فيما قرر أمس مجلس نواب الشعب عقد جلسة منح الثقة للوزراء الجدد بعد غد حيث سيتم منح الثقة لكل وزير على حدة وفقا للنظام الداخلي للمجلس، اعتبر أستاذ القانون الدستوري قيس سعيد في تصريح ل«التونسية» ان هذا الاجراء غير دستوري وانه كان من المفروض بعد الاعلان عن التحوير الوزاري أن يؤدي الوزراء الجدد اليمين أمام رئيس الجمهورية ويتسلموا مهامهم مباشرة دون عرضهم على التصويت من قبل نواب الشعب لمنحهم الثقة معتبرا ان رئيس الحكومة اخطأ في حذف خطة كتاب الدولة. أكد سعيّد ان هذا الاجراء لم ينص عليه الدستور مشيرا الى ان الدستور اكتفى فقط بالتنصيص على منح الثقة للحكومة عند تشكيلها من قبل الاغلبية المطلقة لأعضاء المجلس معتبرا أنه لا وجود لما يسمى ب «التصويت المضاعف» أو «التولية المضاعفة» في نص الدستور، وما جاء في النظام الداخلي للمجلس مخالف لنص الدستور. واشار سعيد الى أن فرنسا عرفت، في ظل الجمهورية الرابعة، مثل هذه الممارسة لكن الفقهاء الفرنسيون اتفقوا على اعتبار هذه الممارسة مخالفة للدستور في ظل الجمهورية الفرنسية الرابعة ولم تخرج فرنسا من هذا الوضع الا بعد ان تم وضع حكم في الدستور سنة 1954 ينص على هذه التولية المضاعفة. واضاف سعيد أن ما جاء في الفصل 144 من النظام الداخلي لمجلس نواب الشعب ، حول ضرورة عرض الوزراء الذين تم تعيينهم في التحوير الأخير على تصويت النواب لمنحهم الثقة ، مخالف للدستور الذي لا ينص إلا على منح الثقة للحكومة عند تشكيلها موضحا ان هذا الحكم الذي ورد في هذا الفصل أضاف اجراء جديدا لم يتعرض له الدستور وهو بالتالي يتعارض مع الدستور قائلا « النظام الداخلي هو نظام يضعه المجلس النيابي لتنظيم أعماله ويطبق داخل اسوار المجلس وليس خارجه، لا يمكن ان يكون وضع هذا النظام مناسبة لتزيد بها السلطة التشريعية من اختصاصاتها». واضاف سعيد « لنفترض ان المجلس قام بتعديل هذا الفصل وألغى ما ورد به من احكام تتعلق بهذا الصنف من التصويت فردا فردا فلن يكون ذلك مخالفا للدستور ومعنى ذلك ان اخضاع الوزراء المعينين في التحوير الاخير أو في أي تحوير آخر هو نتيجة ارادة السلطة التشريعية فرض سيطرتها على الحكومة فمتى تريد اخضاعها اخضعتها واذا ارتأت خلاف ذلك اطلقتها». واكد سعيّد ان رئيس الحكومة هو الذي يختار اعضاء فريقه الحكومي ويحاسب بعد ذلك على اختياره وأنه يمكن ان تسحب الثقة من الحكومة بصفة جماعية كما يمكن ان تسحب من احد أعضائها بصفة فردية قائلا: «فالدستور هو الذي خول لمجلس الشعب هذه الرقابة اللاحقة لكن اخضاع الحكومة الى هذه الرقابة السابقة يعتبر تزيدا ليس له أي سند في نص الدستور». وتابع بالقول: «ولو عرض النظام الداخلي على هيئة مكلفة بمراقبة دستورية القوانين لزالت كل هذه الشوائب من هذا النظام» مضيفا « إذا كان هناك نص يتعارض مع نص في الدستور فيجب تغليب النص الاعلى وهو الدستور على النص الذي هو دونه درجة وهو نصّ النظام الداخلي». وحول حذف رئيس الحكومة خطة كتاب الدولة، اعتبر سعيد ان الفصل 92 يمنح رئيس الحكومة حق هيكلة الحكومة كما يريد ولكن هذا الأخير في الآن ذاته محدد بما ورد في الفصل 89 من الدستور الذي ينص على ان الحكومة تتركب من رئيس ووزراء وكتاب دولة مشيرا الى ان «رئيس الحكومة ليس له الحق ان يحذف الخطة لأن الحكومة، دستوريا، تقتضي وجود خطة كاتب دولة ولو تم اتباع نفس المنطق لجاز له أن يحذف خطة وزير ويكتفي بخطة كاتب دولة». واعتبر سعيد ان في ما حصل يوم الاعلان عن التحوير الوزاري بحذف خطة كاتب الدولة مخالفة للفصل 89 الى جانب مخالفته للفصل 62 الذي ينص على ان أي احداث او تعديل أو حذف للوزارات وكتابات الدولة وضبط اختصاصاتها وصلاحياتها لا يتم الا بعد مداولة المجلس الوزراء في حين ان هذا المجلس لم يجتمع او على الاقل لم يصرح أحد أنه اجتمع وتداول في هذا الموضوع.