نظمت مؤسسة الشهيد محمد البراهمي ندوة علمية بتونس تحت عنوان «الإرهاب ومتطلبات الوضع العربي الراهن» وذلك احياء للذكرى الثانية لاغتيال البراهمي وبحضور العديد من الخبراء الذين تطرقوا إلى مسألة الإرهاب وسبل التصدي له في تونس. وقال رياض الصيداوي محلل سياسي وإعلامي ومدير المركز العربي للدراسات السياسية والاجتماعية بجينيف إن الإرهاب هو محاربة أقلية الأقلية ضد الأغلبية مشيرا إلى أن الإرهاب لم يبن دولا مذكرا بتجربة الجزائر في المجال الإرهابي حيث قال رغم أنّ الإرهاب حطم فيها الكثير إلا أنه لم يسقط الدولة الجزائرية. واستعرض الصيداوي أبرز الأسباب التي تدعم وتعمق ظاهرة الإرهاب والمتمثلة أساسا في أسباب اقتصادية من خلال تمويل الإرهابيين من أجل استغلالهم لمصالح سياسية فضلا عن الأسباب الاجتماعية والتي قال إنها تتجسد عادة في نقص مستوى التعليم لدى الشباب وتأخر سن الزواج لديهم وكذلك البحث عن المغامرة كلها عوامل قال إنها تعمق استقطاب الشباب من قبل الحركات الإرهابية. أسباب دينيّة و أضاف الصيداوي أن الأسباب الدينية لعبت دورا هاما في انتشار ظاهرة الإرهاب في تونس والعالم العربي من خلال الخطاب الذي يسمع في المساجد وينشر على الانترنيت الذي قال إنه مبني على الخطاب التكفيري والتحريضي مؤكدا أنّ الخطاب الخطير المبني على الحقد والكراهية يتحول فيما بعد إلى فعل كالقتل واعتبر عمليتي اغتيال محمد البراهمي وشكري بلعيد خير دليل على ذلك. كما بيّن أن الإرهاب ينتعش في ظل الأزمات السياسية للدول وضعفها وتفككها لاسيما الدول التي يكون جهازها الاستخباراتي ضعيفا. وأفاد أن الهدف الأساسي للإرهاب هو ضرب الاقتصاد الوطني وإنهاك الدولة وخدمة أجندات سياسية معينة داعيا في هذا السياق إلى تحقيق العدالة الاجتماعية وأن تكون الدولة راعية لحماية الشباب مؤكدا في الوقت ذاته على أهمية التوعية السياسية والإعلامية وتكريس مبدإ الوطنية وأهمية التواصل بين جهاز الاستخبارات والمواطنين كوسيلة ناجعة لمقاومة الإرهاب. وتحدث العميد المتقاعد مختار بن نصر عن المقاربة الإستراتيجية من أجل مقاومة الإرهاب في تونس ترتكز بالأساس على التصدي الميداني العسكري والأمني بدرجة أولى ثم التركيز على العمل الاجتماعي والتنموي والتربوي والثقافي والعقائدي.. وهي مسائل طويلة المدى حتى يتم تجفيف منابع الإرهاب ومنع انتشاره في المناطق الفقيرة والمهمشة وفي المعاهد والمساجد. خلايا نائمة وأكد أنّه يوجد اليوم عمل كبير من أجل القضاء على ما تبقى من عناصر إرهابية متخفية ونائمة في الشعانبي من خلال تكاتف كل الجهود من سياسيين ومجتمع مدني ومواطنين وأمن وجيش.. لشن حرب على الإرهاب واقتلاعه نهائيا من البلاد. كما أكد على أهمية التعاون الدولي على مستوى المعلومات والمعدات مشيرا إلى أن «جيشنا وأمننا في حاجة إلى دعم كبير» من خلال مساعدة وتعاون الدول الأخرى مع تونس خاصة أمريكا والاتحاد الأوروبي. كما بيّن أن الدولة تفكر في بعث مركز لتأهيل الخريجين من السجون المحكوم عليهم في قضايا إرهاب أو العائدين من الأماكن التي عرفت توترات.. لمراقبتهم وإعادة إدماجهم. من جهته ركز الإعلامي زياد كريشان على ضرورة معرفة العدو كأول عملية لبناء إستراتيجية لمقاومة الإرهاب مشيرا إلى أن من يتخفى وراء الإرهاب هو التيار السلفي. وأوضح أن السلفية الجهادية «المعولمة» اليوم أخطر مما كانت عليه في الدول العربية مبينا أنها تهدف إلى تصفية حسابات سياسية من خلال تقوية الإرهابيين ودعمهم ملاحظا أن هذا التيار يقتات من كل فشل سياسي واجتماعي واقتصادي مؤكدا أن التخلص من الفشل في هذه المجالات سيقضي على هذا التيار وبالتالي يقضي على شبكات الجهادية السلفية وجرائمها لا سيما الإرهاب.