يوم 8ماي 2017 يكون قد مرّ على «وفاة «الجيلاني الدبّوسي سنة والجيلاني الدبّوسي عرفه الشعب التونسي عضوا في مجلس النوّاب وقد اشتهر بأسلوبه الطريف ونقده اللاذع ومواقفه الجريئة، كما أنّه تحمّل مسؤوليّة رئاسة بلديّة مدينة «طبرقة» سابقا وعلى ذكر» طبرقة».. فإنّ ما أضافه الدبوسي لهذه المدينة من جماليّة وروعة ما زال واضحا للعيان وسيبقى شاهدا على مرّ العصور، وأذكر خاصة مسرح الهواء الطلق الذي انتصب مطلّا على البحر والغابة... وأنا أعرف ما بذله من جهد وما وظّف فيه من معارفه حتى يشاد هذا الصرح الثقّافي الذي يعدّ هو ومهرجان الجاز من مفاخر هذه المدينة .كما أنّي ما زلت أذكر إلى اليوم البرقيّة التي وصلتني من المرحوم وأنا مدير المعهد الثانوي بعين دراهم في الثمانيات ليعلمني أنّ الدولة وافقت على إنشاء مطار في طبرقة وهذا من انجازات التي دافع عنها كذلك. كانت معرفتي بالجيلاني الدبوسي في بداية خمسينات القرن الماضي عندما انتقل مع عائلته من «عين دراهم» ليسكن في باردو «نهج فرنسا»وكان والده ل»خضر زغدود» من المناضلين الوطنييّن .وقد انتقلتُ في نفس الوقت من المهديّة رفقة عائلتي للسكنى في باردو نهج تونس فجَمعت بيننا الحومة بما فيها وقتها من الألعاب موسميّة وخاصة كرة القدم في ملعب «فبريكة الخلّ المشهور»كما جمعت بيننا الدراسة في مدرسة «الفرنكو اراب» بباردو والمعروفة بمدرسة»ما صبي»اسم مديرها.وبقيت علاقتنا متينة وبقي يتردّد عليّ أينما حللت في مختلف الوظائف يطلب إعانته بما يفيد طبرقة» التي أحبّها كثيرا من مساعدات . وقد استمعت أخيرا لابنه الذي تحدّث عن قضية والده التي تعهّد بها القضاء الفرنسي حيث اعتبر الابن أنّ موت والده هي جريمة دولة وجريمة سياسيّة بامتياز إذ يعتبر أنّ والده قد وقع حجزه وتعذيبه لمدّة 30شهرا فقد أودع السجن دون الاستماع إليه ودون بطاقة إيداع والدليل أنّه لا توجد إلى اليوم بطاقة إيداع بالسجن في حقّه وقد طلبها القضاء الفرنسي ولم يحصل عليها إذ هي غير موجودة . وأثناء وجود والده في السجن تعكّرت صحّته وخضع لتصفيّة الدم ويوم 11جوان 2012 جاء إلى مستشفي» شارل نيكول» طبيب ليس له أي دخل في متابعة صحّة الدبوسي وهو المستشار الخاص لوزير الصحّة ومعه 30 عون من القوّة العامة ووكيل الجمهوريّة المساعد وقطعوا عملّة تصفية الدمّ وأخرجوه بالقوّة للسجن وقال وزيرالعدل آنذاك:»يَانَعَم ْ المرناقيّة تداوِي أحْسَنْ من المستشفى»وعقّب الابن قائلا إذن هنالك جريمة دولة 30 شهر دون بطاقة إيداع أمّا الجريمة السياسيّة فهي :»برغم قرار محكمة التعقيب في أوت 2013 الذي ينصّ على أنّ التهم زائفة وأنّ الجيلاني الدبوسي لم يرتكب جرما فإنّ رئيسة محكمة الاستئناف بالكاف لم تأخذ هذا القرار بعين الاعتبار فقال محامو الدبوسي:»درسنا ومارسنا القانون 35 سنة واليوم نرميه في البحر.»ودائما حسب تصريحات ابن الدبوسي الذي قال قدّمنا 20 مطلب إفراج لأسباب صحيّة رفضت كلّها مع العلم أنّ رئيسة هذه الدائرة هي زوجة محامي الشاكي ويضيف:»ولكم التعليق» وعندما طلب السيّد نورالدين البحيري حقّ الردّ استبشرت خيرا وقلت أنّه سيقدّم الحجّة والدليل على عدم صحّة ما قاله ابن الدبوسي ويبيّن لنا هل حقيقة ليس هنالك بطاقة إيداع ؟ هل ما ذكره الابن عند إخراج والده من المستشفى بالقوّة صحيح ولماذا؟ هل برّأت محكمة التعقيب والده كما جاء في تصريحه ؟ إلى غير ذلك من التساؤلات التي كانت تخامر المستمع الذي ما راعه إلّا و السيّد البحيري يواصل التشفّي من الدبّوسي وهو في قبره وبأسلوب ترفضه الأخلاق والتعامل ولم يبرّر أو يدحض ما قاله ابن الدبوسي من تجاوزات بل كَالَ له ولوالده من الشتائم والتهم ما يعتبر تجنّيا على الابن وعلى الوالد الذي انتقل إلى جوار ربّه.. ونصح الابن بتهكّم وتجنّ أن يبتعد عن الدفاع عن والده وحاول أن يجعل الابن يقول أمام التوانسة ما هي الجرائم التي ارتكبها والده وكأنّها حقائق.. في حين أنّها مجرّد تهم نفاها القضاء في مرحلة من مراحل التقاضي فأجابه الإبن:» لو كان هنالك تهم ثابتة لماذا لم يصدر ضدّه حكم هل أنت تعرف أكثر من محكمة التعقيب ؟ لكن البحيري لم تكن له أذن ليسمع ما يقوله الابن بل أجاب أبوك ليس الوحيد الذي مات في السجن.هذا لم أفهمه فمن يستطيع أن يفسّر لي ماذا يقصد البحيري بهذا؟ ثمّ كانت النهاية بردّ دراماتيكيّ للبحيري يدلّ على صلف وغرور واعتداد بالنفس واستقواء على عائلة الدبوسي الذي مات في السجن دون محاكمة حيث قال:»مَاكْ اِشْكِيتْ للقضاء الفرنسي هَانَا نسْتنّاوَ فيه القضاء الفرنسي سَيِّبِ عليك ويَزِّيكْ من الرَوَيِّقْ وَبِيعَانْ الكلام الفارغ للتوانسة وبرّ أستر بوك..." غريب أن يستكثر على هذا الابن محاولة إظهار حقّ والده عن طريق القضاء.وإنّي أسال البحيري :»ماذا سيكون موقفك وموقف نحلتك يا سي البحيري لو قيل هذا الكلام للإسلاميّين الذي ما زالوا إلى يوم يجرون وراء حقوقهم. أم التظلّم والتقاضي حلال عليكم وحرام على غيركم؟وفي الختام أذكّر بالمقولة الشهيرة «ما ضاع حق وراءه طالب « كما أنّ الله قال في سورة ص الآية 25:»يا داود إن جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحقّ ولا تتبع هواك فيُضِلّك عن سبل الله إنّ الذين يَضِلُّون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب» صدق الله العظيم.