تفاصيل الاحكام السجنية الصادرة في قضية "التسفير"    دعما للتلاميذ.. وزارة التربية تستعد لإطلاق مدارس افتراضية    ترامب يبحث ترحيل المهاجرين إلى ليبيا ورواندا    الدوريات الأوروبية.. نتائج مباريات اليوم    جلسة عمل بين وزير الرياضة ورئيسي النادي البنزرتي والنادي الإفريقي    نصف نهائي كأس تونس لكرة اليد .. قمة واعدة بين النجم والساقية    ملكة جمال تونس 2025 تشارك في مسابقة ملكة جمال العالم بالهند    مهرجان «كنوز بلادي» بالكريب في دورته 3 معارض ومحاضرات وحفلات فنية بحديقة «ميستي» الاثرية    تونس: مواطنة أوروبية تعلن إسلامها بمكتب سماحة مفتي الجمهورية    الاتحاد الجهوي للفلاحة يقتحم عالم الصالونات والمعارض...تنظيم أول دورة للفلاحة والمياه والتكنولوجيات الحديثة    تحسّن وضعية السدود    معدّل نسبة الفائدة في السوق النقدية    عاجل: بينهم علي العريض: أحكام سجنية بين 18 و36 سنة للمتهمين في قضية التسفير مع المراقبة الإدارية    القيروان: هلاك طفل ال 17 سنة في بحيرة جبلية!    اللجنة العليا لتسريع انجاز المشاريع العمومية تأذن بالانطلاق الفوري في تأهيل الخط الحديدي بين تونس والقصرين    تحيين مطالب الحصول على مقسم فردي معدّ للسكن    المانيا.. إصابة 8 أشخاص في عملية دهس    تونس تسجّل أعلى منسوب امتلاء للسدود منذ 6 سنوات    عاجل/ تحويل جزئي لحركة المرور بهذه الطريق    مأساة على الطريق الصحراوي: 9 قتلى في حادث انقلاب شاحنة جنوب الجزائر    عاجل: إدارة معرض الكتاب تصدر هذا البلاغ الموجه للناشرين غير التونسيين...التفاصيل    عاجل/ أمريكا تجدّد غاراتها على اليمن    تونس تستعدّ لاعتماد تقنية نووية جديدة لتشخيص وعلاج سرطان البروستات نهاية 2025    اتخاذ كافة الإجراءات والتدابير لتأمين صابة الحبوب لهذا الموسم - الرئيسة المديرة العامة لديوان الحبوب    النّفطي يؤكّد حرص تونس على تعزيز دور اتحاد اذاعات الدول العربية في الفضاء الاعلامي العربي    عاجل/ زلزال بقوة 7.4 ودولتان مهدّدتان بتسونامي    الشكندالي: "القطاع الخاص هو السبيل الوحيد لخلق الثروة في تونس"    الليلة: أمطار رعدية بهذه المناطق..    جريمة قتل شاب بأكودة: الإطاحة بالقاتل ومشاركه وحجز كمية من الكوكايين و645 قرصا مخدرا    مدنين: مهرجان فرحات يامون للمسرح ينطلق في دورته 31 الجديدة في عرس للفنون    عاجل/ تسجيل إصابات بالطاعون لدى الحيوانات..    غرفة القصّابين: أسعار الأضاحي لهذه السنة ''خيالية''    منوبة: احتراق حافلة نقل حضري بالكامل دون تسجيل أضرار بشرية    سليانة: تلقيح 23 ألف رأس من الأبقار ضد مرض الجلد العقدي    مختصون في الطب الفيزيائي يقترحون خلال مؤتمر علمي وطني إدخال تقنية العلاج بالتبريد إلى تونس    فترة ماي جوان جويلية 2025 ستشهد درجات حرارة اعلى من المعدلات الموسمية    الانطلاق في إعداد مشاريع أوامر لاستكمال تطبيق أحكام القانون عدد 1 لسنة 2025 المتعلق بتنقيح وإتمام مرسوم مؤسسة فداء    حزب "البديل من أجل