منوبة: جمهور الأغنية الملتزمة على موعد مع فرقة الكرامة    في الذكرى الثمانين لتأسيس الأمم المتحدة: متى يتخلّص العالم من هيمنة المنتصرين في الحرب العالمية الثانية؟    سليانة: تنظيم عملية بيضاء تحاكي اصطدام شاحنة محروقات مع حافلة لنقل العاملات بالطريق الجهوية 73    بطولة القسم الوطني "أ" للكرة الطائرة – برنامج معدل للجولة الافتتاحية    إنتقالات: الدولي المغربي حكيم زياش ينضم إلى الوداد البيضاوي    قيمته ليست لها حدود: زيت الزيتون.. بترول تونس    انطلاق الدورة الأولى من المهرجانات الإقليمية لنوادي الأطفال المتنقلة حول "التغيرات المناخية والثروة الحيوانية"    وحدة القسطرة الدماغية بالمعهد الوطني لطب الأعصاب تُحقّق نقلة نوعية في التدخلات العصبية الدقيقة    اكتشاف قد يحدث ثورة في علاج السرطان.. "الدماغ الثاني" في جهازنا الهضمي يحفز نمو الأورام    كيفاش الديوانة التونسية منعت تهريب ''رأس أسد ثمين جدّا''؟    وزارة الداخلية تنتدب..#خبر_عاجل    منصّة رقمية باش تراقب الماكلة وتضمن الأمن الغذائي للتوانسة ...شنوا حكايتها ؟    الدينار التونسي يُسجّل تحسّناً ملحوظاً مقابل الدولار واليورو    الفنان محمد رشيد راجح في حاجة للتبرع بالدم    4079 مليون دينار لدعم المواد الأساسية في 2026    روزنامة الامتحانات لتلامذة الابتدائي: شوفوا التواريخ وشنوا لازم تعرفوا!    كأس الاتحاد الافريقي : الملعب التونسي والنجم الساحلي من أجل قلب المعطيات والمرور الى دور المجموعات    ريباكينا تحجز مكانها في البطولة الختامية للتنس للعام الثالث تواليا    متبرعان بالأعضاء ينقذان حياة 5 مرضى..وهذه التفاصيل..    زيادة واردات تونس من موّاد التجهيز والموّاد الوسيطة علامة على تحسّن النمو الاقتصادي    عاجل/ ما مقدار نسبة الزيادة في أجور القطاعين العام والخاص؟!..    حالة الطقس لهذا اليوم..أمطار بهذه المناطق..#خبر_عاجل    عاجل/ انقلاب حافلة لنقل العملة..وهذه حصيلة الجرحى..    تأجيل النظر في قضية عبير موسي المعروفة ب"مكتب الضبط"    رسالة من زوجة مروان البرغوثي لترامب..وهذا ما جاء فيها..#خبر_عاجل    هيئة المحامين تنظم وقفة تضامنية تعبيرا عن دعم المحاماة التونسية للمحكمة الجنائية الدّولية..    عاجل/ رفض الافراج عن هذا القيادي بحركة النهضة..    مشروع ميزانية 2026 يقترح أكثر من 51 ألف انتداب جديد    إنتر ميامي يمدّد عقد ميسي حتى 2028    المنتخب الوطني لكرة السلة: قائمة اللاعبين المدعوين للتربص    عاجل: كانوا في طريقهم للعمل ... إصابة 50 عاملاً في انقلاب حافلة في بنزرت    إنتقالات: لاعب تونسي يحزم حقائبه إلى ليبيا    تونس تشارك في الدورة العاشرة "كوب 10" لمؤتمر الاطراف في الاتفاقية الدولية لمكافحة المنشطات في الرياضة بباريس من 20 الى 22    تلميذ يسقط من حافلة نقل مدرسي...والمسؤول عن الصيانة كان قد حذّر من 17 حافلة    افتتاح مهرجان مسرح الجنوب بتوزر    عاجل : رسالة لابن فضل شاكر تثير تعاطف الجماهير ....