بقلم: محمد الهادي الحيدري تحدثت «الخبر» الجزائرية في عددها أول أمس عن سيناريو محتمل لتدخل عسكري جزائري «جراحي» محدود ومحدد الأهداف في ليبيا في حال هاجم ارهابيون الجزائر وتونس , وهذا السيناريو سبق وأن تم تداوله في صحف غربية – تلميحا لا تصريحا – بناء على أن ليبيا أصبحت وكرا ل «التطرف والارهاب» وهو امر يهدد أمن دول الجوار. و المشهد بتجلياته الاقليمية الراهنة, يستدعي قراءة أكثر واقعية فالتدخل العسكري المفترض يبدو – حسب مصادر جزائرية – مستبعدا لأن الجزائر تدرك أولا مخاطر هذا الطرح ولأن دستورها وعقيدة جيشها يمنعانها أيضا من «التدخل عسكريا» في دولة جارة, ولأن سيناريو من هذا القبيل قد يزيد في تعقيد الأوضاع , فالتدخل العسكري الفرنسي- مثلا - في مالي لم يحل الأزمة بقدر ما زاد في تفريخ جماعات متطرفة في منطقة الساحل الإفريقي والتدخل العسكري الأمريكي في أفغانستان يقف اليوم شاهدا أيضا على سوء هذا «الخيار» وكان هدفها القضاء على «قاعدة بن لادن», فأصبحت»القاعدة», «قواعد» وتمددت في ارجاء العالم اما فكرا أو تنظيمات مسلحة. الصحيفة الجزائرية قالت ان سيناريو التدخل سيكون في حال تعرضت الجزائر وتونس لهجمات ارهابية كبيرة يشنها متطرفون انطلاقا من ليبيا , وواقع الحال يؤكد وجود تنسيق جزائري - تونسي لتأمين الحدود ومنع تسلل الارهابيين الى أراضيهما ولا يقول بوجود نية تدخل عسكري مباشر أو غير مباشر في الدولة الجارة. صحيح أن الوضع في ليبيا مصدر قلق لدول الجوار مع وجود انفلات أمني ومع عجز الحكومة عن لجم المليشيات المسلحة, ومع وجود مناطق تحت سيطرة متطرفين , الا أن ذلك لا يستدعي تدخلا عسكريا جزائريا , بقدر ما يستدعي تحركا عربيا - خاصة من قبل دول الجوار - لرأب الصدع بين الأشقاء - الفرقاء في ليبيا , ورعاية مصالحة وطنية تنهي الاحتكام للسلاح في الساحة الليبية. والليبيون قادرون – اذا تمت تهيئة أرضية المصالحة – على تجاوز هذه المحنة ومنع تطاير شظاياها الى دول الجوار. ومطلوب اليوم من دول الجوار الليبي اصلاح ذات البيت بين المتناحرين في ليبيا لأن في استقرارها، استقرار لجوارها.