تأجيل تأهل المغرب إلى ثمن نهائي كأس أمم إفريقيا    ظهر في مقطع فيديو يتجول بسيف كبير الحجم: الفرقة 17 تطيح بأخطر منحرف في السيجومي    مزاجك متعكّر؟ جرّب هذه العادات اليومية السريعة    ليبيا.. احتجاجات كبيرة على الاوضاع العامة في طرابلس    وزارة التربية تنشر روزنامة اختبارات الامتحانات الوطنية للسنة الدارسية 2025 /2026    أحمد الجزيري: لا إضراب عام في البنوك نهاية ديسمبر... والموظف البنكي أصبح تحت خط الفقر    المجلس الجهوي لهيئة الصيادلة بتونس ينظم الدورة 13 للايام الصيدلانية يومي 16 و17 جانفي 2026 بتونس    استراحة الويكاند    الإتفاق خلال جلسة عمل مشتركة بين وزارتي السياحة والفلاحة على إحداث لجنة عمل مشتركة وقارة تتولى إقتراح أفكار ترويجية ومتابعة تنفيذها على مدار السنة    رئيس البرلمان يفتتح مهرجان زيت الزيتون بتبرسق    الليلة: أمطار أحيانا غزيرة بهذه المناطق والحرارة تتراجع إلى 3 درجات    كأس افريقيا: المنتخب المصري أول المتأهلين للدور ثمن النهائي بفوزه على جنوب افريقيا    رئيس مجلس نواب الشعب يشرف على اجتماع المكتب    عاجل: 30 ديسمبر آخر أجل لتسوية المطالب الخاصة بالسيارات أو الدراجات النارية (ن.ت)    فيليب موريس إنترناشونال تطلق جهاز IQOS ILUMA i في تونس دعماً للانتقال نحو مستقبل خالٍ من الدخان    نصيحة المحامي منير بن صالحة لكلّ تونسية تفكّر في الطلاق    صادم/ كهل يحتجز فتاتين ويغتصب احداهما..وهذه التفاصيل..    قرقنة تكشف مخزونها التراثي: الحرف الأصيلة تحول إلى مشاريع تنموية    وزارة الفلاحة تدعو البحّارة إلى عدم المجازفة والإبحار الى غاية إستقرار الأحوال الجويّة    توزر: تنشيط المدينة بكرنفالات احتفالية في افتتاح الدورة 46 من المهرجان الدولي للواحات    قائمة أضخم حفلات رأس السنة 2026    السعودية.. الكشف عن اسم وصورة رجل الأمن الذي أنقذ معتمرا من الموت    سعر غرام الذهب سيصل الى 500 دينار..!    موضة ألوان 2026 مناسبة لكل الفصول..اعرفي أبرز 5 تريندات    وزارة التربية تنظّم يوما مفتوحا احتفاء بالخط العربي    أيام القنطاوي السينمائية: ندوة بعنوان "مالذي تستطيعه السينما العربية أمام العولمة؟"    4 أعراض ما تتجاهلهمش! الي تتطلب استشارة طبية فورية    صادم : أم تركية ترمي رضيعتها من الطابق الرابع    الكاف : عودة الروح إلى مهرجان صليحة للموسيقى التونسية    مقتل شخصين في عملية دهس وطعن شمالي إسرائيل    ممثلون وصناع المحتوى نجوم مسلسل الاسيدون    تونس والاردن تبحثان على مزيد تطوير التعاون الثنائي بما يخدم الأمن الغذائي    نجم المتلوي: لاعب الترجي الرياضي يعزز المجموعة .. والمعد البدني يتراجع عن قراره    بداية من شهر جانفي 2026.. اعتماد منظومة E-FOPPRODEX    القيروان: حجز كمية من المواد الغذائية الفاسدة بمحل لبيع الحليب ومشتقاته    محكمة الاستئناف : تأجيل النظر في قضية "انستالينغو" ليوم 09 جانفي القادم    عاجل: هذا ماقاله سامي الطرابلسي قبل ماتش تونس ونيجيريا بيوم    عاجل/ انفجار داخل مسجد بهذه المنطقة..    جندوبة: انطلاق اشغال المسلك السياحي الموصل الى الحصن الجنوي بطبرقة    بُشرى للجميع: رمزية 2026 في علم الأرقام    أفضل دعاء يقال اخر يوم جمعة لسنة 2025    عاجل/ تقلبات جوية جديدة بداية من ظهر اليوم..