تفاصيل الاحكام السجنية الصادرة في قضية "التسفير"    دعما للتلاميذ.. وزارة التربية تستعد لإطلاق مدارس افتراضية    ترامب يبحث ترحيل المهاجرين إلى ليبيا ورواندا    الدوريات الأوروبية.. نتائج مباريات اليوم    جلسة عمل بين وزير الرياضة ورئيسي النادي البنزرتي والنادي الإفريقي    نصف نهائي كأس تونس لكرة اليد .. قمة واعدة بين النجم والساقية    ملكة جمال تونس 2025 تشارك في مسابقة ملكة جمال العالم بالهند    مهرجان «كنوز بلادي» بالكريب في دورته 3 معارض ومحاضرات وحفلات فنية بحديقة «ميستي» الاثرية    تونس: مواطنة أوروبية تعلن إسلامها بمكتب سماحة مفتي الجمهورية    الاتحاد الجهوي للفلاحة يقتحم عالم الصالونات والمعارض...تنظيم أول دورة للفلاحة والمياه والتكنولوجيات الحديثة    تحسّن وضعية السدود    معدّل نسبة الفائدة في السوق النقدية    عاجل: بينهم علي العريض: أحكام سجنية بين 18 و36 سنة للمتهمين في قضية التسفير مع المراقبة الإدارية    القيروان: هلاك طفل ال 17 سنة في بحيرة جبلية!    اللجنة العليا لتسريع انجاز المشاريع العمومية تأذن بالانطلاق الفوري في تأهيل الخط الحديدي بين تونس والقصرين    تحيين مطالب الحصول على مقسم فردي معدّ للسكن    المانيا.. إصابة 8 أشخاص في عملية دهس    تونس تسجّل أعلى منسوب امتلاء للسدود منذ 6 سنوات    عاجل/ تحويل جزئي لحركة المرور بهذه الطريق    مأساة على الطريق الصحراوي: 9 قتلى في حادث انقلاب شاحنة جنوب الجزائر    عاجل: إدارة معرض الكتاب تصدر هذا البلاغ الموجه للناشرين غير التونسيين...التفاصيل    عاجل/ أمريكا تجدّد غاراتها على اليمن    تونس تستعدّ لاعتماد تقنية نووية جديدة لتشخيص وعلاج سرطان البروستات نهاية 2025    اتخاذ كافة الإجراءات والتدابير لتأمين صابة الحبوب لهذا الموسم - الرئيسة المديرة العامة لديوان الحبوب    النّفطي يؤكّد حرص تونس على تعزيز دور اتحاد اذاعات الدول العربية في الفضاء الاعلامي العربي    عاجل/ زلزال بقوة 7.4 ودولتان مهدّدتان بتسونامي    الشكندالي: "القطاع الخاص هو السبيل الوحيد لخلق الثروة في تونس"    الليلة: أمطار رعدية بهذه المناطق..    جريمة قتل شاب بأكودة: الإطاحة بالقاتل ومشاركه وحجز كمية من الكوكايين و645 قرصا مخدرا    مدنين: مهرجان فرحات يامون للمسرح ينطلق في دورته 31 الجديدة في عرس للفنون    عاجل/ تسجيل إصابات بالطاعون لدى الحيوانات..    