متابعة للحادث الذي جد مساء اليوم على الطريق الوطنية رقم9 (تونس–المرسى) والمتمثل في انقلاب حافلة "زينة وعزيزة" واصطدامها بشاحنة SOS خلف ما يقارب 40 جريحا كانت إصابتهم متفاوتة الخطورة. "التونسية" واكبت بقسم الاستعجالي بمستشفى شارل نيكول حالة الجرحى فكان لنا الريبورتاج التالي: بمجرد انتشار النبأ انتقل وزير الصحة السيد "منذر الزنايدي" إلى مستشفى شارل نيكول وتابع بكل اهتمام حالات الجرحى دون استثناء مواسيا ومطمئنا في الوقت نفسه عائلاتهم. كما أعطى تعليماته بإخضاع الحالات الحرجة لفحوصات دقيقة داعيا جميع هياكل الصحة والمستشفيات الأخرى للتجند وفتح أبوابها أمام المصابين. * طوارئ في قسم الاستعجالي يقول السيد "العربي" البكاري" الناظر العام لقسم الاستعجالي بمستشفى شارل نيكول أنه منذ أن بلغنا خبر الحادث دخلنا في حالة تأهب تامة حيث جندنا أعواننا الموجودين على عين المكان وقمنا باستدعاء البقية الذين غادروا عند انتهاء دوام عملهم باعتبار أن القسم دخل في حالة طوارئ. هذا أفادنا بأن عدد المصابين بلغ حوالي 40 مصابا أغلبهم يشكو من جروح وخدوش وكدمات على الرأس وأجزاء أخرى من الجسم ما عدا 3 أو 4 مصابين استوجب نقلهم إلى مستشفيات أخرى للخضوع لعملية الكشف بآلة السكانير باعتبارهم دخلوا في حالة غيبوبة خاصة وأن أعمارهم تتراوح بين 40 و 50 سنة كما ذكر أنه لم يقع تسجيل أية حالة وفاة إلى حد الآن مشيدا بالجهود التي بذلها وزير الصحة والتي سهلت المأمورية بالتعاون مع بقية المستشفيات الجامعية في تونس . أبواب مفتوحة : دماؤه تنزف وجراحه مفتوحة، ثيابه ممزقة، كان ملقى على أحد الأسرة يئن تارة ويتقلب تارة أخرى تلك هي حالة السيد "مصطفى الميساوي" 49 سنة عامل بشركة بضاحية قمرت بادرنا بالحديث وعيناه مغمضتين: "كنت بجانب "الخلاص" وكنت أتأمل في هول المنظر لحافلة تسير وأبوابها مفتوحة، "والعباد على بعضها" وقد أحسست بشيء في داخلي ينبئ بحدوث الكارثة وبعد برهة من الزمن وأنا شارد الذهن وجدت أناسا فوقي وامتلأت مسامعي بالصراخ ثم أغمي عليّ ولا أعرف كيف وصلت إلى هنا". * السائق هو المسؤول بوجه متورم وأنف ينزف دماء وجدنا "عم العيادي" عامل يومي بضاحية المرسى "له علاقة متينة منذ سنين بهذه الحافلة شاءت الأقدار اليوم أن يكون من بين المصابين في هذا الحادث المروع. كان يلوح برأسه يمينا وشمالا ويئن بأنفاس متقطعة وما إن اقتربنا منه حتى بادرنا بكلمات متلعثمة: "السائق هو المسؤول الأول عن هذه الكارثة،كان يقود بسرعة فائقة حتى أن الحافلة كانت تتمايل يمينا وشمالا زد على ذلك طاقة استيعابها التي فاقت اللزوم، هذا السائق لم يحترم قوانين مهنته ولا أعرف من لقنه دروس السياقة فقد كان كأنّه يقود سيارة ألعاب لا حافلة ركاب...هو المسؤول..هو المسؤول ولا بد أن يعاقب على فعلته". * جروح بسيطة ومرت بسلام يقول "ماهر الحجري 21 سنة يعمل حرفيا في صنع الجبس في العوينة وكان وجهه مصفرا من هول الفاجعة: "لقد أصبت بجروح وكدمات بسيطة على مستوى كتفي وساقي اليمنى ومن ألطاف الله أنني كنت بعيدا عن الجهة التي تضررت من جراء الحادث وأود أن أشكر الإطار الطبي وشبه الطبي بقسم الاستعجالي بمستشفى شارل نيكول على الخدمات الصحية الفائقة التي قدموها لنا في وقت قياسي ". * حافية القدمين من جبل بن عمار حتى العمران تقول السيد "جمعة العبيدي" زوجة أحد المصابين : "كنت أطبخ العشاء وأنتظر عودة زوجي الذي كاد يعود لي في تابوت حتى ناداني أحد الجيران وطلب مني رقم هاتف زوجي وما إن أصريت على السبب حتى قال لي أنه تعرض لحادث مرور عندها لا أعرف كيف غادرت المنزل أنا وأبنائي حتى أنني كنت حافية القدمين (نجري في الشارع) من جبل بن عمار إلى العمران ولولا أبنائي الذين انقطعت أنفاسهم من طول المسافة والتي أجبرتني على امتطاء سيارة أجرة لواصلت الطريق على تلك الحالة إلى المستشفى، إنه زوجي ووالد أبنائي وكل حياتي وليس لي غيره". عيّنات التقتطتها "التونسية " وسط حرارة آهات الألم والأنفاس المتلاحقة لجنود الرحمة في المستشفيات ولاشك أن تحقيقا سيفتح لتحديد أسباب الحادث وتحديد المسؤوليات.