«نحن نتفرج على الخضر واللحوم والغلال ولا نشتريها». بهذه الجملة المؤلمة وصف عدد من التونسيين الذين التقيناهم أمس بالسوق المركزية حالهم في ظلّ تواصل موجة الغلاء وتدهور مقدرتهم الشرائية. وحول ظاهرة غلاء الأسعار يذكر جلول المطيري أن جراية تقاعده لا تتجاوز 350 دينارا وله ابنتان تدرسان بالجامعة ولا تتحصلان على منحة جامعية وعن كيفية تقسيمه لهذا المرتب، ذكر أنه لا يقدر على شراء الخضر في الفترة الحالية أما السمك واللحوم الحمراء فلا يعرفها محدّثنا منذ سنوات والتحقت بها اللحوم البيضاء حسب قوله إذ حلقت أسعارها عاليا... وعموما يذكر محدثنا أنه لم يبق له مجال في مسائل التغذية إلاّ مع البيض، ولاحظ أنه رغم سياسة التقشف التي أجبر عليها إلاّ أنه اضطر لتداين أكثر من 700 دينار بسبب الأغراض التي لا تحتمل تأجيلا ويلاحظ أنه لو لم يكن يسكن مجانا ويحاول ايجاد أعمال عرضية يدخل منها بعض الدنانير لاضطرّ «للحرقة» كما هو حال شبابنا. محدّثنا الذي أتعبته السنين تمنى أن تعود الأسعار لما كانت عليه قبل الثورة وأن تهدأ قليلا حتى تتمكن كل فئات الشعب من العيش الكريم...تكثيف المراقبة
من جهتها تذكر حسنة التي التقيناها بعد أن قامت بجولة في السوق المركزية أنها لم تشتر شيئا بسبب غلاء الأسعار. وتضيف «نسمع كلاما عن اجراءات لتعديل الأسعار ، لكننا لا نلمس نتائج في الأسواق. واستغربت محدثتنا من ارتفاع ثمن المنتوجات التي تعرف صابة تجاوزت المعتاد مثل البرتقال الذي يعرض ب1500مليم للكغ! ودعت الى تكثيف عمليات المراقبة، ذلك أن البضائع التي حدّدت أسعارها مثل اللحوم الحمراء والبيضاء والبطاطا لا تحترم فيها الأسعار المرجعية.
فرجة فقط
واتفقت معها منجية التي ذكرت أنها قبل الثورة كانت تشتري ب10 دنانير لوازم قفتها من غلال وخضر ولكنها اليوم ب20 دينارا وهي غير قادرة على إتمام مشترياتها. وأضافت أن الأسعار التي تم تحديدها لبعض المواد الغذائية بدورها مرتفعة ومع ذلك لا يحترم الباعة سوى السعر المرجعي للبيض. أما في ما عدا ذلك فكل ما يضع عليه المواطن عينه أسعاره من نار مما جعلها مثل سابقتها تشاهد البضاعة دون التمكن من اشترائها وتلاحظ أن لحم الضأن يباع ب16 دينارا للكلغ والدجاج بأكثر من 5 دنانير للكلغ والبصل ب1200 مليم للكلغ وتستغرب محدثتنا من الغلاء رغم أن الانتاج متوفر عموما وتساءلت عن سبب هذا الشطط في الأسعار الذي لم تعرفه البلاد من قبل.
الأسعار من نار
ويتدخل السيد محمد مؤيدا لمن سبقوه مضيفا هاهو السوق أمامكم والحرفاء يخرجون بأيدي فارغة من فرط شطط الأسعار فحتى «الشكشوكة» التي عرفت بأنها احدى أكلات «الزوالي» كلفة هذا الطبق لا تقل عن 6 دنانير وسعر الحمص والبقول التي تعوض اللحوم في الغالب بدورها عرفت قفزة غير مسبوقة... كل هذا الغلاء جعل المستهلك حائرا فأينما توجه يلاحقه الغلاء ودعا الحكومة الى ضرورة اتخاذ عقوبات صارمة لمن يقف وراء ظاهرة غلاء الأسعار من محتكرين ومهربين لخارج الحدود.