غرفة القصّابين: أسعار الأضاحي لهذه السنة ''خيالية''    منوبة: احتراق حافلة نقل حضري بالكامل دون تسجيل أضرار بشرية    سليانة: تلقيح 23 ألف رأس من الأبقار ضد مرض الجلد العقدي    مختصون في الطب الفيزيائي يقترحون خلال مؤتمر علمي وطني إدخال تقنية العلاج بالتبريد إلى تونس    فترة ماي جوان جويلية 2025 ستشهد درجات حرارة اعلى من المعدلات الموسمية    الانطلاق في إعداد مشاريع أوامر لاستكمال تطبيق أحكام القانون عدد 1 لسنة 2025 المتعلق بتنقيح وإتمام مرسوم مؤسسة فداء    حزب "البديل من أجل ألمانيا" يرد على تصنيفه ك"يميني متطرف"    جندوبة: انطلاق فعاليات الملتقى الوطني للمسرح المدرسي    فيلم "ميما" للتونسية الشابة درة صفر ينافس على جوائز المهرجان الدولي لسينما الواقع بطنجة    كلية الطب بسوسة: تخرّج أول دفعة من طلبة الطب باللغة الإنجليزية    بطولة افريقيا للمصارعة بالمغرب: النخبة التونسية تحرز ذهبيتين في مسابقة الاواسط والوسطيات    خطر صحي محتمل: لا ترتدوا ملابس ''الفريب'' قبل غسلها!    صيف 2025: بلدية قربص تفتح باب الترشح لخطة سباح منقذ    تطاوين: قافلة طبية متعددة الاختصاصات تزور معتمدية الذهيبة طيلة يومين    إيراني يقتل 6 من أفراد أسرته وينتحر    الرابطة المحترفة الثانية : تعيينات حكام مقابلات الجولة الثالثة والعشرين    الأشهر الحرم: فضائلها وأحكامها في ضوء القرآن والسنة    الرابطة المحترفة الأولى (الجولة 28): العثرة ممنوعة لثلاثي المقدمة .. والنقاط باهظة في معركة البقاء    ريال بيتيس يتغلب على فيورنتينا 2-1 في ذهاب قبل نهائي دوري المؤتمر الاوروبي    أبرز ما جاء في زيارة رئيس الدولة لولاية الكاف..#خبر_عاجل    الصين تدرس عرضا أميركيا لمحادثات الرسوم وتحذر من "الابتزاز"    الجولة 28 في الرابطة الأولى: صافرات مغربية ومصرية تُدير أبرز مباريات    صفاقس ؛افتتاح متميز لمهرجان ربيع الاسرة بعد انطلاقة واعدة من معتمدية الصخيرة    "نحن نغرق".. نداء استغاثة من سفينة "أسطول الحرية" المتجهة لغزة بعد تعرضها لهجوم بمسيرة    خطبة الجمعة .. العمل عبادة في الإسلام    ملف الأسبوع.. تَجَنُّبوا الأسماءِ المَكروهةِ معانِيها .. اتّقوا الله في ذرّياتكم    أولا وأخيرا: أم القضايا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"مختار الطريفي" (المحامي والرئيس الشرفي للرابطة التونسية لحقوق الإنسان) ل "التونسية": الأغلبية في المجلس التأسيسي تتصرف مع المعارضة وكأنها "شرّ لابدّ منه"!
نشر في التونسية يوم 12 - 04 - 2012


- لا عدالة انتقالية بلا محاسبة
- يجب ملاحقة كل من اعتدوا على الشعب بلا استثناء
- لا نجاح للثورة ما دام الإفلات من العقاب قائما
- و هناك إرادة للسيطرة على الحياة العامة من خلال الإدارة
مختار الطريفي، هو الرئيس الشرفي للرابطة التونسية لحقوق الانسان، عرف الاعتقال والطرد التعسفي خلال «سنوات الجمر»، مارس مهنة الصحافة وما لبث أن سلطت عليه أدوات القمع مما اضطره لارتداء بدلة المرافعة ومزاولة المحاماة. عرف باستبساله في الدفاع عن قضايا الرأي العام والصحافة.
