إعداد: الدكتور بدر السماوي (خبير في الضمان الاجتماعي) يُعدّ توفير العمل اللائق من أوكد المطالب التي فرضتها المتغيرات الدولية والتحولات الاقتصادية. وهدفا تسعى إلى تحقيقه كافة أطراف الإنتاج من حكومات ومنظمات أعراف ومنظمات عمّال بما ينعكس بصفة ايجابية على التنمية الاقتصادية والرقي الاجتماعي. ويعتبر مجال الحماية الاجتماعية من أهم مقومات العمل اللائق لما له من تأثير على ظروف العامل من أمان وعدالة وكرامة إنسانية. ولئن كان مطلبا العمل اللائق وتوفير الحماية الاجتماعية الشاملة مطلبين مطروحين للتحقيق بكل إلحاح لكافة الشغالين فإنهما مطروحان بأكثر إلحاح بالنسبة إلى المرأة بسبب الظروف التي تعيشها مما يدفع إلى العمل على تطوير قدراتها لإزالة العوائق والحواجز في وجهها. وفي هذا الإطار فإنه من الأهمية بمكان الاطلاع بكل دقة على التشريعات المتصلة بحقوق المرأة في مجال التغطية الاجتماعية في تونس واستكشاف مدى تجانسها في القطاعين العمومي والخاص وتلاؤمها مع المعايير الدولية ودرجة مساهمتها في دفع المرأة نحو الاندماج في دورة الإنتاج. حقوق المرأة في التغطية الاجتماعية من خلال المواثيق الدولية تضمنت المواثيق الدولية عدة اتفاقيات وقرارات وتوصيات ذات صلة بحقوق المرأة في مجال التغطية الاجتماعية سواء بصفة مباشرة أو غير مباشرة ومنها الاتفاقية الدولية عدد 102 لسنة 1952 حول الحد الأدنى للضمان الاجتماعي والاتفاقية الدولية عدد 183 لسنة 2001 والتوصية عدد 202 لسنة 2011. فقد أقرت المنظمة الدولية للشغل ما سمته الحد الأدنى للضمان الاجتماعي والذي تضمنته الاتفاقية الدولية عدد 102 لسنة 1952 الصادرة عن المؤتمر الدولي الخامس والثلاثين والتي دخلت حيّز التطبيق سنة 1955. وقد حددت هذه الاتفاقية تسعة مخاطر يتعين مواجهتها عن طريق الضمان الاجتماعي وهي: العناية الطبية، المرض (التعويض عن الأجر المفقود)، البطالة، الشيخوخة، حوادث الشغل والأمراض المهنية، الأمومة، العجز، الوفاة، الأعباء العائلية. وحتى هذا اليوم لم تصادق تونس على هذه الاتفاقية رغم مرور أكثر من 70 سنة على صدورها. وتلتزم كل دولة موقعة على الاتفاقية بضمان ثلاثة مخاطر على الأقل من المخاطر التسعة المذكورة على أن يكون من بينها بصورة إجبارية أحد المخاطر الخمسة التالية: البطالة، الشيخوخة، العجز، حوادث الشغل والأمراض المهنية، الوفاة. ولنا أن نلاحظ أن المنظمة الدولية لم تدرج خطر الأمومة ضمن المخاطر الخمسة الإجبارية. كما نصت الاتفاقية الدولية عدد 183 الصادرة عن المنظمة الدولية للعمل سنة 2000 على أنه من حق أيّة امرأة تنطبق عليها هذه الاتفاقية الحصول على إجازة أمومة لا تقل مدتها عن أربعة عشر أسبوعا، عند تقديمها شهادة طبية تبيّن التاريخ المفترض لولادتها أو أيّة شهادة ملائمة أخرى تحددها القوانين والممارسات الوطنية. وتشمل إجازة الأمومة فترة إجازة إلزامية بعد ولادة الطفل مدتها ستة أسابيع، ما لم تتفق الحكومة والمنظمات الممثلة لأصحاب العمل وللعمال على خلاف ذلك على الصعيد الوطني. وتمنح إجازة قبل فترة إجازة الأمومة أو بعدها، بناء على شهادة طبية، في حالة الإصابة بمرض أو حدوث مضاعفات أو احتمال حدوث مضاعفات ناجمة عن الحمل أو الولادة. وتبلغ الإعانات النقدية مستوى يسمح للمرأة بإعالة