كلمات مؤثرة    إصابات في حادث انقلاب حافلة تقلّ عمّالاً بولاية بنزرت    اكتشاف علمي يُغيّر فهمنا للأحلام    الادارة الجهوية للصحة بين عروس تنظم يوم توعويا حول الرضاعة الطبيعية يوم 4 نوفمبر القادم    مادورو لواشنطن: لا لحرب مجنونة.. أرجوكم    بسبب زوجها السابق.. إصابة كيم كارداشيان بمرض دماغي خطير    ليبيا: جرحى في اشتباكات مسلحة بمصراتة    ملعقة من زيت الزيتون يوميا.. ما تأثيرها على صحتك؟    مصر.. تعطل الدراسة في 38 مدرسة حرصا على سلامة التلاميذ    تونس تطلق المنصّة الوطنية لرصد الأمن الغذائي foodsecurity.tn    بعد يوم من مثوله أمام المحكمة: محمد شاكر يصدر أغنية مهداة إلى والده فضل شاكر    اسألوني .. يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    خطبة الجمعة ..حذار من موت الفَجأة    وزير الفلاحة يفتتح بقبلي موسم جني التمور ويؤكد أنه قطاع محرك للنمو ومصدر للعملة الصعبة    سحب أحيانا كثيفة مع أمطار متفرقة ليل الخميس    سيدي بوزيد: اعطاء اشارة انطلاق موسم جني الزيتون    افتتاح ندوة دولية حول التعاون التونسي الفرنسي في مجال الآثار    زحل المهيب: أمسية فلكية لا تفوت بتونس    التونسيتان بيسان وبيلسان كوكة تتوجان ببطولة مسابقة تحدي القراءة العربي في موسمها التاسع    العثور على جثة متحللة داخل منزل منذ عام بالقيروان    تونس تصنف ضمن افضل 25 وجهة سياحية في العالم ينصح باكتشافها سنة 2026    المنستير ولمطة في عدسة التلفزيون الإيطالي: ترويج جديد للسياحة التونسية    ما معنى بيت جرير الذي استعمله قيس سعيّد؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مفتي الجمهورية ل«التونسية»:هذا شهر التطهّر من الذّنوب
نشر في التونسية يوم 18 - 06 - 2015

على التونسيين أن يحذروا التطرّف والإرهاب
حاوره: عبد السلام لصيلع
التونسية (تونس)
تحدّث سماحة الشّيخ الدكتور حمدة سعيّد مفتي الجمهوريّة في حوار ل«التونسية» عن منزلة شهر رمضان المعظّم وأهميته الروحية والوجدانية الذي تتجلّى فيه وحدة المسلمين الذين دعاهم فضيلة المفتي إلى ترك «الأحقاد ومنابذة كلّ الحساسيات التي تفرّق ولا تجمع».. وأكد أنّ في تونس حبّا خاصّا لهذا الشهر المبارك عبر العصور.. ولاحظ أنّ من التحديات التي تواجه الإسلام والمسلمين اليوم أخطار التطرّف والتعصّب وآفة الإرهاب وجحافل الموت، بالإضافة إلى أخطار اقتصادية، وطالبهم بالعمل والإنتاج ومقاومة النّزعة الاستهلاكية المفرطة في شهر الصّيام، أعاده الله على بلادنا وعلى كلّ المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها بالخير والبركات والوحدة والتقدّم والنّصر والسّؤدد.
وفي ما يلي نصّ الحوار:
ما هي منزلة شهر رمضان المعظّم في حياة المسلمين؟
- جاء في الأثر: «رجب شهر الله، وشعبان شهري، ورمضان شهر أمّتي»، فليس شهر في العام تحتفي به أمّة الإسلام كشهر رمضان، فهو شهر الصّيام، وشهر التّقوى، وشهر التّوبة، وشهر القرآن، وشهر الذكريات الخالدة للإسلام. وقد كان بعض الصّحابة رضوان الله عليهم يقولون إنّه ما سمّي رمضان إلاّ لأنّه يرمض الذّنوب أي يمحقها، فكانوا يستقبلونه بهذه الأشواق، فقد ورد عن عمر رضي الله عنه أنّه كان يقول: «مرحبا بمطهّرنا من الذّنوب».