"التونسية" التقته وسألته عن رأيه في المشهد السياسي الحالي وعن موقفه من دور المعارضة وأداء المجلس الوطني التأسيسي وعن سير عمل الحكومة وعما يقوله في مسألة تطهير المنظومتين القضائية والأمنية وعن تقييمه لموقف وزارتي الداخلية وحقوق الانسان والعدالة الانتقالية في ما يتعلق بأحداث 9 أفريل 2012... حول كل هذه المواضيع وغيرها تحدثنا معه، فكان الحوار التالي:
كيف يبدو لكم المشهد السياسي الحالي؟
المشهد السياسي فيه غموض خاصة وأن الحكومة غير قادرة على البت في الملفات الهامة، وهي عاجزة عن تقديم المقاربات الضرورية لطمأنة الرأي العام بخصوص المسائل الاقتصادية والاجتماعية في ما يتعلق بمطالب الثورة من تشغيل وتنمية جهوية وحرية وكرامة.. ولذلك فإنني أقول إنه لابد من معالجة متطلبات الشعب التونسي وتحقيق تطلعاته في أقرب الآجال... وإلى حد اليوم، فإنه رغم وعود الحكومة الكثيرة إلا أننا لم نر نر أي أمور عملية أو أهدافا قد تجسدت على أرض الواقع بل بالعكس فقد اضطرت «سيدي بوزيد» لتنفيذ اضراب عام كما أجبر عدد من الشبان على قطع مسافات طويلة للوصول الى العاصمة لا لشيء سوى للتذكير بمطالبهم، دون أن ننسى أوضاع التململ وعدم الرضى في قفصة والمظيلة والقطار وقابس.
ما هي نقاط المؤاخذة بالتحديد؟
بما أن انتظارات التونسي لم تتحقق بعد مرور سنة و4 أشهر من اندلاع الثورة فإن ذلك يقود الى الحديث عن عدم حرفية القائمين على الشأن العام مما يدل على عدم وضوح الرؤية وعدم القدرة على معالجة المشاكل حسب الأولويات علاوة على ذلك فإن الحكومة لم تعط للرأي العام برهانا على قدرتها على مواجهة المشاكل، كما أن تعدد الخطابات مربك! حيث سبق وأن صرح وزير التشغيل بأنه بالامكان خلق 100 ألف موطن شغل ثم قال وزير آخر أنه يشك في ما قاله الأول ثم أكد ثالث أن ذلك غير ممكن وجزم رابع بأن التظاهر لا يحل المشكل!
وكل هذه التناقضات والتصريحات المتقابلة تجعلنا نتساءل عن خط سياسة الحكومة الرسمي خاصة مع استكمال قانون المالية التكميلي وعرضه على المجلس الوطني التأسيسي دون أن يتضمن اجابة عن سؤال طاقة التشغيل! وهو ما يؤكد تردد الحكومة وتشتت خطابها.
كيف ترون سير عملية الانتقال الديمقراطي؟
يستوجب الانتقال الديمقراطي الشروع في عدة إصلاحات والنظر في أقرب الآجال في القضايا الجوهرية.
ماذا عن إصلاح المنظومة القضائية؟
يجب استبعاد جميع القضاة الذين أصدروا أحكاما على كل من مثل أمامهم في قضايا الحوض المنجمي ومن تسببوا في سجن الاسلاميين وبتوا في قضايا الرأي العام والصحافة وقضوا في هذه الأمور حسب إملاءات القائمين على سياسة العهد البائد، حيث أن بقاء هؤلاء القضاة الى اليوم في نفس مواقعهم يؤدي الى فقدان الثقة في نزاهة الهيكل القضائي، كما أن العدالة الانتقالية لا تتحقق الا بعد المرور بالمحاسبة ومن ثمة يقع تحديد آليات وضوابط العمل حتى نتفادى السقوط في أخطاء السابقين وانتاج نفس المنظومة الفاسدة.
وبالنسبة لتعمد الحكومة الحالية تعيينات ادارية فانه لا يرمي الا للسعي لوضع اليد على كل دواليب الدولة والسيطرة على الادارة وما تم مؤخرا من تعيينات للولاة صدر دون التشاور مع رئيس المجلس الوطني التأسيسي والنواب.
و يعتبر هذا التصرف إعادة انتاج لنفس ممارسات النظام البائد بدمج الادارة بالحزب الحاكم للسيطرة على الحياة العامة وهو ما يظهر جليا كذلك من خلال تعاطي الحكومة مع الاعلام العمومي وإحالة الصحفيين على القضاء وايداعهم السجن دون داع قانوني، حتى أنه لم يتم تفعيل المرسومين 115 و116 المتعلقين بالصحافة الى اليوم وهو ما يبرز أن الحكومة مترددة بل وتتعمد الامتناع عن تطبيق القانون وتريد إرساء إعلام موال.
