لم ينقطع الحديث طيلة الأسابيع الأخيرة عن صفقة يرتقب عقدها قد تنصّب فوزي البنزرتي مدربا للمنتخب الوطني الأول عقب انتهاء التزاماته القارية مع النجم الساحلي كأفضل ما يكون عند الظفر بلقب «الكنفدرالية»..بالتوازي مع احترازات لا حدود لها حول أداء الفرنسي-البولوني هنري كاسبارجاك مع نسور قرطاج. وبمجرد اطلاق الحكم الكاميروني أليوم نيون صفارة النهاية لمواجهة النجم الساحلي وأورلاندو بيراتس عشية الأحد الفارط حتى عادت الفرضية لتطرح بشكل كبير خاصة أن البنزرتي عوّدنا فور نهاية كل استحقاق على تغيير المحطة، وفي الأثناء يبدو أن البعض أصرّ على الدفع بقوة لاتمام هذه الزيجة رغم أن معالمها لم تكتمل بعد ومازال سيناريو اخراجها الى العلن قيد الدرس.. على أرض الواقع وبمنطق المصلحة الوطنية، ووفق قانون العرض والطلب فإن لا شيء يمنع البنزرتي والجريء من اتمام ما تبقى من «روتوشات» لتحقيق حلم العمر بالنسبة لل«كوتش» الذي مازال في انتظار نيل فرصته كاملة، اذ غالبا ما نطق عن هوى بجملته الشهيرة «عقد بأربع سنين» ..وهذا ما جعل الحكاية تتبلور وتتضخم من يوم الى أخر، رغم اقتناعنا أنه لا وجود الى حدّ اللحظة لمقترح رسمي في الغرض بين الجامعة والمدرب المذكور.. الحكاية انطلقت بجسّ نبض اعلامي تداولته بعض المصادح والمواقع والصفحات، وحتى عند استفسارنا للبنزرتي في «التونسية» منذ ثلاثة أسابيع فإن كلامه انذاك ترك الباب مفتوحا على جميع التخمينات فلم ينف ولم يأت بالتأكيد عدا قوله «اللي فيه الخير ربي يسهل فيه». ومنذ ذلك الزمن الى يومنا هذا فإن الموضوع لم يشهد أي تطور يذكر رغم بعض التلميحات التي صدرت عن المعني الأول وهو فوزي البنزرتي الذي قال انه مرتبط بعقد مع النجم الساحلي ولكنه لم يمانع -بين السطور-، وفق كلامه في دراسة عرض جدّي لتدريب المنتخب ان توفرت الضمانات وأبرزها في نظره عقد طويل المدى.. كلام البنزرتي أيّده زياد الجزيري أحد صنّاع القرار في «ليتوال» والذي صرّح في مناسبيتن بين يومين متتاليين انه يتمنى أن ينال البنزرتي فرصته كما يجب في المنتخب..ولعل الجزيري استشعر ردود أفعال قوية حول كلامه مما جعله يستدرك بالقول ان قناعته لا تنفي أنه يتمنى أن يبقى البنزرتي مدربا للنجم طالما استمرت مسيرته كفنيّ .. وعن نفس المنهج لم يحد المدير التنفيذي للنجم وهو حسين جنيح الذي اعتاده الجمهور الرياضي أكثر حدّة وصلابة في مثل هذه المقاربات..غير أن جنيح الصغير لم يمانع الفكرة في ظهور اذاعي عبر «جوهرة أف أم»، وهي كلّها مستندات تشير الى تغيير راديكالي في مواقف المحيطين برضا شرف الدين باتخاذ منهج ليّن هذه المرة.. المقرّبون من كواليس النجم فسّروا هذا التغيير بمائة وثمانين درجة عن اقتناع لدى «الكوارجية» بأن فوزي البنزرتي قد لا يضيف لاحقا الشيء الكثير للفريق بعد أن بلغ معه سماء القارة السمراء وتسيّدها النجم وحصل على كأس محلية قبل ذلك بشهرين..كما أن التجربة أثبتت سابقا أن «الكوتش» ليس من هواة البقاء لزمن طويل في نفس المحطة..وهو ما اعتبره البعض «انسحابا تكتيكيا ذكيّا» من جنيح والجزيري والبقية.. في مقابل ذلك، ولئن اعتمد الجماعة منهج المصلحة الوطنية لاحياء مشاعر الغزل بين البنزرتي والمنتخب، فإن المعني الثاني بهذه الزيجة الفنية وهو وديع الجريء لم يتحرك بتاتا في هذا الاتجاه لعدة اعتبارات يمكن القول انها موضوعية وتثبت دهاء كبيرا من قبل الرجل الأول في الجامعة.. الجريء يدرك أن منح مفاتيح المنتخب للبنزرتي سيوفّر له حصانة كبيرة ويزيح عنه وجع رأس كبير..فالبنزرتي هو رجل المرحلة بالاجماع وقلّما حصل توافق على اسم مثلما يجري معه راهنا، لكن يبدو أن الجريء خشي أولا من ردة فعل عنيفة من جماهير النجم في حال «اختطف» البنزرتي، لأن قوانين «الشنوة» وباقي مدرجات أولمبي سوسة لا تعترف بالخطب الديبلوماسية والكلام العاطفي، والدليل هو حجم القوراير والسباب والشتائم التي طالت «الدكتور» عند تنقله الى سوسة عشية الأحد الفارط في يوم فرح وسعادة، وحتى ان كان الجريء قد فتح صفحة جديدة في علاقته مع رجالات النجم..فإنه لم يستطع بعد فسخ ما جدّ نهاية بطولة الموسم الفارط من ذاكرة جماهير نادي جوهرة الساحل.. الجريء يدرك كذلك أن النتائج تقف حاليا الى صفّ هنري كاسبارجاك (الذي يبدو أن سفره مع الأولمبيين الى السينغال جعل محطات كثيرة تغيب عنه في الكواليس) طالما أنه تدارك بفوزين متتاليين، ولن تكون اقالته يسيرة في الجانب المادي وهي ان حصلت ستكون رقما قياسيا وتأكيدا للارتجال بعد تجربة لم تدم الا أربعة أشهر.. بين هذا المعطى ونقيضه، يدرك المكتب الجامعي للجريء أن البنزرتي يعدّ حلا سحريا في المنعرج الأخير قبل انتخابات شهر مارس القادم..غير أن المناورة بالصمت هي حلّ اختارته الجماعة على ما يبدو لتهدئة النفوس وانتظار انفصال قد يحصل بين النجم الساحلي ومدربه..وحينها يمكن التفاوض معه بأقل حدّة وضغط مما قد يجري الآن، ومن يدري فلعلّ الجريء تسلّح بتكتيك ادارة المدّب مع رود كرول حين اعتمدوا تنويما مغناطيسيا لاستقدام الهولندي من باب الجبلي الى باب سويقة..ومع ذلك لم تهدأ العاصفة..وهذا ما قد يكون اعتبر منه وديع حتى لا يستمر التجاذب بينه وبين «السواحلية»...