فضح قرار دونالد ترامب نقل السفارة الأمريكية إلى القدس الشرقية والاعتراف بالقدس عاصمة أبدية لدولة الاحتلال، حقيقة مواقف أغلبية الدول والشعوب من القدس ومن حقوق الشعب الفلسطيني كما فضح القرار حقيقة التغلغل الصهيوني في البنية النفسية والذهنية لبعض المواطنين العرب، وهو تغلغل نجح وباقتدار بعد أكثر من عقدين على إهمال منظومة التعليم العربية في المدارس والكليات والجامعات التركيز والاهتمام بالقضية الفلسطينية وفضح المنطق الصهيوني وبخاصة التاريخي منه المتعلق بالقدس وتاريخ هذه المدينة وأهميتها، حيث سمح هذا الإهمال بالتعامل مع قضية العرب الأولى على أنها قضية "باردة" لا تمثل أولوية لدى الحكومات والشعوب العربية وتحديداً بعد عهد أوسلو وبخاصة في الفترة التي تلت وفاة الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات الذي كان يعطي للقضية حضوراً استثنائياً في كل الأبعاد. أذكر أن كتب التاريخ قبل ما يسمى بعملية السلام كانت تركز بدقة على طبيعة الصراع مع إسرائيل وكانت تُحصن من الناحية العملية طلاب العلم وفي كل مراحله ومستوياته ضد "الغزو الفكري والثقافي" الذي كان يهدف إلى تزييف الحقائق، واليوم نجد أن كتب التاريخ باتت مجرد عناوين عابرة على مراحل ليست لها قيمة في تاريخنا البعيد ولا في تاريخنا الحاضر، أي بمعنى أن هناك نهجاً خطيراً بدا منذ الألفية الجديدة وربما قبلها بسنوات هدفه 'تجهيل أجيال كاملة' بحاضرها وتاريخها ومستقبلها. نجح الغزو الفكري والثقافي في تحويل أجيال من شبابنا إلى "جهلة غير مكترثين" بما يدور حولهم من أحداث وتطورات دموية منعزلين عن هموم شعوبهم وأمتهم وملتصقين في الوقت ذاته "بالعالم الافتراضي" الذي أوجده الانترنت وتطبيقاته المختلفة، وهو عامل آخر زاد من ذلك 'الاغتراب الثقافي والفكري' لجيل الشباب العربي كما نجح وبكل أسف في تحويل بعض ممن يتصدرون المشهد السياسي الرسمي أو الشعبي إلى حالة مضحكة جديرة بالازدراء بسبب جهلهم وبسبب 'تلوثهم الفكري' . لقد سمعت أحدهم يقول وبكل ثقة أن القدس لم تكن يوماً عربية – فلسطينية وإن ما قرأه من التاريخ حول المدينة المقدسة يشير بوضوح إلى أن المدينة هي مدينة يهودية !! من الواضح أن هذا الرجل الذي تحدث بصفته باحثاً في التاريخ لا يريد الانتقاص من الحق الفلسطيني ولكن ثقافته رغم حصوله على الدكتوراه في التاريخ هي "ثقافة ملغومة" ،"مشوشة" يتحدث بها بكل ثقة وهو لا يعلم أنه بات بوقاً للدعاية الصهيونية بشأن القدس، هذا الشخص وغيره باتوا 'منابر' للدعاية الصهيونية بعلم أو بغير علم بشأن القدس وغيرها من القضايا التي تتفرع عن الصراع الفلسطيني – الصهيوني .