ما هي آليات إصلاح المنظومة الأمنية؟
يجب أن يعلم الجميع أنه لا أحد فوق القانون وبأن استعمال العنف والقوة وممارسة التعذيب أمور محرمة لا يمكن أن تعلل «بتطبيق التعليمات» وبالتالي فانه يجب ملاحقة جميع من اعتدوا على الشعب التونسي دون استثناء.
كما أنه من الضروري تكوين أعوان الأمن ورسكلتهم واجبارهم على احترام حقوق الانسان بإشراكهم في ضمان حق ممارسة الحريات وهو ما يقود الى الحديث عن وجوب اعادة صياغة المنظومة الأمنية وعن التعليمات فيجب أن تكون كتابية حتى يتحمل المسؤولون عن الجهاز الأمني جميع ما يترتب عنها من اشكاليات بالاضافة الى ذلك فانني أدعو الى استبعاد جميع رجال الأمن المتورطين في تسليط العنف وممارسة القمع والتعذيب في العهد البائد بأية طريقة.
هل أن كشف أرشيف البوليس السياسي سيساعد على إرساء العدالة الانتقالية؟
بالتأكيد... نحن في حاجة ملحة للاطلاع على أرشيف البوليس السياسي حتى يتسنى لنا معالجة المشاكل المفصلية في الدولة وحتى نتجاوز جميع المعوقات التي من شأنها عرقلة المحاسبة، كما أنه من الضروري أن يكتب تاريخ البلاد بكل أمانة من قبل مختصين وخبراء ومؤرخين وثقات، وعدم الكشف عن الحقيقة الى اليوم يدل كذلك على أن جهاز الأمن غير متعاون مع القضاء بالشكل الكافي.
ما رأيكم في العمل الحزبي بعد ثورة 14 جانفي 2011؟
إن المشهد الحزبي بصدد التشكل من خلال مبادرات توحيد بعض العائلات السياسية وانصهارها وهذا أمر مهم خاصة وأننا نفتقد الى فاعلين سياسيين قادرين على التداول على السلطة باعتبار أن الديمقراطية تستلزم أحزابا قوية قادرة على انتاج خطاب يتلاءم ومتطلبات المرحلة وتطلعات الشعب بفئاته المختلفة باستخدام خطاب يتفاعل مع الجميع في المدن والقرى والأرياف ويلامس مشاكلهم اليومية ويعايش الصعوبات معهم بل ويسعى لايجاد الحلول المناسبة بخصوص مثلا: انتشار البعوض ومشاكل الصرف الصحي وتراكم الأوساخ في الأحياء الشعبية... هذا بالاضافة الى ضرورة أن تستعد الأحزاب للاستحقاق الانتخابي القادم تنظيميا وهيكليا.
ما تقييمكم لدور المعارضة اليوم؟
كان من المفروض أن يتفرغ المجلس الوطني التأسيسي لكتابة الدستور لكنه انخرط في بناء مؤسسات الدولة على أساس تحالف حكومي مما أفرز ما يسمى ب «المعارضة» التي تمثل في حقيقة الأمر عدة شرائح من المجتمع وظيفتها تبليغ أصواتها والدفاع عن مطالبها، وفي هذه الحالة فإن «المعارضة» تقوم بدور مهم في المجلس الوطني التأسيسي رغم أن الأغلبية تتصرف وكأن المعارضة شرّ لابد منه!
علاوة على ذلك فإنه كان من المفروض منذ البداية تحديد مدة كتابة الدستور، كما أن صياغة القانون المؤقت المنظم للسلط العمومية استغرقت وقتا طويلا، كان الأجدى أن يتم الاستئناس أو حتى اعتماد برامج الأحزاب الجاهزة في الصدد.
