مرَ حوالي شهر على التحوير الوزاري الذي أعلن عنه رئيس الحكومة الحبيب الصيد والذي اتسم بإحداث وزارات جديدة في نطاق ما سمّاه بإعادة هيكلة الحكومة وإكسابها مزيدا من النجاعة والمردودية. ومن ضمن الوزارات التي تم إحداثها وزارة الطاقة والمناجم بعد فصلها عن وزارة الصناعة وهو مطلب ملح من أحزاب الائتلاف الحاكم التي طالبت بضرورة إحداث وزارة تعنى بالطاقة والمناجم نظرا لأهمية الملفات الحارقة والعالقة في هذا المجال الحيوي للاقتصاد التونسي خاصة في قطاعي الفسفاط والمحروقات لا سيما بعد ما راج حول وجود فساد في القطاعين المذكورين. مهمة وزير الطاقة والمناجم منجي مرزوق، لن تكون سهلة أو يسيرة إذ تنتظره ملفات كبيرة مطروحة على مكتبه وكذلك تحديات جسام من خلال تركيز الحوكمة الرشيدة والتصرف السليم في قطاعات رقم معاملاتها السنوي بآلاف المليارات وتعد من أهم رافعات الاقتصاد الوطني. وقبل الخوض في هذه الملفات كان لزاما بسط جملة من الملاحظات المتعلقة بالوزارة في حد ذاتها وفقدان بعض المقومات والعناصر التي قد تجعل مهمة منجي مرزوق عسيرة وتؤخر البرامج الإصلاحية المقدم الوزير الجديد على إدخالها على القطاعات الهامة والكبيرة التي أضحت من مشمولاته وهي قطاعات ثقيلة جدا. ومن ضمن هذه الملاحظات هيكلة الوزارة في حد ذاتها بعدم توفر العنصر البشري خاصة إذا علمنا أن وزير الطاقة والمناجم لا يزال حاليا يلجأ إلى بعض إطارات وزارة الصناعة لتصريف شؤونه اليومية. مسألة أخرى وجب التنبيه إليها تتعلق بعدم إصدار قانون أساسي خاص بهذه الوزارة الجديدة يحدد مهامها وأولوياتها. من الجانب اللوجستي يلاحظ أن وزير الطاقة والمناجم وعلى عكس بقية الوزارات الجديدة التي تمّ إحداثها مؤخرا مازال بلا مقر رئيسي وهو إلى حدّ الآن «ضيف» لدى وزير الصناعة في مقره بمونبليزير. ويشتغل منجي مرزوق منذ تعيينه على رأس وزارته بجانب وزير الصناعة علاوة على انه إلى حد الآن لم يختر ديوانه و لا مستشارين للعمل معه والذين يحب أن يكونوا من أهل الاختصاص وعلى دراية كبيرة بالملفات. مسألة أخرى وجب الإشارة إليها وهي أن وزير الطاقة والمناجم لم يخرج إلى الآن، على عكس بقية الوزراء الجدد، إلى وسائل الإعلام ليتحدث عن مشاريعه وبرامجه أو القيام بزيارات ميدانية ممّا يعني أنه لم يحدد خارطة طريق واضحة لعمله علاوة على انه لم يختر مديرا للاتصال قادر على رسم إستراتيجية اتصالية واضحة تبرز أهمية القطاع الذي يعرف العديد من الإشكاليات الهيكلية والظرفية ويشهد احتقانا وتوترا اجتماعيا متواصلا منذ الثورة.