كان الزحام في السوق المركزية خفيفا فالساعة لم تبلغ العاشرة صباحا، دخلنا من حيث تعرض اللحوم والدواجن فرأينا أصحاب الدكاكين يقضون الوقت في انتظار الحرفاء المتمنعين رغم أن الزمن الشهري في آخره لحم الظأن يبلغ ثمنه 12 دينارا ويجاوره لحم الابقار معروضا بسعر شبيه : 11.800 دينارا ، ولم تخفض الملاليم القليلة من ثمنه مقارنة بلحم الخروف إلا رفعا للحرج المتهاطل من جيوب المستهلكين . أما الدجاج فثمن الكلغ منه اربعة دنانير ومعدل ثمن الدجاجة الواحدة 7000 دينار إذن سيكون معدل الأنفاق في زقاق اللحوم لمتوسطي الدخل في حدود الخمسة دنانير هذا إذا ما افترضنا شراء ما يكفي وجبة أربعة أفراد... واصلنا التجوال أين تباع المعجّنات والموالح فإذا بسعر الهريسة يطاول الدينار للمائة غرام وعجين الحلالم بدينارين ونصف للكلغ ، أما الجبن المهروش فبمعدل تسعمائة مليم للمائة غرام وحقة معلبات التن الصغيرة قفز ثمنها من دينار الواحد الى دينار و800 مليم أما الملسوقة التي لا تغيب عن طاولة فثمنها 600 مليم والبيض ب 500 مليم أما الخضر فطماطمها بنصف دينار وكذلك بصلها ، أما الخضر النبيلة الخضراء كالفلفل والمعدنوس والكلافص فهي طبعا فوق الدينار بكثير ، ولم تكن للجيب قدرة على ولوج جناح الغلال ففضّلنا الانسحاب مكتفين بأحلام بجنان الرضوان وثمارها وممنين النفس بكأس شاي أخضر بعد الأكل يعوض الغلال التي تفوق مساحة الانفاق اليومي إذ أن معدل الانفاق للوجبة الواحدة المتكونة مما ذكرناه فقط هو في حدود العشرة دنانير أي ما يساوي 300 د في الشهر للأكل فقط ولن نذكر هنا مصاريف النظافة ولا التداوي ولا فواتير الماء والكهرباء وسنتغافل عن معاليم الكراء التي تبلغ في الأحياء المكتظة والشعبية متوسط 120 د وباقي المصاريف المذكورة سنقدر لها ثمنا جمليا يساوي خمسين دينارا ، لتكون أمام معدل انفاق شهري غير مترف يلامس 500 د ... فهل أن معدل الاجور للعمال التونسيين البالغ عددهم مئات الآلاف يوازي مثل هذا المبلغ المطلوب لمجابهة المصاريف اليومية التي لن ندرج ضمن لائحتها مصاريف العودة المدرسية لإبنين أحدهما في الابتدائي والآخر في الاعدادي وسنفترض أنهما ابنان صالحان لن يطلبا أبدا ملابس جديدة للعيد .