ألمانيا" يرد على تصنيفه ك"يميني متطرف"    جندوبة: انطلاق فعاليات الملتقى الوطني للمسرح المدرسي    فيلم "ميما" للتونسية الشابة درة صفر ينافس على جوائز المهرجان الدولي لسينما الواقع بطنجة    كلية الطب بسوسة: تخرّج أول دفعة من طلبة الطب باللغة الإنجليزية    بطولة افريقيا للمصارعة بالمغرب: النخبة التونسية تحرز ذهبيتين في مسابقة الاواسط والوسطيات    خطر صحي محتمل: لا ترتدوا ملابس ''الفريب'' قبل غسلها!    صيف 2025: بلدية قربص تفتح باب الترشح لخطة سباح منقذ    تطاوين: قافلة طبية متعددة الاختصاصات تزور معتمدية الذهيبة طيلة يومين    إيراني يقتل 6 من أفراد أسرته وينتحر    الرابطة المحترفة الثانية : تعيينات حكام مقابلات الجولة الثالثة والعشرين    الأشهر الحرم: فضائلها وأحكامها في ضوء القرآن والسنة    الرابطة المحترفة الأولى (الجولة 28): العثرة ممنوعة لثلاثي المقدمة .. والنقاط باهظة في معركة البقاء    ريال بيتيس يتغلب على فيورنتينا 2-1 في ذهاب قبل نهائي دوري المؤتمر الاوروبي    أبرز ما جاء في زيارة رئيس الدولة لولاية الكاف..#خبر_عاجل    الصين تدرس عرضا أميركيا لمحادثات الرسوم وتحذر من "الابتزاز"    الجولة 28 في الرابطة الأولى: صافرات مغربية ومصرية تُدير أبرز مباريات    صفاقس ؛افتتاح متميز لمهرجان ربيع الاسرة بعد انطلاقة واعدة من معتمدية الصخيرة    "نحن نغرق".. نداء استغاثة من سفينة "أسطول الحرية" المتجهة لغزة بعد تعرضها لهجوم بمسيرة    خطبة الجمعة .. العمل عبادة في الإسلام    ملف الأسبوع.. تَجَنُّبوا الأسماءِ المَكروهةِ معانِيها .. اتّقوا الله في ذرّياتكم    أولا وأخيرا: أم القضايا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الاشتراكيون اليساريّون يردّون على حركة التجديد:

"كفانا تآمرا وابتزازا وانتهازيّة ...الوقائع عنيدة والحقيقة وحدها ثورية"
حصلت "السياسيّة" على نص خطاب توجّه به التيار الاشتراكي اليساري للهيئة السياسية لحركة التجديد ردّا على رسالة سابقة ، وتهجّم الاشتراكيون اليساريون على ما اعتبروه مغالطات للرأي العام بخصوص انسحابهم من "المبادرة الوطنيّة للديمقراطية والتقدّم" وإقدامهم على الترشّح في إطار قائمات مستقلة للتشريعيّة المقبلة، في ما يلي نص الخطاب الاشتركي اليساري:
نعم للعقل والتعقل...لكن... !!
(ردا على رسالة الهيئة السياسية لحركة التجديد إلى قياديي وأعضاء الحزب الإشتراكي اليساري)
توجهت الهيئة السياسية لحركة التجديد برسالة إلى "قياديي وأعضاء الحزب الإشتراكي اليساري"، بتاريخ 24 سبتمبر 2009 حول قرارنا "بالإنسحاب من قائمات 'حركة التجديد/ المبادرة الوطنية من أجل الديمقراطية والتقدم' في الإنتخابات التشريعية" عبّرت فيها عن "منتهى الأسف" لهذا القرار وأكدت تمسكها "بحقها" "الطبيعي" في "تزكية المترشحين" في القائمات التشريعية باعتبارها "الحزب القانوني الحاضن للمبادرة" وأمعنت في تهجمها على الرفيق نوفل الزيادي، وقامت بتوزيعها ونشرتها على صفحات الطريق الجديد.
