لسنا هنا لنخيّر العنف على القتل لشيوخنا وكبيرات السن بل لنرشّد الجميع الى ما فيه احترام مسنّينا لان فيهم اباء وجدود لنا ومنهن جداتنا واصالتنا وتاريخنا وتراثنا ولا ننس انهن امهات لنا تحت اقدامهن وضعت الجنة ،فالام التي حملت وانجبت وتعبت وربّت وصبرت لا يجب ان نجازيها بما لا تحمد عقباه ولا نبرّر ذلك بما ياتيه الفاعل من مسكرات ومخدرات ومغيّبات عن الرشد والرشاد والمهلكات والمفسدات فاين العقل قبل ايتاء ما لا تحمد عقباه ، لنترك العقل صاحيا " والمقدّر لا يكون الا خيرا ،اذا سبقه الخير"واظن ان قاتل العجوزة – رحمها الله – لو صحا لحظة قبلا لن يكون راضيا عما اقترفته يداه ،ولكن من نلوم وكيف نلوم الوضع المكلوم والاتجاه المسموم والقرار المشؤوم ، اظن ان الوضع في البلاد يجب مراجعته من الاساس لان الامر اذا تواصل على هذا المنحى سيوصلنا الى اتون الدمار الشامل وبالتالي سنسعى الى خنق انفسنا بايدينا. ويبقى الحل اولا مطروحا على طاولة السياسيين الذين نراهم يسعون الى علوّ العمارة وتشييد الطابق الاقتصادي والحضاري الى مستوى الطابق العشرين ناسيين ان المهندس نسي الاسس والاساس وبالتالي لم يخطط لشد الاعماق حتى تكتمل الافاق ؟ ولان الاصلاح يجب الا يطول انتظار فتحه على جميع الواجهات من اجل الردع والجدع لان المرض اصاب نخاع مجتمع الاخلاق الحميدة التي تربى عليها وطننا المتجذّر في الروابط الاسرية .فما جرى من قتل الاباء والامهات في الفترة الاخيرة لم نقرأه في كتبنا القديمة ، والاغرب من ذلك انه حتى الابناء هم الذين اصبحوا يهددون آباءهم بالقتل على "نزوة ونزعة وصبوة ورغبة الزطلة التدميرية " كأن الادمان هو المتهم الاوّل فيما يجري ويصير لعائلاتنا المهزوزة التي صارت تقرأ للقريب الف حساب من التوجّس والخيفة من الجريمة الكاملة ..وحتى جداتنا اللائي كنّ يستانسن بوحدتهن وبجيرانهن عن قرب وعن بعد لم يعدن يتمتعن بالحماية الاسرية المعهودة وصرن يخفن حثيث الهزيع الاخير من الليل البهيم .. ربّما تغيرت نواميس الحياة بعد الثورة في مجتمعنا المحافظ والمتغيّر واصبحت تميح الى القفز على الواقع ، وفعلا قفزت الى الضفة المقابلة الحالكة فغرقنا في ادران المآسي وليت الوعي الاجتماعي يعود الينا لننقذ ما يمكن انقاذه لان مجتمعنا التونسي هو احلى مجتمع في التآخي والتآزر والوحدة والقناعة والتربية الشاملة ، وقديما حسب المأثور الاجتماعي كانت الالفة تجمعنا وكثيرا ما كان "مثال الاخوة من الرضاع" شائعا بحكم القرب الاسري اذ كانت كبيرة الحومة هي التي تؤم اطفال الحارة في مشهد تآزري أُلفويّ لا مثيل له لا في الهند ولا في السند ورغم ان الاسر الجديدة تفتحت على الخصوصية الذاتية المتستّرة والمبنية على حب التملك والسرية فعلى الاقل لا نقتل حبنا لبعضنا وألفتنا التاريخية التي بصمت مجتمعنا منذ القدم ، وان غدا لناظره قريب ، وسوف يعود لمجتمعنا المعالج الكفء والطبيب الاجدر بالشفاء..والله المجيب .