أمطار بهذه الولايات..    عاجل : شركة نقل بنابل تعلن عن انتداب 35 عونا ...الشروط و رابط التسجيل    عاجل: المعهد الوطني للرصد الجوي يعلن إنذار برتقالي اليوم!    تونس: مواطنة أوروبية تختار الإسلام رسميًا!    تونس : آخر أجل للعفو الجبائي على العقارات المبنية    عاجل/ مع اقتراب عاصفة جوية: الغاء مئات الرحلات بهذه المطارات..    نابل: حجز وإتلاف 11طنا و133 كغ من المنتجات الغذائية    القناة الجزائرية تفتح البث المجاني لبعض مباريات كأس أمم إفريقيا 2025.. تعرف إلى ال Fréquence وطريقة التنزيل    البحث عن الذات والإيمان.. اللغة بوابة الحقيقة    عاجل : لاعب لريال مدريد يسافر إلى المغرب لدعم منتخب عربي في كأس الأمم الإفريقية    هام/ كأس أمم افريقيا: موعد مباراة تونس ونيجيريا..    كأس أمم إفريقيا "المغرب 2025": برنامج مقابلات اليوم من الجولة الثانية    استدرجها ثم اغتصبها وانهى حياتها/ جريمة مقتل طالبة برواد: القضاء يصدر حكمه..#خبر_عاجل    عاجل/ قتلى وجرحى في اطلاق نار بهذه المنطقة..    أبرز ما جاء لقاء سعيد برئيسي البرلمان ومجلس الجهات..#خبر_عاجل    روسيا تبدأ أولى التجارب للقاح مضادّ للسّرطان    ترامب يعلن شن ضربة عسكرية على "داعش" في نيجيريا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السيد "عبد الله العبيدي" (ديبلوماسي سابق ومحلل سياسي) ل"التونسية": همّ بعض رموز السياسة التموقع والزعاماتية.. أغلب نواب "التأسيسي" دعاة فوضى وشغب و نجاح أي حكومة رهين ربح معركة البطالة
نشر في التونسية يوم 10 - 05 - 2012

- باستثناء "النهضة" لا توافق صلب العائلات السياسية... أما عن حزب "المؤتمر" فحدّث ولا حرج!
- على من يعوّل على صداقة "فرانسوا هولاند" ألاّ ينسى ان فرنسا بلد مؤسسات
- لا أرى نوايا تطبيع مع اسرائيل
هو ديبلوماسي سابق ومحلل سياسي شغل خطة مدير إعلام بوزارة الخارجية سابقا وتولّى عديد المناصب السياسية منها منصب قنصل (سابق) ومنصب مستشار لوزير الخارجية (سابقا)
هو السيد عبد الله العبيدي، الذي عرف بكتابته للكثير من المقالات الصحفية التحليلية والنقدية في عهد «المخلوع» قال فيها كلمته بكل صراحة وجرأة بلا مجاملة ولا معاداة وهو كذلك «كنز» معلومات عن خفايا الأحداث التي عاشتها وزارة الخارجية وكواليسها طوال عقود.
«التونسية» التقته وسألته عن رأيه في السلطة الحاكمة الحالية وعن دور المعارضة في المجلس الوطني التأسيسي وعن موقفه من مستقبل العلاقات التونسية الفرنسية خاصة في ضوء وصول اليسار الى السلطة فكان لنا معه الحوار التالي:
ما رأيكم في المشهد السياسي في تونس؟
... ركام، فوضى عارمة صلب الأحزاب وفي صفوف قياداتها وفي ما بينها وبين الرأي العام وكذلك فوضى عارمة في علاقات تونس مع محيطها الدولي في غياب مرجعيات واضحة يعتد بها.
اما المجلس التأسيسي فقد أصبح ظاهرة صوتية لا ثوابت اقتصادية ولا اجتماعية ولا سياسية لها، بعضهم يتظاهر باستيائه امام غياب سياسة واضحة للحكومة دون ان يقدم بديلا أو نماذج واقتراحات جيدة، والعمل في المجلس التأسيسي قد يلخص في كلمة «شغب ومشاكسة مجانية».
