«حمزة» شاب في الحادية والعشرين من العمر ولكنه يبدو أصغر من ذلك بقليل، يعمل نادلا في مقهى لبناني مطل على البحر الوهراني... يستقبلك بابتسامة، وبالكثير من اللطف... مندفع في عمله، يخدمك بكل حب، وبالكثير من الود... سألناه ما إذا كان يعمل في هذا المقهى منذ سنوات فأجاب قائلا «واه (أي نعم) ولكنني أدرس في الجامعة في سنتي الثانية...» هو إذن جامعي، دفعته ظروفه المادية الصعبة إلى العمل والدراسة في الوقت نفسه حتى يتمكن من مواصلة تعليمه في الجامعة، وهو يفعل ذلك بمنتهى الإصرار والرغبة في التمسك بفرصة دراسته الجامعية وهو قطعا أحد الوجوه الجزائرية التي لا نعرفها... وجه شقيق قريب وبعيد في الوقت نفسه... كنا دائما نتحدث عن الجزائري بصفته سريع الغضب، ولكنه في الحقيقة في منتهى الأدب واللطف، يعاملك باحترام ما دمت تبادله الاحترام نفسه، ولكنه في الوقت نفسه قابل للاشتعال غضبا إذا حاول أحدهم مس كرامته وكبريائه... الجزائري تركيبة خاصة جدا في عالم جزائري يضج بالمفارقات... متطرف في صدقه وفي حبه وفي قسوته أيضا... وللتونسي في قلبه مكانة خاصة ويعتبر تونس بلده الثاني الذي يروق له أن يقضي فيه عطلته رفقة العائلة والأصدقاء... كم خسرنا من الوقت ونحن نبحث عن شقيق في أوطان لا تريد أخوتنا، والشقيق قريب منا جغرافيا ونفسيا وثقافيا أيضا... هو الجزائري الذي يحاصرك بلطفه وهو يقول «رانا خاوا، وراكم في بلادكم» وغيره من الكلام الصادق الذي سنحيا به في انتظار أن نقترب أكثر من هؤلاء الأشقاء..