نفسها وطفلها في ظل ظروف صحية مناسبة ووفقا لمستوى معيشة لائق. وإذا نصت القوانين أو الممارسات الوطنية على أن تكون الإعانات النقدية المدفوعة في حالة الإجازة محددة على أساس الكسب السابق، فلا يجوز أن يقلّ مقدار هذه الإعانات عن ثلثي كسب المرأة السابق أو عن ثلثي المبلغ الذي يؤخذ في الاعتبار لحساب الإعانات. وتنص الاتفاقية على توفير الإعانات الطبية للمرأة وطفلها وفقا للقوانين واللوائح الوطنية أو لأية طريقة أخرى تتفق مع الممارسة الوطنية وتشمل هذه الإعانات الرعاية قبل الولادة وأثناءها وبعدها، وكذلك الرعاية في المستشفيات عند الضرورة. ونظرا لتواصل حرمان عدد لا بأس به من السكان في العالم في بداية القرن الواحد والعشرين من الحماية الاجتماعية دعت المنظمة الدولية للعمل ضمن توصيتها عدد 202 لسنة 2012 الدول الأعضاء إلى تبنّي أرضية دنيا للحماية الاجتماعية. وتتضمن هذه الأرضية مجموعة من التعهدات الأساسية في مجال الضمان الاجتماعي على الصعيد الوطني من شأنها أن تحدّ من الفقر والفاقة والإقصاء الاجتماعي. وتوفر هذه التعهدات أيضا لكل إنسان طيلة حياته الحق في الصحة وحدّا أدنى من وسائل العيش. وينطبق هذا الالتزام أيضا على من هم في سن العمل وحرموا من الحصول على دخل محترم بسبب المرض أو الأمومة أو العجز أو البطالة، وكذلك توفير دخل أدنى للمسنين. ولئن لم تتضمن هذه التوصية بندا خاصا بالأمومة فإن التوصية أكدت في باب الضمانات الأساسية على أن الرعاية الصحية تشمل الأمومة وأن توفير أمن الدخل الأساسي يشمل أيضا الأمومة. حقوق المرأة في التشريع التونسي لقد أخذ التشريع التونسي للضمان الاجتماعي الصادر منذ نهاية الخمسينات وبداية الستينات من القرن الماضي وضعية المرأة بعين الاعتبار فمكّنها من بعض الحقوق منها منحة الوضع والتقاعد المبكر للأم التي لها ثلاثة أبناء وبعض المنافع الأخرى. 1 - الولادة والأمومة يخوّل التشريع الاجتماعي عدة حقوق في مجال التكفل بالولادة والأمومة منها العلاج سواء للمرأة العاملة أو لزوجة المضمون الاجتماعي وكذلك التعويض عن فقدان الأجر بالنسبة إلى المرأة العاملة. فللمرأة الحامل الحق كمضمومة اجتماعية أو كزوجة مضمون اجتماعي الحق في التكفل المباشر من الصندوق بخدمات متابعة الحمل لدى مقدّمي الخدمات الصحية في القطاعين العام والخاص. كما يتكفل الصندوق الوطني للتأمين على المرض بمصاريف الولادة سواء كانت الأم هي نفسها مضمونة اجتماعية أو زوجة لمضمون اجتماعي. ولها الحق في اختيار إقامتها الاستشفائية عند الولادة في مصحة خاصة متعاقدة مع الصندوق ومع طبيبها المباشر وبصيغة الطرف الدافع وفي حدود التعريفات التعاقدية. كما أن للمرأة العاملة الحق قي عطلة بمناسبة وضع مولود. وتختلف شروط ومدة ومبالغ هذه المنفعة بين القطاعين العمومي والخاص. ففي القطاع العمومي تنتفع الموظفات بعد الإدلاء بشهادة طبية بعطلة ولادة مدتها شهران اثنان مع استحقاق كامل المرتب ويمكن الجمع بين هذه العطلة وعطلة الاستراحة. وفي نهاية هذه العطلة يمكن أن تمنح الموظفات بطلب منهن عطلة أمومة لمدة لا تتجاوز أربعة أشهر مع استحقاق نصف المرتب وذلك لتمكينهن من تربية أطفالهن وتمنح هذه العطل مباشرة من طرف رئيس الإدارة. كما يحق للموظفة أن تمنح بطلب منها راحة رضاعة مدتها ساعة