بقلم: جيهان لغماري إذا «صدّقنا» أنّ الانتخابات ستُجرى أواخر السنة الحالية، يمكن القول إنّ الطبقة السياسية وأساسا الحكومة قد دخلت المنعرج الأخير الذي سيكون من العسير مسايرة متطلّباته العاجلة. في الأمتار الأخيرة، تصبح الأخطاء ممنوعة لأن تبعاتها ستكون كارثية وقد تتسبب في عدم المرور أصلا إلى الانتخابات وعندها لا قدّر الله سندخل مرحلة الفوضى كنتيجة لانتهاء المراحل الانتقالية المتتالية دون الوصول إلى أخرى دائمة ومستقرة. أمام هذه الحكومة ملفات لا تحتمل التأجيل ولكنّ أخذ القرار فيها يتطلّب قراءة جيّدة لنتائجها اجتماعيا، أمنيا وسياسيا وفي هذا الإطار يمكن فهم بعض التردد الذي يصبغ عملها وتناقض تصريحات وزيريْ التجارة والمالية حول الزيادات المبرمَجة يشي بالخشية من أية عملية «جراحية» قد تتسبب في انفلاتات شارعية لا يمكن السيطرة عليها. فإضافة لانسحاب «الجبهة الشعبية» من الحوار الاقتصادي، حذّر «التحالف الديمقراطي» من انتفاضة اجتماعية في حال اتخاذ قرارات تمس مباشرة حياة المواطن اليومية. ما العمل إذن؟، الوقوف بلا قدرة أو رغبة في اتخاذ القرارات أم المرور إلى اتخاذها وتبسيطها ثم تفعيلها ومواجهة تبعاتها بمسؤولية وشفافية؟. لنقل إنّ تعدد الملفات الحارقة وتوزّعها على قطاعات مختلفة يساهم في هذا الإرباك الذي لا ينفي الإيجابيات التي تحققت، منها الواضحة ومنها الصغيرة التي لم ترض كل الأحزاب. فأمنيّا، جاز القول بتحقيق نتائج ملموسة في محاربة الإرهاب مع تحسّن في التعاطي الإعلامي الذي يُعتبَر مفتاح الثقة مع المواطن، لذلك كانت الصور التلفزيونية للمقبوض عليهم مؤخرا حافزا على جعل المواطن أكثر ثقة في صدقية الخبر بعيدا عن عقلية المؤامرة والتشكيك في حالة غيابها. هذه الانجازات لا بد أن تتواصل لأنّ الاستقرار الأمني سيسمح بتنظيم الانتخابات دون الخوف من أيّ منغّص إرهابي قد يؤثّر على حجم إقبال الناخبين على صناديقها. واجهة في الشعانبي ومراقبة حذرة لما يحدث في الشقيقة ليبيا وانعكاسات ذلك على البلاد كل ذلك يجعل المهمة شاقة ودقيقة ولا بد للمواطن أن يلعب دوره في المساعدة وأيضا للأحزاب أن تعمل على تهدئة «الأجواء» الداخلية ليكون التركيز الأمني أكثر على مواجهة الإرهاب. سياسيا، ورغم عدم رضاء بعض الأحزاب بما نعتوه بالبطء في تنفيذ بنود خارطة الطريق، يمكن رؤية نصف الكأس المملوءة ولو قليلا: حل رابطات حماية الثورة البارحة، تخفيض عدد المستشارين في الدواوين الوزارية، بداية مراجعة التعيينات فيها وفي الإدارات والجهات. هذا الملف الأخير يتطلب سرعة أكبر وخاصة التحري في التعيينات الجديدة حتى لا تصبح محلّ احتجاج من الأحزاب لما قد تراه من عدم حيادية بعض المسؤولين الجدد. اجتماعيا، تبدو الصورة غائمة لحساسية هذا الملف وأيضا لأنه الوتر «الحساس» الذي تعزف عليه كل الأحزاب بلا استثناء لكسب «قلب» المواطن وبالتالي صوته يوم الانتخاب. هذه «الشعبوية» مقبولة نسبيا ولكن إذا تجاوزت حدّها يمكن أن تؤدي إلى إشعال فتيل المعارك الشارعية ذات النتائج السوداوية!. لذلك من المفترض، أن تتخلّى الحكومة في هذا الملف عن ترددها في اتجاه إعلان قراراتها المستعجلة مع ضرورة وضع آليات واضحة لحماية الطبقات الأكثر فقرا. ملفات كثيرة مفتوحة في نفس الوقت، فكيف ستكون النتائج؟.