بالتنسيق بين قسم التكوين النقابي والتثقيف العمالي والاتحاد الجهوي للشغل بالقصرين وبالتعاون مع مؤسسة فريدريش ايبارت، انعقدت يومي 15 و16 أكتوبر 2010 الندوة التكوينية الجهوية حول »الدور الاجتماعي للنقابات«، وقد واكب فعالياتها ثلاثة وأربعون (43) مشاركا ومشاركة من مسؤولي النقابات الأساسية والجهوية والفروع الجامعية والاتحادات المحلية، ومنسقة اللجنة الجهوية للمرأة العاملة ومنسق اللجنة الجهوية للشباب العامل. التأمت جلسة الافتتاح بإشراف الأخ عبيد البريكي الأمين العام المساعد المسؤول عن التكوين النقابي والتثقيف العمالي وحضر إلى جانبه الإخوة يونس العلوي الكاتب العام المساعد المسؤول عن القطاع الخاص ولامين مولاهي الكاتب العام للاتحاد المحلي بسبيطلة وعمر المحمدي الكاتب العام للاتحاد الجهوي للشغل بالقصرين حيث عبّر هذان الأخيران عن سعادتهما باحتضان الجهة لهذه الندوة. صعوبات واختلالات ابتدأت فعاليات الندوة بمداخلة للأخ عبيد البريكي حول »أنظمة التقاعد والصناديق الاجتماعية« استهلّها بتحديد الصعوبات التي تمرّ بها أنظمة التقاعد والمتمثّلة في اختلالات ما فتئت تشهدها توازناتها المالية منذ 1994 يتمّ تجاوزها كل مرة بالترفيع في نسب الاشتراك، إلا أن هذا الإجراء لم يحلّ المشكل وبقي التأرجح المتواصل نحو العجز باديا حيث بلغت نسبته سنة 2009 في القطاع العمومي اثنين وخمسين مليون دينار، وفي القطاع الخاص مائة وتسعين مليون دينار. ويبرّر الموقف الرسمي هذا العجز بتزايد عدد المحالين سنويا على التقاعد، وبارتفاع مؤمّل الحياة عند الولادة، وبأهمية المنافع المسداة في إطار أنظمة التقاعد حيث تبلغ نسبة التعويض نتيجة ارتفاع مردود سنوات الاشتراك أي نسبة الجراية القصوى %90 في القطاع العمومي و %80 في القطاع الخاص، وتبعا لذلك تدعو الحكومة إلى الحلّين التاليين لمجابهة الصعوبات التي تتعرض لها أنظمة التقاعد: 1 الترفيع في نسب الاشتراكات بأنظمة التقاعد في القطاع العمومي ب %5 على ثلاث سنوات يُحمل %3 منها على كاهل المؤجر ابتداء من غرة جانفي 2011 و %2على كاهل الأجير ابتداء من 01 جويلية 2011 . - الترفيع في نسبة الاشتراكات ب %3 على ثلاث سنوات في نظام تقاعد الأجراء في القطاع الخاص غير الفلاحي يحمل منها 8،1٪ على كاهل المؤجر ابتداء من غرة جانفي 2011 و2،1٪ على كاهل الأجير ابتداء من غرة جويلية 2011. - الترفيع في نسب الاشتراكات نظام التقاعد للأجراء الفلاحيين، ونظام التقاعد الفلاحي المتطور، ونظام التقاعد للعمال غير الأجراء بصفة متفاوتة. 2 التمديد في سنّ التقاعد بستة أشهر كل سنة بداية من سنة 2011 لتصل إلى 62 سنة 2014 بالنسبة للحالات العادية و57 سنة بالنسبة لحالات التقاعد لأعوان السلك النشيط ذي الوظائف المرهقة والأعمال المنهكة والمخلّة بالصحة. تلك هي وجهة النظر الرسمية، أما الاتحاد العام التونسي للشغل فإنه يتمسك بضرورة الوقوف على الأسباب الحقيقية لاختلالات توازنات أنظمة التقاعد والمتمثلة في : أ - علاقات شغلية تضرّ بتوازنات الصناديق وذلك ب - اعتماد آليات تشغيل هشة: عقود عمل محدودة المدة في مواطن عمل قارة. - اعتماد التشغيل بالوساطة: مؤسسات متاجرة باليد العاملة. - اعتماد تشغيل جوهره توفير مورد رزق عبر صندوق 21/21 أو المجالس الجهوية للولايات. - عدم تطبيق تشريعات الشغل من حيث عدم المساواة بين أجر العامل المتعاقد والعامل القار طبقا للفصل 6-4 (2) من مجلة الشغل والاتفاقية الدولية 111 التي صادقت عليها تونس والمتعلقة بالمساواة في الأجر. - الخلط الواضح بين الضمان الاجتماعي والتضامن الاجتماعي. - عدم استخلاص الديون المتخلدة بذمة المؤسسات للصندوقين. وتبعا لذلك يقترح الاتحاد الحلول التالية لضمان توازنات الصناديق: 1 مراجعة العلاقات الشغلية في اتجاه يضمن دخلا قارا للصناديق. 2 تكثيف المراقبة عملا على تطبيق القانون من أجل التقليص من التجاوزات بالإضافة إلى ما تبذله مصالح التفقد من إجراءات مصالحة. 3 ضرورة الفصل بين الضمان الاجتماعي والتضامن الاجتماعي. 4 إحداث صندوق وطني يتكفّل بصرف منح المطرودين. 5 استرجاع الديون المتخلدة بذمة المؤسسات العمومية. 