واحدة في بداية حصة العمل أو في نهايتها. أما في القطاع الخاص فإن القانون المنظم للضمان الاجتماعي يُمكّن المرأة الأجيرة من منحة وضع يتم ضبط مدتها بالرجوع إلى مجلة الشغل. وينص الفصل 64 الفقرة - أ - من مجلة الشغل على أن المرأة تستحق راحة بمناسبة وضع مولود لمدة 30 يوما يمكن تجديدها كل مرّة ب15 يوما. ويبلغ مقدار التعويض عن الراحة نفس مبلغ منحة المرض وهو ثلثا الأجر اليومي المتوسط الذي لا يمكن أن يتجاوز مرتين الأجر الأدنى المضمون لمختلف المهن نظام 48 ساعة المرتبط بمدة شغل تساوي 600 ساعة. وهكذا يتضح الفارق بين القطاعين العمومي والخاص في مجال منحة الوضع سواء في مستوى مبلغ التعويض أو مدته. وإضافة إلى ما سبق فإن التشريع التونسي في القطاعين لم يواكب الاتفاقيات الدولية في هذا المجال وخاصة الاتفاقية عدد 183 لحماية الأمومة التي تقرّ مادتها الرابعة بحق كل امرأة في الحصول على إجازة أمومة مدتها 14 أسبوعا أي ما يقارب مائة يوم. 2 - التقاعد المبكر للمرأة الأم لثلاثة أطفال تهدف هذه المنفعة إلى تمكين الأمهات من العناية بأطفالهن بعد قضاء فترة معينة في العمل ودون انتظار بلوغ السن القانونية للتقاعد. ففي القطاع العمومي يكتسب الحق في التقاعد المبكر «بطلب من الأمهات اللاتي لهن ثلاثة أبناء لم يتجاوز سنهم عشرين عاما أو ابن معوق إعاقة عميقة وبعد موافقة الوزير الأول». أما في القطاع الخاص فيفتتح الحق في التقاعد المبكر «للنساء الأجيرات اللاتي هن أمهات لثلاثة أطفال أحياء» ويقتصر تطبيق هذا القانون على نظام العملة الأجراء في القطاع غير الفلاحي. ونلاحظ الفارق في شرط سن الأطفال بين القطاعين. ففي حين لا يشترط حد أقصى للسن في القطاع الخاص نجد أن القانون في القطاع العمومي يحدد السن بعشرين سنة علما بأن السن كانت في البداية محددة بخمسة عشر سنة. كما لم يتمّ التنصيص في القطاع الخاص على تعويض الأطفال الثلاثة بابن معاق إعاقة عميقة. كما أن من شأن شرط الأطفال الأحياء أن يحرم الأمهات اللائي أنجبن 3 أطفالا دون أن يكون جميعهم أحياء عند طلب الحصول على الجراية. أما بقية الشروط فهي موحدة وتتعلق بضرورة العمل لمدة 15 سنة ويتم صرف الجراية في الخمسين حتى إن تم افتتاح الحق قبل ذلك. 3 – العلاج والجراية للبنت التي لا مورد رزق لها أو لم تجب نفقتها على زوجها تتمتع بالعلاج إلى جانب المضمون الاجتماعي وزوجه وأبناءه القصر «البنت طالما لم يتوفر لها مورد رزق أو لم تجب نفقتها على زوجها». كما تتمتع بالجراية الوقتية للأيتام دون تحديد في السن البنت إذا ثبت استيفاؤها لشرطي عدم توفر مورد رزق وعدم وجوب نفقتها على زوجها في تاريخ وفاة الأصل المنتفع بجراية شيخوخة أو بجراية عجز أو الذي توفر فيه في تاريخ وفاته الاقدمية الدنيا لافتتاح الحق في إحدى الجرايتين. وفي صورة عدم إسناد جراية القرين لأي سبب قانوني فإن البنت التي ثبت في تاريخ وفاة الأصل عدم توفر مورد رزق لها أو عدم وجوب نفقتها على زوجها، لا تتمتّع بأكثر من ٪50 من جراية التقاعد التي كان يتمتع بها الأصل في تاريخ وفاته. وتتمتع البنت التي لم يتوفر لها الكسب أو لم تجب نفقتها على زوجها بجراية اليتيم عند وفاة الأصل في حادث شغل. وقد تم إدخال تعديل سنة 2007 يقضي بعدم استئناف صرف الجراية الوقتية للأيتام التي انقطع صرفها لفائدة البنت قبل صدور الأمر المؤرخ في أوت 2007 لانتفاء أحد الشرطين. 