الإنطلاق في تكوين لجان جهوية لمتابعة تنفيذ برنامج الشركات الأهلية    عميد المحامين يدعو وزارة العدل الى الالتزام بتعهداتها وتفعيل إجراءات التقاضي الالكتروني وتوفير ضمانات النفاذ الى العدالة    جمعية "ياسين" لذوي الاحتياجات الخصوصية تنظم برنامجا ترفيهيا خلال العطلة الصيفية لفائدة 20 شابا من المصابين بطيف التوحد    وزير السياحة: 80 رحلة بحرية أي قرابة 220 ألف سائح اختاروا الوجهة التونسية في انتعاشة لهذه السياحة ذات القيمة المضافة العالية    اختتام الصالون الدولي 14 للفلاحة البيولوجيّة والصناعات الغذائية    الدورة الثانية من "معرض بنزرت للفلاحة "تستقطب اكثر من 5 الاف زائر.    بودربالة يجدد التأكيد على موقف تونس الثابث من القضية الفلسطينية خلال مؤتمر رابطة برلمانيون من اجل القدس باسطنبول    الكشف عن مقترح إسرائيلي جديد لصفقة مع "حماس"    بطولة انقلترا - غالاغر يمنح تشيلسي التعادل 2-2 أمام أستون فيلا    بطولة ايطاليا : تعادل ابيض بين جوفنتوس وميلان    2024 اريانة: الدورة الرابعة لمهرجان المناهل التراثية بالمنيهلة من 1 إلى 4 ماي    انطلاق فعاليات الدورة السادسة لمهرجان قابس سينما فن    المدرسة الابتدائية سيدي احمد زروق: الدور النهائي للانتاج الكتابي لسنوات الخامسة والسادسة ابتدائي.    القلعة الكبرى: اختتام "ملتقى أحباء الكاريكاتور"    الكاف: قاعة الكوفيد ملقاة على الطريق    سوسة: وفاة طالبتين اختناقا بالغاز    استغلال منظومة المواعيد عن بعد بين مستشفى قبلي ومستشفى الهادي شاكر بصفاقس    بطولة مدريد للتنس : الكشف عن موعد مباراة أنس جابر و أوستابينكو    تعزيز جديد في صفوف الأهلي المصري خلال مواجهة الترجي    طبرقة: المؤتمر الدولي لعلوم الرياضة في دورته التاسعة    جدل حول شراء أضحية العيد..منظمة إرشاد المستهلك توضح    اليوم.. انقطاع الكهرباء بمناطق في هذه الولايات    عاجل/ الرصد الجوي يحذر في نشرة خاصة..    كلاسيكو النجم والإفريقي: التشكيلتان المحتملتان    عاجل/ مذكرات توقيف دولية تطال نتنياهو وقيادات إسرائيلية..نقاش وقلق كبير..    فضيحة/ تحقيق يهز صناعة المياه.. قوارير شركة شهيرة ملوثة "بالبراز"..!!    اكتشاف أحد أقدم النجوم خارج مجرة درب التبانة    بمشاركة ليبية.. افتتاح مهرجان الشعر والفروسية بتطاوين    ليبيا ضمن أخطر دول العالم لسنة 2024    كلوب يعلق على المشادة الكلامية مع محمد صلاح    إمضاء اتفاقية توأمة في مجال التراث بين تونس وإيطاليا    بن عروس: انتفاع قرابة 200 شخص بالمحمدية بخدمات قافلة طبيّة متعددة الاختصاصات    سوسة: القبض على 5 أشخاص يشتبه في ارتكابهم جريمة قتل    برنامج الدورة 28 لأيام الابداع الادبي بزغوان    بن عروس: حجز 214 كلغ من اللحوم الحمراء غير مطابقة لشروط النقل والحفظ والسلامة الصحية    في اليوم العالمي للفلسفة..مدينة الثقافة تحتضن ندوة بعنوان "نحو تفكرٍ فلسفي عربي جديد"    بن عروس: حجز 214 كلغ من اللحوم الحمراء غير مطابقة لشروط حفظ الصحّة    اعتماد خطة عمل مشتركة تونسية بريطانية في مجال التعليم العالي    الإتحاد العام لطلبة تونس يدعو مناضليه إلى تنظيم تظاهرات تضامنا مع الشعب الفلسطيني    القطب المالي ينظر في اكبر ملف تحيل على البنوك وهذه التفاصيل ..    