ما تقييمكم لدور المعارضة في المجلس الوطني التأسيسي وتفاعلها مع المواضيع والقضايا المطروحة؟
هناك فسيفساء معارضة متكونة من رواد مقاهي السياسة سابقا، وجدوا لهم كراسي صلب المجلس الوطني التأسيسي ولم يعوا الى الآن جسامة الدور المناط بعهدتهم، ومن الأسماء يمكن ذكر النائب سمير بالطيب الذي لا يتوانى في التهجم غير المبرر مثلما فعل مع وزير التعليم العالي لما نعته بشتى النعوت وطالبه بالرحيل دون أن يوجه له تهمة بعينها بخصوص ملف محدد أو واقعة معينة، ونسي أنه في هيئة مطالبة بإعادة التأسيس على قاعدة الوئام والتشاور رغم أنه ومن شابهه راحوا يختلقون المفاهيم السياسية الغريبة مثل مفهوم «الشرعية التوافقية» مقابل الشرعية القانونية وهذا المفهوم يكاد يكون «الإبداع» الوحيد لأصحاب الشأن في سياسة تونس اليوم.
والجدير بالذكر ان التوافق غائب صلب كل العائلات السياسية باستثناء حزب «النهضة». أما عن حزب «المؤتمر» فحدّث ولا حرج، فكان أولى بهم أن يتخذوا «سوق عكاظ» كتسمية عوض «حزب المؤتمر ! "
ومن الضروري التأكيد على أن أعضاء المجلس الوطني التأسيسي انتخبوا لتوحيد تونس وقيادتها على درب استعادة أنفاسها وإعادة بناء ذاتها ومصالحة «مكوناتها» والأخذ بأسباب انطلاقة جديدة على مختلف الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، لكننا نلاحظ اليوم أن أغلبهم دعاة فوضى وشغب لم يتوفقوا الى حد الآن في اقناع الرأي العام بسداد مسعاهم في أي مجال من المجالات.
هل ترون ان المسار الذي تتخذه المرحلة الانتقالية صحيح؟
في المرحلة الانتقالية لا يجوز الحديث على انتقال من وضع الى وضع احسن منه ما لم يتحقق الأمن وما لم تكرّس سلطة القانون وما لم يطمئن المواطن على نفسه وممتلكاته وما لم يتم استقطاب وإقناع المستثمرين على أهلية البلد واستقرارها لاستقبال مشاريعهم وقابلية العمل.
فطالما أن الحاجيات الأساسية للعيش في هذا البلد لم تعد متاحة بالمستوى المطلوب لا يمكن الحديث عن انتقال سلمي وآمن لهذا البلد.
إذ تعلمنا من المدرسة البورقيبية إيلاء الأهمية القصوى للتمسك بالشرعية داخليا وخارجيا والشرعية اليوم في تونس هي القبول بحكم من اختاره الشعب مهما كان موقفنا منه والتصرف إزاءه على أساس مدونة السلوك المتفق عليها والتي تتضمنها تشريعاتنا وتراتيبنا واجراءاتنا، كما أن الانطباع السائد هذه الفترة هو أن لا أحد قابل للاختلاف مع أحد، وعلاقاتنا علاقات الغاء لبعضنا البعض وهذا ما لا ينبئ بخير والمؤاخذة لا تقع بالجملة أو بالأحرى على أساس ان من يحكم اليوم يفتقد لسياسة لمباشرة الملفات والتقدم بمقترحات خصوصا ان من يرمون الحكومة بانعدام الكفاءات في صفوفها لا يرى الرأي العام من بينهم بديلا مناسبا.
ما حكاية تقدمكم بطلب ل «المخلوع» لإسناد تأشيرة لحزب حركة «النهضة» سنة 1991؟
بالفعل، فقد سبق لي أن أوصيت في تقرير رسمي رفعته الى رئاسة الجمهورية سنة 1991 بعد قيامي باتصالات مع مسؤولين غربيين ساميين للمطالبة باسناد تأشيرة الى حزب «النهضة» وقد جاء هذا الطلب على أساس قناعة شخصية بضرورة التعددية.
وقد تضمن التقرير أن تدهور صورة الإسلام في الغرب مرده امعان الساسة والأنظمة العربية في تشويهه وتشويه الحركات الإسلامية في بلدانهم.
بعض الأطراف الفاعلة في المشهد السياسي ترى أن الانشقاقات صلب أحزاب «الترويكا» كانت نتيجة وجود أطماع في مناصب سياسية ما موقفكم؟
هناك من الأشخاص الموجودين على الساحة السياسية من لم يمارسوا مسؤوليات سياسية في السابق ويفتقدون الى قواعد شعبية وشغلوا المناصب في المجلس التأسيسي في سياق ثورة حولوها الي فوضى وأصبح همّهم الوحيد التموقع و«الزعاماتية» تحسبا للمحطات الانتخابية القادمة ولكن المؤسف ان أحلافهم وأحزابهم لا تستند لأية منظومة قيميّة وبالتالي فإنهم لا يسعون الا لاحتلال المواقع التي خلفها النظام السابق غير عابئين بآلام وحاجيات الشعب.