ولنا خلافات جوهرية مع مضمون هذه الرسالة تتعلق خاصة بتصور حركة التجديد للعمل المشترك مع الأحزاب التي لم تحصل بعد على تأشيرة العمل القانوني وبتعاملها مع الرأي المخالف، نود توضيحها.
الوقائع عنيدة
ادعت الهيئة السياسية لحركة التجديد أنها تلقت قرارنا بالإنسحاب عبر وسائل الإعلام، غير أن سير الأحداث والوقائع يؤكد عكس ذلك. فقد اتصل الرفيق منور السعيدي بأحد أعضائها الرفيق سليم بن عرفة، وذلك يوم السبت 19 سبتمبر 2009 وأعلمه رسميا بأننا إذا لم نتلق في مساء ذات اليوم تراجعا من قبل حركة التجديد عن اعتراضها على ترأس الرفيق نوفل الزيادي القائمة التشريعية بدائرة منوبة واعتذارا عن تدخلها السافر في شؤوننا الداخلية فإننا سوف ننسحب من قائمات "المبادرة" ونشارك في الإنتخابات بقائمات مستقلّة.
ولم نكتف بذلك، بل اتفقنا مع قيادة حزب العمل الوطني الديمقراطي أن تتصل بالهيئة السياسية لحركة التجديد للنقاش معها من جديد حول طلبنا. وقد قامت بذلك فعلا ولم تتوصل معها إلى حلّ. وكان الرفيق عبد الرزاق الهمامي أعلمنا بذلك حالما انتهي اللقاء.
ولمّا تيقننا من حركة التجديد متمسكة بموقفها ولا تعتزم التراجع، ونحن عشية تقديم القوائم للتشريعية، قررنا الإنسحاب من قوائم "حركة التجديد/المبادرة" والإستعداد العملي للمشاركة في الإنتخابات بقوائم مستقلة.
تلك هي وقائع ثابتة لا يمكن للرفيق سليم بن عرفة وللهيئة السياسية إنكارها. لذلك فإننا نعتبر أن ما ورد في الرسالة مغالطة وسعي إلى المساس من مصداقيتنا.
القانونية لا تمنح حركة التجديد "حق تزكية المرشحين"
لقد انطلقت الهيئة السياسية لحركة التجديد من "معطى" اعتبرته "بديهي" "معلوم" لدى "الجميع" مفاده القائمات الإنتخابية للمبادرة هي سياسيا جبهة وهي "قانونيا وعمليا قائمات حركة التجديد"، كي تمنح نفسها "الحق الطبيعي" "للنظر في الترشحات" وفي "تحمّل مسؤولية تزكية المترشحين" في قوائم "المبادرة" وانتهت إلى القول أن ذلك "لا يعد تدخلا في الشؤون الداخلية للأحزاب المتحالفة" و"لا مسا باستقلالية قرار(ها)".
وهو موقف نختلف معه تماما تأسيسا على ما يلي:
أولا، إن "المعلوم" لدينا هو حركة التجديد هي المسؤول على العلاقة بالإدارة رسميا باعتبارها صاحبة التأشيرة القانونية، لكن فيما يتعلق بالتوجّه للعموم كلّنا على قدم المساواة في المسؤولية. وكان لنا خلافات تتعلق ب"التغافل" عن ذكر "المبادرة" أو مكوناتها في العديد من المناسبات والتي غالبا ما كنّا تجاوزناها اعتمادا على "حسن النيّة". ونؤكد على أننا لم نكن "نعلم" أن "القانونية" تحوّل قائمات المبادرة إلى "قائمات حركة التجديد"، ولم نسمع من أي مسؤول في الحركة مثل هذا القول من قبل.
ثانيا، إن "القانونية" في الإنتخابات مركّبة من عنصرين أساسيين، واحد يتعلق بالأحزاب القانونية باعتبارها تتقدم للتنافس حول تمثيل الشعب في مجلس النوّاب، والثاني يتعلّق بحق المواطن في الترشح للإحراز على ثقة الناخبين لتمثيلهم في المجلس النيّابي. وهو حق يستمد مشروعيته من الإقتراع العام الذي يمثل ركيزة من ركائز النظام الجمهوري.