ما هو سبب عزوفكم عن الممارسة السياسية أو الانضواء تحت لواء حزب ما؟
أنا أمارس العمل الجمعياتي ولا يستهويني العمل السياسي البتة، وأعتقد أن هناك من القوى من تتمتع بالتجربة اللازمة و بالانضباط الضروري للانخراط في المشهد السياسي.
وأرى أن دور المجتمع المدني مهم بالتوازي مع العمل الحزبي حيث أن العمل الجمعياتي يحدد القواعد والمسارات وينبه لمخاطر الحكم وانحرافات السلطة وهو من يحمل تطلعات الشعب وينقلها دون مقابل أو مكسب سياسي أو مادي.
ماذا ترد عمن يقول بأنكم تستعدون لتكوين حزب سياسي؟
رغم ما يقال وما يتردد من مزاعم من أنني أستعد لتكوين حزب سياسي فإنني أنفي كل ما يتناقله مطلقو الاشاعات.
ما تعليقكم على أحداث 9 أفريل 2012؟
إن قرار منع التظاهر في شارع الحبيب بورقيبة قرار خاطئ ولا شرعية ولا مشروعية له! إذ أنه لم ينشر حسب مصادر النشر التي تكون حجة على الجميع وبالتالي فليس هناك أي سند رسمي، وكان من المفروض أن يرد قرار المنع في الرائد الرسمي حتى يمتثل الجميع للقانون.. وبما أنه مجرد قرار صادر عن وزير الداخلية فليس بإمكان الحكومة أن تصادر حق التظاهر في هذا الشارع الذي أسقط التظاهر فيه «بن علي» بصورة غير قانونية..؟
أما عن التبريرات فهي ليست ذات أهمية وهي ليست مقنعة، إذ أن مظاهرات الاحتفال بعيد الاستقلال الموافق ل 20 مارس مرت على أحسن ما يرام وكان السياح مبهورين ب «الأجواء الديمقراطية» التي تعيشها البلاد بعد عهد الاستبداد والظلم وقد كانوا معجبين بقدرة التونسيين وتمكنهم من التظاهر بشكل سلمي.
أما عن التجار فقد اشتغلوا كما لم يشتغلوا من قبل وهو ما حدث كذلك يوم 25 فيفري أثناء مسيرة الاتحاد العام التونسي للشغل.
أما عن إقرار الاكتفاء بالتظاهر في شارع محمد الخامس دون السماح بأن يجوب المتظاهرون بقية شوارع العاصمة فهو يذكّرنا بإملاءات الحزب الحاكم سابقا.. وهو ما لا يمكن السماح به حاليا بأي شكل من الأشكال، إذ ما مدى نجاعة ووجاهة فكرة التظاهر في شارع خال من الناس ومن التجار؟!
ما هو تعليقكم على استهداف بعض الوجوه الحقوقية المعروفة والاعتداء عليها؟
لقد تم اتخاذ قرار منع التظاهر بشارع الحبيب بورقيبة على خلفية تسلق بعض السلفيين في احدى المظاهرات للساعة العملاقة وإثارتهم للشغب وأنا أعتبر هذه الحادثة عرضية ولا يمكن أن يتم منع التظاهر بسببها.
وعن استهداف الوجوه الحقوقية فقد حدث ذلك وإلى الآن لم أجد مبررا لهذه الممارسات الخارقة للقانون ولحقوق الإنسان، فقد قدم الحقوقيون للاحتفال بذكرى 9 أفريل (عيد الشهداء) بكل تحضّر ولكن ما إن مرّ وقت قصير حتى تنغصت الاحتفالات بتسليط ممارسات قمعية من قبل أعوان الأمن وأفراد مجهولين كانوا مسلحين بالهراوات ويلاحقون الناس ولا شيء في هندامهم يوحي بأنهم رجال أمن! وهو ما يدفع للتساؤل : بأي حق تتخلى الدولة عن حقها الحصري في استعمال القوة لصالح أشخاص وميليشيات؟ وهل سنعود الى خصخصة الأجهزة الأمنية والسيطرة عليها من قبل مجموعات حزبية وعائلية؟.
