التونسية (تونس) أثار تصويت النواب لصالح التخفيض الضريبي على المشروبات الكحولية الرفيعة المدرج ضمن مشروع قانون المالية موجة من الانتقادات حيث اعتبر الناشطون على شبكات التواصل الاجتماعي أن المواد الاستهلاكية الرئيسية أحق بالتخفيض الضريبي وقد طالت الإنتقادات الأحزاب التي صوتت لصالح هذا القرار ولا سيما حركة «النهضة» باعتبارها حزبا اسلاميا كان من المفترض أن يعارض مثل هذا القرار . ولتنزيل هذا الإجراء في إطاره والوقوف على دواعي التخفيض في الجباية الموظفة على المشروبات الكحولية الرفيعة الموجهة إلى فئة معينة من الشعب ذكر النائب أحمد السعيدي ل«التونسية» أنه من الخطأ مواصلة فرض ضرائب كبيرة على بعض المواد المستوردة، مشيرا إلى أن خسارة الدولة ستكون مضاعفة ما لم تتم مراجعة بعض الرسوم المرتفعة التي أدت إلى تفاقم نشاط السوق السوداء وحرمان خزينة الدولة من آلاف المليارات. وأوضح النائب أن خفض الضرائب المفروضة على عدد من المواد الأولية وبعض المواد الأخرى على غرار الخمور الأجنبية، سيمكن من الحد بشكل كبير من نشاط السوق السوداء التي تنتعش من غلاء أسعار هذه الموارد في المسالك الرسمية لافتا إلى أن عائدات تهريب هذه المواد يغذي الشبكات الإرهابية . وأشار السعيدي إلى أن مراجعة الضرائب ستجعل المطاعم السياحية والنزل ومستهلكي هذه المواد يتجهون إلى المسالك المنظمة باعتبار أن هذه المسالك توفر لهم الفوترة القانونية بالإضافة إلى ضمان جودة المنتجات معتبرا أن عدم اتخاذ أي إجراء في هذا الاتجاه سيعطي جرعات أكسيجين جديدة لشبكات الإرهاب مقابل تواصل اختناق النشاط الاقتصادي الرسمي. ويشار إلى أن إحصائيات رسمية أبرزت أن السوق السوداء تبيع نحو 6 ملايين قارورة من الخمور، وأن ذلك يضيّع على الدولة مئات ملايين الدينارات سنويا بسبب احتكار المهربين لهذا النشاط، وهو ما يجعل تحجيم النشاط الموازي يفقد شبكات الإرهاب التي تنشط في المنطقة جزءا هاما من عائداتها المتأتية من السجائر والخمور. وتشير بيانات رسمية لوزارة التجارة والصناعات التقليدية التونسية، إلى أن ظاهرة التهريب ساهمت في زيادة نسبة الاقتصاد الموازي إلى 54 بالمائة وغذت بذلك التجارة الموازية بنسبة بلغت 30 بالمائة، ويحذر مختصون من أن التهريب أصبح ظاهرة متطورة نظرا للعمليات التنظيمية والأساليب المتخذة فيها. وكان وزير المالية، سليم شاكر قد كشف في تصريحات سابقة أن الوزارة تسعى في المرحلة القادمة إلى «محاربة التهريب والتقليص من انعكاساته على الاقتصاد الوطني». مشيرا إلى أن تشخيص القمارك أظهر أن الضرائب المرتفعة على مستوى الواردات لبعض المواد، تؤدي إلى إقبال المستهلكين على السلع المهربة الأقل ثمنا. وتقوم الخطة التي وضعتها الحكومة على تحديث جهاز الديوانة ومقاومة التهريب، إلى جانب تقليص الجباية عبر إقرار تخفيض في الرسوم لتصل إلى صفر بالمائة على كل المواد الأولية و20 بالمائة على بقية المنتجات. وكان صندوق النقد الدولي قد حذر من تنامي الاقتصاد الموازي في تونس. وأظهرت إحصائيات للبنك الدولي، أن نحو 54 بالمائة من اليد العاملة تنشط في القطاع الموازي، ممّا يجعل مكافحة تلك الأنشطة صعبة وقد تؤدي إلى زيادة معدلات البطالة. وقد تعرضت حركة «النهضة» لموجة من الانتقادات بعد تصويت نواب الحركة على قانون يقضي بتخفيض الضرائب على المشروبات الروحية «الرفيعة»، بما فيها (الفودكا، والكونياك، والدجين)، بنسبة 50 بالمائة، حيث حصل القرار على الموافقة بنسبة «اكتساح» إذ وافق على القرار 96 نائبا من أصل 108 نواب. وفي معرض تبريرها لقرار التصويت، قالت النائبة في مجلس الشعب عن «النهضة» يمينة الزغلامي في تصريحات صحفية إن الفصل الذي صوت عليه أعضاء الحركة لا يقتصر على الخمور بل يتضمن سلعا أساسية أخرى ومنتوجات تمس المواطن البسيط بشكل مباشر مثل عصير الفواكه وزيوت البترول. وأضافت أن «التصويت بالتخفيض في أسعار الخمور لا يعني التشجيع على تعاطيها ونحن حركة النهضة في إطار برنامجنا الاجتماعي والثقافي نحاول إيجاد آليات لإقناع من يتعاطى الكحول أو المخدرات بالكف عن ذلك».