لذلك فإننا نعتقد أنه ليس من حق أي حزب أن يحتكر لنفسه باسم القانونية حقا منحه الدستور والنظام الجمهوري للمواطن، ونحن باعتبارنا حزبا لم يحصل بعد على تأشيرة العمل القانوني مؤلفا من مجموعة من المواطنين الراغبين في التوجه للناخبين بمناسبة هذا الإستحقاق للفوز بثقتهم نرفض أن تنتزع منّا حركة التجديد هذا الحق باسم "قانونيتها".
ثالثا، إن "حق النظر في الترشحات" و"مسؤولية تزكية المترشحين" ليس شأنا "قانونيا وعمليا" بل سياسي بامتياز، باعتباره يتعلق بتقديم ممثلين سياسيين، للتحالف الإنتخابي ولمكوّناته، أمام الناخبين للسّعي إلى الفوز بثقتهم. وعلى هذا الأساس فإن مختلف مكونات "المبادرة" لها نفس الحق في هذا الشأن، ولا تملك حركة التجديد أية مشروعية لاحتكاره لفائدتها، وإن فعلت فهي تعتدي على حقوق حلفائها وتمسّ من استقلاليتهم وتتدخل في شؤونهم الداخلية، وخاصة إذا خوّلت لنفسها ذلك ومنعته على غيرها. وهو ما قامت به فعلا، إذ أن هيئتها السياسية نظرت في كل ما يتعلق بالإنتخابات وعالج المجلس المركزي للحركة الخلافات المتبقية، وتجاهلت في ذلك حلفائها إلا من زاوية التعرّف على من سيرشحون.
رابعا، نحن نعلم أن القانوني الإنتخابي يمنح الأحزاب القانونية حقّا، نعتبره غير مشروع، على المستقلين الفائزين في الإنتخابات ضمن قائماتها، بحيث يقع احتسابهم عليها وكأنهم تابعين لها. لذلك يمكّن القانون الحزب الحاضن لهم من منحة الحزب البرلماني، حتى وإن كانوا يمثلون أحزابا لم تحصل بعد على تأشيرة العمل القانوني.
وبعد انتهاء المشوار الإنتخابي، وإذا تمسّك المستقلون باستقلاليتهم وإذا رفضت الأحزاب غير المعترف بها قانونا الإندماج والذوبان، تصبح "هذه الكائنات" غير مرغوب فيها إلى أن يحلّ الموعد الإنتخابي الموالي.
خامسا، وخلاصة القول فإن موقف حركة التجديد المؤسس على أن تأشيرة العمل السياسي القانوني تمنحها "حق النظر في الترشحات" و"تحملها مسؤولية" "تزكية المترشحين" ليس سوى "حق" "الحزب- الأب" على الأحزاب الحليفة و"واجب" التبعية المفروضة باسم القانون، حيث أن "القائمات هي سياسيا قائمات جبهة ولكنها قانونيا وعمليا قائمات حركة التجديد".
إننا ننبّه ذوي الألباب من أن التصوّر الجديد الذي أصبحت تتبناه حركة التجديد يهدد تجربة "المبادرة" بالوأد وهي في المهد.
خلافاتنا ليست بسيطة والتشويش الفعلي هو ذاك الذي يمس من هوية المبادرة وتوجهاتها:
أ- الخلاف حول اعتراض حركة التجديد على الرفيق نوفل الزيادي ليس بسيطا
إن اعتراض حركة التجديد على رئاسة قائمة منوبة، الذي بنته على المقدمات سالفة الذكر التي رفضناها شكلا ومضمونا، اعتبرناه مسا من استقلاليتنا وتدخلا في شأن داخلي لأنه يتعلّق بحقنا في تعيين من يمثلنا على أي واجهة من واجهات العمل السياسي أو المدني.
