في أواخر أيام رمضان رأيت الفنانة صباح ويا ليتني ما رأيتها بل لم أستطع أن أواصل فلقد غيّرت القناة بسرعة قبل أن يصيبني الغثيان.. رأيتها تتحدث وتحكي في برنامج تلفزيوني بصوت ضعيف وبالكاد تفهمها فلقد كانت كلماتها مبعثرة ومتداخلة.. أما شكلها الخارجي فلقد كان يبعث على العطف والشفقة!! لقد تحولت إلى ما يشبه المومياء.. ولم أفهم لماذا تصرّ على الاستمرار في الظهور حتى وهي بهذا المظهر البائس.. كانت تتكلم بصعوبة!! وكانت تسمع أسئلة المذيع بصعوبة! وكانت تتحرك بصعوبة!! وعندما رأيتها على ذلك الحال تساءلت: أين صباح القديمة من صباح التي أمامنا؟ وأين صباح المتصابية والمصرّة على الاستمرار في الفن رغم أنه لم يعد لديها ما تقدمه.. من صباح الشاحبة.. التي اصابها الذبول على كل المستويات وبكل الصور..؟ أما عندما سمعتها تقول: أنه لم يعد لديها ما تتمناه او تنتظره غير الموت أشفقت عليها أكثر.. وازددت إيمانا بأن «كل قوة للضعف ترجع».. وبأن كل شيء كان من يكون مصيره الزوال والنسيان والاختفاء.. قبل فترة قصيرة جدا كانت صباح تبحث عن زوج جديد بعد أن تزوجت كثيرا.. وغيّرت أزواجها مثلما تغيّر (صباطها) ومع ذلك فهي لم تشبع.. وظلّت تصرّ على التصابي.. والتغنّج.. وتتصرف وكأنها مراهقة.. أو صبية شقية.. أو امرأة لعوب! وكانت تحكي عن مغامراتها.. وزيجاتها.. وخياناتها الزوجية.. وكأنها تحكي عن امرأة أخرى.. فلا حرج.. ولا تحفظ.. ولا خجل.. واليوم وهي كالهيكل العظمي.. وبالكاد تتنفس فإنها جلست أمام الكاميرا وقبلت ان تتصور.. وان تحكي.. وأن تواجه أسئلة المذيع وكأنها مازالت في بداية المشوار! سبحان الله!.. إنني لا أفهم هذه المرأة.. وأعتبرها لغزا من الالغاز رغم أنها تبدو واضحة وشفافة.. وفنانة.. ان الإنسان عادة عندما يضعف وتتراجع قدراته البدنية والذهنية يفضل الانزواء ويختفي عن الأنظار.. ويحبّ أن لا يراه الناس وهو ضعيف بعد أن كان يصول ويجول فلا يمكّن خصومه من الشماتة فيه.. هكذا جرت العادة.. ولكن لكل قاعدة استثناء.. وصباح استثناء في كل شيء بعد أن صارت مثل الشبح فإنها تتصرف وكأنها نجمة كاملة الأوصاف ومعبودة الجماهير..