وكان صلّى الله عليه وسلم وهو المعلّم والقدوة والأسوة الحسنة أجودُ ما يكون في رمضان، جود بنشاط وطاعة وذكر وفكر وعمل يتلوه عمل، وكان أجود بالخير من الرّيح المرسلة، وكان أجود النّاس وأمثلهم وأحسنهم وأكرمهم، حتى إذا دخل العشر الأواخر شدّ مئزَرَهُ وأَحْيَى ليله وأيقظ أهله.
وفي الحديث برواية الترمذي: «رَغِمَ أنْفُ رجُل دخل عليه رمضان ثمّ انسلخ قبل أن يُغْفَرَ له».
بماذا يتميّز هذا الشهر الفضيل في تونس وشمال إفريقيا عبر العصور؟
- ذكر ابن أبي دينار في كتابه «المؤنس في أخبار إفريقية وتونس»، وهو كتاب في التاريخ جيّد: «إنّ من عادات أهل تونس (وكذلك في بلاد المغرب كلّها) احتفاء ظاهر بشهر رمضان حتى تأصّل عادة راسخة في النّفوس، ففي تونس كلف وحبّ خاصّ لهذا الشهر المبارك حيث تفتح البيوت أبوابها لقرّاء القرآن الكريم وتغدق عليهم من كرم الأعطية وتجزل للضعفاء منهم الصّدقة».
وليس شهر تحتفل مساجدنا فيه بقدر رمضان، تزدحم فيه الناس رجالا ونساء وأطفالا لشهود صلاة التراويح إلى وقت متأخّر من اللّيل. وكان من عادات مساجدنا ختم الحديث الشّريف في جامع الزّيتونة المعمور والجوامع المحيطة به، في مجالس تزدان بشيوخ العلم وحضور عامّة الناس لسماع الحديث والتبرّك به، ويختم كما يختم القرآن في حفل ترتفع فيه الأصوات بالدّعاء الصّالح للبلاد والعباد. ويستحضرني ما جاء في رواية البخاري أنّ هذه المجالس يمتدحها أهل السّماء والأرض، ففي الحديث: «إنّ للّه تبارك وتعالى ملائكة سيّارة فُضُلا، يتتبّعون مجالس الذّكر، فإذا وجدوا مجلسا فيه ذِكْر قعدوا معهم، وحفّ بعضهم بعضا بأجنحتهم، حتى يملؤوا ما بينهم وبين السّماء الدّنيا، فإذا تفرّقوا عَرَجُوا وصَعِدُوا إلى السّماء، قال: فيسألهم الله عزّ وجل، وهو أعلم بهم، من أين جئتم؟ فيقولون: جئنا من عند عباد لك في الأرض، يسبّحونك، ويكبّرونك، ويهلّلونك، ويحمدونك، ويسألونك، قال: وماذا يسألوني؟ قالوا: يسألونك جنّتك، قال: وهل رأوا جنّتي؟ قالوا: لا، أَيْ رَبِّ، قال: فكيف لو رأوا جنّتي؟ قالوا: ويستجيرونك. قال: ومِمَّ يستجيرونني؟ قالوا: من نارك يا ربّ. قال: وهل رأوا ناري؟ قالوا: لا، قال: فكيف لو رأوا ناري؟ قالوا: ويستغفرونك، قال: فيقول: قد غَفَرْتُ لهم فأعطيتهم ما سألوا وأجَرْتُهُمْ ممّا استجاروا. قال: فيقولون: رَبِّ فيهم فُلان عَبْد خطّاء إنّما مرّ فجلس معهم. فيقول: وله غَفَرْتُ، هم القوم لا يشقى بهم جليسهم».