وقد يكون التداول في تعيين رؤساء القائمات والقبول والرفض متاح لجميع الشركاء والنقاش في مطروح على رؤوس الملإ بين المبادرين، عندها لا نرى مانعا في تعديل رغباتنا حسب الرأي الأغلبي المتشكل على أساس النقاش الحرّ لأنه يمكننا من تعديل رغبات شركائنا أيضا.
وبما أننا لم نبلغ هذا الطور من الوحدة ليس من حق أي حزب أن يحتكر لنفسه "حق النظر" في قرارات "حليفه"، تحت أي مبرر مهما كان، ويعدّ كل مسعى في هذا الاتجاه "مسا بالاستقلالية" و"تدخلا في الشؤون الداخلية".
ورغم تحفظاتنا على العديد من رؤساء قوائم حركة التجديد فإننا لم نسمح لأنفسنا بالقيام بأي اعتراض، لأننا مقتنعون أن شأن تعيينهم يعود للحركة وليس لغيرها. كما أننا لم نتدخل في مرحلة من مراحل نضالنا المشترك في شؤونها الداخلية، بما في ذلك في انتخابات 2004. وهو سلوك تعاملنا به مع جميع القوى السياسية دون استثناء.
إن ما أتته حركة التجديد يمس بجهور العلاقة التي تجمعنا وتجاوز هذا الخلاف يتطلب منها التراجع عن موقفها وتقديم نقدها الذاتي. ولا نعتقد أن مستقبل عمل جبهوي أو "قطبي" يمكن أن يجمعنا، باستثناء أعمل مشتركة يمكن القيام بها ثمّ يمضي كل إلى سبيله.
ب- التشويش الفعلي هو الذي يمس بهوية المبادرة وتوجهاتها
لقد شنّت حركة التجديد حملة شعواء ضد الرفيق نوفل الزيادي شارك فيها أمينها الأول والمرشح للإنتخابات الرئاسية، في تصريح له بجريدة الإعلان.
نحن مع حقّ الجميع في نقد مواقفنا وسلوكنا السياسي، حزبا ومناضلين. وبالمقابل يكون من حقنا المشروع الردّ على الإنتقادات الموجهة لنا.
أكيد حركة التجديد في رسالتها على أن "ترأس السيد الزيادي لقائمة التجديد/المبادرة من شأنه أن يجعل سياستها وتوجهاتها مشوشة تشويشا كبيرا" فيما يتعلق ب"استقلالية المجتمع المدني"، وخصّت بالذكر نقابة الصحفيين، وفي الحقيقة فإنها قلقة من تدخل الرفيق في الرابطة وفي الإتحاد العام لطلبة تونس. وإن ما أقلقها أكثر هو "إمكانية انتخابه" و"عدم التحكم فيه" ولها في هذا الشأن "تجربة سلبية". وهي مسائل ترتبط جميعها بالتقديرات الخاصة بكل طرف أو مناضل وبحرية الرأي التي تمثل أساس وجودنا، لم نناقشها بيننا في إطار المبادرة ولم نتفق حول أي موقف أو سلوك في أي واجهة من واجهات العمل، ونؤكد أن كل ما قمنا به في إطار المبادرة هو الإتفاق حول أرضية عامّة لا أكثر ولا أقل. وعلى هذا الأساس نطرح السؤال التالي، لماذا تريد حركة التجديد إثارة مثل هذا النقاش اليوم، بمناسبة الإنتخابات التشريعية؟ وإجابتنا قطعية وتتمثل في أن المصلحة الإنتخابية الحزبية الضيقة هي التي تحكم في الموقف.
إن المسائل الموضوعة في إطار الإختلاف، على أهميتها لا تتعلق بالموقف الجوهري استقلالية المجتمع المدني عن المجتمع السياسي (سلطة وأحزاب) وبالإمكان معالجتها في إطار النقاش والرأي والرأي المخالف.
