سعر كيس الاسمنت سيرتفع بنحو 800 مليم التفكير في إلغاء الدعم عن الطماطم وتعويض الفئات الضعيفة بتحويلات مالية شهرية نحو تركيز آلية للتعديل الآلي لسعر المحروقات في سنة 2014 التونسية (تونس) كشف مصدر من رئاسة الحكومة أن التوجهات والتصورات الأولى لإصلاح منظومة الدعم في تونس باتت جاهزة في انتظار مواصلة دراستها وتعميق النظر فيها واستشارة الأطراف الاجتماعية ولاحظ ان خارطة طريق إصلاح منظومة الدعم ستتضمن جملة من الإجراءات الجديدة التي ستشمل التخلي عن الدعم في الكهرباء والغاز لكبار المستهلكين وإيجاد حلول عملية وجذرية للمحروقات إلى جانب مساندة الفئات الضعيفة والهشة بقرارات لكي لا تتضرر من إصلاح المنظومة التي ستنطلق فعليا سنة 2015. وأفاد مصدرنا أنه في إطار الإجراءات العاجلة لسنة 2013 طلبت الحكومة من وزارة الصناعة تقديم تصورات وحلول عملية للاقتصاد في ميزانية الدعم لا سيما في مجال الطاقة (محروقات وكهرباء وغاز) وهي من الأبواب التي شهدت انزلاقا كبيرا في ميزانية الدولة وتفاقمت بشكل بارز في سنتي 2012 و2013. ويتمثل التمشي الجديد الذي اقترحته وزارة الصناعة في القيام ببرنامج تعديلي يخص كبار مستهلكي الكهرباء والغاز والمحروقات خاصة في المؤسسات الصناعية الخاصة، مشيرا إلى أن الوزارة قامت بتدقيق شامل في المؤسسات الكبيرة الملتهمة للطاقة (حرفاء الجهد العالي) وشخّصت تقريبا 17 مؤسسة منها شركة الصوناد وشركة الفولاذ والديوان الوطني للتطهير والستاغ. ومن ضمن ال 17 مؤسسة تم انتقاء 8 مؤسسات وهي أساسا مصانع الاسمنت وتم الاتفاق معها على مبدإ إلغاء كلي للدعم في استهلاك الغاز واستخلاصه بالثمن والكلفة الحقيقيين دون الدعم وذلك على قسطين الأول سيكون بداية من غرة أكتوبر والقسط الثاني في بداية 2014. وعلى ضوء الإلغاء الكلي للدعم توقع محدثنا أن سعر كيس الاسمنت سيرتفع بنحو 800 مليم من 6800مليم إلى 7600 مليم، ملاحظا أن السعر المتداول في السوق السوداء يصل إلى حوالي 10 دنانير بسبب المضاربات الحاصلة وتعدد الوسطاء وتفاقم التهريب. وشدد مصدرنا على أن الدعم الذي تدفعه الدولة لفائدة مؤسسات الاسمنت يتحصل عليه الوسطاء موضحا ان هذا الأمر يعتبر من باب الحوكمة الرشيدة غير مقبول بالمرة. وتجدر الملاحظة أن كلفة الدعم لمصانع الاسمنت تبلغ سنويا 220 مليون دينار تتمتّع بها مباشرة مصانع الاسمنت. أما بالنسبة للحرفاء الخواص المصنفين من كبار مستهلكي الكهرباء فإن الآلية المعمول بها حاليا هي أنه انطلاقا من حجم استهلاك معين من الكهرباء يتم توظيف معلوم خاص على سعر الكيلوواط/ساعة. علما انه تم في سنتي 2012 و2013 إجراء تعديل أسعار في الكهرباء والغاز مع عدم المساس بشريحة الفئات الضعيفة وذات الاستهلاك الضعيف للكهرباء. وأشار المصدر الحكومي إلى أن مصانع الاسمنت لها الوقت اللازم للتفكير في إنتاج الطاقة البديلة والإنتاج الذاتي للطاقة وانه في هذا الإطار أعدت الوكالة الوطنية للتحكم في الطاقة تحت إشراف وزارة الصناعة مشروع قانون في الغرض يخول للمؤسسات الخاصة إنتاج الطاقة واستغلالها علاوة على إمكانية تجميع الفضلات وتحويلها إلى طاقة بديلة مستدلا على ذلك بأن شركة اسمنت قرطاج التي ستدخل قريبا حيز الانتاج الفعلي (مطلع أكتوبر القادم) قد حسمت هذه المسألة ولم يعد لها إشكال على مستوى إنتاج الطاقة البديلة. طريقة جديدة للتعديل الآلي للمحروقات