6 تنويع موارد الصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي. 7 مساهمة الدولة في تمويل أنظمة الضمان الاجتماعي. شروط ضامنة وعقب هذه المداخلة توجّه الأخ نبيل الهواشي بمداخلة ثانية حول »العمل اللائق: مفهومه وشروطه والتشريعات الضامنة له« حيث يختزل هذا التوجّه طموح البشرية قاطبة في الحصول على عمل منتج بأجر مناسب يحقق للعامل ولأسرته حياة تليق بكرامته البشرية، وضمان الاستقرار في العمل وتأمين الحماية الاجتماعية، وتحسين آفاق الترقية المهنية والاندماج الاجتماعي وكفالة حرية التعبير والتنظم والمشاركة في صنع القرار والمساواة في المعاملة دون اعتبار للجنس أو اللون أو العرق أو المعتقد. هذا وقد أكّد المحاضر على الغياب شبه الكلي لمظاهر العمل اللائق وتراجعه على أكثر من صعيد بسبب: - تدهور الأجور - انتهاك الحقوق والحريات الأساسية بما في ذلك الحق النقابي - مصادرة حرية التعبير التي تعتبر أهم وسيلة للدفاع عن حق الطبقة العاملة في العيش الكريم - الاستغلال الفاحش لليد العاملة الأجنبية في الأقطار المستضيفة للعمالة - ضعف التضامن ضد المرض والعجز والشيخوخة. وتبعا لما تقدم شدّد المحاضر على أن شروط العمل اللائق تشكل تحديا مطروحا على البشرية يتمثل في العمل على إرساء تنمية عادلة في إطار أجندة وطنية تهدف ضمان العمل اللائق للجميع، معتبرا الحوار الاجتماعي بمعناه الواسع وسيلة لمناقشة كافة القضايا بما فيها قضية التشغيل، داعيا النقابات إلى النضال من أجل تفعيل المعايير الدولية المصادق عليها 138-135-98-87 وفرض التصديق على الاتفاقية 144 المتعلقة بالحوار الثلاثي وآليات تعزيز تطبيق معايير العمل، وكذا الشأن بالنسبة للاتفاقية 183 المتعلقة بحماية المرأة العاملة قبل الولادة وبعدها، والعمل بكل حزم على فرض أشكال الحماية المتّصلة اتصالا وثيقا بالعمل اللائق والتي حددتها منظمة العمل الدولية في سبعة أشكال: - حماية سوق الشغل - حماية حق الشغل - حماية الصحة المهنية - الحماية المهنية - تعهّد الأجراء والكفاءات بالتدريب المهني - حماية الدخل القار - حماية التمثيل النقابي أما دور النقابات في إرساء أسس العمل اللائق وتعميمه باعتباره المحرك الأساسي للرقي الاجتماعي فقد لخّصه المحاضر والمشاركون بمناسبة النقاش في: - ضرورة تحول النقابات إلى طرف مبتكر لسياسات اقتصادية بديلة عن السياسات الحالية والمضي قدما في الدفاع عنها. - التمترس في الدفاع عن المكاسب. - تفعيل الشراكة النقابية العالمية والبحث عن سبيل لتفعيل التضامن النقابي الدولي وتشبيك الرؤى والمقاربات مع الجمعيات والمنظمات المستقلة. - تركيز وحدة إحصائيات داخل النقابات. - تأهيل الإطارات النقابية وتعهّدها بالتكوين النقابي. - تشبيب الهياكل النقابية. - الحرص على تمثيل المرأة العاملة بصفة تتناسب مع حجم انخراطها في المنظمة. - إعادة النظر في الممارسة النقابية اليومية حول مسلكية المسؤول النقابي باعتماد الديمقراطية الداخلية وإطلاق حرية المباردة والدفاع عن خيار الديمقراطية والحرية باعتبارهما مبدأين محصّنين للعمل النقابي. - تفعيل دور النقابات الأساسية عبر تمكينها من المساهمة في العملية التفاوضية. - الانخراط في مجتمع المعرفة عبر الوعي بالدور الاستراتيجي للدراسات وضمان توزيعها واستغلالها. في كل مؤسسة وقد شفعت المداخلاتان بنقاش أبرز خلاله المشاركون السمة الطاغية على العلاقات الشغلية والمتمثلة في تدهور أجور عمال القطاع الخاص، وانتهاك الحقوق والحريات النقابية ومصادرة حرية التعبير وانتفاء الحوار الاجتماعي بالمؤسسة، فضلا عن غياب وسائل الوقاية ضد الأخطار المهنية وتقصير تفقد الشغل في تطويق الانتهاكات بمعاينتها والتنبيه لخطورتها وتأثيراتها السلبية على المناخ الاجتماعي، كما لاحظوا ضمن هذه الانتهاكات- إحجام بعض أرباب العمل في قطاع النسيج عن الانتظام في الخصم لفائدة الصناديق مما ينجم عنه حرمان العمال من كافة مستويات الحماية الاجتماعية. كما طالبوا باعتبار قطاعات الحراسة والمخابز والبناء قطاعات مرهقة يتعيّن تخفيض سن التقاعد فيها. كما أفضى الحوار إلى ضرورة العمل على: - تكريس شعار»تمثيل نقابي في كل مؤسسة، بما في ذلك المؤسسات الصغرى والمتوسطة«. - النضال من أجل فرض صندوق بطالة. - وضع حدّ لثقافة التشرذم وتجذير التضامن بين نقابات القطاع الواحد. - التمسّك بما تبقى من القطاع العام وإعادة الاعتبار لمفهوم الدولة ودورها التعديلي. - التصدي للانتهاكات عبر خلق ميزان قوى عمالي رادع صلب المؤسسة. هذا وقد التأمت خلال اليوم الثاني ورشتان تكوينيتان حول: الحق النقابي والهيكلة داخل الاتحاد العام التونسي للشغل نشطهما الأخوان المولدي القراوي ونوار المعلمي.