بينما قضايا مثل بحث حركة التجديد الدائم على ربط الصلة بأحزاب حركة 18 أكتوبر وتشريكهم في الأنشطة من وراء ظهر المكونات السياسية للمبادرة. ونذكّر في هذا الصدد فقط بندوة 28 سبتمبر 2008 التي جرت فعالياتها بدار الثقافة ابن خلدون وبافتتاح "الجامعة الصيفية" يوم 5 سبتمبر 2009 بالمركب الثقافي بالمنزه 6. وزيادة على ذلك فإن مسألة مثل عدم استعداد قيادة التجديد للتباين مع حركة النهضة في العديد من المناسبات، ونذكّر فقط بالرسالة التي توجّه بها الأمين الأول لحركة التجديد، للمؤتمر العالمي للمهجرين التونسيين، دون علم المبادرة. وتتعلق تبريراتها دائما بالخوف من أن يقع اتهامنا ب"العمل في ركاب السلطة" أو ب"أننا معارضة المعارضة" أو بمعاداة الدين الإسلامي.
إنها قضايا تتعلّق دون أدنى شك بهوية "المبادرة" وبمكانتها في الساحة السياسية. ولا نعتقد أن التشويش بسيط في هذا المستوى بل يتعدى بكثير ذاك الذي قد يحصل على أي واجهة من واجهات العمل. وبالرغم من ذلك فإننا لم نحوّل أيّ خلاف إلى قضية فاصلة بيننا وتركنا شأن الحسم فيها إلى ما بعد 25 أكتوبر. وبالمقابل سارعت قيادة حركة التجديد إلى وضعنا أمام حلّين لا خيار لنا خارجهما، إمّا أن نذعن ونقبل بالأمر الواقع، باسم "التبسيط"، ونتخلى عن استقلالية قرارنا ونقبل بالتدخل في شؤوننا الداخلية، ومن ثمّ نتخلى عن رفيقنا، تحت أي عنوان تريدون، وإمّا أن نرفض كل ذلك ونتحمل مسؤولياتنا ونرفع التحدي، رغم أن موعد تقديم الترشحات قد داهمنا ولم نكن على استعداد كافي لمواجهته بصورة منفردة. وقد رفعنا التحدي وكنا في مستواه.
إن خلافاتنا لم تتوقف عند هذا المستوى، بل شملت تحليل الأوضاع السياسية، إذ لاحظنا لقيادة حركة التجديد أن قراءتها للأوضاع منطبعة بكثير من أحادية الجانب وبالإرادوية التي تقرّبنا أكثر من الخطاب التحريضي لمجموعة 18 أكتوبر والشبكة الدولية وأن الشعارات "الحربية"، ونذكر فقط الحديث عن "exception tunisiene" وعن التشخيص في نقد نظام الحكم. وهي قراءات وشعارات ليست بناءة وتهرّب الشعب من مجال المشاركة السياسة، بينما يتطلب منّا الوضع أن نبحث عن الحلول الملائمة وأن نقدم آراءنا وتقييماتنا بالإيجاب وليس بالسلب. نحن مطالبون بالبناء على ما تحقق من مكتسبات في المجتمع التونسي وبتقديم البدائل عن السلبيات بما في ذلك تلك المتعلّقة بالمشروع المجتمعي.
وهي خلافات تضع المبادرة في مفترق الطرق، واعتقادنا راسخ أن التردد والتشويش حاصل من جهة التجديد وليس من جهتنا. وتركنا شأن معالجته أيضا إلى ما بعد 25 أكتوبر ولم نحوّله إلى قضية حسم مباشر من شأنه أن يفرّق الصفوف. بينما أقدمت حركة التجديد على الدفع إلى الفرقة تأسيسا على احتمال صعود الرفيق إلى مجلس النوّاب وعلى إمكانية "مساندته لبن علي" !!.
وأخيرا وليس آخرا، إن خلافاتنا عميقة فيما يتعلّق بتعامل حركة التجديد مع حلفائها ومع الإتفاقات التي تتوصل إليها معهم، فهي تعمل على توظيفهم واستغلالهم لخدمة أغراضها السياسية الخاصة ولا تقيم لهم وزنا والطريق الجديد أكبر شاهد على ذلك، ولمّا يحين التقييم نضع جميع أعدادها بيننا وننظر في المساحات التي خصصتها للمبادرة ولحزب العمل وللحزب الإشتراكي ونقارنها نتلك التي خصصتها لخصومنا.
