مكتب القيروان: " التونسية " يعرف الخبز العربي عادة لدى متساكني الأرياف الذين يعدونه بأشكال وطرق تقليدية معروفة في الصنع والإنتاج لكن هذا القطاع "غزا" المدن بطرق غير قانونية مستوليا على المخابز العصرية من خلال استقطاب عدد كبير من الحرفاء الذين يتوافدون مساء كل يوم (قبل الإفطار) على الطريق الحزامية من الجهة الشمالية لمدينة القيروان، حيث يوجد أكثر من 100 "مستثمر" يقدّمون كلهم خدمات فورية للحرفاء بما في ذلك المارين والمسافرين من الشمال إلى الجنوب أو العكس على اعتبار أن القيروان هي نقطة عبور. أكثر من 100 "مستثمر" ورمضان شهر العمل هذه المهنة التقليدية "ترتزق" منها عائلات عديدة من ذوي الدخل الضعيف لكن أمام تنامي هذه الظاهرة بشكل كبير من سنة إلى أخرى رأت سابقا بلدية القيروان أن تتدخل لتنظيم هذا القطاع وبالتالي المحافظة على المظهر العام لمدخل المدينة من الجهة الشمالية، فطلبت منهم تغيير الصورة عبر إخفاء "الطابونة" والإبقاء على الحاويات على حافة الطريق للبيع فقط مع تحسين المظهر. غير أن هؤلاء "المهنيين" رفضوا ذلك معللين مواقفهم "بشهوة" الحرفاء ورغبتهم في شراء الخبز "الفرشك" و إلا فإن البضاعة لن تباع. العائلات المنتصبة على جانب الطريق الحزامية لبيع الخبز على الطريقة التقليدية يزدهر نشاطها خاصة في شهر رمضان أين تتغلب "الشهوة" على بعض الأمور الأخرى الصحية، فما الذي يجعل الحريف يقبل على شراء هذا النوع من الخبز خاصة في هذا الشهر الكريم؟ وما هي خاصية هذا الخبز في هذا الوقت بالذات خاصة عندما يتواجد على مائدة الإفطار. عديد التساؤلات طرحتها " التونسية " في هذا المجال على كل الأطراف في ظل رغبة بل لهفة الحريف على الشراء. تجارة مربحة أكثر من 100 نقطة بيع منتشرة على حافة الطريق تستقطب المئات من الحرفاء في مشهد رمضاني طريف، كلهم يقدمون أنواعا مختلفة من الخبز العربي "الفرشك" مثل "الطابونة" و"الملاوي" و" الفطائر" ويلبون رغبات الصائمين، كما يفرضون أيضا تسعيرات يرضخ لها المارون لأنهم لا يملكون خيارا آخر لكبح جماح شهواتهم. هذه التجارة تعود بالنفع على العائلات إذ ذكرت إحدى النسوة "للتونسية" أنها تعد يوميا ما بين 100 و150 خبزة طابونة تصل وزن الواحدة إلى 250 غراما، كما يختلف "الإنتاج" من عائلة إلى أخرى ليصل معدل البيع الصافي لدى كل نقطة بيع إلى 40 دينارا يوميا. كما سجلنا من جهة أخرى مشاركة البعض من الشبان لعائلاتهم، خاصة وأن شهر رمضان يعتبر وقت " ذروة " العمل لديهم. "الشهوة تقودنا" لم نستنتج من كلام بعض الحرفاء الذين تحدثنا معهم سوى الإجماع على كلمة واحدة فقط وهي "الشهوة" وفي هذا الإطار قال ناجح أن طاولة الإفطار لا تحلو له إلا عندما يشاهد الخبز العربي فوقها.اما صلاح فهو يؤكد أنه أصبح مدمنا على القدوم إلى هذا المكان كل مساء لشراء ما لذ وطاب من أنواع هذا الخبز "مستغنيا" وقتيا على خبز المخابز العصرية.أما حاتم فان "الشهوة" هي التي تقوده إلى هذا المكان لشراء "الطابونة" وتمضية بعض الوقت في المشاهدة، لأنه لا مجال للاستغناء عن هذا النوع من الخبز على الطاولة. عبد المجيد من جهته قال أن الخبز العربي ولئن يطهى في قوالب وفي ظروف غير صحية فإن وجوده مطلوب مع أنواع المأكولات على الطاولة. لكن هذا الهروب إلى الطريق الحزامية في شهر رمضان لا يقلص من مردود وإنتاج المخابز العصرية داخل المدينة التي يتواصل الإقبال عليها وخاصة قبل الإفطار.