8 شهداء وعشرات الجرحى في قصف لقوات الاحتلال على النصيرات    البطولة الوطنية: النقل التلفزي لمباريات الجولتين الخامسة و السادسة من مرحلة التتويج على قناة الكأس القطرية    مدنين: وزير الصحة يؤكد دعم الوزارة لبرامج التّكوين والعلاج والوقاية من الاعتلالات القلبية    طقس السبت: ضباب محلي ودواوير رملية بهذه المناطق    القواعد الخمس التي اعتمدُها …فتحي الجموسي    السيناتورة الإيطالية ستيفانيا كراكسي تزور تونس الأسبوع القادم    طقس اللّيلة: الحرارة تصل 20 درجة مع ظهور ضباب محلي بهذه المناطق    وزير الفلاحة: "القطيع متاعنا تعب" [فيديو]    بنسبة خيالية.. السودان تتصدر الدول العربية من حيث ارتفاع نسبة التصخم !    تألق تونسي جديد في مجال البحث العلمي في اختصاص أمراض وجراحة الأذن والحنجرة والرّقبة    منوبة: تفكيك شبكة دعارة والإحتفاظ ب5 فتيات    مقتل 13 شخصا وإصابة 354 آخرين في حوادث مختلفة خلال ال 24 ساعة الأخيرة    عميرة يؤكّد تواصل نقص الأدوية في الصيدليات    خطبة الجمعة .. أخطار التحرش والاغتصاب على الفرد والمجتمع    منبر الجمعة .. التراحم أمر رباني... من أجل التضامن الإنساني    أولا وأخيرا...هم أزرق غامق    انطلاق أشغال بعثة اقتصادية تقودها كونكت في معرض "اكسبو نواكشوط للبناء والأشغال العامة"    ألفة يوسف : إن غدا لناظره قريب...والعدل أساس العمران...وقد خاب من حمل ظلما    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المرحلة التونسية من تاريخ الطريقة الشاذلية / تحقيق لمخطوط نادر

لدى حضوري بمناسبة شهر رمضان المبارك 1438ه/2017م الدروس الحسنية إلتقيت
في جلسة صفاء وإشراق روحي ربّاني بكل من الأستاذين الأمريكي «كنت
لهونركمب» (عبد الهادي) والفرنسي «دنيس قريل» (داود) وكان محور الحديث
وموضوعه : الإمام أبو الحسن الشاذلي ومدرسته الصوفية التي امتدّ إشعاعها
من المغرب وهو منبتها إلى المشرق حيث انتشرت وازدهرت وتوسع هذا الانتشار
والاشعاع ليصل إلى بلاد الغرب في أوروبا والأمريكتين وكان الإلحاح من
الأستادين عبد الهادي وداود علي شديدا بأن أجمع ما كتبته طيلة السنوات
الماضية من مقالات وبحوث ذات صلة بالإمام الشاذلي وكل ما يتصل به من آثار
(أحزاب وحكم ومأثورات) و غير ذلك ممّا يتعلق بتلاميذه ومن ساروا على دربه
و ما يقام في المغارة والمقام الشاذلي بتونس من أنشطة ومواسم دينية على
مدار السنة وفي الموسم السنوي الصيفي وقد وعدتهما بتحقيق ذلك بإذن الله
في مستقبل الأيّام.
حدّثنا في تلك الجلسة الأستاذ عبد الهادي عن عثوره على مخطوط هو عبارة عن
تقييد في ترجمة وأحوال الشيخ أبي الحسن الشاذلي من تأليف عبد النور محمد
بن أحمد العمراني (685ه/1286م بعد 750ه/1349م) وقيامه بدراسته وتحقيقه
ونشره نشرة علمية وقد صدر عن دار المشرق اللبنانية في طبعة أولى سنة
2012.
وأهميّة هذا المخطوط حسب ما جاء في فهرس مخطوطات القرويين لمحمد العابد
الفاسي أنّ هذا التقييد تضمن ما ذكره المؤلف و ما تلقاه من أقوال الشيخ
أبي الحسن عن الشيخ الصالح الولي الفاضل أبي العباس أحمد بن عبد المحسن
المرادي الشهير بالجامي ممّا تلقاه عن فضلاء أصحاب أبي الحسن الشاذلي
الذين أدركهم وانتفع بهم وصحبهم مثل الشيخ الصالح أبي عبد الله ابن سلطان
وغيره.
