في الوقت الذي تشّع فيه العاصمة ببريق الأضواء وبرونق أجواء الدورة 16 لأيام قرطاج المسرحية , اختار الفنان رؤوف بن يغلان أن يترك العاصمة ويشد الرّحال إلى جهات الجمهورية ...وشاء أن يحتفل على طريقته بعرس المسرح مضيّفا جمهوره بالعروض الأخيرة من مسرحيته الأخيرة « حارق يتمنى»... وقد «حرق» بن يغلان إلى عدد من معتمديات ولايات مدنين وتطاوين والمهدية وصفاقس في رحلة «مسرحية» انطلقت يوم 15 نوفمبر الجاري لتتواصل إلى غاية يوم 30 نوفمبر من الشهر نفسه. بين «قصور الساف» و«الشابة» و«سيدي مخلوف» و«بني خداش» و«غمراسن» و«بئر لحمر» و«مملولش» و«جبنيانة» و« العامرة»...يتنقل الفنان رؤوف بن يغلان عارضا آخر مسرحياته «حارق يتمنّى» في احتفاء خاص به بأيام قرطاج المسرحية كما صرّح بذلك ل«التونسية» قائلا : «اخترت أن أحتفل بأيام قرطاج المسرحية بطريقتي الخاصة وأنا في تونس الأعماق وذلك بتقديم جملة من العروض لمسرحيتي « حارق يتمنى» في موسمها الأخير بعد أن قمت بتحيينها لتتلاءم مع الأحداث التي جدّت بعد الثورة فأصبحت « حارق يتمنّى ...بطّال ما زال يستنّى» . « حارق يتمنّى... بطّال ما زال يستنّى » في مسرحية «حارق يتمنّى» يضع بن يغلان معضلة الهجرة السريّة على طاولة التشريح , مغرقا في الحديث عن الأسباب التي تُكره شباب تونس قسرا على ركوب مراكب الموت وموغلا في سبر أغوار نفسية «الحارق» وهو يفاوض سماسرة الوهم على مغامرة مجهولة العواقب ... ولأن البطالة تلهب الرغبة في الهجرة نحو الضفة الأخرى للمتوسط في تتبّع لحلم الثراء وتطليق البؤس والفقر والحرمان ... حيّن الفنان رؤوف بن يغلان مسرحيته وأضاف لعنوانها أن المعطلّين عن العمل مازالوا بعد الثورة ينتظرون العمل ,فأصبح اسمها :«حارق يتمنّى ...بطّال مازال يستنّى » . وفي هذا الصدد قال بن يغلان:« اخترت أن أعرض مسرحيتي في المناطق والجهات الأكثر تهميشا والمعنية بالهجرة السرّية وذلك بمساندة منظمة التعاون السويسري الدولية ضمن برامجها الإجتماعيّة في العديد من الجهات للقيام بحملة تحسيسية ثقافية لمقاومة التهميش ومكافحة الهجرة السرية. وستكون هذه العروض مشفوعة بحوارات مع الجمهور ولقاءات مع الشباب والناشطين من المجتمع المدني وحصص حواريّة تحسيسيّة حول الحق الثقافي الذي التزمت ومازلت ألتزم بالنضال في سبيله . كما ستكون لي لقاءات في المعاهد الثانوية مع التلاميذ وأيضاً مع الأهالي في المقاهي والفضاءات العامة لتناول المسائل المتعلّقة بالهجرة السريّة». «احرقوا ...إلى الثقافة» « لا أرى بديلا يكون فيه الإبداع مقصيا مهمّشا ...» هكذا صرّح الفنان رؤوف بن يغلان مناديا بتوفير كل الإمكانيات اللازمة لتشجيع الشباب على العمل الثقافي وتحفيزه على الإبداع في شتى الميادين وخلق فرص أخرى في الحياة وعدم الاستسلام إلى اليأس ... وأضاف بن يغلان :«الحرقة إلى «لمبادوزا» هي حرقة للمجهول أمّا الحرقة إلى الإبداع فهي حرقة لتحقيق الذات واكتساب التوازن بعيدا عن عقليّة التزمّت والتصلّب والتحجّر ...».