هل تؤيدون من يقول إنّ ممارسات العهد البائد قد عادت من جديد؟
الأكيد هو أن الدولة هي الوحيدة التي بإمكانها استعمال القوة ولكنّ نشر أعوان أمن بالزيّ المدني يجعل المواطن عرضة للانتهاك وللاعتداء عليه وإهانته إذ أنه من غير المعقول أن يمتثل المواطن لأوامر شخص يرتدي زيا مدنيا، زد على ذلك أن البعض من رجال الأمن كانوا ملثّمين مما يفسر أنهم سيقدمون على القيام بأعمال غير قانونية... فلماذا يخفون وجوههم طالما أنهم يتصرفون وفق القانون؟
بالإضافة الى أن نفس الأخطاء تعاد كما هي، فالقانون عدد 4 المنظم للمظاهرات والتجمهر يلزم رجل الأمن بالقيام بجملة من الإجراءات قبل الشروع في عملية الملاحقة والتعنيف وأولها ان يعطي صفته باستعمال مضخم الصوت، ثم يطلب من المتجمعين التفرق (3مرات)...لكن كل هذا لم يحدث، حتى أن خراطيم المياه لم تستعمل بل تم الشروع مباشرة في الضرب بالعصي واستخدام الغازات المسيلة للدموع.
بماذا تنصحون وزير الداخلية؟
يجب التخلي نهائيا عن الاعتداء العنيف المسلط على المتظاهرين والتراجع عن قرار منع التظاهر في شارع الحبيب بورقيبة واذا لم يتم ذلك فبالضرورة أن يقول لنا الوزير «ياتوانسة راكم غُلطُّوا."
كيف تقيمون دور الوجوه الحقوقية التي تتقلد مناصب في الحكومة الحالية (نورالدين البحيري، خليل الزاوية، محمد عبو..)؟
من المعلوم اليوم ان جميع التونسيين لا يقبلون الاستبداد ولا يقبلون أيضا أي شكل من اشكال مصادرة حرياتهم وأنا استغرب عدم تصريح رئيس الجمهورية بالدرجة الاولى بتنديده إزاء ما حدث وهو الذي من المفروض انه المؤتمن الاول على ضمان حقنا في ممارسة حرياتنا، حيث انه كان من الأجدر ان يعلن ان قرار منع التظاهر غير شرعي من الوهلة الأولى.. وأنا أقول له، أنت ناضلت من اجل الحريات ولا بد ان تبقى على نفس النهج. أما عن وزير الداخلية فإنني أذكره بأنه لطالما منع من ممارسة حرياته في التعبير ولطالما ناضل، فكيف له اليوم أن يجعل رجال الأمن يأتمرون بنفس أوامر المستبد السابق؟
ماذا تقولون عن موقف سمير ديلو وزير حقوق الإنسان والعدالة الانتقالية؟
من الغريب أن تنتهك حرمات التونسيين ووزير حقوق الإنسان لم يحرك ساكنا.. على الأقل في الإبان! اذ من الضروري النطق بما تقتضيه مسؤولياته في حماية حقوق الانسان على الفور ودون التستر وراء ضرورة احترام القرارات الصادرة عن أي سلطة وخاصة عن وزير الداخلية.
هناك بعض الاشخاص مارسوا العنف والقوة سابقا ومارسوها يوم 9 أفريل الجاري، ما تعليقكم؟
لن تنجح الثورة إذا كان الافلات من العقاب لا يزال قائما، فرغم ان وزارة الداخلية ووكالة الجمهورية تتمتعان بحق التتبع فإنهما لم تفتحا أي بحث وبالتالي فإن سياسة الافلات من العقاب قائمة، وباعتبار ان بعض الوجوه بارزة في المقاطع المسجلة على صفحات الانترنات وهي بصدد الاعتداء على المواطنين فإنه من الضروري إلقاء القبض عليهم وإذا ما ثبت أن هذه التسجيلات غير مفبركة فإنه من الضروري ان تتولى السلطة القضائية بأدواتها التحقيق والكشف عن هوية من يشيع هذه الأقاويل لأن الايهام بجريمة جريمة.