بماذا تفسرون تباطؤ المجلس الوطني التأسيسي في صياغة دستور البلاد؟
هناك عجز بوجود أناس غير مؤهلين سياسيا لأنهم لو لم يكونوا كذلك لسعوا لانتشال الجهات والفئات المحرومة من الوضع البائس الذي اصبحت تشتكيه البلاد ولجعلوا اعداد الدستور بصفة موازية أولوية من ضمن الأولويات العاجلة لأن القوانين والدساتير في المحصلة ليست سوى أداة لتحقيق أمن ورفاه الشعوب وليست غاية في حد ذاتها.
ما تعليقكم على مسألة تواتر المطالبة بإقصاء التجمعيين والدساترة من الحياة السياسية؟
انا ضد الإدانة الجماعية ومن يدعو الي الاقصاء على هذا الأساس هدفه سياسي انتهازي لا علاقة له بتحقيق العدالة ومآل ذلك هو تشتيت الجهد الذي من المفروض ان يكون مسخرا بطريقة مركزة على اعادة الاعتبار لمن ظلم وايصال الحقوق لأصحابها، فتوسيع رقعة المستهدفين بالإدانة الجماعية هو تقليص لإمكانية تحقيق العدالة المرجوة.. ومن الغريب ان يتفق اليسار وحركة «النهضة» على اقصاء الدستوريين لأن الدستوريين يلتقون في الكثير من النقاط مع «النهضة» بخصوص التمسك باللغة العربية والتشبث بالهوية العربية وبخصوص الفهم للدين الاسلامي، في حين أن اليسار هاجسه الأساسي موقع «الفرنسية»، في برامجنا التعليمية.
كيف ترون مستقبل العلاقات التونسية الفرنسية بعد اعتلاء «فرانسو هولاند» سدة الحكم؟
من المستطاع ان نكوّن علاقات طيبة على مستوى الفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين بقطع النظر عن الفاعلين السياسيين لأن الحكومة الفرنسية الجديدة لها أولويات أكثر إلحاحا من علاقتها بتونس.
ففرنسا اليوم تعاني من مشاكل اقتصادية كبرى إذ أن نسبة البطالة تضاعفت خلال الخمس سنوات الأخيرة من حكم «ساركوزي» لتصل الى 12٪ كما تضاعفت نسبة المديونية من 900 الى 1800 مليار أورو.
ماذا عن جاليتنا في فرنسا؟
أبناء الجالية في المهجر ليسوا عملة بسطاء فقط بل إن هناك منهم الإطارات القادرة على الدفاع على حقوقها ورأينا في الآونة الأخيرة بعد الثورة ان من ضمنهم من له «طموحا رومانسيا» لقيادة تونس وامتزج هذا الطموح بأطماع بلد الإقامة «فرنسا» للسيطرة على الأوضاع في بلدنا فأوفدت «سرية» منهم في تواطؤ مع بعض المسؤولين الذين طفوا على السطح في سياق سيل الثورة الجارف وأسندت لهم مواقع سياسية دقيقة سعوا من خلالها «لخدمة وطنهم»!! (ضاحكا).
أما بخصوص الصداقات التي يدعيها بعضهم مع «هولاند» فنذكّر أن فرنسا بلد مؤسسات وأن «هولاند» لن يقوم بأي عمل دون الرجوع الى القانون وإلى أجندة مصالح بلده ولن يلجأ لهؤلاء من وراء البحار الا عند ما تقتضي ذلك مصلحة بلاده وقد تتحول هذه الصداقة من جانب بعضهم الى مجرد "عمالة".
لماذا لم يتم الحسم الى اليوم في ملف شهداء وجرحى الثورة؟
التباطؤ مزعج والمفروض انه كان على المجتمع المدني الذي كثر الحديث حوله في الفترة الأخيرة، أن يعاضد مشروع الحكومة ونخص بالذكر أربع جهات، أولها الاتحاد العام التونسي للتجارة والصناعة والصناعات التقليدية بما له من رجال أعمال وثانيها عمادة الأطباء التي كان من واجبها أن تهب دون توان للتطوع لمعالجة الجرحى.
