يقود رئيس حركة «نداء تونس» محمد الناصر منذ أكثر من يومين مساع للمصالحة ورأب الصدع بين الإخوة الفرقاء داخل الحزب بعد أن حمله رئيس الدولة الباجي قائد السبسي اثر اجتماعه بأعضاء الكتلة النيابية للحركة مسؤولية المحافظة على وحدة الحزب قائلا له وفق تسريبات الحاضرين «أنا رئيس وأنت رئيس». ورغم تشكيك الكثير من المراقبين للشأن الندائي في النتائج التي ستؤول إليها مساعي الناصر نظرا لتمسك كل شق بمواقفه وصعوبة اجراء تنازلات من الطرفين يعتقد العديد من أبناء الحركة أن إمكانية إعادة المياه إلى مجاريها لا تزال قائمة لاعتبار وحيد هو المحافظة على وحدة الكتلة النيابية للحزب باعتبار أن الانشقاق في الوقت الحالي لن يخدم مصلحة أي طرف بل سيعيد خلط الأوراق وربما رسم خارطة سياسية جديدة في البلاد . وفي الوقت الذي يبحث فيه محمد الناصر عن حلّ لأزمة الحزب ترى بعض الأطراف أن الحل في رحيل الناصر وتغيير القيادة إلى حين عقد المؤتمر. وقد تقدم النائب الناصر شويخ بمبادرة في هذا الاتجاه تقوم على إعفاء الرئيس الحالي للحزب، محمد الناصر، الذي قال انه لم يعد قادراً على التوفيق في مهامه كرئيس للحزب ورئيس للمجلس النيابي، في الوقت عينه، وفق تقديره . وقد طرح شويخ اسمي مدير الديوان الرئاسي رضا بلحاج أو سليم شاكر وزير المالية كبديلين للرئيس الحالي كما تضمنت مبادرته الدعوة إلى تعيين مجموعة محايدة، من أجل الإعداد اللوجستي للمؤتمر، على ألّا يترشح أعضاء المجموعة لأي منصبٍ في المؤتمر، وترك المجال للقيادة الجديدة للقيام بجهود المصالحة حتى انعقاد المؤتمر. خارطة الطريق التي طرحها النائب ناصر شويخ تضمنت أيضا ارجاء الحديث عن المؤتمر وكيفية انعقاده و استئناف الكتلة البرلمانية سالف نشاطها في كنف التوافق و الانسجام إلى جانب منح مهلة الى القيادة المركزية برئاستها الجديدة لحل المشاكل العالقة في مستوى الهياكل الجهوية والمحلية و ملف الانخراطات. 48 ساعة حاسمة وقد أسرت مصادر مقربة من الحزب أن ال48 ساعة القادمة ستكون حاسمة في تقرير مصير «النداء» حيث يعقد الشقان منذ صبيحة أمس لقاءات واجتماعات ماراطونية لحسم الموقف نهائيا في ظل وساطات من عقلاء الحزب للدفع نحو إعادة ترتيب البيت الداخلي إلى حين انعقاد المؤتمر على الأقل . وأكدت مصادر «التونسية» أنه تم أمس تسجيل تراجع في حدة التوتر من الجانبين مع الاتفاق على التوقف عن التصريحات والتصريحات المضادة التي أثرت على سمعة الحزب وفق المصادر ذاتها ، وهو ما يعد في حد ذاته تقدما قد ينبئ ببداية انفراج الوضع أو مزيد ترحيل الأزمة إلى أشهر أخرى . ووفقاً للمشهد الحالي، فإن «نداء تونس»، صاحب الأغلبية البرلمانية ب86 نائباً، سيجد نفسه منقسماً إلى كتلتين ب32 و54 نائباً على التوالي، وهو ما يعني فقدانه أغلبيته البرلمانية، والتحوّل إلى الحزب الثاني في البرلمان بعد حركة «النهضة» صاحبة ال 69 صوتا في مجلس نواب الشعب . اتفاق على إسناد الحكومة ورغم أن المؤشرات الحالية تنبئ بإمكانية انقسام كتلة «النداء» وإعادة تقسيم الخارطة داخل مجلس نواب الشعب وربما عقد تحالفات جديدة فإن هذا التغيير، إن حصل، في البرلمان، لن يغيّر كثيرا في المشهد السياسي باعتبار أن «حركة النهضة»،تعهدت في اللقاء الأخير الذي جمع بين الشيخ راشد الغنوشي ورئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي بمواصلة إسناد الحكومة حفاظاً على حالة الاستقرار السياسي، وهو تقريبا نفس الموقف الذي اعلن عنه أعضاء الكتلة المنشقة في «النداء» الذين أكدوا مواصلة دعم الحكومة وتبني خياراتها و التزامها بالمشروع السياسي الذي قام عليه الحزب، في إشارة إلى أن المنشقين تركوا الباب نصف مفتوحا لإمكانية الصلح حتى لا يتحمّل أي منهم مسؤولية زعزعة الإستقرار السياسي في البلاد خاصة أن الأمين العام لاتحاد الشغل حسين العباسي قد نبه أمس من التداعيات السلبية لتواصل هذه الأزمة، على عمل الحكومة والأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية في الظرف الدقيق الذي تعيشه البلاد.