وهذه المخطوطة التي تولى تحقيقها الأستاذ عبد الهادي ذات أهمية كبيرة
باعتبار ما تضمنته من اظافات على ما في لطائف المتن لابن عطاء الله ودرة
الأسرار لابن الصباغ والمفاخر العليّة لابن عباد.
والعمل الذي قام به الأستاذ عبد الهادي في تحقيق هذا التقييد يتمثل في
مقدمة ضافية عرّف فيها بالمخطوط ودقق نسبته لصاحبه وترجم له معرّفا
بمكانته العلمية وفضله بالعودة إلى أمهات الكتب التي عرفت بالعلماء
والصلحاء في بلاد المغرب الكبير منتهيا إلى القول « بأنّ معرفة عبد النور
(مؤلف هذا التقييد) تجاوزت ميدان الفقه ورواية الحديث إلى التصوّف الذي
دفعه في السنين الاخيرة من عمره إلى السفر إلى تونس للبحث عن تلاميذ ابي
الحسن الشاذلي هناك... حيث التقى بابي العبّاس أحمد بن عبد المحسن الجامي
الذي كان على صلة بعدد من تلاميذ أبي الحسن الشاذلي مدّة إقامته في تونس
– لقد جمع عبد النور عن طريق الجامي أقوال وأحزاب الطريقة وقصصها فكتبها
وعاد بها إلى فاس وألف بها كتاب مناقب ابي الحسن الشاذلي) انظر الصفحة 15
من التقييد.
وختم الأستاذ عبد الهادي بملاحظات هامة حيث قال: إن التمحيص الدقيق في
كتاب المناقب و في المصادر المغربية التي أشارت إليه نستخلص بعض
الملاحظات حول هذا النص والطريقة التي أثرى بها معرفتنا بالطريقة
الشاذلية في أوّل عهدها في كل من المغرب وتونس:
1 إن نقاط التشابه بين هذا النص ونص ابن الصباغ تقرّ بوجود جماعة من
الفقراء وكان اهتمامهم بالأصول المكتوبة من أوّل عهد نزول ابي الحسن
الشاذلي في تونس و قل من أشار إليهم أو ردّ إليهم اهتمام الباحثين بعد
رحلة الشيخ الشاذلي إلى مصر.
2 إن السند المذكور في كتاب المناقب مكننا من معرفة أن جزء من
استشهادات ابن الصباغ تنتمي إلى فرع الطريقة الشاذلية في تونس – هذا ما
لا يساعد – في درة الأسرار – في معرفة من يروي أخباره هل هي من أصل تونسي
أو مصري؟.
3 في الاشارات التي نجدها في المصادر المغربية – مثل الرسائل الكبرى
لابن عبّاد ومرآة المحاسن لمحمد العربي الفاسي وكتاب الأساليب لابن
السكاك – ما يؤكد العلاقة الأولية بين الطريقة الشاذلية في فاس وتونس.
4 تبين أن ابن عبّاد الرندي قد لعب دورا محوريّا بين الطريقة الشاذلية
في فاس وتونس ثم في الأندلس ومصر بمجموعتيه الرسائل الصغرى والكبرى وشرحه
للحكم فقد كان تلميذا لعبد النور صاحب (التقييد) من جهة ومعرفا بأعمال
ومؤلفات ابن عطاء الله في فاس والاندلس من جهة أخرى، بذلك أصبح ابن عبّاد
أفضل ممثل لتعاليم الطريقة الشاذلية من أصولها في المغرب وتونس، و ذكر
أحمد زروق في كلامه عن أصول القوم القاعدة الثانية بأنه شهود المنة
باستصحاب الشكر ويجرى ذلك في الجلب والدفع دينا وعلما وعملا وحالا وعليه
مدار طريق الشاذلية وتحريرها في كتب ابن عطاء الله وزبدتها في رسائل ابن
عباد وشرحه وما جرى مجرى ذلك) من عدّة المريد الصادق لأحمد زروق ص432.
