عرف الحقوقي والناشط السياسي خالد شوكات بآرائه المثيرة للجدل ومقالاته النقدية للمشهد السياسي وأثارت مساندته للعريضة الشعبية و دفاعه عن الهاشمي الحامدي عديد الردود .تقلد منذ ايام منصب الأمين العام للإتحاد الوطني الحر وهو ما اثار عديد التساؤلات خاصة بعد الإشاعات التي لاحقت ولا تزال سليم الرياحي رئيس الإتحاد الوطني الحر... مقالاته النقدية للحركة الإسلامية لم تمر مرور الكرام ووصلت إلى حد دعوة البعض من المتشددين إلى"هدر دمه" . ضيفنا درس في المغرب بعد أن حكم عليه النظام السابق بالسجن في التسعينات ثم سافر إلى هولندا وتحصل على ديبلوم في القانون وشهادة الدكتوراه . "التونسية" إلتقته في حوار خاص فحدثنا عن دوره في الإتحاد الوطني الحر وموقفه من النهضة ورأيه في المشهد السياسي الحالي. ما لا نعرفه عن خالد شوكات؟ نشأت في المزونة من ولاية سيدي بوزيد وتحصلت على شهادة الباكالوريا في المكناسي ثم إلتحقت بالجامعة في 1989 وقد إنطلقت المتاعب في التسعينات عندما شاركت في حركة فيفري والتي طالبنا خلالها بإسقاط نظام بن علي فتمت مداهمة منزلي بالمزونة وإعتقال والدي وشقيقي وأضطررت إثرها للهجرة إلى المغرب ثم إلى أوروبا وتحديدا "هولندا "أين قضيت 20 سنة في المنفى. وفي الأثناء صدر ضدي حكم غيابي ب4 سنوات سجنا و5 سنوات من الرقابة وذلك بسبب نشاطي السياسي غير الشرعي. خلال سنوات المنفى حاولت إكمال دراستي الأكاديمية وتحصلت على الدكتوراه من خلال أطروحة بعنوان "المشاركة السياسية للمسلمين في الغرب" كما كان لي نشاط إعلامي من خلال صحيفتي القدس والنهار. هل كنت تتوقع السيناريو الذي سقط على إثره نظام بن علي ؟ الحقيقة توقعت تغييرا من داخل النظام ولم أتوقع ثورة سلمية شعبية فعندما نتأمل تاريخ تونس منذ 100 سنة نجد أن كل مقومات الثورة كانت مبثوثة في رحم هذا التاريخ والأقرب إلى ظني أن النظام كان سيتغير إما بموت الرئيس السابق أوعلى إثر عملية إنقلاب بيضاء وكنت أتوقع خلال ال 20 سنة الماضية خطابا إصلاحيا لا خطابا ثوريا والمعارض الوحيد الذي كان يدعو إلى العصيان المدني ويعتقد أن الثورة الشعبية ممكنة هو الرئيس الحالي المنصف المرزوقي وفيما عدا هذا الشخص وأنا من بينهم كنا نراهن على دفع النظام بشكل أو بآخر إلى حوار وطني يعيد بناء المشهد السياسي على أساس أكثر إنفتاحا وديمقراطية. وصفت الثورة التونسية بأنها" ثورة بلا رأس ولا قيادة " لو توضح لنا هذه الصورة؟ من ألطاف الله أن الثورة التونسية كانت بلا رأس وبلا قيادة فلو وجدت قيادة لطبق هذا الرأس مشروعه الخاص به ولكانت مثل الثورات التي عرفناها عبر التاريخ فالثورتان البلشفية والإيرانية إنتهت الأولى بحكم شيوعي والثانية بحكم ديني إسلامي ولأن الثورة التونسية ثورة بلا رأس فهي وطنية تونسية بإمتياز ولم تسمح لأي تيار بأن "يركب عليها" أو أن يفرض أجندة غير ديمقراطية والجيل الذي قام بالثورة كان جيلا موحدا ورغم أن بن علي خطط لإبعاده عن السياسة الا انه دفعه بذلك إلى أن يكون جيلا وطنيا موحدا حول تونس خلافا لجيلي والأجيال التي سبقتنا فقد كانت منقسمة فيما بينها عاجزة أشد العجز عن الإتفاق حول برنامج تغيير ديمقراطي. هل يفسر ذلك الإنقسام الذي حصل بعد الثورة ؟ الإنقسام إنطلق قبل الثورة فالمعارضة التونسية التي تسلمت المقاليد ما بعد الثورة كانت منقسمة على ذاتها قبل الثورة وهي لم تتعود العمل مع بعضها وطبيعي أن لا تجد فيما بعد توافقات لكن رغم ذلك فالمسار الذي إنتقلت به السلطة كان ديمقراطيا بالقياس مع عدة دول .ورغم الصعوبات والنقائص فقد شهدت البلاد تنظيم إنتخابات ديمقراطية. لو توضح لنا أسباب دفاعك عن التجمعيين ؟ أنا ضد الإقصاء بمن في ذلك العناصر الراغبة في البناء ومن ضمنهم التجمعيون الشرفاء والذين بقيت أياديهم نظيفة ودعوت بان يمنح لهم حق التنظم والمشاركة في المشهد السياسي فهل هؤلاء أكثر إستبدادية من الحزب الشيوعي السوفياتي الذي سمح له بإعادة البناء ؟ لكي ننجح في بناء تونس الديمقراطية يجب أن نبني هذا المسار على أساس التسامح وبعيدا عن التشفي والإنتقام والمزاجية . خلال العهد السابق دافعت عن الزعيم بورقيبة؟ قلة دافعوا عن النظام" البورقيبي" وهؤلاء الذين ينسبون أنفسهم اليوم إلى التيار" البورقيبي" لم ينبسوا بحرف طيلة العقدين الماضيين ولم يبد في سلوكهم أي شيء يدل على أنهم كانوا مستعدين للدفاع عن بورقيبة. وما حكاية" فتوى" إراقة دمك؟ كان ذلك نتيجة موقف صرحت به على قناة الجزيرة في فترة "وضاح خنفر" والجهة التي دعت لإراقة دمي كانت قريبة من الحركة الإسلامية والتي تضم للأسف في قواعدها بعض الأشخاص الذين تعوزهم العقلانية ويتصرفون بشكل غير منضبط بعيدا عن عمق الحركة وتوجهاتها وهذه الفئات تتصرف مع الخارجين عنهم على أنهم أبناء ضالون . لكنك رغم ذلك لم تنسلخ تماما عن الحركة الإسلامية؟ أعتبر نفسي مثقفا ومفكرا مسلما تهمني مصلحة الدين كالسياسة وهناك الكثير ممن مارسوا العمل السياسي لا يصنفون ضمن الإتجاه الإسلامي مثل عبد العزيز الثعالبي والنحاس باشا لكنهم ينتمون لمدرسة الفكر الإصلاحي الحداثي .وحتى بعض رموز حركة النهضة لم يكونوا إسلاميين . لماذا أعتبرت الحركات الإسلامية فاشلة سياسيا ؟ مؤاخذتي الجوهرية على الحركة الإسلامية انها قسمت التونسيين إلى مسلمين وإسلاميين فالإسلاميون يرمزون إلى مسلمين درجة أولى وعامة المسلمين هم درجة ثانية وفي رأيي هذا التقسيم لا يضر بالعمل السياسي فقط وإنما يلحق ضررا بالدين فالدين لا يجب أن يكون عنصرا مفرقا للتونسيين بل يجب أن يكون عنصرا موحدا كما لا يجب أن يكون مجال مزايدة . كيف تقيم النهضة إلى حد الآن؟ من السابق لأوانه الحكم على النهضة ففي الوقت الراهن لو فشلت النهضة سيكون ذلك إنتكاسا للمسار الديمقراطي وقد عبرت عن ذلك في اللقاء الذي جمعني مؤخرا برئيس الحكومة . دافعت عن العريضة الشعبية عندما إنتقدها الجميع فهل لازلت من المدافعين عنها؟ دافعت عن العريضة من منطلق أخلاقي وسياسي ولم اشأ أن تسقط تجربتنا في خطأ منذ المرحلة التأسيسية فالخطأ في بناء القواعد سيكون له تأثيرات مستقبلية خطيرة ووجدت طيلة إشتغالي بالسياسة القدرة على السير ضد التيار والاصداع بما هو صحيح بصرف النظر عن الحسابات الضيقة فلا يمكن أن نظلم قرابة مليون ناخب أدلوا بأصواتهم مهما كانت الملاحظات حول زعيم هذا التيار فالسلوك الديمقراطي يظهر في التعامل مع الخصوم وفي قبول الرأي الآخر فالعريضة قضية وليست شخصا هي قضية حقيقية تتعلق بالمهمشين والطبقات الضعيفة وستظل تلعب دورا هاما ما لم تجد مخرجا جذريا. وماذا عن الهاشمي الحامدي؟ بالنسبة لي من حق الجميع أن يمارسوا العمل السياسي ما دام الشخص لا يدعو للعنف ويحترم قواعد اللعبة ولا يمكن بأي حال إقصاء أي كان لإعتبارات مزاجية أو تقديرات سياسية ... دافعت ولا أزال من المدافعين عن حق الدكتور الحامدي في أن يخاطب الشعب ويحقق طموحه السياسي إن أراد ذلك ولا يملك أحد حق إقصاء الآخر. اثار إنضمامك للإتحاد الوطني الحر عديد التساؤلات أولا لماذا الإتحاد؟ الذين يتحدثون عن الإتحاد الوطني الحر يتحدثون وكأنه حزب له 40 سنة في حين أن نشأة الحزب لا تتجاوز 4 أشهر وكأي عمل في بداياته هناك فترات صعبة. هو حزب قد تشوبه أخطاء وارتكب أخطاء خلال الفترة التأسيسية التي تزامنت مع مرحلة إنتخابية كانت خلالها الأعصاب مشدودة وحملات التشويه على أشدها واحيانا مغرضة لكن بعد الإنتخابات تقرر بناء الحزب على أسس جديدة تأخذ بعين الإعتبار النقد وتعمل على أن تتفادى الأخطاء .هو حزب سياسي وليس عقائديا ومنفتح على شخصيات مختلفة تحاول أن تقدم لتونس حزب وسطيا وطنيا وإجتماعيا وسنعمل على أن يكون هذا الحزب منفتحا على كل العناصر الفكرية والسياسية. هل سنلمس تغييرا في الحزب؟ سيكون التغيير كليا وقد تسلمت شخصيا هذا الحزب كصفحة بيضاء سنخط عليها أسطرا ونصوصا ذات قيمة سياسية وسيكون جزء من عملنا مخصصا لتصحيح الصورة السيئة التي انطبعت بالأذهان فلو إعتبرنا كل تجربة فاشلة تؤدي للموت لكنا في وضع غير قابل للحياة ونعتقد أن داخل كل تجربة أو حتى "مشكلة" مفاتيح للنجاح. ما صحة ما يتردد حول سليم الرياحي الذي يقال إنه سلمك الأمانة العامة للحزب لأن المخابرات الليبية تلاحقه ؟ أعتقد أنه كلام فارغ ولا اصل له .فسليم لم يتخل عن دوره في الحزب وأراد فقط إعادة ترتيب القيادة وهذا الأمر معمول به في عديد الأحزاب حتى في حركة النهضة .ما يتردد حول أمواله المشبوهة ظلم وكما يقال "البينة على من إدعى" ومن مظاهرالإنفلات في المرحلة السابقة ترويج التهم دون دليل ...إن كان هناك من يملك دليلا فليقدمه للرأي العام .ثم كان بإمكان سليم الرياحي الإستثمار خارج تونس ففي الوقت الذي يفر فيه المستثمرون خير العودة إلى بلده ولو كان يخشى من أمر ما لما عاد لوطنه فالرجل واثق من نفسه وإستثمر بدوافع وطنية في وقت ضبابي وما كان لإنسان غير وطني ليفعل ذلك. لا ننسى أن هناك عدة بلدان ترحب به وكان بإمكانه ضخ أمواله في الخارج. ماذا عن الأحزاب التي من الممكن أن يتحالف معها الإتحاد ؟ نعمل على حماية المسار الديمقراطي وممارسة المعارضة المسؤولة التي تنتقد العمل الحكومي وتراقبه دون الدخول في مشاحنات وتوترات تعرقل الدولة وتؤدي للإحتقان والفوضى التي من شأنها أن تكسر عود الإنتقال الديمقراطي... نتطلع إلى بناء علاقة فعالة مع القوى السياسية التي نعتقد أنها قريبة منا فكريا كالنهضة والعريضة الشعبية والتي تشاركنا الدفاع عن الشخصية التونسية والبعد الإجتماعي للدولة. لكن هناك شبه قطيعة بين النهضة والعريضة ؟ التحالف سيكون في المدى البعيد وليس القريب ففي الوقت الراهن يبدو الخلاف بين العريضة والنهضة كبيرا لكن أقرب تيار للنهضة هو العريضة الشعبية والإتحاد الوطني الحر قرر أن يكون عامل وفاق وتقريب بما يضمن الإنتقال الديمقراطي وستكون مساهمتنا عقلانية . هناك إشاعة حول ترشيحك لرئاسة جمعية رياضية عريقة ؟ هذه الإشاعة سبق ترديدها حول سليم الرياحي لأنه محب للنادي الإفريقي وتدخل لفائدة النادي في إحدى المناسبات فتم تسريب هذه الإشاعة . لكن بالنسبة لي ليست لدي ميولات لرئاسة أي جمعية رياضية ولا أطمح لذلك.