الآن فهمت مقولة «تبييض الأموال» والتي تجرمه القوانين الدولية... فهمت لما رأيت باعة البيض يستثرون لما كاد البيض يدخل في البورصة... الآن فهمت قصّة الطفولة التي تحكي عن الدجاجة التي تبيض ذهبا... الآن فهمت أن البيض درجات.. البيض العادي للأحياء الكادحة والبيض بالأوميقا 3 للأحياء الراقية.. الآن فهمت تأثير البيض على السياسة.. عجّة ساخنة في المجلس التأسيسي... لما اشتكى الناس من غلاء البيض... جنّدوا حملة إعلامية ضد الغلاء فإذا بالحَملة طلعت «عضمة بلا فص» رغم حضور الأمن وحتى الجيش مع فرق المراقبة الاقتصادية... «البركة» وما أدراك لم تحض بهذا الشرف.. المواطن نتف ريشه والبائع «يعيش ويربي الريش».. بلغت أسعارها أرقاما خيالية وكأن الدجاجة تبيض في مصحة خاصة... في غرفة خمس نجوم و«بالبنج زادة»... يقال إن البيض مكوّن لألف أكلة سواء في الطبخ أو الحلويات... وأنا أقول إن البيض «دواء» بما أن الدجاجة تستهلك من الأدوية الكثير.. وكل دجاجة تتحول إلى «بواط فرماسي... وربنا يستر... التونسي لا مهرب له.. يمرّ أمام اللّحوم الحمراء.. فيتذكر العيد الكبير ويتنهّد ويخجل جيبه من ذل الفقر... وفحش الرّياء... وهناك من يكتفي بأجنحة الدجاج وهي الأقل غلاء ويتمنّى لو ينبت له جناحان ليطير إلى سماوات أخرى.. ليس من أجله وإنما من أجل صغاره... الجزار «يسردك»... وهو "يقاقي"... حتى الطبقة الوسطى حار أمرها.. في آخر الشهر يقبض شهرية ولما يصرف يتبيّن أنها أسبوعية... وإذا رأيتم الناس يتذمرون فإنهم لا يطالبون بالكافيار.. والقاروص والدوراد... وإنما بأبسط الحاجيات المتاحة لأنه خلافا لكل دول العالم.. الشهرية تذهب للأكل وحده... لا للباس أو السياحة أو شراء الكتب.. وفي النهاية هو يغذي غريزة البقاء كأولوية... و«العضمة ما تقول طق كان فيها شق»... وعندما تطلب امرأة من زوجها شراء «حارة عضم» فقد يعود إليها ببيضتين فقط... لأن جيبه فارغ... عفوا لأن سرواله بلا جيوب... أصلا...