عما إذا سيتم اتخاذ إجراءات وتدابير لتعديل أسعار المحروقات السنة القادمة قال مصدرنا أن هناك توجها لتركيز آلية للتعديل الآلي لسعر المحروقات للحصول على رؤية واضحة في الغرض باعتبار أنه لم يعد بالإمكان التحكم في الأسعار خاصة الأسعار العالمية مؤكدا على أن زيادة بدولار في سعر البرميل في السوق العالمية تنعكس مباشرة على ميزانية البلاد بأكثر من 32 مليون دينار. وتابع في السياق ذاته أنه في حالة شن حرب على سوريا فإن سعر برميل البترول قد يصل إلى قرابة 150 دولارا وهو ما لا تتحمّله الميزانية مضيفا أن التوتر في منطقة الشرق الأوسط وأن مجرد التفكير في شن حرب على سوريا جعل سعر البرميل يقفز إلى مستوى 119 دولارا. وتابع مصدرنا أن الآلية الجديدة تتمثل في اعتماد سقف معين لسعر البنزين والمحروقات لمدة ثلاثة اشهر وأنه في صورة ارتفاع السعر العالمي أكثر من السقف المعمول به يتم آليا الترفيع في الأسعار وأنه في حال انخفاض السعر العالمي دون السقف المحدد يتم أيضا آليا التخفيض في السعر في السوق المحلية. وتجدر الإشارة إلى أن هذه الآلية كان معمول بها في عهد الرئيس المخلوع لما كان وزير الصناعة آنذاك عفيف شلبي وتم الاتفاق في تلك الفترة على اعتماد سقف أقصى ب 75 دولار للبرميل الواحد. تعديل أسعار المواد الأساسية وضمن هذا المحور أضاف مصدرنا أن السنة القادمة ستشهد تفعيلا اكبر لإصلاح منظومة الدعم في تونس ستكون مقترنة بإجراءات وتحويلها إلى الفئات المستهدفة أو تعويض الفئات الضعيفة لكي لا تتضرر من الإجراءات التي سيتم اتخاذها لإصلاح منظومة الدعم. وذكر مصدرنا أن وزارة الشؤون الاجتماعية بصدد القيام حاليا بمسح دقيق للفئات الاجتماعية من أصحاب الدخل الضعيف لتركيز بنك معطيات يتضمن كل المعطيات العلمية والموضوعية عن الفئات التي تستحق فعليا الدعم ومساعدتها بما يساهم في تركيز منظومة دعم سليمة وموضوعية وموجهة للفئات المستحقة. واعتبر في معرض تطرقه إلى ملف أسعار المواد الأساسية، أن هذا الموضوع أصبح من المواضيع المحظورة في ظل الظرف الهش وتدهور المقدرة الشرائية مبرزا أن إصلاح منظومة الدعم لا يُحيل حتما على تعديل أسعار هذه المواد الذي رآه حلا ظرفيا ومسكنا وان الإصلاح الجوهري والعميق في اعتقاده هو إعادة النظر في المنظومة برمتها مع مراعاة الأهداف الاجتماعية . ولفت مصدرنا النظر إلى انه يتعين ان تكون الأهداف الاجتماعية للدعم موجهة للفئات الضعيفة والهشة خاصة أن الدراسات بينت ان نسبة قليلة ( في حدود 12%) من الشعب تنتفع من الدعم وان المنظومة غير عادلة وان شريحة الأغنياء وأصحاب الدخل المرتفع هم الذين ينتفعون من منظومة الدعم على حساب الفئات الفقيرة ومحدودة الدخل معتبرا أنه من غير المعقول معالجة الظلم بظلم آخر. وبيّن أن بعض المواد الأساسية لم تكن مدرجة وغريبة عن صندوق الدعم على غرار الطماطم والحليب والسكر مرجحا انه في التوجه القادم سيتم إلغاء الدعم تدريجيا في الطماطم وفي الحليب. وشدد محدثنا على أنه سيتم تخصيص ميزانية للفئات الضعيفة والتي قد تتضرر من تعديل الأسعار للتعويض عن تعديل الأسعار من خلال رصد مبلغ مالي معين من خلال تحويل مالي شهري لهذه الفئات من وزارة الشؤون الاجتماعية في إطار آلية التحويلات الاجتماعية. ولاحظ انه تم الاستئناس بعدة تجارب دولية نجحت في منظومة الدعم على غرار مصر والبرازيل وايران والمغرب.