4 - المنحة العائلية للبنت التي تقوم مقام أمها في شؤون البيت تتمثل هذه المنفعة في إسناد المنح العائلية علاوة على الأطفال الذين سنهم دون 16 سنة والأطفال المزاولين تعليمهم والى المعاقين أو المصابين بمرض عضال إلى «البنت التي تقوم بالنسبة لإخوتها وأخواتها مقام الأم إذا كانت هذه الأخيرة متوفاة أو عاجزة أو مطلقة أو أرملة تشغل مقابل أجر عملا يستغرق كامل نشاطها» وذلك حتى بلوغ الواحدة والعشرين سنة. والحقيقة أن الابقاء على مثل هذه القوانين مدعاة للاستغراب إذ هل يمكن للمجتمع أن يقبل بانقطاع البنت عن التعليم مقابل حصول والدها على منح عائلية زهيدة... 5 - التكفّل بنفقات رعاية الأطفال بالمحاضن أحدثت لفائدة المضمونات اجتماعيا والمنخرطات بالصناديق الاجتماعية منحة للمساهمة في نفقات أبنائهن عند إيداعهم بالمحاضن. إلّا أن هذه المساهمة لم تشهد إقبالا يذكر بسبب شروطها المجحفة وللمبلغ الزهيد الذي أقرته. فقد حدّدت المساهمة ب 15 دينارا في الشهر عن أطفال المضمونات المشتغلات واللاتي لا يفوق أجرهن الشهري بما في ذلك المنح مرتين ونصف الأجر الأدنى المهني المضمون. ويشترط أن يكون للأطفال الحق في الانتفاع بالمنح العائلية. تغطية اجتماعية منقوصة إلى جانب استعراض المنافع التي تخصّ المرأة حصريا أو التي يخول لها القانون في بعض الحالات التمتع بها فإنه من المفيد الإشارة إلى ما تتعرض له المرأة في بعض القطاعات من حرمان من التغطية الاجتماعية على غرار قطاعات الفلاحة والنسيج وعاملات المنازل. أ - المرأة العاملة في القطاع الفلاحي يُشغّل القطاع الفلاحي نسبة كبيرة من النساء. غير أن نظام الأجراء في القطاع الفلاحي يشترط للانخراط فيه العمل لمدة لا تقل عن 45 يوما خلال الثلاثية لدى نفس المؤجر وهو شرط لا يمكن توفيره بسهولة بسب الطبيعة الموسمية للنشاط الفلاحي وهو ما ينطبق على الرجال وعلى النساء على حد سواء. وبسبب هذا الشرط فإنّ النساء أكثر عرضة للإقصاء لأن عملهن ليس فقط موسمي بل وقتي. لذلك فإن القانون يُقصي بالضرورة المرأة الأجيرة العاملة في القطاع الفلاحي من الانتفاع بالتغطية الاجتماعية. وتبقى إمكانية انخراط النساء العاملات في القطاع الفلاحي واردة بشروط أفضل إذا كنَّ يخضعن لنظام العملة الأجراء في القطاع الفلاحي المحسن أو لنظام العملة غير الأجراء في القطاعين الفلاحي وغير الفلاحي أو لنظام بعض الأصناف من العملة في القطاعين الفلاحي وغير الفلاحي. ب - المرأة العاملة في القطاع الصناعي لا يختلف وضع النساء في القطاع الصناعي كثيرا عن وضعهن في القطاع الفلاحي، ويمثل قطاع النسيج في تونس ثلث القطاعات الصناعية من حيث تشغيله لليد العاملة. وكشفت التقارير والبحوث وجود عدة خروقات للقانون منها ما يتعلق بتشريع الشغل مثل العمل دون عقد شغل أو إمضاء العاملات على عقود دون إدراك ما تتضمنه سواء بدواعي الخوف أو الحاجة أو غياب الظروف الدنيا للصحة والسلامة المهنية إلى جانب عدم التصريح بالعاملات إلى مصالح الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي أو التصريح بأجور دون ما يتم صرفه وخاصة عندما تكون الأجور دون الأجر الأدنى المهني المضمون. وقد كشفت دراسة