ويعرض الأستاذ عبد الهادي بعد ذلك منهجة في تحقيق هذا التقييد وذلك بوصف
المخطوطة المعتمدة وكيف أنه قسم النّص إلى واحد وسبعين فقرة في أحجام
متفاوتة وذلك حسب الرواية الواردة في النّص تتوافق مع هذه الصيغة وتيسر
عملية تحليل النص ومقارنة استشهادات مناقب ابي الحسن بالأخرى التي توجد
مثلا في درّة الأسرار ولطائف المنن فقد كان لابن الصباغ (مؤلف درّة
الأسرار) معرفة مباشرة بتلاميذ الشيخ الشاذلي في تونس خاصة بماضي ابن
سلطان وعلى الرغم من أن عبد النور قد جاء تقريبا بعد عشرين سنة من ابن
الصباغ فقد كانت له كذلك معرفة باحد ممثلي الطريق في تونس وكان تلميذا
لابن عبد الله ابن سلطان وأخيه ماضي ابن سلطان.
وقد اتبع المحقق هذا العمل العلمي بفهارس متعددة مععرض لمضامين الكتاب
المحقق باللغة الأنقليزية.
ويسجل المحقق الدكتور عبد الهادي ما بين كتاب المناقب وكتاب دّرة الأسرار
من نقاط ائتلاف كثيرة ويلاحظ أن ابن الصباغ لم يسهب في دراسته للطريقة
الشاذلية في تونس بينما أفرد عبد النور في كتاب المناقب هذه الطريقة
بمزيد من العناية والبحث الشيء الذي ساعدنا في فهم وبتعمق الطريقة
الشاذلية في تونس من ذلك أننا وجدنا أربعة وثلاثين نصّا من بين واحد
وسبعين نصّا في كتاب المناقب لا توجد في كل من درة الأسرار ولا في لطائف
المنن وقد أشار إلى هذه النصوص بوضع علامة قبل كل واحد منها.
هكذا مضي الدكتور عبد الهادي في رسم المنهج الذي إتبعه في هذا العمل
العلمي الجاد الذي أنجزه بدقة وصرامة وتوثيق اعتمد فيه كل المصادر
والمراجع التي عاد إليها و ضمن عناوينها ومكان وتاريخ نشرها في تحقيقه
مما جعل هذا العمل يصل إلى القارئ على أحسن الوجوه وأتمها وتلك خاصية
ينبغي أن تسجل للباحثين الغربيين.
إن هذا العمل العلمي الجاد الذي قام به الدكتور عبد الهادي الباحث
والأستاذ الجامعي والمفكر الاسلامي الأمريكي ذي الصلاة المتينة بالأوساط
العلمية في البلاد العربية والاسلامية و في المغرب الأقصى بالخصوص حيث
يقضي سنويّا جزءا من السنة الجامعية مدرسا في جامعات المغرب، هذا العمل
يحسب ويسجّل له بكل تقدير فقد أماط اللثام عن مخطوط هام يسلط الأضواء على
المرحلة التونسية من تاريخ الشاذلية التي ظلت المعلومات عنها ضئيلة ولم
تأخذ حظها من البحث رغم أن مخطوط المناقب موجود في مكتبة مغربية.
ولا أذيع سرّا عندما أقول أنني شخصيّا حصلت عن طريق أحد الأصدقاء
المغاربة وقبل سنوات على صورة لمخطوط هذا التقييد ومع ذلك فإن تحقيقه
وإخراجه أبى الله إلا أن يكون على يدي هذا الباحث الأمريكي المسلم وذلك
فضل الله يؤتيه من يشاء ولقد كان سروري كبيرا لما فاجأني الدكتور عبد
الهادي في الليلة الأخيرة من رحلتي المغربية.
وقد سلمني الدكتور عبد الهادي صورة من هذا الكتاب وصلته للتوّ من الناشر
بلبنان فشكرا له على هذا العمل العلمي الجاد الذي قام به على هديته و قد
تواعدنا بأن تكون محور عرض يقدمه في لقاء تنظمه إن شاء الله مؤسسة الحبيب
المستاوي للبحوث والدراسات العلمية حول الإمام ابي الحسن الشاذلي في
المستقبل القريب وتكون فرصة للدكتور عبد الهادي لزيارة المقام والمغارة
الشاذلية بتونس التي لم يزرها قبل والله المستعان على ذلك وغير ذلك.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.