذه المقترحات التي قدمها لي اشقائي الليبيون.. فلأنني أعتقد بأن مثل هذه الجمعيات.. قادرة لوحدها على لعب دور ريادي وهام.. في الظروف الحالية للشعبين الليبي وحتى التونسي والذي قد يتمكن بدوره من خلالها.. في الاسهام في تقديم العون المادي اللازم.. لاشقائه متى كان ذلك ممكنا. اما أكثر ما شدّني اليها.. فيتمثل في أنها سوف تمثل بالنسبة لنا.. وأقصد أبناء تونس وأبناء ليبيا.. أداة مثالية.. نجسّم من خلالها تضامننا الاخوي وصدق مشارعنا.. تجاه بعضنا البعض.. سواء كان ذلك بين اشقائنا الليبيين انفسهم أو سواء كان بيننا كتونسيين وبينهم.. كليبيين. ثم لا ننسى.. أن تأسيس وتكوين مثل هذه الجمعيات سوف يؤكد تعويلنا كتونسيين وكليبيين على أنفسنا.. وعلى إمكانياتنا.. الذاتية والخاصة.. والتي نضعها اليوم بأكملها على ذمة بعضنا البعض.. وفي ظل الظروف الراهنة والتي توجب علينا فعل هذا.. بل تفرضه.. فرضا لازما وأكيدا.. أقول هذا.. في ظل ما نلمسه من تقصير من طرف بعض هذه المنظمات والهيئات الدولية.. والتي تدّعي القيام بواجبها.. لكنها تفعل ذلك غالبا.. بطريقة منقوصة.. وبأسلوب لم يرتق بعد الى ما انتظرناه وننتظره منها.. ربما لأنها تفعله في إطار واجب مهني.. ولا تفعله.. مثلنا.. في إطار تنفيذ واجب انساني وديني وأخوي باعتبار ما يجمع بيننا وأشقائنا الليبيين من أواصر.. ومن قرابة.. ومن حب.. وهذا هو الأهم.. في المسألة برمّتها.. أتصوّر أن الكرة الآن في شباك بعض هياكلنا.. والمطالبة بدعم مثل هذه المبادرات.. بتشجيعها وبتسهيل مهمات تنفيذها.. اعتبارا لظروف المرحلة الحالية.. ووفق التجرّد التام.. من كل عاداتنا القديمة في مثل هذه المسائل.. والتي ظلت تحوّل كل بادرة تعامل أو تعاون عربي الى جريمة تستحق القصاص.