قوة بعض الفنيين تكمن في لباقتهم وحذق الكلام وسهولة التعبير لذلك عوّضوا الميادين بالبلاتوات التلفزية والأزياء الرياضية بالبدلات الأنيقة ورابطات العنق وراحوا يستعرضون «لغاليغهم» للتحليل والتفسير ومحاولة إقناع هذا والعمل على التأثير على ذاك لكن وخاصة التحامل على زيد واتهام عمرو إلى حد أنهم أصبحوا يصفون حساباتهم بل أكثر من ذلك بما إن البعض منهم وصلوا إلى حد التشفي ممن تفوق عليهم في التدريب على الميادين... فلاسفة عصرهم في التحليل لم يجدوا مكانا على أرضية الملاعب أي في مكانهم الحقيقي واستغلوا بالتالي الفضاءات الإعلامية للتواجد أولا حتى لا يطالهم النسيان تماما وللفت وجلب الأنظار ثانيا ثم لتحطيم هذا وذاك ثالثا مستغلين الفضاء المفتوح لهم لأغراض شخصية من المفروض أن يبتعدوا عليها تماما وهذا ما تسبب في الأذى والمشاكل لمن فتحوا لهم مجال الظهور والبروز والتعريف بأنفسهم من الزملاء من مقدمي ومعدي البرامج الرياضية الذين ندموا مرارا كثيرة على منح الفرصة لبعض النفوس المريضة من المدربين الفاشلين على أرضية الميدان والموهوبين في الكلام والتنظير... إن تمرير الأفكار إلى الواقع وعلى الميدان ليس بالأمر السهل وليس في مقدور أي مدرب على عكس الكلام والثرثرة أحيانا وهذا يسير جدا وبإمكان من هب ودب القيام به، أما توزيع الإتهامات جزافا ومحاولات تحطيم المدربين واللاعبين فقد أصبح الخبز اليومي لمن يعتبرون أنفسهم فلاسفة التنبير والتنظير ممن نتمنى أن نرى إنجازاتهم على الميادين... آخر ما حصل في هذا الصدد جاءنا من نادر داود محلل الأحد الرياضي الذي ولئن يحاول الزميل أنيس الماجري في كل مرة التدخل للمحافظة على بعض الحدود وتفادي التجاوزات إلا أن حرص فيلسوف التحليل على إيذاء زملائه المدربين « يغلب» أحيانا مقدم الحصة فكان ماهر الكنزاري هدف نادر داود في الحصة الأخيرة هكذا بطريقة مجانية يشتم منها رائحة التحامل حتى لا نقول شيئا آخرا... السيد نادر داود « كبّش» في ما قاله الكنزاري من حقائق يعيشها ويعرفها أكثر من غيره عن الفريق الذي يدربه ويشرف عليه وراح ينتقد ما قاله المدرب في شأن برنامج وأهداف النادي البنزرتي وكان صادقا وأمينا في ذلك ، فهل كان السيد المحلل يريد المدرب مغالطا للرأي العام وخاصة جمهور النادي البنزرتي؟ ... الأمر غريب فعلا ، ثم إن أكبر النوادي في العالم تشهد في بعض السنوات فترات فراغ تكوّن خلالها فرقا عتيدة، وما العيب إن يدخل النادي البنزرتي لموسم واحد في هذا البرنامج؟ ... هل في ذلك تقزيم لهذا النادي ؟ ... أكيد لا. لقد نسي السيد داود أو تناسى أن عدة فرق كبرى تونسية انتهجت نفس البرنامج ولسنين متعددة ابتعدت خلالها عن منصات التتويج ، لذلك ما الحرج في تصريحات الكنزاري التي كانت واقعية ومنطقية؟ الواضح أن هذا المحلل يبحث عن الفجوات لتوجيه السهام في اتجاه بعض المدربين الذين لا ندري ماذا يربطه بهم وبان بالكاشف أن نادر داود ينتظر في أي شيء للكنزاري لنقده وكم تمنينا لو ركز أن تركز السيد المحلل على الميدان والأمور الفنية لانقد ماهر الكنزاري على التصريحات والكلام... ولئن فاجأنا رد فعل داود المجاني هذا فإننا نحيي ماهر الكنزاري على صراحته ومصارحته أحباء فريق عاصمة الجلاء بالحقيقة . في الختام نتمنى أن يكون الحياد الصفة الأولى للمحللين بعيدا عن التشفي والحسابات الضيقة ونتمنى أن يكون الميدان الفيصل في الحكم على مدربينا ولاعبينا ، وفي المقابل نمنع هؤلاء المدربين الذين امتهنوا التحليل الفني من تصفية حساباتهم الضيقة في الفضاءات الإعلامية.