هل مازالت مظاهر الاحتفاء بشهر الصّيام في العالم الإسلامي هي نفسها التي كانت في الماضي؟
- فترت لا محالة الأجواء الاحتفاليّة، وضعف الجانب الرّوحي الوجداني، مقابل ظهور نزعة استهلاكية مفرطة وحرص على تخمة البطون، وقتل الوقت في الملاهي، فترى الواحد يطول نومه في النهار، ويمتدّ ليله بالسّهر حتى يشارف طلوع الفجر. ولا تراه بعد ذلك إلاّ مدبّرا عن عمله غير مقبل، متهالكا متهاويا، ثقيل النّفس منهك الحركة. فلا نفاجأ بعد ذلك أن يقال لنا: «إنّ مؤشّرات الإنتاج في العالم الإسلامي تشهد تراجعا مذهلا في شهر رمضان»!!!
بماذا تتوجّهون إلى المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها بمناسبة حلول شهر رمضان؟
- أسأل الله العلي الكريم أن يجعل هذا الشهر المبارك موسم خير وفضل وأمان وطمأنينة لكلّ المسلمين، فرمضان شهر تتجلّى فيه وحدة المسلمين بمشاعرهم وعقولهم وبأمنياتهم. في رمضان يوحّدنا الصّوم في النهار، ويوحّدنا الفطر في الليل، وتوحّدنا صلاة التراويح صفوفا متراصّة مقبلة على ربّ كريم جزيل العطاء، ويوحّدنا الهمّ الواحد في مواجهة فتنة الإرهاب وردّ غائلته عن الشعوب الإسلامية مشرقا ومغربا. وإنّي أدعو المسلمين إلى أخذ الحذر الكامل والحيطة اللازمة من كلّ الدعوات المشبوهة التي تريد أن تقسّم الأرض إلى إقطاعات صغيرة وتقسّم الشعوب إلى طوائف وملل كثيرة متناحرة. وأدعو المسلمين إلى ترك الأحقاد ومنابذة كلّ الحساسيات التي تفرّق ولا تجمع، فإنّ الله يغفر لكلّ تائب إلاّ لمشاحن. ففريضة الفرائض هي الوحدة التي قال عنها المولى عزّ وجل: «وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ». (آل عمران 103).
في رأيكم ما هي التحدّيات التي تواجه الإسلام والمسلمين اليوم؟
- تواجهنا جميعا وعلى صعيد واحد أخطار التطرّف والتعصّب، وتواجهنا آفة الإرهاب وجحافل الموت، وتواجهنا فوق كلّ ذلك أخطار اقتصادية لأنّنا نستهلك أكثر ممّا ننتج، وتواجهنا بوادر ضعف في نسيج البنية الاجتماعية بسبب غلبة النّزعة المادّية التي تكاد تجهز على المنظومة الأخلاقية، ومن مظاهر ذلك انتشار الغشّ والاحتكار والتّهريب وتكوين الثروات المشبوهة. وفي الوقت الذي تنتظر فيه الأمة الإسلامية تكوين أوّل سوق إسلامية على غرار السّوق الأوروبية، على طريق إنعاش اقتصادات الدّول وتوفير استثمارات هائلة في سوق العمل، توصد الأسواق أبوابها وتستحكم غلقا وراء الحدود، ويكثر الشّباب العاطل والعطالة أمّ الشّرور فتستهويهم أنفسهم الضعيفة إلى إلقاء أنفسهم في محرقة الحروب الإرهابيّة الشّنيعة. وقد نبّهنا القرآن الكريم من هذه النّار التي تأتي على الأخضر واليابس ولا تستعفي أيّ شعب من الشعوب، فقال تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ» (التّحريم).
في خاتمة هذا الحوار هل من كلمة أخيرة؟
- أتوجّه بالتّهاني والتباريك إلى كلّ الشعوب الإسلامية بمناسبة إطلالة شهر الخير، شهر رمضان المبارك، راجيا من الله أن يجعلنا جميعا على كلمة التّقى، وأن يتقبّل منّا الصّيام والقيام، وأن يكتبنا في عباده الصّالحين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.