هامش التحرّك في مصاريف ميزانية الدولة أصبح محدودا جدا المقاهي والمطاعم تهدر المواد الأساسية المدعمة من الخبز والشاي والسكر قال جلول عياد وزير المالية الأسبق في حكومة الباجي قائد السبسي إنه ليس بإمكان الحكومة المؤقتة الحالية الحسم في ملف الدعم بطريقة جذرية ونهائية مشددا على انه يستوجب الجرأة السياسية اللازمة الممكن أن تتوفر في حكومة منتخبة ولها برنامج عمل واضح ومدة نيابية محددة. واستغرب من التجاوزات الحاصلة في ما وصفه بإهدار المواد الأساسية المدعمة موجها أصابع الاتهام إلى المقاهي والمطاعم التي تستهلك كميات كبيرة من الخبز والسكر والشاي والقهوة داعيا إلى وجوب اتخاذ إجراءات قوية في الغرض. وأوضح عياد خلال مائدة مستديرة نظمها امس حزب «آفاق تونس» بالعاصمة حول «المالية العمومية وكيفية الخروج من الأزمة» أن ميزانية تونس متواضعة جدا (29 مليار دينار) وان الحكومة تواجه صعوبات لتنفيذها مبرزا ان الفضاء الجبائي محدود وصغير ولم يعرف التطور المطلوب (17 مليار دينار منتظرة لهذا العام). وأوصى في هذا الصدد بتوسيع القاعدة الجبائية وتحسين الاستخلاص، مؤكدا على وجوب تطوير الاستثمار الخاص لاستحثاث نسق إحداث الشغل مشيرا الى ان الاستثمار الخاص هوالوحيد القادر على امتصاص البطالة في تونس. تبذير الدعم عملية غير أخلاقية واجمع الخبراء الاقتصاديون الذين شاركوا في المائدة المستديرة على أن هامش التحرك في مصاريف ميزانية الدولة للسنة الحالية أصبح محدودا جدا معتبرين أن حجم الميزانية ضعيف. وطالبوا بوجوب الإسراع في إصلاح صندوق التعويض وتوجيه الدعم إلى مستحقيه واعتماد التدرج في إدماج القطاع الموازي بالقطاع المهيكل مقرين بتواجد طاقات مالية هائلة يمكن الحصول عليها وتمويل ميزانية الدولة من القطاع الموازي. من جهته بيّن رئيس حزب «آفاق تونس» ياسين إبراهيم أن الإدارة التونسية الراهنة لا تشجع على إدماج الاقتصاد الموازي في القطاع المنظم موضحا انه للحصول على رخصة مخبزة يتعين القيام بنحو116 إجراء إداريا. وفي السياق ذاته لاحظ علي الكعلي الرئيس المدير العام لمؤسسة «أ .ب. س» البنكية آن التعقيدات الإدارية وبطأها تشجع البعض على الخروج من القطاع المنظم والتوجه نحو القطاع الموازي. وانتقد رئيس المركز التونسي للذكاء واليقظة الاقتصادية بالمعهد العربي لرؤساء المؤسسات وليد بلحاج عمر سياسة الدعم المنتهجة في تونس مشيرا إلى انه تم التمادي في دعم التبذير ووصف هذه السياسة ب«باللاأخلاقية». واعتبر أن الدعم آلية لإعادة توزيع الثروة والموارد للفئات المعنية غير انه تم توجيه جانب كبير منه إلى غير مستحقّيه واستدل على ذلك في استهلاك الوقود والمحروقات بين أصحاب سيارات الأجرة والطبقات الميسورة الذين يمتلكون السيارات الفاخرة. واقترح ياسين إبراهيم من جانبه أن يتم إصلاح الدعم خاصة دعم المحروقات بدعم سيارات الأجرة والبحارة وعدد من المهن على غرار ما تم اعتماده في بعض الدول على غرار فرنسا. وبين رئيس حزب «آفاق تونس» أن الحكومة التي تطالب التونسيين بالقيام بتضحيات مدعوة بدورها إلى القيام بهذه التضحيات وإعطاء المثل لبقية المواطنين. وقال جمال بلحاج المدير العام لصندوق الودائع والأمانات انه في ظل الوضعية الاقتصادية والمالية للبلاد ليس بالإمكان التدخل على مستوى الأجور وان الحل الوحيد هوترشيد الدعم. وأفاد أنه لن يكون للإجراءات المنتظر الإعلان عنها على مستوى التقليص من المصاريف على مستوى كل الوزارات تأثير كبير على التحكم في المصاريف باعتبار ان قيمة وصولات المحروقات مثلا تبلغ 100 مليون دينار مقابل 6.8 مليارات دينار مخصصة للدعم في ميزانية 2014 . ضغوطات كبيرة على الميزانية ولفت جمال بلحاج من جهته الانتباه إلى ان الميزانية تعرف العديد من الضغوطات المتأتية أساسا من تصاعد وتيرة المصاريف وارتفاع فاتورة الدعم التي انتقلت من 1500 م د سنة 2010 إلى حوالي 7 مليارات دينار منتظرة لسنة 2014 علاوة على تواضع الموارد الجبائية. ولدى تطرقه إلى موضوع خدمة الدين حذر الخبير الاقتصادي علي الكعلي من بلوغ ذروة سداد القروض الخارجية لتونس من 4٫6 مليارات دينار منتظرة لهذا العام إلى حوالي 6 مليارات دينار سنة 2017 بما قد يؤثر على التوازنات المالية. ولئن لم يعرب عن تخوفه من بلوغ نسبة التداين مستوى 50 بالمائة من الناتج المحلي الداخلي مع موفى السنة الجارية فإنه عبر عن قلقه من تركيبة التداين الذي تفوق نسبته 60 بالمائة بالعملة الصعبة وما قد يترتب عنه من مخاطر الصرف بالدولار أو بالأورو.