وإذا كانت وزارة الداخلية هي من يروج لهذا الكلام (أي ان المقاطع المسجلة مفبركة) فلا يمكن اخذ ما تشيعه بعين الاعتبار ولا يمكن أن تكون وزارة الداخلية، حكما وطرفا في آن معا.
ماهي مخاوفكم من المستقبل خاصة في ما يتعلق بالمجال الحقوقي؟
أخشى رجوع القمع واستسهال التعدي على الحريات وتفاقم الافلات من العقاب، كما أخشى استفحال اعتداءات المجموعات السلفية المتطرفة التي ستنتهز فرصة الاعتراف بحقها في التواجد لتفسح المجال للانتهاكات، لذلك فإنني أنادي بحماية الحريات عبر دسترتها.
هل هناك مكاسب تتخوفون من أن يتم التراجع عنها؟
لن يسمح التونسيون بالتراجع، ولكن ما ألاحظه أن حقوق المرأة مهددة، كما أن الايمان بالمساواة بين المرأة والرجل آخذ في التراجع وما يؤكد ذلك ان هناك أطرافا تسعى لفرض نمط لباس على التونسيات بمضايقتهن عند امتطاء وسائل النقل العمومي خاصة وصادف موقف كنت شاهدا عليه حين خاطب أحدهم فتاة قائلا: "برا غطي روحك".
وهو ما يبرز سعي البعض لتقييد حقوق النساء بمنظومات فكرية وعقائدية خاصة بل وصل الامر إلى حد المطالبة بالابقاء على المواثيق والمعاهدات والاتفاقيات بما لا يتعارض مع الشريعة الإسلامية! (على حد تعبيرهم)
وأنا أؤكد على ان التونسيين اليوم لن يقبلوا أي ارتداد الى الوراء خاصة بعد الابقاء على الفصل الأول من دستور 1959.. وأدعو الجميع الى عدم التخوف من عودة تعدد الزوجات والحكم بقطع الأيدي والأرجل.
لماذا كثر الجدل في الآونة الأخيرة حول المواضيع الساخنة (النقاب، الشريعة، السلفية، التطرف...)؟
التعبير عن الرأي أمر مشروع ولكن لا يمكن فرضه تحت أي ضغط أو مبرر، ومن حق السلفية التواجد ولكن حسب ما تقتضيه الديمقراطية من قواعد وبما أننا نعيش في محيط متفجر فإن أمن البلاد مهدد وبالتالي فإنه على السلطة التنبؤ بكل ما سيحدث للحفاظ على مدنية الدولة وسلطة القانون.
ماذا تقولون عن تأخر الحسم في مسألة مستحقات شهداء وجرحى الثورة؟
إن ما تطلبه عائلات شهداء وجرحى الثورة هو الاعتراف بما قدموه للوطن باطلاق اسمائهم على الشوارع نظرا لما لذلك من رمزية ورد الاعتبار المعنوي والمادي لهم وجعل مسألة معالجتهم في احسن المستشفيات ورعايتهم على احسن وجه أولوية الأولويات كما أنه كان من المفروض ان يحظوا بجميع مستحقاتهم المالية وتمتيعهم بالشغل والاعانة منذ وقت طويل عوض الاقتصار على الاحتفال بذكرى 14 جانفي 2011!
وما يندى له الجبين فعلا، ما تعرضوا له في وزارة حقوق الانسان والعدالة الانتقالية، اذ لا يمكن ان يهانوا أو ان يتم الاعتداء عليهم تحت أي ذريعة.
كلمة الختام؟
ضروري أن نعي ان تونس لنا جميعا وبأنه لا منة لأحد على الآخر حاكما كان او محكوما فالجميع متساوون في الحقوق والواجبات مهما كانت انتماءاتهم العقائدية، حيث أن تونس بإمكانها ان تكون دولة ديمقراطية وباستطاعتها صون كرامة مواطنيها ولكن يجب ان نعترف أننا لا نتصرف بالشكل المطلوب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.