كما أن عمادتي الصيادلة والمحامين من شأنهما تقديم يد المساعدة حسب تخصص كل منهما فالأولى بإحداث صندوق جمع تبرعات لمنح الأدوية لمن يستحقها، على سبيل المثال وعمادة المحامين بإعداد الملفات وتمكين عائلات شهداء وجرحى الثورة من مستحقاتهم،
اما الجهة الرابعة فهي رابطة الدفاع عن حقوق الإنسان التي لها من التجارب ما يؤهلها للعب دور في مساعدة الجرحى وذويهم وأهالي شهدائنا.
ما هي نقاط المؤاخذة التي من الممكن أن تلفتوا لها نظر رئيس الجمهورية بشأن سياسته؟
لا تبدو رئاسة الجمهورية معيرة اهتماما للمسالك التقليدية للحكم في علاقتها مع بقية أجهزة الدولة. فالقائمون على شأنها يعطون الانطباع بأنهم مخولون بحكم موقعهم لإصدار الفتاوى في كل شاردة وواردة دون الرجوع الى المؤسسات المعنية أو على الأقل مراعاة النصوص المنظمة لها. فالتصريحات في ظاهرها للمتحدث الرسمي باسم رئيس الجمهورية ولكنها في غالب الحالات مادة انشائية تتبعها الهواية والتطفّل حتى وإن اقترنت بحسن النية.
ما رأيكم في أداء الحكومة؟
الوضع صعب والامكانيات محدودة.. فالميزانية التكميلية التي تهتم تقريبا بكل القطاعات التي تستدعي تدخلا عاجلا للدولة قد يذهب جزء كبير منها الى صندوق التعويض مع تفاقم لهيب أسعار المواد الأساسية الذي أصبحت تئن تحت وطأته كل فئات المجتمع بلا استثناء ومهما يكن الأمر فهذه الميزانية وكل ما تقوم به الحكومة لا يمثل الا اجراءات انتقالية ريثما تعود عجلة الاقتصاد الى سرعة دورانها الطبيعية والتي يمكن في ظلها تحديد المسار الحقيقي لاقتصادنا وترجمة ملامح الخطط القطاعية القابلة حقا للتجسيد.
حسب رأيكم ما هي أولويات الحكومة ؟
من أوكد أولويات الحكومة في الوقت الراهن مجابهة معضلة البطالة التي أصبحت تطال قرابة المليون مواطن اغلبهم من حاملي الشهائد العليا والتي بدون معالجتها ستفشل أية حكومة. وفي اعتقادنا أن هذا الملف يجب أن يكون موضوع وفاق بين كل أطراف المشهد السياسي المطالبين بتحديد رزنامة ومرجعيات مشتركة وجدول زمني ينطلقون على أساسه للتعاطي مع هذا الموضوع بعيدا عن المزايدات والتشكيك وتبادل التهم التي من شأنها أن تدفع الرازحين تحت وطأة هذا البؤس والفقر إلى الفتنة و الشغب والعنف والإخلال بالاستقرار والأمن. كما انه لا يجب التغافل عن إصلاح منظومة التعليم والاعتماد على التكوين المهني الذي يجب أن يكون مركز الاهتمامات في هذا الشأن
تقييمكم لمسألة الانتقال الديمقراطي؟
مسألة الانتقال الديمقراطي تسير ببطء شديد لكن ربما ستعلمنا ضرورة الانتقال الديمقراطي الذي لا يعدو أن يكون مدرسة لاحترام بعضنا البعض واحترام القوانين المنظمة لحياة المجموعة واحترام الإجراءات والتراتيب التي تحكم العلاقات بين المواطنين في ما بينهم وبين المؤسسات الرسمية التي تحدد صلاحيات كل من يتولى مسؤولية رسمية أو غير رسمية حتى يحترم كل مواطن يعيش على هذه الأرض كراس الشروط الضمني المرتبط بموقعه ومصالحه ومستواه وما تنتظره منه المجموع.
بعد الثورة برزت بعض المسائل الحساسة كالنقاب والسلفية والمد الشيعي والاعتداء على الراية. هل ترى أن هذه المسائل من أولويات التونسي أم أنها مقصودة لتلهية الشعب؟
في اعتقادي إثارة المواضيع الحساسة تدخل في إطار المزايدات وإلغاء بعضنا البعض وتهويل الأمور في الكثير من الحالات يهدف إلى الحط من قيمة الآخر وهذا مرده غياب شيئين أساسيين في الحياة العامة هما أولا الحوار بين الفرقاء الذي من شأنه أن يحدد قيمة الأشياء و مواقع الأشخاص والخطاب السياسي الذي يوصل المعلومة المراد بها إرساء ضوابط ومحددات للتصرف الخاص والعام وتحديد متطلبات كل مرحلة من مراحل الحياة العمومية وهذا ما يجعل كل فرد وكل فئة تعتمد التصرف الذي ترتئيه دون الرجوع إلى الضوابط التي وضعت لخدمة المجموعة .
