تاريخ طويل شهد تعاقب الحضارات موقع ذو طبيعة متنوعة بين شواطئ وجبال يوازيه ثراء آخر من ثقافة وتراث وامتيازات في مرافق الخدمات السياحية الأخرى (الفنادق الفخمة والمنتجعات السياحية والأماكن الترفيهية) زد على ذلك كفاءات ذات خبرة عريقة في إكرام الضيف وإسعاده تلك هي السياحة التونسية بشمسها المشرقة على مدار السنة وطقسها المتوسطي المعتدل وأرضها متنوعة المناظر الطبيعية مما جعلها دون شك نقطة جذب سياحي متميزة يؤمها أكثر من 5 ملايين سائح أجنبي لكن رغم كل هذا يظل حضور التونسي في السياحة التونسية يخطو خطى السلحفاة وقد يكون ذلك بحجة ارتفاع الأسعار والالتزام بأولويات أكثر ضرورة لكن عندما يحسم أمر المصاريف وتحقق انخفاضات ليصل إلى 20 دينارا معلوم "الليلة" الواحدة في أفخم النزل فماذا سيقول التونسي؟. "التونسية" كعادتها غاصت في مختلف جوانب هذا الموضوع مع بعض المواطنين فكان لنا الريبورتاج التالي: يقول عماد (موظف بقطاع السياحة) أن التونسي يفضل البقاء في المنزل في فصل الشتاء. كما أنه يفضل "المحواس" في أماكن مختلفة ولا يريد الأشياء التي تقيده أو بالأحرى يعشق خدمة نفسه مضيفا أن قطاع السياحة يشتغل على مدار السنة وحضور التونسي وتحديدا للترفيه يعد شبه منعدم ويقتصر حضوره على الندوات أو المؤتمرات إي في إطار عمل وبخلاف ذلك لا تستهويه النزل في هذا الوقت بالذات ولو كانت مجانا بالرغم من أن هناك مناطق ممتازة وخاصة الصحراوية منها على غرار دوز وتوزر ثم إن السياحة المحلية مرتبطة بالعطل وأغلب المناطق التونسية على السواحل في حين أن المناطق الداخلية قد تكون مازالت لم تستوعب بعد ثقافة الإقامة في النزل أو ما يسمى سياحة الترفيه. * أفضل الأماكن العمومية على النزل يقول "بحري عبد الستار" (ملاكم دولي سابق وموظف في بنك) أنه لا يفكر في ارتياد النزل لا صيفا ولا شتاء بغض النظر عن التخفيض أو الترفيع في الأسعار وأنه يعتمد على برنامجا خاصّا في اختيار أماكن ترفيهية والتي تقتصر على الشواطئ والأماكن العمومية والتسوق أو السفر إلى الخارج مضيفا أنه من غير المنطقي أن يترك التونسي بيته ويذهب إلى الإقامة في نزل لا يفصله عنه سوى بعض الكيلومترات. * فرصة والتونسي أولى بالنزل "جمال الدين البرهومي" (تونسي مقيم في الخارج) قال أن التونسي يجب عليه أن يقضي عطلة الشتاء في النزل نظرا لأنه يتمتع هذه السنة بتخفيضات مهمة في حدود 20 دينارا "اللية" حيث يجد أرقى الخدمات ثم إن هذا الأخير يحب أن لا يكون أنانيا فمثلما تفكر البلاد في شعبها فلا بد أن يكون هناك وعي بضرورة الوقوف والتعاضد لأجل النهوض بقطاع السياحة وهي فرصة للاعتراف بالجميل. * قفة الأولاد أولى من الترفيه يقول "محمد الأسعد الدريدي" (موظف بشركة) أن التونسي لن يقدم على السياحة الترفيهية إلا إذا كانت مجانا ولن يخسر فلسا واحدا لأجلها باعتبار أنه يلهث وراء المتطلبات الضرورية "ان شاء الله يوفر قفة أولادو" إذ أن نسبة كبيرة من التونسيين ترزح تحت وطأة الديون سواء من البنوك أو من الأقارب حيث أن التونسي أرهقه التفكير في مستلزمات العائلة ثم إن نسبة التخفيض مهما ارتفعت فإن الأب لعائلة تتكون من 4 أطفال وزوجة لايقدر على حجز الليلة الواحدة بالنزل ب 120 دينارا إضافة الى المستلزمات الأخرى ناهيك عن أسبوع أو أكثر. وحقيقة التونسي "الشهار" يبحث عن الاكتفاء الذاتي لا عن الترفيه وهذه الكلمة لا تدخل في قاموس "بو العائلة" بل متداولة عند العزاب و"الفياشة". * تتالي المناسبات لم يترك لنا مجالا يقول "خالد" (صاحب متجر) أنه لا حديث عن الترفيه إلا بعد تحقيق الاكتفاء الذاتي ومن غير المعقول أن نتداين بأي شكل من الأشكال لأجل قضاء ليلة في أحد النزل فهذه الأمور تبقى لدى التونسي ثانوية حتى في فصل الصيف الذي يعد موسم الترفيه ناهيك عن فصل الشتاء "فصل الركشة والكانون" ثم إن التونسي مازال يرزح تحت وطأة تلك المناسبات المتتالية في فصل الصيف: الخلاعة ورمضان وعيد الفطر والعودة المدرسية وصولا إلى عيد الأضحى ورأس السنة الميلادية ولو أن رأس السنة الميلادية يقتصر في الإحتفال بها على 200 غرام ملوخية. هذا الوابل من المصاريف يحرم متوسطي الدخل من التمتع بالتخفيضات التي تقوم بها النزل مهما كانت نسبتها. * لا بد من استراتيجية كاملة للتشجيع على السياحة الداخلية يقول "حمدي" (موظف ببنك) أن التخفيضات التي اعتمدتها النزل غير كافية ولن تقنع التونسي القاطن بالمناطق الداخلية بغض النظر عن سكان المناطق الساحلية حيث أو أن فكرة الإقامة بالنزل مازالت غير مقبولة من قبل بعض المتساكنين "نخلي داري ونمشي لوتيل" كما أن هناك بعض العائلات مازالت تعتبر الإقامة بالنزل من المحظورات. * لماذا لم تكن هذه التخفيضات من قبل يقول "سيف الدين التوكابري" (موظف بشركة خاصة) أن هذه التخفيضات لن تجدي نفعا باعتبار أن التونسي فقد الأمل في أن يحظى بنفس الخدمات التي يحظى بها الأجنبي في النزل التونسية حيث يبجّل على حساب أهل البلد لذا فإن هذه الاستراتيجية لن تجدي نفعا ثم إننا لا ننسى أن التونسي قادر على الاستغناء عن خدمات النزل وخلق مواطن الترفيه بالطريقة التي يريد وبأقل التكاليف كما أن السياحة في فصل الشتاء تعد غريبة بعض الشيء عن نمط عيش التونسي باعتبار ضيق الوقت وكذلك برودة الطقس فهو فصل المنزل لا أكثر.