أعدّها المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية سنة 2013 حول وضع عاملات النسيج في ولاية المنستير أن ربع العاملات في هذا القطاع لا يتمتّعن بالتغطية الصحية بسبب عدم تمتعهن بالتغطية الاجتماعية والأدهى من ذلك أن العاملات لا يتفطن إلى هذا إلا بعد انتهاء العلاقة الشغلية مما قد ينعكس على مدى بعيد على حقوقهن في التقاعد. وتزداد الأمور استفحالا عند غلق هذه المؤسسات التي ينتمي أغلبها إلى مستثمرين أجانب مما يحيل أغلب اليد العاملة إلى البطالة بسبب تسريحهن في أغلب الأحيان دون احترام الإجراءات المنصوص عليها بمجلة الشغل. وغالبا ما يتم التغاضي عن تمتيع العاملات بحقوقهن في الضمان الاجتماعي بدعوى الحفاظ على الاستثمار وعلى مواطن الشغل. ج - قطاعات أخرى ( مثال عاملات المنازل) بعد سلسلة من القوانين التي سعت إلى تعميم التغطية الاجتماعية صدر القانون المتعلق ببعض أصناف من العملة والذي عرف عند العامة بقانون عملة المنازل. وقد شمل هذا القانون فئات أخرى كعملة الحظائر وصغار الفلاحين والحرفيين والصيادين. ورغم أن تعريف عملة المنازل يشمل معينات المنازل والطباخين والبستانيين والسواق وغيرهم فإنّ الفئة الرئيسية من الناحية النوعية تبقى فئة معينات المنازل. آفاق التغطية الاجتماعية للمرأة العاملة من خلال دراسة مختلف المنافع التي تحصل عليها المرأة يمكن بلورة بعض الاقتراحات للمساهمة في تطوير استفادة المرأة من التغطية الاجتماعية. لقد لوحظ ضعف تطبيق التشريعات المتعلقة بالتغطية الاجتماعية. وبقطع النظر عن الأسباب ودور مختلف الأطراف المتدخلة فإنّه من المطروح الحرص على تعريف العاملات بحقوقهن وتطوير كفاءات أجهزة المراقبة لدفعها للمساهمة في هذا المجهود الذي لا تستفيد منه المرأة فقط بل المجتمع بأسره لما لصحة المرأة من انعكاس على صحة الطفولة ولما لها من تأثير على التنمية الاقتصادية. ويمكن دراسة إمكانية تحسين محتوى بعض المنافع والعمل قدر الإمكان على التقريب بينها. ونذكر على سبيل الذكر لا الحصر الاقتراحات التالية: - المصادقة على الاتفاقية الدولية عدد 183 والتمديد في فترة الأمومة إلى 14 أسبوعا. - الرفع في مبلغ منحة الوضع في القطاع الخاص وعدم تسقيفها وذلك على غرار الغرامة اليومية المسندة إثر التوقف عن العمل بسبب حادث شغل أو مرض مهني. - مراجعة شروط الخضوع في نظام العملة الأجراء في القطاع الفلاحي. - توحيد شروط الحصول على التقاعد المبكر للمرأة الأم لثلاثة أطفال. ونعتقد في الختام أنه من الأجدى التركيز في مجال توسيع التغطية الاجتماعية على العاملات في القطاع الفلاحي بمراجعة التشريع الحالي في اتجاه مزيد من المرونة. ويمكن أيضا الاهتمام بفئة عاملات المنازل بإيجاد آليات عملية لتمكينهن من الانتفاع بمزيد من المنافع الاجتماعية. أما في ما يتعلق بمحتوى المنافع فإن أهمها يبقى بدون منازع الأمومة سواء في جانب العلاج أو في جانب التعويض عن الأجر. ولا بد من تجاوز النظرة التي تقيم تشابها بين التعويض عن الوضع والتعويض عن المرض. فإذا كانت النتائج متشابهة بينهما فإن تأمين الأمومة يكتسي خصوصية ويتطلب تقديمات نقدية وعينية أرفع من تلك التي تسند في حالة المرض ذلك أنّ العناية بالأم تعني العناية بالطفل ومن ثمة العناية بالأسرة وبالمجتمع.