«بن علي» همش عديد القطاعات كوزارة الدفاع وقطاع المحاماة والسلك الديبلوماسي إلى أي مدى تضررت هذه القطاعات ؟
(ضاحكا ) في بداية اعتلائه لسدة الحكم همش المخلوع بعض القطاعات التي من شأنها ان تعرقل مصالحه , وفي السنوات الأخيرة طال التهميش جميع القطاعات بلا استثناء قصد المحافظة على كرسي الحكم لكن لابد أن نعترف بان هناك خورا ورث عن المستعمر كأن يكون لبعض موظفي الدولة امتيازات في قطاعات معينة ولا يتمتع بها زملاؤهم في قطاعات اخرى مما احدث بعض التجاوزات التي تتنافى مع القانون العام مثل التمتع بامتيازات عينية بديوان الزيت وشركة الكهرباء والغاز دون أن يقع التعويض للمشتغلين في قطاعات اخرى على هذا الفرق في المقدرة الشرائية مثلا. كما انه في السنوات الأخيرة عمدت الحكومة الفرنسية إلى معالجة بعض الملفات لما يسمى بالأنظمة الخصوصية فلا موجب أن يتمتع عندنا مثلا أعوان القمارك وأعوان الأمن بمصحات خاصة بهم وعناصر الجيش بمؤسسات استشفائية في حين يبقى أعوان وزارات اخرى كالعدل والنقل مرتبطين بأنظمة صحية عادية.
في العديد من التصريحات أكد الشيخ راشد الغنوشي على التعايش السلمي مع اليهود في تونس. هل يعني ذلك حسب رأيكم أن الديبلوماسية التونسية ستدخل في اتجاه التطبيع مع إسرائيل؟
استبعد أن تكون هناك نية تطبيع بما يتنافى مع الثوابت وخصوصيات شعبنا ولنا في مصر ابلغ مثال إذ توفرت إرادة التطبيع بعمق لدى الساسة وبعد مضي أكثر من ثلاثة عقود تبين لإسرائيل والعالم بأسره أن الشعب المصري يرفض التطبيع مع الكيان الصهيوني وانه كلما توفرت الفرصة لهذا الشعب للتعبير عن تضامنه مع الشعب الفلسطيني والتزامه بقضية هذا الشعب إلاّ وعبر عن ذلك بحماسة وجدية ثم إن إسرائيل بقيت معزولة في كامل المنطقة العربية رغم إقدام العديد من الأنظمة العربية الرسمية على إبرام اتفاقيات وتبادل الزيارات والمصالح مع هذا الكيان.
لو كنت وزيرا للخارجية ما هي القرارات والإجراءات التي كنت تحرص على أن تتخذها تونس؟
بالنسبة لي السياسة الخارجية هي الأمن والتعايش السلمي وتبادل المصالح مع أجوارنا المباشرين والسعي إلى توسيع هذه المزايا إلى محيط أرحب خاصة ان مستقبل تونس لن يكون آمنا ومزدهرا إلا بأمن وازدهار المنطقة التي يعيش فيها ونظرا لما يميز تونس من تقاليد سياسية وديبلوماسية عريقة من واجبها أن تسعى لبلورة وطرح منظومة جهوية لمنطقة المغرب العربي تؤمن مصالحها في حدودها الدنيا وبتنسيق مع أجوار غربيين الذين يشكلون عمقا استراتيجيا في مختلف المجالات ونختلف معهم في الكثير من القيم خاصة أن لنا جانبا كبيرا من التاريخ مشترك بيننا شريطة أن تلتزم كل جهة باحترام الآخر في مصالحه ومعتقداته وثقافته.
قراءتك لمستقبل البلاد السياسي وماهي السيناريوهات المحتملة؟
مستقبل بلادنا رهين حكمة ابنائها ومدى قبولهم لبعضهم البعض وأرى انه لابد من الدخول في حوار عميق لا يستثني أي قطاع وأي موضوع لرسم الصورة الإطارية لثوابت مصالحنا .
صور شرف الدين
حاورتاه: سلمى السعيدي وعائشة السعفي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.