بقلم : نصر الدين بن سعيدة التقى رئيس الحكومة صباح السبت بنخبة من رؤساء تحرير عدد من المحامل الصحفية للحديث حول ما يستحق من القضايا الوطنية. هام أن تستقي المعلومة من مصدرها وأن تتحسّس مغازيها مباشرة بإدراك دون التقاط لقيط أو من شبكة بنات الأفكار على وفرة القضايا المتناولة وما تخلل الخوض فيها والنقاش من خرق للأولوية واستهداف لمفهوم التداول شكّل أسلوب التعاطي الإعلامي لفريق الإعلام بمكتب رئيس الحكومة المؤاخذة الكبرى، فنال قائد هذا الفريق حصة من «المقذوفات» حيث تذمّر البعض من صعوبة التواصل معه وبدا لهم أنّ رئيس الحكومة غير مطّلع بالشكل المطلوب على ما يستوجب الإلمام به من أحداث وتسريحات ومواقف أو ما يروّجه البعض من «غث وسمين» إِثر استقباله لهم. في اعتقادنا لا يمكن مطالبة فريق محدود العدد والإمكانات والوسائل بمردود يستجيب لكلّ طلب وبتغطية «الشقيقة والرقيقة» في مشهد إعلامي متعدّد المحامل يتناسل كلّ يوم بمواليد شرعية وأخرى خارج الأطر القانونية. مستحيل أن يكون هذا الفريق قادرا على الاضطلاع بأدوار جنّدت من أجلها سابقا إدارة عامة للإعلام ووكالة للاتصال ومكاتب إعلام نشيطة بالوزارات، ثم إنّ اتّساع وتنوّع رقعة الفضاء الإعلامي يستدعيان قيام هياكل أكبر وأمتن اختصاصا وتجربة لكي لا تفلت «شاردة أو واردة» حتى من «جدران الفايسبوك» والمواقع الشخصية لمن يهمّه الاطّلاع على تغريداتهم ونحيبهم للفحص والجصّ والتعليق والردّ عليها. ويجب أن تراجع الحكومة سياستها الإعلامية وأن تعيد الحياة إلى مؤسّسات سلبت منها الرّوح دون أسباب مقنعة. الإعلام هو المضاد الحيوي الأنجع للمحافظة على جسد الدولة بحمايته وتمكينه من تأمين أدواره السلمية بنجاح. إنّ الليل الذي يخيّم على سير بعض أنشطة الحكومة وقراراتها ويحول دون حسن تواصلها مع محيطها السياسي والشعبي لا يمكن أن ينجلي دون رؤية جديدة لا تقطع مع الماضي بل تعزّزه وتنقّيه. يجب أن تتخلّص الحكومة من «فوبيا» الإعلام، توظيف الإعلام العمومي لخدمة الصالح العام ليس جريمة بل ما فائدة أن تنفق الدولة على قطاع لا يخدم أدواره الوطنية؟ الأحداث الأخيرة بقرقنة مهّد لها تخلّف الإعلام الرسمي عن شرح التفاصيل الدقيقة للمشكل فتحوّلت حركة احتجاج غير مشروعة إلى مظلمة ذكّت لهيبها معاول الفوضى ومشاة الجنائز. الفرق شاسع بين حسن استغلال الحكومة سلطها بنزاهة ومسؤولية وبين السعي لحبك خطط الوصايا والسيطرة. المفارقة أنّها نجحت في خلق مناخ جديد لحرية التعبير وحرمت نفسها من نسائمه!!! رئيس الحكومة كشف عن مؤهلات صبر طويل على ليل قد يطول، بدا معتدّا «بوسع باله» على بعض التجاوزات معتبرا أنها ضريبة الدربة على الانتقال الديمقراطي. دربة طال دربها ولا تقدر الدولة على مواصلة تحمّل أحداثها ونتائجها... هو يخيّر أن يضطلع كلّ طرف في الحكومة بواجبه وأن يتحمّل مسؤوليته بدل أن يرفع هو عصا السلطة نيابة عنه... لا يبدو متضايقا من احتمال الاستغناء عن خدماته كما أنّ ما يروّج عن ضعف مردوده وفريقه الحكومي لا يمس من معنوياته ولا يفتر من عزيمته في مواصلة العمل والاجتهاد.