ونطالب أيضا بأن نضع بين أيدينا تصريحات الأمين الأول لحركة التجديد الصحفية والتلفزية والإذاعية لنتابع كيف قدم المبادرة وقدمنا للرأي العام.
ونطالب أخيرا باستحضار كل اتفاقاتنا التي أزاحتها حركة التجديد وعوضتها بأخرى. ونود أن نذكر فقط باتفاقنا على تكوين لجنة توجيه للإنتخابات تتألف من ممثلي شركاء المبادرة، التي لم تجتمع سوى مرّة واحدة، خرج على إثرها الأمين الأول لحركة التجديد، باعتباره مرشحا للرئاسة، من لجنة المتابعة. وهكذا أصبح شأن الإنتخابات الرئاسية والتشريعية بين أيدي قيادة حركة التجديد، وأصبحت مكونات المبادرة واجهة إعلامية وأدوات عمل تستنفر عند الحاجة.
وأمام تعثر العلاقة عقدت الأحزاب الثلاثة اجتماعا يتيما لتسوية موضوع رؤساء القائمات، لكن الأمين الأول لحركة التجديد أعلمنا بأن الحسم النهائي في هذه المسألة مرتبط بانعقاد المجلس الوطني الذي سيكون يوم 17 سبتمبر 2009 مساء اليوم نفسه الذي سوف يقدّم فيها للمجلس الدستوري ملف ترشحه للرئاسة.
وضبطنا معه موعدا من الغد عوّضه ممثلان عن حركة التجديد وانسحب قبل أن يبدأ الإجتماع.
هكذا كانت قيادة حركة التجديد تتصرّف معنا في كل العمل الذي قامت به المبادرة، ومع ذلك لم نتوجه إلى القطيعة والحسم، رغم التآكل الذي أصابنا جراء هذا السلوك، وأجلنا توضحه والحسم فيه إلى بعد 25 أكتوبر، بنما حركة التجديد تصّرفت عكسنا تماما، وأمام أول خلاف حولته إلى قضية مبدئية فاصلة وقبلت بتكسير المبادرة خوفا من التراجع عن موقفها والإعتذار لمن اعتدت على حقهم في القرار.
وخلاصة القول لقد صبرنا على التشويش الذي استعرضنا البعض منه وأجلنا أمر الحسم فيه إلى ما بعد 25 أكتوبر لإيماننا العميق بأهمية وجود مشاركة جدّية في الإنتخابات بالنسبة للمواطن وبالنسبة للمصداقية التي تحصل عليها في نظره ولدى الرأي العام خاصة وأن بعض رموز المقاطعة يحقرون من الإنتخابات ومن مكانة الإقتراع العام في النظام الجمهوري ونصبوا أنفسهم وكلاء على الشعب يتكلون باسمه، بينما هم يشوهون وعيه وينزلون به إلى مستوى الوعي التبسيطي القائم الإنتقائية والتجريد المبتذل والتلاعب بالأرقام وشخصنة السياسة التي تؤدي طبعا إلى المساس من ذوات المسؤولين وهو أسلوب يلحق أضرار لا شك فيها بالحركة الديمقراطية ويلقي بها في متاهات لا حدّ لها. وقد انتهت بالبعض من أصحابها إلى أن يصبحوا حلقة من حلقات الشبكة الدولية وعجلة خامسة لحركة النهضة ولسان دفاعها الذي لا يصيبه إعياء.
وفي الختام وبهذه المناسبة نتوجه بالشكر والتقدير إلى كل من ساندنا وشدّ أزرنا في هذه الظروف العصيبة وإلى رفيقاتنا ورفاقنا الذين واجهوا صعوبات جمّة وضغوطات اجتماعية ما أوتي بها من سلطان وتحمّلوا ضيم ذوي القربى ووقفوا وقفة رجل واحد.
نشد على أياديكم بحرارة.
تونس في 29 سبتمبر 2009


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.