ماذا يحدث عندما يلتقي الجيش السعودي بنفقاته العالية على التسلح مع حروب إيران المنسقة؟ يتساءل أفشون أستوفار مؤلف كتاب “طليعة الإمام: الدين والسياسة والحرس الثوري الإيراني” والأستاذ المساعد في كلية الدراسات العليا البحرية. ويقول بمقالة نشرها موقع مجلة “فورين بوليسي” إن القوى الوكيلة عن إيران والسعودية تخوض حرب منافسة شرسة في سوريا واليمن ومنذ عام 2011. فقد توصل الطرفان، على ما يبدو أن حربا مباشرة لا تخدم مصلحتهما، ولكن لا يعني هذا غياب مخاطر التصعيد. والخطر سيزداد مع قرار الرئيس دونالد ترامب بشأن الإتفاقية النووية الإيرانية التي هدد بالخروج منها. وقد يقود هذا إلى زيادة في الاستفزازات العسكرية الإيرانية بالمنطقة ورد على أي عملية سعودية. ولكن ما هو شكل المواجهة ونتيجتها؟ يرى أستوفار انه من السهل تقييم طبيعة المواجهة بين طهران والرياض أكثر من التكهن بالمنتصر. فنتيجة الحرب تعتمد على الشكل النهائي الذي ستتخذه. فحجم وقدرات البلدين مختلفة، فإيران لديها قوتين عسكريتين- الحرس الثوري الإسلامي والقوات النظامية (أرتيش) المكونة من قوات جوية وبحرية وفروع للقوات البرية. ويقدر عدد القوات النظامية بحوالي 350.000 جندي وتسيطر على كل القدرات التقليدية العسكرية الإيرانية، خاصة الجوية والبحرية. وفي المقابل يبلغ عدد قوات الحرس الثوري 125.000 مقاتلا وتسيطر على الحروب المنسقة وكذا برامج الدرون والصواريخ الباليستية في الخارج. ويقود فرع عملياتها الخارجي “فيلق القدس″ العمليات والعلاقات مع وكلاء إيران في سوريا والعراق وأماكن أخرى. وتأثرت الترسانة العسكرية الإيرانية ومنذ ثمانينات القرن الماضي بالعقوبات الأمريكية التي حدت من قدرتها على شراء التكنولوجيا المتقدمة وتحديث صناعتها بشكل ترك ترسانتها قديمة وضعيفة. ووصلت النفقات العسكرية الإيرانية في عام 2016 إلى 12.3 مليار دولار مقارنة مع جارتها السعودية التي تعد واحدا من أكبر مشتري السلاح في العالم بميزانية 63.7 مليار دولار عام 2016 و 69.4 مليار دولار عام 2017. وتظل التكنولوجيا الدفاعية الإيرانية أقل من مستوى التكنولوجيا في دول المنطقة. وتستخدم القوات الإيرانية طائرات قديمة مثل أف-5 وأف-14 تومكات والتي يتم تحديثها محليا من الطائرات التي ورثتها عن نظام الشاه. وبنفس السياق فقدرات إيران المدفعية هي خليط من الترسانة التي كانت قبل عام 1979 مثل أم 60 إي 1 الأمريكية والسوفييتية مثل تي -72أس والتي اشترتها طهران من روسيا في التسعينات من القرن الماضي. ولأنها لم تكن قادرة على تحديث طيرانها فقد استثمرت إيران وبكثافة ببرامج الصواريخ الباليستية حتى تحتفظ بالتفوق على جيرانها. ولديها صواريخ أرض- أرض من مختلف الانواع مثل ذو الفقار بمدى 435 ميلا وشهاب- 3 بمدى 994 ميلا، وتستطيع استهداف التجمعات السكانية والمنشآت الحيوية في السعودية. وأعطت هذه الترسانة الصاروخية إيران قوة ردع ضد أي محاولة هجوم ضدها. وكشفت إيران عن قدراتها الصاروخية في حزيران (يونيو) 2017 عندما أطلقت 6 صواريخ شهاب على مواقع لتنظيم الدولة في مدينة دير الزور – شرق سوريا التي تبعد 435 ميلا من مكان انطلاقها في غرب إيران. وبعيدا عن قوة الردع هذه فقد استثمر الحرس الثوري في تطوير أسلحة أقل كلفة يمكن من خلال مواجهة الأعداء عبر الحروب المنسقة. وأهمها الأسطول البحري الكبير للحرس المكون من زوارق سريعة متعددة الأحجام ويمكن تحميلها بمقذوفات صاروخية بحجم 107 ميلمترا ومدافع ثقيلة وصواريخ مضادة للسفن أو يكن تحميلها بالمتفجرات وتفجيرها على طريقة الكاميكاز وسط الأعداء. وتعتبر هذه الوسيلة الرئيسية للحرس الثوري في أي هجوم بحري ضد الأعداء.
القدرات السعودية وتظل القوة السعودية أقل حجما ولكنها مجهزة بشكل جيد. وتخضع قواتها البرية والجوية والبحرية تحت قيادة وزارة الدفاع. وبالإضافة للقوات المساعدة: الحرس الوطني والحرس الملكي وقوات الحدود التابعة لوزارة الداخلية، فعدد القوات السعودية يصل إلى 250.000 جنديا تقريبا وتنبع قوتها من سلاح الجو والدفاعات الجوية وتملك القوات الجوية عددا من مقاتلات أف-15 سي/د إيغل و وأف 15 سترايك إيغل ومقاتلات تورنيدو المتعددة المهام و 72 يوروفايتر تايفون. ولدى سلاح الجو السعودية قدرات مهمة تعتمد على بطاريات باتريوت الامريكية المتمركزة في المنشآت الحيوية والقواعد العسكرية والتجمعات السكانية. ولدى السعودية قدرات صغيرة لكنها نامية من الصواريخ الباليستية. وتملك قوة الصواريخ الإستراتيجية عشرات من الصواريخ الصينية المتوسطة المدى (دي أف-3) ويصل مداها إلى ما بين (2.485 – 3.100 ميلا). وبالطبع فالقدرات العسكرية هي أمر ولكن الفعالية في ساحة المعركة هي شيء آخر. كما أن التجربة مهمة ويمكن أن تساعد على تحديد مظاهر الضعف وتعزيز مكامن القوة. ولدى الدولتان خبرات في ساحات الحرب وإن كانت بطرق ومناسبات مختلفة.