يعلم القاصي والداني أن بعض وزراء الحقبة السابقة خدموا بإخلاص عائلة الرئيس المخلوع وبالأخص أصهاره ويبدو أن البعض منهم أدرك بأن بقاءه في منصبه مرتبط برضاء "الطرابلسية" وكذلك الصهر الصغير صخر الماطري. لذلك فإن بعض الوزراء كان همهم الوحيد خدمة هؤلاء وقد شاهدنا كيف أن بعض الوزراء كانوا يتسابقون للمشاركة في تدشين المشاريع التجارية أو الصناعية التي ينجزها صخر الماطري أو عماد الطرابلسي أو بلحسن الطرابلسي أو غيرهم من "مافيا" العهد البائد. ولم يقتصر الأمر على ذلك فإن بعض الوزراء كان لهم دور مريب في تحقيق أهداف ومآرب "الطرابلسية" في ضرب منافسيهم في السوق على غرار ما حصل مع وزارة النقل التي كان يشرف عليها عبد الرحيم الوزاري عندما منعت شاحنات "ايسيزي" من السوق لفسح المجال أمام شاحنات "فورد" مما اضطر رجل الأعمال المعروف "الطاهر العتروس" إلى الاستثمار في الجزائر وغلق مصنع مدينة القيروان الذي كان يشغل المئات من العمال. وما هذا إلا مجرد مثال بسيط على ممارسات بعض الوزراء السابقين الذين كانوا يشاركون "الطرابلسية" اللعبة القذرة دون اكتراث بالضرر الذي كان يلحق بالاقتصاد الوطني..ولم يقتصر الأمر على بعض الوزارات التي لها صلة مباشرة بالاقتصاد على غرار النقل والصناعة والمالية بل إن الأمر شمل بعض الوزارات الأخرى على غرار الثقافة والعدل والتعليم العالي وأملاك الدولة...وعلى سبيل المثال فإن الشبهات تحوم حول وزارتي الثقافة وأملاك الدولة حول تحويل صبغة بعض الأراضي الدولية أو ذات الصبغة التاريخية خاصة في الضواحي الشمالية للعاصمة لتمكين عائلة الرئيس المخلوع من إقامة القصور أو المشاريع عليها.. كما أن وزارة التعليم العالي سخرت موارد الدولة في سبيل إنجاز مشروع الجامعة الخاصة التابعة لزوجة الرئيس المخلوع ليلى بن علي علما وأن نفس هذا المشروع تحصل على منحة من الدولة بقيمة 1.7 مليار... وبلا شك فإن الوزراء هم الذين أمضوا على قرارات من هذا النوع وساهموا بالتالي في إلحاق الأضرار بالمال العام دون أن يتجرأوا على قول كلمة "لا" أو يؤنبهم ضميرهم..كل ذلك في سبيل المحافظة على كرسي الوزارة ولكن أيضا في سبيل تحقيق بعض المآرب والغايات الخاصة ذلك أن بعض الوزراء ظلّوا لفترة طويلة على رأس نفس الوزارة أو في الحكومة وكأنهم ولدوا ليكونوا وزراء وقد تحقق لهم ذلك بعدما عرفوا بأن الطريقة تكمن في إرضاء "الطرابلسية" و"زميمتهم" ليلى الطرابلسي.