الأسعار
خلال جولتنا ببعض الأسواق، رصدنا بعض الأسعار التي بدت فعلا غير معقولة ولا أثر أحيانا لاحترام الأسعار المرجعية التي حدّدتها وزارة التجارة، من ذلك أن الكلغ من الجزر يعرض بداية من 1500مليم. البصل ب1200 مليم، السبناخ ب700 مليم وللخرصة الصغيرة 400 مليم، الجلبانة بداية من 1800 مليم للكلغ، البرتقال بداية من 1680 مليم، الطماطم ب1800 مليم والفلفل 2300 مليم والقنارية ب1500 مليم، الفجل 750 مليم وكذلك البسباس، البطاطا ب500 مليم الكلغ... وعن ارتفاع هذه الأسعار ذكر حسن النفاتي تاجر خضر أن الفلاّحة يذكرون أنه يعود الى ارتفاع ثمن «الأمونيتر».
السمك واللحوم
قمنا بجولة في سوق السمك فلاحظنا توفر كميات معقولة، وقد فسر لنا محمود الطالبي (بائع سمك) أن الفترة الحالية تشهد تقلصا في إنتاج السمك، لذلك فإن جل الكميات المعروضة يتمّ استيرادها. أما السمك المحلي مثل «الكلمار» فيباع ب13800 في حين أن الأنواع الأخرى التي يقبل عليها التونسي مثل «التريليا» بين 6 و7 دنانير و«النزلي» ب6.400 دنانير والصوبيا بداية من 8.600 دنانير والورقة ب9500 مليم ولاحظ زميله (تاجر السمك) أنه في موفى الشهر الحالي سيعود صيد السمك الى ذروته باعتبار تحسن الطقس ولاحظ أنه خلال هذه الفترة من كل عام تتقلص الكميات وليست للمسألة علاقة بالتسيت الذي تعيشه البلاد حاليا.
أما اللحوم، فإن الأسعار لا تحترم ما تمّ تحديده خلال الفترة السابقة، ذلك أن الضأن يعرض ب16 دينارا للكلغ في عدّة نقاط بدل 14 دينارا والبقري (الهبرة) شاهدناه ب15 دينارا في عدّة نقاط ويصل الى أكثر من ذلك إذا ما كان من النوعية الجيّدة.
الانتاج
ذكرت مصادر مطلعة بوزارة الفلاحة أن انتاج الخضر والغلال في مستويات عادية لجلّ الأنواع وقد بلغت مستويات قياسية في مجال القوارص إذ يتوقع أن تبلغ هذا العام 360 ألف طن.
كما أن تزويد الأسواق يسير بنسق عادي بل تجاوز على مستوى سوق الجملة ببئر القصعة الكميات المسجلة خلال السنة الماضية. أما في خصوص مادة البصل فقد شهدت نسبيا تقلصا باعتبار أن الفترة الحالية تتزامن مع تقاطع المواسم وسيشهد البصل الربعي خلال الفترة القادمة (بفضل حرارة الطقس) دخوله حيز الانتاج وفي خصوص الطماطم والفلفل هي باكورات من الزراعات المحمية تتأثر بالظروف المناخية.
وأرجعت المصادر غلاء الأسعار الى ارتفاع الطلب الذي قد يكون موجها الى أسواق أخرى ليست داخلية مما يجعل الحلّ في مراقبة عمليات تهريب الخضر والغلال وسائر المنتوجات الغذائية.
مؤشر الأسعار
تفيد آخر الاحصائيات حول تطور مؤشر أسعار الاستهلاك العائلي لشهر فيفري الماضي أنه في ما يخص التغذية والمشروبات شهدت ارتفاعا ب8.3٪ مقارنة بفيفري 2011.
كما ارتفع المؤشر العام خلال نفس الفترة ب5.7٪ وقد تمّ تسجيل أعلى نقاط في مجال التعليم واللوازم المدرسية التي زادت ب9.8٪ وهي نفس النسبة بالنسبة الى التبغ.