كانت أرجل لاعبي المنتخب الوطني لكرة اليد مساء الجمعة فوق أرضية قاعة كريستينستاد لكن القلوب والعقول كانت في تونس التي تسرب اليها الحريق ...كان من الصعب على زملاء الميساوي ان يحتفظوا بتركيزهم وهو يرون صور القتل والدماء و الحرق والنهب والسلب تجتاح مدن تونس الغالية لذلك لم يستمر التركيز في مباراتهم الاولى ضدّ فرنسا أكثر من شوط أو نصف شوط ان لم نقل أن التركيز كان مفقودا تماما وهو ما سمح للفرنسيين بانهاء المواجهة لصالحهم دون أدنى صعوبة تذكر. المباراة سبقتها حركة رائعة جدا لخصت تفاعل منتخب تونس مع الأوضاع في بلدهم فقد تمت تلاوة الفاتحة على أرواح الشهداء الذين سقطوا والوقوف دقيقة صمت ترحما عليهم وكانت علامات التأثر واضحة حتى أننا لاحظنا الدموع في عيون بعض اللاعبين . الأجواء في النزل لم تكن تختلف عن هذه الصورة فالكل ملازم لغرفته وراء أجهزة الكومبيوتر والأنترنيت يتابعون لحظة بلحظة ما يجري ...الفايسبوك والمواقع الاليكترونية للصحف والبث المباشر لبعض القنوات التلفزية كانت الجسر الى أخبار الوطن في هذه الساعات الصعبة من تاريخنا . الوضع أدى الى انشغال عميق في صفوف المسؤولين عن الوفد التونسي وكان لا بد من التحرك بصيغة أوبأخرى لاعادة اللاعبين الى أجواء المونديال وبعد اجتماع أول يوم الخميس أكد لنا المسؤول الاداري رضا المناعي هذا الصباح أن اجتماعا جديدا باللاعبين سينعقد عشية اليوم وتحديدا على الساعة الخامسة مساء لتوجيه رسالة واضحة للجميع تصوب المسار وتضع الجميع أمام حتمية الالتفات الى الهدف الرئيسي الذي جاء من أجله المنتخب وهو تشريف الراية الوطنية والدفاع عن تونس. المنتخب كان تدرب اليوم على الساعة الحادية عشرة صباحا علما بأن الوفد التونسي كان احتج خلال الاجتماع الفني على ظروف الاقامة وتحديدا ضيق الفضاءات بالنزل وعدم تنوع الأكل وغياب قنوات تلفزيونية باللغة الفرنسية أو العربية ويبدو أن المسؤولين ندموا على المطالبة بالنقطة الأخيرة فادارة النزل برمجت قناة الجزيرة ضمن باقة القنوات التي تم تعديلها واضافتها الى الغرف وهو ما زاد الوضع تعقيدا باعتبار أن اللاعبين أصبحوا يواكبون ما يجري مباشرة. المسؤولون عن المنتخب كانوا تصدوا أيضا لبعض المحاولات من قبل وسائل أعلام أجنبية لاقحام اللاعبين والمدرب الان بورت في الوضع السياسي وقد كان غريبا أن يسأل أحد الصحفيين عن توفر أموال لدى بعثة المنتخب في ظل الوضع الجديد وقد أجابه البعض بأن عمر تونس 3 الاف سنة وأننا بلد عصري ومتحضر ولسنا احدى جمهوريات الموز . نعود الى لقاء الأمس مع فرنسا لنشير الى أن منتخبنا خسرها بفارق 13 هدفا (32 – 19 ) وكانت هناك معطيات ايجابية في الجانب الدفاعي لكن ظل الهجوم النقطة السلبية وهو ما كنا ننتظره في غياب حمام وأيمن حماد وعدم اقحام الشاب جلوز منذ البداية وهذا دون اعتبار غياب التركيز الذي أشرنا اليه سابقا. مدرب المنتخب الان بورت كان أكد في الندوة الصحفية النقائص المذكورة مشيرا أيضا الى أن اللاعبين كانوا غائبين عن المباراة والنتيجة ثقيلة لكن المفروض تجاوز مخلفات هذه الهزيمة من الناحية المعنوية . بورت قال أيضا أن هناك عديد الأخطاء في المردود العام للفريق من الناحيتين الدفاعية والهجومية وسيتم الحديث مع اللاعبين ومحاولة الاصلاح قبل مباراة الغد ضدّ اسبانيا والتي ستكون صعبة جدا باعتبار قيمة المنافس الذي يعد من أبرز المرشحين للفوز باللقب العالمي. هذا وأكد مدرب المنتخب الفرنسي كلود أونيستا أن المنتخب التونسي تأثر بغياب حمام وحماد والحارس الأول مروان مقائز لكنه يبقى منتخبا واعدا في ضوء المهارات الشابة التي يضمها في صفوفه