«من أجل تعزيز المشاركة الشبابية في الحياة السياسية» هو عنوان الندوة التي نظمها أمس القطب المدني للتنمية وحقوق الإنسان بنزل المشتل بالعاصمة. وحضر هذه الندوة فتحي بن معمر رئيس القطب المدني للتنمية وحقوق الإنسان وممثل عن وزارة الشباب والرياضة ومختصون في العلوم القانونية والاجتماعية وشباب من عديد الجمعيات والمنظمات التونسية. وفي هذا الإطار قال فتحي بن معمّر رئيس القطب المدني انّ الشباب كان محرّك ووقود الثورات ولكن هذه الشريحة ظلت للأسف مغيّبة ولم يتم ذكرها، مبينا أنّ الشباب وظّف فقط لتزيين المحافل وانه لم يشارك فعليا في الحياة السياسية. وأضاف أنّ تونس تمرّ بمرحلة دقيقة من تاريخها وأنه لابدّ للشباب أن يفرض وجوده لكي يكون قوّة اقتراح . وأكّد انه لا يجب للقدرات والكفاءات الشبابية أن تندثرلأنه يمكن الوصول بها بعيدا. من جانبه قال فوزي بن هلال إطار بوزارة الشباب والرياضة إنّ هناك اليوم عدة تساؤلات حول عزوف الشباب عن المشاركة في الحياة السياسية ومن بينها هل انّ الشباب لا يريد فعلا المشاركة في الحياة السياسية ؟ ولماذا يعزف عن المشاركة؟...ملاحظا انّ هذه التساؤلات كانت محور دراسة معمقة قام بها المرصد الوطني للشباب والبنك الدولي، معتبرا أن نتائج هذه الدراسة ستصدر قريبا وأنّها تكشف بعض المعطيات عن أسباب العزوف. وكشف أنّه بعد الثورة كان من المفروض أن نعطي فرصة للشباب ولكن للأسف لم يكن الشباب حاضرا في صنع القرار وفي المشهد السياسي. وكشف أن وزارة الشباب ومن خلال مؤسسات الشباب التابعة لها ساهمت حتى قبل الثورة في حلقات التنشيط وحققت نتائج ملموسة في تشريك الشباب في عدة مجالات ثقافية واجتماعية، مبينا ان هذه المؤسسات يجب ان تتماشى والمرحلة الجديدة لتكون مشاركة الشباب فعّالة . وأكّد ان لديهم برنامجا وطنيا للقادة الشبان حيث يتم تدريب الشباب على مهارات قيادية و لكي يشارك هؤلاء في صناعة القرار، ملاحظا انه سيتم أيضا تكوين مجالس للشباب في عدة قطاعات. أمّا إبراهيم العمري أستاذ مختص في العلوم السياسية فقد اعتبر انّ أغلب الذين لم يشاركوا في الإنتخابات الرئاسية هم من الشباب، ملاحظا: «كأنّ الشباب لا يعيش في عالمنا وكأنّه لا يهتم بما يحصل». وأضاف العمري أنّ هناك عدة أسباب وراء عزوف الشباب عن المشاركة في الحياة السياسية ،ومن بينها ان أهداف الشباب لم تتحقق ،وأنّ هناك غياب تام للبرامج التي كان ينتظرها الشباب من التحوّلات الديمقراطية. وأكّد العمري أنّ الشباب لعب دورا هاما في الثورة وفي إزاحة الدكتاتورية ولكن للأسف الكبار في السن هم الذين صعدوا إلى مراكز القرار عوضا عن الشباب وهو ما تولّد عنه حسب تعبيره قلّة الإهتمام بالشأن العام وبالشأن الانتخابي على وجه الخصوص. وكشف ان هناك مفارقة كبرى بين الشباب كقوّة فاعلة في الثورة والمجتمع وبين من يقودون البلاد. واعتبر العمري أنّ غياب الديمقراطية داخل الأحزاب وغياب حرية التعبير والبرامج داخلها ساهمت بشكل أو بآخر في عزوف الشباب عن المشاركة في الحياة السياسية. وطالب العمري بضرورة إقرار نسبة معينة تشرّك الشباب في المجالس النيابية القادمة وفي البلديات والولايات خاصة وأن بلادنا مقبلة على انتخابات بلدية ، مقترحا ان تكون هذه النسبة بين 15 و20 بالمائة وقال: «مثلما تم إقرار مبدإ تشريك المرأة في مجلس نواب الشعب وكثر الحديث عن المناصفة في عدة مجالات فإنه يجب علينا أيضا وضع نصوص إلزامية تشرّك الشباب في مواقع القرار وإلا فإن النتائج ستكون كارثية مستقبلا». وأكدّ العمري أننا نتحدث كثيرا عن الشباب ولكن هذا الأخير للأسف لا يشارك في الإنتخابات ولا يصوّت، مبينا ان أغلب مؤسسات الدولة تعاني من شيخوخة أعضائها رغم انّ الدستور نص على أهمية دور الشباب بالقول: «الشباب هم مستقبل البلاد وقادة الغد». وكشف أن مأساة عديد الشعوب تكمن في أن الشباب لا يتدّرب على الحياة السياسية نظرا لوجود أزمة ثقة ولعدة عوائق أهمّها البطالة باعتبار أن عددا هاما من الشبان ينقطعون مبكرا عن الدراسة ولا يباشرون أي نشاط مهني. وقال «إننا في نهاية مرحلة انتقالية والمرحلة القادمة ستكون مرحلة بناء وبالتالي لابدّ ان نعطي فرصة ليشارك الشباب في صناعة القرار». من ناحيتها أكدت ميساء الحميدي باحثة إجتماعية أنّ الوعي السياسي لدى الشباب غير كاف وأنّ البرامج التعليمية لا تحفز ولا ترسّخ ثقافة المشاركة في الحياة السياسية. وقالت إن المدارس تعتبر إطارا أساسيا لترسيخ الوعي لدى الناشئة وبالتالي لابد من برامج تتلاءم وثقافة تشريك الشباب مما يعزز الممارسات الديمقراطية منذ الطفولة ويخلق قيادات شبابية قادرة على أداء دورها. وأكدت أنّ الشباب مطالب بتخطي المعوقات وتفعيل دوره في صياغة المستقبل معتبرة أنّ تشريك الشباب مسؤولية وطنية مشتركة. بسمة الواعر بركات